الكليات السننية للعمران البشري
في المنهج النبوي*
د. عزيز البطيوي**
شكلت “الحركة الرسالية النبوية” الخاتمة قدوة تاريخية نموذجية قصوى لاستلهام قواعد وكليات الفقه السنني في أبعاده المختلفة: المنهجية والمعرفية والعقدية والقيمية والسلوكية والاجتماعية والجمالية والرمزية ولتنمية الفاعليات القادرة على المدافعة الاجتماعية وخوض معتركات الابتلاء، والتجديد في اتجاه الترقي في مقامات العبودية، ومنازل الخيرية، والوسطية، والعالمية.
ولعل الناظر في سيرته ﷺ يدرك مدى حضور الرؤية السننية الكلية المقاصدية في حركته نحو بناء العمران البشري، التي تنتظم داخلها أبعاد كبرى شكلت الشرط الأول من شروط استكمال الفقه السنني العمراني والكليات السننية للعمران البشري في المنهج النبوي مثل سائر كليات الدين وأصول الشريعة جارية على حكم العموم والثبات والاطراد وأنها حاكمة على الجزئيات لا محكوم عليها.[1] فالكليات السننية لا تنخرم بجزئية من جزئيات وقائع السيرة النبوية، وإنما يكون ذلك الجزئي محكومًاً عليه بالكلي، وإن كان المقرر هو اعتبار خصوص الجزئيات مع اعتبار كلياتها، ثم إن الكليات السننية في الفقه النبوي لا تثبت إلا من استقراء الجزئيات كلها أو أكثرها، بل لا تعلم الكليات قبل العلم بالجزئيات، والإعراض عن الجزئي هو إعراض عن الكلي، وأنه من جملة مراعاة الكليات مراعاة الجزئيات.[2]
فهذا وأمثاله مما تجدر الإشارة إليه قبل الحديث عما بلغه الجهد واستقر عليه النظر وظفرت به النفس من الكليات السننية. وهو نظر يعتوره النقص وجهد يحتاج إلى بذل مزيد وسع وطول بحث ودقة فكر وتأمل، وحسبي أني ذاكر بعض تلك الكليات عسى ألا تقصر بنا الهمة حتى يفتح الله لنا ولغيرنا من فقه الكليات السننية ما ينفع الله تعالى به الأمة اليوم في تدافعاتها المتتالية:
- الكلية الأولى: كل سنة من السنن تتعارض مع مقاصد الدين وكلياته فهي من الدين عارية:
فالمصلحة كل المصلحة في عدم مصادمة السنن لحقائق الدين ومقاصده، وحقيقة السنن إنما تكمن في جلب المصالح ودرء المفاسد، وما تفرع عن ذلك من قواعد أصولية هي من صميم النظر السنني الكلي. والناظر في السيرة النبوية يلحظ تعلق السنن التي سلكها النبي ﷺ في إقامة أسس العمران البشري بمقاصد الدين وكليات الشريعة سواء الكليات العقدية أم المقاصدية أم الخلقية أم التشريعية.
- الكلية الثانية: كلية الفعالية والأصالة:
فالذي يتأمل السيرة النبوية يجد أن النبيﷺ كان يؤسس للوعي والممارسة الجامعين بين أصالة السنن التشريعية وفعالية سنن الاجتماع والعمران لتحقيق إنجاز بدرجات عالية مع المحافظة على تلك المكتسبات والمنجزات الواقعية. وهو في ذلك موجه بالوحي، وبالخبرة الواقعية، وبخصائص شخصيته الرسالية. ولذلك إذا كان كسر الأوثان وتحطيم الأصنام ومحاربة الشرك في صوره المادية المجسدة سنة تشريعية، فإن الرسولﷺ لم يشغل نفسه بإزالتها وتحطيمها، ولم يأمر أصحابه بذلك، وعُدّ ذلك مناقضاً ومنافياً لفعالية سنن الاجتماع والعمران حيث لن تتحقق تلك السنة التشريعية في أصالتها إلا حينما تعاد صياغة الرؤية العقدية والمنهجية للفرد والمجتمع، فيحصل تحطيم الأصنام فكرياً ونفسياً، لتتحطم مادياً وواقعياً وفق سنن الله في الاجتماع والعمران، ووقتها تتحقق أيضًاً فعالية السنن التشريعية، وإلا أسأنا إلى الدين من حيث نريد الإصلاح.
وكثير من الدعاة – للأسف- لم يفقهوا بعد هذه المسألة المعرفية والمنهجية بسبب عدم تمييزهم بين أصالة السنن التشريعية وتهييء الظروف والشروط والإمكانات، لتصير فعالة على أرض الواقع، ولا يتحقق ذلك إلا بفهم سنن الله في تنزيل الأحكام، وتغيير الأنفس وإقامة العمران. ونورد هنا واقعة أخرى دالة على هذه الكلية السننية، “فعن أنس رضي اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا مع النبيﷺ في السفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حار أكثرنا ظلاً صاحب الكساء، ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام وقام المفطرون، فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول اللهﷺ: “ذهب المفطرون اليوم بالأجر”.[3]
والمتأمل يرى كيف وازنﷺ بين أصالة السنن التشريعية وفعالية سنن الاجتماع والعمران، فدعا إلى الإفطار. وليس ثمة أولوية لفضيلة الفعالية على فضيلة الأصالة كما فهم ذلك مالك بن نبي.[4]
- الكلية الثالثة: اعتبار المآل شرط في صحة النظر السنني:
من طبيعة السنن استشراف المآلات واعتبار ما تفضي إليه القرارات من مناطات ينبغي مراعاتها أثناء تداولها وتنزيلها. وقد كانت هذه الكلية الناظمة للجهد النبوي في بناء عمران الأمة حاضرة باستمرار، تعليمًاً لأمته من بعده كيف تدبر أحوالها بناء على ما تؤول إليه مآلاتها وما تقتضيه السنن. ويمكن القول إن هذه “القاعدة مستفادة، ليس من دليل واحد، وإنما من عدد كبير من الأدلة، تثبت وتؤكد باجتماعها اعتبار مآلات الأفعال في الفتوى والاجتهاد والتشريع والتنزيل، فما كانت نتيجته ونهايته الفساد والشر يمنع الإقدام عليه ولو كان مشروعًاً في الأصل، وما ألجأ إلى ما يحتاج إليه الناس من الخير والصلاح يشرع الاهتمام والعمل به، ولو لم يكن مشروعًا. وإن المسلمين إذا استناروا بهذه القاعدة، وانطلقوا منها، فاستشرفوا نتيجة أعمالهم، وحكموا عليها بالنظر إلى ما تؤدي إليه في المستقبل[5] تحققوا بجزء عظيم من ذلك الفقه الكلي الجامع للسنن الإلهية، فاحتاطوا لأنفسهم من الوقوع في علل الأمم السابقة.
وفي ذلك التشبيه النبوي الرائع للاجتماع البشري والعمران الإنساني بالسفينة دلالات حضارية عميقة، وأبعاد قيمية واجتماعية تؤول كلها إلى إعمال قاعدة اعتبار المآل شرطاً في صحة النظر السنني. ففي الحديث: “عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضى اللَّهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّﷺ قَالَ: “مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ الله وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمِ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جميعاً[6].
كما أنه ﷺ لم يعمد إلى قتل رأس المنافقين وتركه حتى عاداه قومه. ففي حديث عبد الله بن أبي: “كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم لقتلته” فقال عمر: قد والله علمت لأمر رسول اللهﷺ أعظم بركة من أمري”.[7]
- الكلية الرابعة: الاستباقية الوقائية[8] والاستشرافية:
تلك الكلية التي تنشأ عن قاعدة اعتبار المآل من حيث هي كلية قائمة على متابعة الواقع ورصد تفاعلاته، وتبصر آفاقه المستقبلية. وهي كلية سننية تندرج ضمن جهود النبيﷺ في حماية المشروع الرسالي، وتوفير الضمانات الوقائية الكافية، تحسبًاً لاحتمالات ممكنة قد تأتي سلبًاً على مكتسبات سابقة. من ذلك “عدم إتاحته الفرصة للضغوطات والمغريات الآنية لتؤثر سلبًاً على موقفه وقراره الاجتماعي أو السياسي، الذي كان موزونًاً ومحكومًاً دومًاً بالمصالح الكلية العليا للدعوة والمجتمع والدولة”.[9] وقد أورد ابن إسحاق في سيرته حدث عرض رسول اللهﷺ دعوته على قبيلة بني عامر، فأملوا عليه شرطاً تمثل في أن يكون لهم الأمر من بعد رسول اللهﷺ إذا هم نصروه وتحقق لهم مع رسول الله النصر والغلبة، فرفض ﷺ هذه المساومة وعدّها مناقضة لروح رسالته وللمآلات التي يمكن أن تفضي إليها. “فعن ابن إسحاق قال: وحدثني الزهري أنه أتى بني عامر بن صعصعة، فدعاهم إلى الله عَزّ وَجَلَّ، وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم – يقال له: بيحرة بن فراس، قال ابن هشام: فراس بن عبد الله بن سلمة (الخير) بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة : والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش، لأكلت به العرب، ثم قال: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: “الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء” قال: فقال له: أفتهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه. فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم، قد كانت أدركته السن، حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم، فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم، فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم، فقالوا: جاءنا فتى من قريش، أحد بني عبد المطلب، يزعم أنه نبي، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه، ونخرج به إلى بلادنا قال: فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال: يا بني عامر، هل لها من تلاف، هل لذناباها من مطلب،[10] والذي نفس فلان بيده ما تقولها إسماعيلي قط، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم”[11] وقد تحسر هذا الشيخ على سفاهة الرأي وذهاب العقل وغياب البصيرة لدى قومه فلم يروا الحق حيث كان قريبًاً منهم.
ويلاحظ أن بيحرة بن فراس كان يريد أن يحتوي محمداًﷺ ويتخذ من (هاشميته) أو من دينه مرتكزاً فلسفياً يبرر به بسط نفوذ قبيلته السياسي على بطون العرب، ويسوغ به (ابتلاعها) كما جاء في عبارته، ولعله في ذلك كان يظن أن محمدًاً بعد أن خذلته قريش وثقيف جاء لبني عامر بحثاً عن حليف عسكري ينقضّ به عليهما ويقتسم السلطة والسيادة مع بني عامر[12]، فلم يكن ﷺ يقبل على معاهدة أو تحالف سياسي لإحداث تغيير اجتماعي إلا إذا انسجم ذلك التحالف مع مبادئ الرسالة، “فالسياسة المنفكة عن أطر القيم هي مجرد صفقة ذات كسب عرضي… والعسكرية المتجانفة عن إطار القيم هي مجرد امتداد للإرث الجاهلي السائر في اتجاه الاحتراب القبلي والمغامرات الطائشة، وكل ذلك لا يصلح أن يكون قاعدة لبناء أمة أو إنشاء حضارة”.[13]
ومن هذه الكلية الاستباقية تطويق بوادر الأزمة وحماية الاجتماع الإسلامي من تداعياتها، “فعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول اللهﷺ فقال: ما بال دعوى الجاهلية؟” قالوا: يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار فقال: “دعوها فإنها منتنة،” فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال: فعلوها؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ النبيﷺ فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبيﷺ: “دعه، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه”.[14]
- الكلية الخامسة: أن السنن تتكامل ولا تتعارض:
فالسنن هي من عند الله تعالى. ومتى حصل تعارض فمرده إلى توهم أو سوء فهم، والأَولى تتبع الوقائع والأحداث في السيرة استقراءً واستقصاءً، ونظرًاً واستنباطًاً، لمعرفة فقه المحل أو تحقيق مناط الفعل، فيجمع بين سنن ظن المتوهم أنها متعارضة لعدم إدراكه مناطات تحققها وتنزلها زمانًاً ومكانًاً، وحالاً ومآلاً، وأفرادًاً وجماعات.
من ذلك التكامل بين “سنن الإعداد” و”سنن التأييد” وفهم “سنة الأخذ بالأسباب”، وأن هذا الربط بين الأسباب والمسببات تحكمه مشيئة الله تعالى “وقد كانت سياسة النبيﷺ النابعة من منهج رسالته في تربية مجتمعه المسلم تربية تنقله من تراث الرواسب الموروثة عدم المباعدة بين هذا المجتمع لقيادة الحياة وسنن الله الكونية العامة التي تحكم سير الحياة ونظامها العام، وتربط الأحداث والوقائع بأسبابها المألوفة في هذه الحياة، ربطاً يرتب عليها مسبباتها عند وجودها ترتيبًاً واقعياً، مالم تكن هناك عوارض خفية تعوق هذا الترتيب “الواقعي”[15]. ويُفهم في هذا الإطار عدم رؤية المشركين له ولصاحبه أبي بكر وهما في الغار،[16] وتنزل الملائكة يوم بدر،[17] والرمية التي رمى بها الرسولﷺ المشركين يوم بدر بكف من تراب وحصى فملأت أعينهم وأفواههم. [18]
- الكلية السادسة: تكاملية منظومات السنن:
بين سنن العمران والتاريخ، وسنن الهداية، وسنن التأييد والإمداد. فالرسولﷺ كان يتحرك وفق سنن الله في الاستخلاف والتسخير، فيشحذ الفاعليات، ويستجمع الأسباب، ويضع الخطط و”الاستراتيجيات”، ويدبر المهام والأزمات، ويستثمر الفرص والمعطيات، ويستشرف إمكانات المستقبل، لكنه ﷺ كان في حركته الاستخلافية والتسخيرية مراعيًاً لشرطين تتحقق بهما موافقة سنن الهداية:
– الشرط الأول: صدق توجهه إلى الله تعالى بإخلاص النية، وتصحيح القصد وتجريد السلوك والحركة والفعل من كل شائبة نفسية ودنيوية.
– الشرط الثاني: متابعته الشرع، وتعلقه بمصدرية الوحي ومرجعية النص الشرعي الإلهي، مع اجتهاده ﷺ، وكان لا يقر على خطأ. ثم كان ﷺ لا يدَعْ أبداً التعلق بسنن الإمداد ولطائف التأييد الرباني وواردات التوفيق الإلهي. “إن رسول اللهﷺ في بعض أيامه التي لقي فيها انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس خطيبًا، قال: أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال: “اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم”.[19] قال ابن حجر: “فعند أحمد من وجه آخر عن موسى بن عقبة بهذا الإسناد “أنه كان ﷺ يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس”. ولسعيد بن منصور من وجه آخر عن ابن أبي أوفى “كان رسول اللهﷺ يمهل إذا زالت الشمس، ثم ينهض إلى عدوه”.
فيظهر أن فائدة التأخير لكون أوقات الصلاة مظنة إجابة الدعاء، وهبوب الريح قد وقع النصر به في الأحزاب فصار مظنة لذلك والله أعلم. وقد أخرج الترمذي حديث النعمان بن مقرن من وجه آخر عنه لكن فيه انقطاع، ولفظه يوافق ما قلته قال: “غزوت مع النبيﷺ فكان إذا طلع الفجر أمسك حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قاتل، فإذا انتصف النهار أمسك حتى تزول الشمس، فإذا زالت الشمس قاتل، فإذا دخل وقت العصر أمسك حتى يصليها ثم يقاتل، وكان يقال: عند ذلك تهيج رياح النصر ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلاتهم”[20]. وقال أيضًاً: “أشار بهذا الدعاء (أي اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب) إلى وجوه النصر عليهم، فبالكتاب إلى قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (قَتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ﴾ [التوبة: ١٤]، وبمجري السحاب إلى القدرة الظاهرة في تسخير السحاب حيث يحرك الريح بمشيئة الله تعالى، وحيث تمطر تارة وأخرى لا تمطر، فأشار بحركته إلى إعانة المجاهدين في حركتهم في القتال، وبوقوفه إلى إمساك أيدي الكفار عنهم، وكلها أحوال صالحة للمسلمين. وأشار بهازم الأحزاب إلى التوسل بالنعمة السابقة، وإلى تجريد التوكل، واعتقاد أن الله هو المنفرد بالفعل. وفيه التنبيه على عظم هذه النعم الثلاث، فإن بإنزال الكتاب حصلت النعمة الأخروية وهي الإسلام، وبإجراء السحاب حصلت النعمة الدنيوية وهي الرزق، وبهزيمة الأحزاب حصل حفظ النعمتين، وكأنه قال: “اللهم كما أنعمت بعظيم النعمتين الأخروية والدنيوية وحفظتهما فأبقهما”.[21]
- الكلية السابعة: وجوب منازعة السنن ومدافعة بعضها ببعض:
على شاكلة منازعة الأقدار شرها بخيرها وأحبها إلى الله تعالى. فإذا كانت السنن لا تتعارض كما دلت عليه وقائع السيرة فهي تتكامل. وإذا كانت السنن تتكامل فيما بينها ولا تتعارض فهذا يفضي إلى نتيجة ثالثة وهي: تحقق العمران والاجتماع الإسلامي بمدافعة السنن بعضها ببعض. ومدافعة السنن كلية عظيمة من كليات الفقه السنني النبوي دالة على قراءته ﷺ الجيدة للحدث واللحظة التاريخية التي تعرفها معركة التدافع العمراني بين الحق والباطل، فلم يكن ليغفل عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عن الاستثمار التدافعي بين السنن لتحقيق وعد الله للمؤمنين بالنصر والتمكين.
- الكلية الثامنة: الارتباط والتناغم بين السنن التشريعية والآيات الآفاقية والنفسية وسنن التاريخ والاجتماع والعمران البشري:
فالإخلال بواحدة منها أو مخالفتها ينتج عنه بالضرورة مصادمة مع السنن الأخرى، من ذلك قول النبيﷺ: “كيف أنتم إذا وقعت فيكم خمس؟ وأعوذ بالله أن تكون فيكم أو تدركوها: ما ظهرت الفاحشة في قوم قط يعمل بها فيهم علانية؛ إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم. وما منع قوم الزكاة؛ إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا. وما بخس قوم المكيال والميزان؛ إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان. ولا حكم أمراؤهم بغير ما أنزل الله؛ إلا سلط الله عليهم عدوهم فاستنقذوا بعض ما في أيديهم. وما عطلوا كتاب الله وسنة نبيه؛ إلا جعل الله بأسهم بينهم”.[22] فالمجاهرة بالفواحش مخالفة لسنة تشريعية ترتبت عنها آيات نفسية تتصادم مع طبيعة العمران والاجتماع البشري (الطاعون والأوجاع)، كما أن تعطيل الحكم والعمل بالكتاب والسنة مخالفة لسنة تشريعية نتج عنه وقوع البأس الشديد بين مكونات الأمة، فتضعف وتنكسر، ويضيع اجتماعها ويندثر عمرانها.
- الكلية التاسعة: المبدئية المبصرة والواقعية المنضبطة:[23]
تنجمهذه الكلية عن الكلية السابقة كلية أخرى، والمقصود بهذه الكلية السننية أن العمران البشري الإسلامي كما تجسدت معالمه الكبرى في المنهج النبوي يقوم على تكاملية وتوازن المبدأ والواقع، فالرؤية الكلية السننية تقوم أساسًاً على الإبصار والانضباط؛ إبصار للمبادئ والأصول التي يقوم عليها العمران الإسلامي واعتصام بها، وانضباط لمعطيات الواقع وإمكاناته وفرصه وخياراته، ويظهر ذلك التكامل والتوازن في أن من علامات إبصار المبدئية مدى اعتبارها لملابسات الواقع ومستجداته، وأن من أمارات الانضباط الواقعي مدى التزام هذه الواقعية بمقتضيات المبدئية المبصرة.
فسنن العمران أول ما تقوم عليه هو المبدئية المبصرة، ولذلك لما جاءت قريش أبا طالب وقالت له: “إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا، فقال: يا عقيل، انطلق فأتني بمحمد فاستخرجته من كنس، أو قال خنس، يقول: بيت صغير، فجاء به في الظهيرة في شدة الحر. فلما أتاهم قال: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم. فحلّق رسول اللهﷺ ببصره إلى السماء فقال: “ترون هذه الشمس؟” قالوا: نعم، قال: “فما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشعلوا منها بشعلة” وفي رواية: “والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بعثت به من أن يشعل أحد من هذه الشمس شعلة من نار” فقال أبو طالب: “والله ما كذب ابن أخي قط، فارجعوا”[24]. وفي رواية أخرى “فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ أَي ابن أخي ما بال قومك يشكونك ويزعمون أَنَّكَ تَشْتُمُ آلهْتَهُمْ وَتَقُولُ وَتَقُولُ؟ قَالَ وَأَكْثَرُوا عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ وَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِﷺ فَقَالَ: يَا عَمَّ إِنِّي أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يَقُولُونَهَا تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمْ بِهَا الْعَجَمُ الجِزْيَةَ. ففزعوا لكلمته ولقوله، فقال القوم: وَمَا هِيَ؟ وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَأَيُّ كَلِمَةٍ هِيَ يَا ابن أخي؟ قال: “لَا إِلَهَ إِلَّا الله ” فَقَامُوا فَزِعِينَ يَنْفُضُونَ ثِيَابَهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: ﴿أَجَعَلَ الألهةَ إِلَيْهَا وَمِنَّا إِنَّ هَذَا لَشَى عُجَابٌ) [ص: ٥] قَالَ وَنَزَلَتْ مِنْ هَذَا المَوضِعِ إِلَى قوله (بَل لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ) [ص: ۸][25].
“ولكن المبدئية الشرعية والأخلاقية الصارمة، التي كانت تحكم منهج النبيﷺ في إدارة الابتلاءات والتدافعات الاجتماعية من جهة، وإدارة العملية التربوية في المجتمع من جهة أخرى، جعلته يتجاوز هذه الاعتبارات والأولويات المصلحية الظاهرة أو الآنية، وينحاز بلا تردد للمنطق المبدئي ليطابق موقفه مع المبدأ ابتداءً، وليعطي للمجتمع إشارات تربوية واضحة، بخصوص الأخلاقية العالية التي يجب أن تحكم علاقاته بالآخرين، وليرسل إشارات دعوية أخرى قوية كذلك، للقوى المضادة أو المحايدة، بخصوص المنطق الذي يحكم هذه الدعوة، والآفاق الاجتماعية والسياسية والحضارية التي تتحرك باتجاهه”[26].
ولعل تجارب الأمم والحضارات والخبرات التاريخية الطويلة لأصحاب مشاريع التغيير والإصلاح تشهد باطراد على خطورة التهاون في كلية المبدئية المبصرة، وأثره في انهيار العمران وانكساره وخروجه عن أهدافه ومقاصده. فالنبي ﷺ رغم كونه مؤيَداً بالوحي، معصوماً بالعناية الربانية، منصوراً بتأييد الله وإمداده، فإنه لم يستغن عن مراعاة أحوال الواقع وملابساته، والنظر في منطق الأحداث وارتباط النتائج بالأسباب، ليأخذ العقل المسلم نحو آفاق العمران الإسلامي الرحبة. ومثل ذلك أمره أصحابه الهجرة إلى الحبشة[27] استفادة من أجواء الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية التي عرفت عن النظام السياسي الذي كان يقوده النجاشي، واستثماره ﷺ الفعال والواقعي لأعراف المجتمع لتكثيف درجة الإنجاز العمراني وتأمين مجال الدعوة.
فقد استثمر النبي ﷺ أعراف بيئته ومنظومتها الثقافية التواصلية بما لا يتعارض مع مقتضيات الرسالة. كما تجلت هذه الواقعية المنضبطة في تدبير آليات التفاوض التدافعي بمنطق الموازنات الاستراتيجية. ففي مجريات محاورة سهيل بن عمرو للرسولﷺ قال: “هات اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبيﷺ الكاتب فقال: بسم الله الرحمن الرحيم. قال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي ﷺ: اكتب باسمك اللهم، ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك. ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال النبي ﷺ: والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله. قال الزهري: وذلك لقوله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها.[28]
فقد شمل هذا النص موازنة بين المبدئية المبصرة التي تمثلت في تعظيم حرمات الله، والواقعية المنضبطة التي تمثلت في استيعاب الآخر واحتواء مطالبه التي لا تتعارض مع ثوابت الدين وكلياته الأساسية، مع مواجهته ﷺ لما ترتب عن التفاوض مع الخصوم من حرج سياسي لدى أتباع الرسالة مثل قول عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: “يا رسول الله ألست نبي الله؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل. قال: بلى. فقلت: علام نعطي الدنية في ديننا. فقال: إني رسول الله وهو ناصري ولست أعصيه.[29]
يقول الطيب برغوث تعليقاً على هذا الحدث: “والدراسة المتكاملة للموقف، تفضي بنا إلى الأهمية البالغة لمنطق الموازنات الاستراتيجية في كسب الرهانات الصعبة، كما يتجلى ذلك في معركة الحديبية، التي لم تكن معركة عسكرية، بل كانت معركة سياسية دقيقة، كان لفقه الموازنات فيها دور حاسم منح للدعوة الإسلامية انتصارًاً استراتيجيًاً بالغ الأهمية، لم يستوعب الصحابة أبعاده في حينها، كما لم تستوعب القوى المضادة انعكاساته الخطيرة على مستقبل الصراع بين الإسلام والجاهلية، وعجزت عن الاستيعاب الاستراتيجي للموقف، وانحبست رؤيتها في نطاق بعض المكاسب الشكلية الآنية….
لقد تغاضى رسول اللهﷺ مؤقتاً عن بعض المكاسب الجزئية التي حققتها وثيقة الصلح لقريش، وتجاوز منطق العواطف والمثالية المبدئية الحدية، إلى منطق الواقعية الحركية المنضبطة، التي تجعله يوازن بين الخيارات السياسية المتاحة”[30]. والشواهد على هذه الواقعية من السيرة النبوية كثيرة، مثل موقفه ﷺ من المنافقين وترفقه بعبد الله بن أبي، وإيثاره ﷺ بعضهم دون سواهم غنائم حنين، وقوله عن طائفة من الجيش حين لم يستجيبوا لنداء الإفطار في نهار رمضان: “أولئك العصاة”، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَوَاهُ عَنْهُمَا، أَنْ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فَقَالَ: “أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ”.[31]
إن الحديث عن الكليات السننية في الفقه العمراني النبوي حديث طويل يحتاج إلى تتبع وجمع واستقراء واستنباط، ومدارسة للروايات والوقائع، وإطالة النظر فيها، مع الاستعانة بمناهج الأصوليين وقواعدهم، وبمناهج الاجتماعيين، والإنسانيين، وطرائقهم. وهذه الكليات هي بلا شك جزء من ذلك الفقه الذي يدخل إلى القلوب بغير استئذان. وهو ما يحتاج إلى إفراغ الوسع وبذل الجهد للقيام بذلك خدمة للسيرة النبوية، ونهوضًاً بالأمة الإسلامية، لاسترجاع ريادتها الحضارية العالمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* منقول بتصرف من:
عزيز البطيوي. (2018). سنن العمران البشري في السيرة النبوية. عمان. المعهد العالمي للفكر الإسلامي. ص ص. 497 – 514.
** أستاذ التعليم العالي في السيرة النبوية والفكر الإسلامي بجامعة ابن زهر أكادير – المغرب، وعضو في مختبر مناهج الدراسات الإسلامية وعلوم الاجتهاد في الجامعة.
[1] ذكر الشاطبي هذه الأوصاف عند حديثه عن ما هو من صلب العلم. انظر:
- الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، مرجع سابق، ج ۱، ص ٥٢ – ٥٣.
[2] استفدت هنا مما ذكره الشاطبي. انظر:
- المرجع السابق، ج ۲، ص ٦ – ٨.
[3] القشيري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب الصيام، باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، ج ۲، ص ۷۸۸، حديث رقم: (٤٥٤٧).
[4] ابن نبي، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، مرجع سابق، ص ۱۱۲.
[5] الإدريسي، عبد الواحد فقه الفتن: دراسة في ضوء نصوص الوحي والمعطيات التأريخية لسلف الأمة، الرياض: دار المنهاج، ط. ١، ١٤٢٨ هـ، ص ٦٣٠.
[6] البخاري، الجامع الصحيح، مرجع سابق، كتاب الشركة، باب: هل يقرع في القسمة؟ والاستهام فيه ج ۲، ص ۸۲۲، حديث رقم: (٢٣٦١). وفي كتاب الشهادات باب القرعة في المشكلات، ج ۲، ص ٩٥٤، حديث رقم: (٢٥٤٠). بلفظ: “مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها
[7] تقدم تخريجه صفحة (٤٣٩) من الكتاب.
[8] أشار الطيب برغوث إلى هذه الكلية بعنوان: كلية الاستباقية الوقائية المتكاملة. انظر:
- برغوث، إشكالية المنهج في استثمار السنة النبوية، مرجع سابق، ص ٧٦.
[9] المرجع سابق، ص ۷۷
[10] قال السهيلي رحمه الله: “وقوله لرسول الله ﷺ أفنهدف نحورنا، للعرب دونك. نهدف أي نجعلها هدفاً لسهامهم والهدف الغرض، وذكر قول الشيخ هل لها من تلاف أي تدارك، وهو تفاعل من تلاقيتهم. وهل لذناباها من مطلب؛ مثل ضرب لما فاته منها، وأصله من ذنابي الطائر إذا أفلت من الحبالة فطلبت الأخذ بذناباه. وقال: ما تقولها إسماعيلي قط؛ أي ما ادعى النبوة كاذباً أحد من بني إسماعيل. ” انظر:
-السهيلي، الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام، مرجع سابق، ج ۲، ص ۲۳۷.
[11] رواه ابن إسحاق، وقد صرح فيه بالتحديث عن الزهري إلا أنه مرسل. انظر:
– ابن هشام، السيرة النبوية، مرجع سابق، ج ١، ص ٤٢٥.
– البيهقي، دلائل النبوة ومعرفة أحوال الشريعة، مرجع سابق، ج ۲، ص ٤١٤.
[12] التيجاني أصول الفكر السياسي في القرآن المكي، مرجع سابق، ص ۱۸۳.
[13] المرجع السابق، ص ۱۸۳.
[14] تقدم تخريجه صفحة (؟؟؟) من هذا الكتاب.
[15] عرجون محمد رسول الله ﷺ: منهج ورسالة بحث وتحقيق، مرجع سابق، ج ۳، ص ۳۷۸.
[16] لمزيد من التفاصيل. انظر:
– البخاري، الجامع الصحيح، مرجع سابق، كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب المهاجرين وفضلهم منهم أبو بكر، ج ۳، ص ١٣٣٦، حديث رقم (٣٤٥٢). وفي كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي ﷺ ج ۳، ص ١٤١٧، حديث رقم: (٣٦٩٢).
– القشيري، صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي بكر الصديق، ج 4، ص ١٨٥٤، حديث رقم: (۲۳۸۱).
[17] رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وابن إسحاق بسند حسن انظر:
-البخاري، الجامع الصحيح، مرجع سابق كتاب المغازي باب شهود الملائكة يوم بدر، ج ٤، ص ١٤٦٧ ، حديث رقم: (۳۷۷۱-۳۷۷۳).
-القشيري، صحيح مسلم مرجع سابق کتاب الجهاد والسير باب الإمداد بالملائكة، ج۳، ص ۱۳۸۳ ، حديث رقم: (١٧٦٣).
-ابن هشام، السيرة النبوية، مرجع سابق، ج ۱، ص ٦٣٣.
[18] ذكره ابن إسحاق، والهيثمي، وقال: “رواه الطبراني وسنده حسن، والبيهقي. انظر:
-ابن هشام، السيرة النبوية، مرجع سابق، ج ۱، ص ٦٣٣.
-الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مرجع سابق، ج ٦، ص ٨٤.
-البيهقي، دلائل النبوة ومعرفة أحوال الشريعة، مرجع سابق، ج ۳، ص۷۹.
[19] أخرجه البخاري، الجامع الصحيح، مرجع سابق، كتاب الجهاد والسير، باب كان النبي ﷺ إذا يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، ج ۳، ص ۱۰۸۲، حدیث رقم: (٢٨٠٤) و٢٦٦٣ حديث رقم ٢٩٦٥-٢٩٦٦، وباب لا تمنوا لقاء العدو، ج ۳، ص ١٣٦٢، حديث رقم: (١٧٤١ – ١٧٤٢).
[20] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج ٦، ص ١٢١.
[21] المرجع السابق، ج ٦، ص ١٥٧.
[22] قال الألباني: صحيح لغيره. انظر:
– الألباني، محمد ناصر الدين صحيح الترغيب والترهيب الرياض مكتبة المعارف، طه، (د. ت).، ج ۲، ص ٢٥٦، حديث رقم: (۲۱۸۷).
[23] أشار الطيب برغوث إلى هذه الكلية بعنوان: كلية المبدئية الحركية المبصرة، وكلية الواقعية الحركية المنضبطة، فجمعت بينهما بما يدل على تكاملية المبدئي والواقعي في الفعل النبوي، مشيراً إلى وقائع وحوادث من السيرة النبوية، مستنبطاً منها ما يفيد الحديث عن الكليات السننية في الفقه العمراني النبوي. انظر:
– برغوث، إشكالية المنهج في استثمار السنة النبوية، مرجع سابق، ص ٥٦ و٦٣.
[24] رواه البخاري في تاريخه، والهيثمي في مجمعه وقال: “رواه أبو يعلى … ورجال أبي يعلى رجال الصحيح”، والحاكم في مسنده، وحسّن الألباني إسناده. انظر:
-البخاري، أبو عبدالله محمد بن إسماعيل الجعفي التاريخ الكبير، تحقيق: السيد هاشم الندوي بيروت: دار الفکر، (د. ت.)، ج ۷، ص ٥٠.
-الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مرجع سابق، ج 1 ، ص ١٥.
-النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، مرجع سابق، ج ۳، ص ۵۷۷
-الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، مرجع سابق، حديث رقم: (۹۲).
[25] رواه الترمذي في جامعه، وَقَالَ: حَسَنٌ صحيح. وأحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وصححه. انظر: – الترمذي، الجامع الكبير سنن الترمذي، مرجع سابق، كتاب التفسير، باب: ومن سورة ص، ج 5، ص ۲۱۹، حديث رقم: (۳۲۳۲).
-الشيباني، مسند الإمام أحمد بن حنبل، مرجع سابق، ج ۳، ص ٤٥٨ ، حديث رقم: (٢٠٠٨).
-النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، مرجع سابق، ج ۲، ص ٤٣٢.
[26] برغوث، إشكالية المنهج في اسثمار السنة النبوية، مرجع سابق، ص ٦١.
[27] تقدم تخريجه صفحة (٤٣٠) من هذا الكتاب.
[28] البخاري، الجامع الصحيح، مرجع سابق، كتاب الصلح باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان..، ج ۲، ص ۹۵۹، حديث رقم: (٢٥٥١-٢٥٥٢) كتاب الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، ج ۲، ص ٩٧٤، حديث رقم: (٢٥٨١)، وكتاب: الجزية، باب المصالحة على ثلاثة أيام أو وقت معلوم، ج ۳، ص ۱۱٦۲، حديث رقم: (۳۰۱۳). وقد تقدم زيادة تخريج لهذه الرواية لكن اقتصرت هنا على لفظ البخاري وتخريج الرواية من صحيحه.
[29] تقدم تخريجه صفحة (٤٥٣) من هذا الكتاب.
[30] رغوث الواقعية الإسلامية في خط الفعالية الحضارية، مرجع سابق، ص ۲۳۸-۲۳۹
[31] القشيري. صحيح مسلم، مرجع سابق، كتاب الصيام، باب: جوازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ،
ج ۲، ص ٧٨٥، حديث رقم: (١١١٤).
مركز خُطوة للتوثيق والدراسات Khotwa Center for Documentation& Studies