أحمد خالد توفيق .. الملهم الذي “جعل الشباب يقرأون”
أ. أحمد عيد
“ستكون مشاهد جنازتي جميلة ومؤثرة، لكني لن أراها للأسف برغم أنني سأحضرها بالتأكيد”.
لم تكن مجرد مقولة للأديب الراحل أحمد خالد توفيق، حيث كان بإمكاننا جميعًا التحقق منها ظهر الثلاثاء 3 أبريل 2018، عندما تجمعت الحشود لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان “الغريب” في مشهد مهيب يليق بالرجل الذي لم يخذل قارئه أبدًا.
ومثلما تنبأ الرجل بمشاهد جنازته، حدّثه قلبه عن يوم وفاته، في روايته “قهوة باليورانيوم” حينما قال “كان من الوارد جدًا أن يكون موعد دفني هو الأحد 3 أبريل بعد صلاة الظهر”.
من هو أحمد خالد توفيق؟
وُلد أحمد خالد توفيق في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، في 10 يونيو 1962، وتخرج في كلية الطب في جامعة طنطا عام 1985 وحصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة عام 1997، وهو متزوج من الدكتورة منال أخصائية صدر في كلية طب طنطا، ولديه من الأبناء محمد ومريم.
انضم للمؤسسة العربية الحديثة، عام 1992، وبدأ بكتابة أول سلاسله الأدبية “ما وراء الطبيعة” في شهر يناير 1993.
نجحت سلسة الرعب نجاحًا كبيرًا، فبدأ في كتابة سلاسل أخرى للمؤسسة نفسها مثل سلسلة “سافاري“، سلسلة “فانتازيا“، سلسلة “روايات عالمية“، بخلاف بعض الأعداد الخاصة، وبعض الروايات مثل “يوتوبيا“، “السنجة“، “في ممر الفئران“، “مثل إيكاروس” لدور نشر أخرى.
ترجم توفيق العديد من الأعمال أيضًا، أشهرها الرواية العالمية “Fight Club” أو “نادي القتال“.
اشتهر كذلك أحمد خالد توفيق بكتابة مقالات اجتماعية وسياسية دورية في العديد من الصحف والمواقع العربية مثل “إضاءات“، “اليوم الجديد“، “التحرير الإخباري“.
الطبيب الأديب
ربما كانت هذه المفارقة الكبرى التي ارتبطت بتوفيق، فبرغم كونه طبيبًا ومجال دراسته بعيد تمامًا عن الأدب والثقافة، إلا أنه يعد واحدًا من أشهر الكتاب العرب، خصوصًا في مجال أدب الرعب، الفانتازيا، والخيال العلمي.
وظّف توفيق دراسته للطب في كتاباته، فأول شخصية له هو العجوز رفعت إسماعيل، في سلسلة “ما وراء الطبيعة”، كان طبيبًا لأمراض الدم. وكذلك ناقش فترة التكليف للطبيب في المناطق الريفية في كتابه الساخر “الطريف في طب الريف“. كما أنه جعل أحمد عبد العظيم، بطل سلسلة سافاري، طبيبًا يعمل في الكاميرون حيث يسيطر طب المناطق الحارة والعديد من الأمراض، كذلك ركز في هذه السلسلة على الكثير من الأمراض وأسبابها وتاريخها.
أبرز أعمال العرّاب
ترك أحمد خالد توفيق ورائه تاريخًا حافلًا من الأعمال الأدبية الرائعة التي أمتعت أجيال كثيرة، وتركت أثرًا بالغًا في نفوس محبيه، بل أن بعضها زيّن قوائم الأكثر مبيعًا لشهور طويلة.
في هذا الإطار، ألّف “العرّاب”، كما يحلو لقرائه ومحبيه أن يطلقوا عليه، العديد من الأعمال الروائية المبدعة، مثل:
- سلسلة “ما وراء الطبيعة”
بدأ كتابتها في 1993، واستمرت حتى 2014، وصدر منها 80 عددًا، وتعتبر أحد أشهر أعمال الروائي الكبير، وهي سلسلة روايات خيالية بطلها طبيب أمراض دم مصري متقاعد اسمه رفعت إسماعيل، يستعرض خلالها الطبيب سلسلة الحوادث الخارقة للطبيعة التي تعرض لها في حياته، بدءًا من عام 1959، أو الحكايات التي تصله من أشخاص مختلفين حول العالم، سمعوا عن علاقته بعالم الخوارق. وقد أعلن توفيق في 13 يناير 2014 عن وفاة رفعت إسماعيل.
- فانتازيا
سلسلة روايات، صدرت عام 1995، وتتكون من 64 عددًا، تخوض فيها البطلة عبير عبد الرحمن تجارب عديدة في عوالم الخيال والفانتازيا التي تدخله من خلال جهاز حاسوب معين أو بمجرد نومها، وتخوض الشخصية مغامرة مع شخصية خيالية أو عالم خيالي من أساطير الشعوب، وأحيانًا تختلط العوالم مع بعضها أو تتداخل.
- سافارى
سلسلة روايات، صدرت عام 1996، وتتكون من 52 عددًا، تحكي مذكرات الطبيب علاء عبد العظيم الذي هاجر إلى الكاميرون حيث يعمل في وحدة سفاري التي تصطاد المرض في القارة السمراء، وسط اضطرابات سياسية لا تنتهي، وخلال عمل الطبيب يلتقي بالكثير من الفيروسات القاتلة والسحرة المجانين والمرتزقة.
- روايات عالمية للجيب
سلسلة روايات صادرة عن المؤسسة العربية الحديثة، وكان الدكتور نبيل فاروق أول من بدأ في كتابتها حتى العدد السابع، ولكن تولى توفيق الأمر نيابة عن فاروق نظرًا لمشغوليات الأخير.
تهتم السلسلة بترجمة أهم الكتب العالمية إلى اللغة العربية في يسر وتبسيط، وهذا ما يميز السلسلة التي صدرت في 79 عددًا.
من الأعمال التي ترجمها توفيق في هذه السلسلة: “رحلة إلى مركز الأرض” للأديب جون فيرن، “جزيرة الدكتور مورو” لهربرت جورج ويلز، رواية “1984” لجورج أورويل، “الدكتور جيكل والسيد هايد لروبرت” لويس ستيفنسون، “أليس في بلاد العجائب” لتشارلز لوتويدج دودسون، “موبي ديك” لهيرمان ملفيل، “الفك المفترس” لبيتر بينشلي، وغيرها الكثير.
- نادي القتال
رواية للأديب الأمريكي تشاك بولانيك، ترجمها توفيق إلى العربية، عام 2005. وتحكي الرواية قصة رجل يعاني من الأرق فيبحث عن طريقة ليستطيع النوم، إلى أن يجد الراحة من خلال جلسات العلاج النفسي الجماعي، ثم يقابل صديقه تيلر ديردن وينشآن معًا ناديًا للقتال.
- يوتوبيا
أول رواية اجتماعية للعرّاب، صدرت عام 2008، وحصلت وقتها على المركز الثاني في قائمة أكثر الكتب مبيعًا. تدور أحداث الرواية في سنة 2023 حيث تتحول مصر إلى طبقتين، الأولى بالغة الثراء وهي “يوتوبيا” المحاطة بسور ويحرسها جنود المارينز والثانية تعيش في عشوائيات وفقر مدقع.
- السنجة
رواية صدرت عام 2012، تدور أحداثها حول عصام الشرقاوي، كاتب مغمور يعيش في “دحديرة الشناوي”، يحاول معرفة حل لغز الكلمة التي كتبتها “عفاف علي” بالإسبراي على الجدران قبل أن تلقي بنفسها أمام قطار مقبل وتلقى حتفها، وتعتبر الرواية خليطًا من الفانتازيا والواقعية.
- مثل إيكاروس
رواية صدرت عام 2015، تدور أحداثها في عام 2020، حول ثمن معرفة المستقبل، وقال عنها توفيق إنها من أقرب الروايات إلى قلبه، وتدور أحداثها حول “محمود السمنودي” الذي دفع ثمن معرفته للحقيقة والمعرفة نبذًا وألمًا ومعاناة، منذ طفولته كطفل غريب الأطوار بين أقرانه وكرجل لا يرغب أحد في الاقتراب منه.
- في ممر الفئران
رواية صدرت عام 2016، يحكي فيها توفيق عن عالم كابوسي، يمتزج فيه معنى الظلام بمعاني الجهل والقهر والتخبط، لكنه يقدم هذه المرة رواية مثيرة عن عالم لم يعد النور فيه من حقوق الإنسان الطبيعية، وحيث يتخبط الناس مكفوفين “في ممر الفئران”، وهم يجهلون أن هناك نورًا خلقه الله، وأنه كان للجميع قبل أن تحتكره فئة محظوظة.
- شآبيب
آخر رواية صدرت للعرّاب. خلالها يصطحبنا توفيق إلى رحلة ممتعة مليئة بالإثارة من النرويج إلى الولايات المتحدة، مرورًا بليبيريا ومصر واستراليا، قبل أن يستقر عند خط الاستواء، ويطرح خلال روايته العديد من الأفكار الجريئة.
كما صدر لتوفيق عدد من المجموعات والقصص القصيرة منها “قوس قزح”، “عقل بلا جسد”، “حظك اليوم”، “الآن نفتح الصندوق”، “الآن أفهم”، “لست وحدك”. كما صدر له عدد من الأعمال الأخرى مثل “قصاصات قابلة للحرق”، “اللغز وراء السطور”، “ولد قليل الأدب”.
الأديب الجائزة
لم يكن توفيق من نوع الأدباء الذي يمكننا أن نطلق عليهم “أدباء الجوائز”، حيث كان حريصًا طيلة حياته على الاحتفاظ بمسافة كبيرة بينه وبين السلطة، كما أنه لم يكن من نوع الكتاب الذين يعرفون كيف يسلطون الضوء على أعمالهم، مهما بدت متواضعة، لذا كان توفيق بمثابة “الأديب الجائزة” بالنسبة لقرائه.
رغم ذلك فاز العرّاب في 3 نوفمبر 2016 بجائزة أفضل كاتب عربي في مجال الرواية عن روايته “مثل إيكاروس”، الصادرة عن دار الشروق المصرية، بمعرض الشارقة الأدبي.
وقتها صرّح توفيق في حوار له بأنه يرى تراجعًا في النقد داخل مصر، مؤكدًا على أن الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي ليست أدبًا.
وأشار توفيق إلى أن مثله الأعلى نجيب محفوظ، وعن أسلوبه في الكتابة، أشار إلى أنه يراعى أن يخرج النص بحالة سردية متميزة، لافتًا إلى أن هناك كثيرًا من القراء يقولون بأن لغة روايته سهلة لكنها في الوقت نفسه تدعو للتفكير، لكن هناك من لا يحب ذلك ويريد كتابة صعبة، لذلك النقطة الأولى التي يركز عليها توفيق هي سهولة السرد، ووجهة نظره أنه ليس شرطًا أن نعذب القارىء ونُشعره أنه يقوم بتحضير رسالة دكتوراة، أو أن نشعره بالهزيمة والفشل، فليست مهمة الأدب كبر حجم الرواية أو صعوبتها.
يضيف توفيق: “هذا ما يجعل لي أعداء كثيرين، منهم من يقول كيف تفوز هذه الرواية الركيكة، لكن في الوقت نفسه توجد خطوط متميزة ومتصلة مع القارئ”.
حوار مع تلميذ العرّاب
“الشباب ليسوا مجموعة من الملائكة، لكنهم ليسوا شياطين.. سوف يصيرون كذلك لو لم نفق من غيبوبتنا، ونحن لسنا ملائكة ولا شياطين.. نحن ملاحون خائبون غرقت سفينتهم أو كادت.. وعلينا أن نترك قطعة خشب واحدة طافية ليتمسك بها من يأتون بعدنا”.
هكذا كان ينظر العرّاب للشباب، وهكذا صنع علاقته بهم. محمد صلاح قاسم، طبيب بشري وكاتب، واحد من هؤلاء الذين قرأوا له مبكرًا، وأثر في شخصيتهم، وعرفوه عن قرب، قابلناه وتحدثنا معه عن أحمد خالد توفيق.
تعرَّف “قاسم” على العرّاب مبكرًا، من خلال رواياته، وتقابل معه أول مرة منذ حوالي 8 سنوات، في إحدى حفلات التوقيع الخاصة بالكاتب الكبير، وتكرر اللقاء كثيرًا خلال 8 سنوات توطدت فيها علاقتهما، حث أنه من مواليد طنطا أيضًا.
يقول “قاسم” أن أحد أهم أوجه الإلهام في شخص توفيق يعود إلى سيرته كطبيب اتجه إلى هذا النوع من الكتابة، بأسلوب “السهل الممتنع”، ولغة شيقة، فكان ذلك بمثابة تحدي كبير.
وأعزى تلميذ “العرّاب” سر علاقته الوطيدة بالشباب إلى طبيعة شخصيته المتواضعة، حيث كان يتعامل ببساطة شديدة مع أي شخص، ولم يكن يتعالى على أحد مثلما يفعل غيره، كذلك كان يشجع الكتاب الصغار المغمورين، لدرجة أنه كان يتلقى قصصهم ومقالاتهم ويقرأها بعناية، وأحيانًا كان يقدمها ويكتب عنها في مقالاته، فلم يبخل على أحد بمديح يستحقه، وكان تلقائيًا وبسيطًا.
ويتحدث “قاسم” عن أول مقال كتبه بموقع “إضاءات”، وكيف أن العرّاب أشاد به، ونوه إليه في أحد مقالاته، فكانت بمثابة دفعة معنوية كبيرة له.
الأمر الآخر الذي فسّر به “قاسم” سر العلاقة بين توفيق والشباب، هو مواقفه، حيث كان كاتبًا منحازًا للإنسان بالدرجة الأولى، فلم يتورط في مباركة عنف، فكان حريصًا على إنسانيته بنفس قدر حرصه على عبقرية أعماله، وقد نظر كثير من الشباب إلى مواقفه بإعجاب خلال السنوات الأخيرة، التي كشفت شخصيات كثيرة كانت بمثابة قدوة ثم سرعان ما انهارت في عيون محبيها بسبب مواقفهم وانحيازهم للسلطة على حساب الإنسان.
يقول “قاسم” أن حرصه على استقلاله ومواقفه التي انحاز فيها توفيق للإنسان دفع ثمنها كبيرًا من التهميش الرسمي له حيًا وميتًا.
ويشير الطبيب والكاتب الشاب إلى أن كتابات العرّاب استطاعت تحقيق المعادلة الصعبة بالنسبة للشباب، معادلة الاستمتاع والاستفادة، حيث كان يقدم المعلومة الجادة بطريقة مبسطة وليست فوقية، حتى أبطاله ليسوا مثاليين، بشر لديهم جوانب إيجابية وسلبية، نقابلهم كل يوم، وقد ارتبط الشباب بهذا النوع من الكتابة.
وتطرق “قاسم” للحديث عن طنطا، وسر ارتباط الكاتب الكبير بها، حيث ظل فيها حتى رحيله، لم يتركها إلا لمهمة عمل أو سفر، لافتًا إلى أن عدم رحيله عنها يعود إلى ارتباطه الشديد بذكريات طفولته وشبابه فيها، كذلك إلى خوفه من انسحاق مبادئه في القاهرة المزدحمة، فكانت طنطا بمثابة كهفه الهادىء الذي أبدع فيه رواياته وصنع أبطاله.
وداعًا أيها الغريب
“لا أريد أن أتلوى ألمًا لحظة الاحتضار.. أريد نهاية نظيفة كلحظة انقطاع الكهرباء”.
هذا ما تمناه توفيق، وقد حصل عليه بالفعل في 2 أبريل 2018، عندما توقف قلبه عن النبض، ورحل عن عمر ناهز 55 عامًا.
بدأت قصة توفيق مع المرض عندما أُصيب بنوبتين قلبيتين، الأولى في 2011 والثانية في 2015 نتج عنهما أن أجرى جراحة زرع جهاز مهمته مراقبة النبض فإذا شعر باضطراب في القلب أطلق صدمة كهربائية تعيد القلب للحياة مرة أخرى، لكن هذه المرة لم يعد كما كان، واستحق العرّاب الرثاء الذي كتبه بنفسه “وداعًا أيها الغريب، كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة، عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرًا. وداعًا أيها الغريب، كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل، قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس، لحنًا سمعناه لثوانٍ من الدغل، ثم هززنا رؤوسنا وقلنا أننا توهمناه، وداعًا أيها الغريب”.
أيام “العرّاب” الأخيرة
“أنا يا رفاق أخشى الموت كثيرًا، ولست من هؤلاء المدّعين الذين يرددون في فخر بطولي نحن لا نهاب الموت، كيف لا أهاب الموت وأنا غير مستعد لمواجهة خالقي، إن من لا يخشى الموت هو أحمق أو واهن الإيمان”.
هكذا كانت فلسفة الموت عند أحمد خالد توفيق، الذي روى ابنه محمد تفاصيل أيامه الأخيرة في حوار صحفي، أكد فيه أن آخر كلمات قالها العرّاب قبل وفاته بيوم إنه فخور بأن شباب مصر أصبح أكثر رغبة في القراءة، وأن بعض المصطلحات الطبية التي كان يستخدمها في رواياته وأعماله يستعين بها طلاب كليات الطب في الإجابة داخل لجان الامتحان، وكثيرًا ما كان يكتب طالب الطب الإجابة “كما ذكر الدكتور أحمد خالد توفيق”.
وحكى محمد عن المكتبة الضخمة التي ورثها أبيه عن جده الذي كان يعمل مديرًا لمصنع الغزل والنسيج، وكان يجيد 5 لغات حية ويحتفظ في مكتبته بكل الأعداد التاريخية للأهرام والأخبار والجمهورية، ومن هنا جاء شغفه بالقراءة.
كما تطرق في حواره إلى الجانب العائلي من حياة العرّاب، قائلًا: “كان أبي معتدلًا في ساعات العمل. ففي الصباح يذهب إلى الجامعة وفى ساعات المساء في المنزل لا يفضل الخروج، وكان يتعامل بحب مع الحياة ولا يقسو على نفسه، وكانت الكتابة بالنسبة له شيئًا عاديًا لا تشعر بأنه أمر يضغط عليه، وكان لا يتركنا من أجل أن يكتب بل يأخذ الأمور بشكل طبيعي جدًا، وهو أب لا يتدخل في الاختيارات الخاصة بي ولا بشقيقتي مريم، ويؤمن بالحرية الشخصية وفق القواعد المصرية، وكان يحب الفن والسفر”.
جعل الشباب يقرأون
“أما أنا فأريد أن يُكتب على قبري: جعل الشباب يقرأون”.
علاقة خاصة جمعت العرّاب بالشباب، حيث استقطب بأعماله الشباب المتعطش للقراءة، لذا يعتبر أحمد خالد توفيق أديب الشباب الأول في الوطن العربي بلا منازع، فهو ملهم الأجيال الجديدة، وهو الذي حبّب كثير منهم في القراءة برواياته المشوقة وأسلوبه المتميز والساخر وشخصياته الفريدة، كان قريبًا منهم فكريًا ويتواصل دائمًا معهم.
لم ينس أحد ما كتبه توفيق عن الشباب يوم 8 فبراير 2011، في ذروة أحداث ثورة يناير، وقتها كتب: “أمس كنت أرى صور الشباب الشهداء على شاشة التليفزيون، عندما قال صديقي: تصور أن بعض هؤلاء كان يقرأ قصصك، شعرت بقشعريرة.. هم أولادي فعلًا.. هذه العيون الذكية الحساسة أغمضت للأبد، كي يبقى الحزب الوطني”.
وفي 3 أبريل 2018، لم يسر العرّاب وحده، كان خلفه آلاف الشباب، الذين جاءوا من كل حدب وصوب إلى مسقط رأسه بطنطا، ليودعوه بدموع حملت مدى امتنانهم لما قدمه لهم، فكانت جنازة “أديب الشباب” مهيبة، وحتى حينما دخل قبره لم يتركوه، أحاطوه بمئات الرسائل التي تعبر عن قيمته الكبيرة في قلوبهم، ونفذوا وصيته وكتبوا على قبره “جعل الشباب يقرأون”.
رحم الله العراب… مقال رائع جامع ومانع لمن يريد أن يعلم أكثر عن الدكتور أحمد خالد توفيق