أمين الخولي
ومقومات مدرسة التأويل الحداثي*
د. شريف عبد الرحمن**
يعد الشيخ أمين الخولي من أوائل من دعوا إلى دراسة القرآن كنص، من دون النظر إلى أي اعتبار آخر، والمقصود طبعا بدون النظر إلى أي اعتبار ديني. ووفقا لهذا المفهوم أصَّل الخولي لـ”منهج” في التعامل مع القرآن الكريم، يتجاوز سؤال المصدر ويفصل النص القرآني عن قدسيته؛ بكل ما تتضمنه هذه من مرتكزات وضوابط، ويدعو إلى قراءة القرآن وفق منهج عقلي، وهذا هو نفس الخط الذي سارت عليه اتجاهات التأويل الحداثي اللاحقة، التي دعت إلى أنسنة النص، أي التعامل معه بوصفه نصا بشريا؛ يُقرأ وفق منظور تاريخي نسبي، بغض النظر عن مصدره، أو بالنظر إلى مصدره ضمن الحركة التاريخية لا خارجها! للدرجة التي يمكن القول معها إن فهم مشروع الخولي لا يكتمل إلا من خلال مراجعة إنتاج تلامذته الذين مثلوا امتدادا لفكره في إطار مدرسة التأويل الحداثي، كما لا يمكن فك شفرة العديد من متضمنات هذه المدرسة إلا بالرجوع إلى ما أرساه أمين الخولي من مقدمات بهذا الصدد.
ولتحقيق هذين الغرضين نرصد في هذا المقال عددا من المحاور التي تلخص مجمل مشروع أمين الخولي التجديدي؛ والتي تمثل أسسا منهاجية وفكرية لمدرسة التأويل الحداثي في ذات الوقت. وتشتمل هذه المحاور على الموضوعات التالية: (1) الدرس الأدبي، (2) التطور، (3) الوضعية، (4) التفسير الموضوعي، (5) الأنسنة، (6) التعددية، (7) الهيرمينوطيقا، (8) التاريخانية. وعلى الرغم من تداخل هذه الموضوعات فيما بينها وتقاطعها في العديد من التفاصيل، إلا أن التمييز بينها يظل مفيدا لفهم مشروع الخولي التجديدي وبيان مرتكزات تيار التأويل الحداثي، على نحو ما ستوضح الفقرات التالية.
1. الدرس الأدبي
قدم الخولي “الدرس الأدبي” على كافة المداخل (المناهج) الأخرى كمنطلق لفهم القرآن الكريم، معتبرا أن “الدرس الأدبي” هو “المقصد الأول” و”الغرض الأبعد” من التفسير، ومنه تتشعب الأغراض الأخرى، ومن ثم كان لزاما أن يتم الوفاء به قبل محاولة تحقيق أي مقصد آخر، وذلك بوصفه مقصدا محايدا يروم مخاطبة المؤمن وغير المؤمن، أو بالأحرى لا يقيم اعتبارا لسؤال الإيمان، ويتحاشى اعتبار الهداية مقصدا تفسيريا يسبق غيره في الأهمية.
وقد أرسى الخولي قواعد درسه الأدبي بشكل يختلف عما درجت عليه التفاسير التقليدية، حيث غض الطرف عن إلهية النص، وحيّد قداسته، وفتح الباب أمام التعامل معه بدون أي قيود أو معايير، اللهم إلا قيود ومعايير النقد الأدبي. ليصبح من الممكن تقييم النص على نحو حر ومفتوح، ووفق منهج يجعله عرضة للأخذ والرد. هذا المنهج عبر عن مضمونه أحد المتأخرين بالقول انه “حتى لو اقتنعنا بألوهية النص القرآني فإننا محتاجون لقراءة هذا النص قراءة دنيوية، أي قراءة لا تأخذ ألوهية المصدر بعين الاعتبار.”[1]
وفي ظل افتراض استقلال “النص القرآني” الأدبي عن مصدره المتعالي، وتعلقه بواقعه النسبي، اقترح الخولي القيام بدراسة سياق النص (ما حول النص)؛ بمعنى البيئة التاريخية والاجتماعية والثقافية والدينية التي نزل فيها القرآن، فضلاً عن دراسة ما في داخل النص من مفردات، وعبارات وتراكيب، للكشف عن الجمال القولي في الأسلوب القرآني، وتبين خصائص التراكيب العربية فيه.
وقد مثل هذا المنهج المنطلق الذي استند إليه من جاؤوا بعد الخولي وانتسبوا له من أصحاب منهج التأويل الحداثي، حيث اعتبر هؤلاء أن التعامل مع القرآن لا يستقيم إلا بالنظر إليه كنص يقُرأ كما يقرأ النص الأدبي، بغض النظر عن أي اعتبار ديني،[2] وذلك على اعتبار ان “الخطاب القرآني” شأنه شأن أي خطاب آخر، هو نتاج معرفي، يخضع للشروط النقدية من حيث ضرورة اعتبار المجال التاريخي، وجدل النص والواقع، وتوظيف آليات العقل التاريخي لتشكيل وعي علمي منضبط.[3]
وعلى الرغم من أن المدخل (الأدبي) الذي دشنه الخولي لم يكن يستلزم — نظريا — أن يؤول إلى تلك التداعيات الخطرة، على اعتبار أن محاولة اكتشاف المدلول البياني والأدبي عبر الدال اللغوي هي محاولة “محايدة وموضوعية،” إلا أن التناول التأويلي قد خرج بالمحاولات اللاحقة عن هذه الحدود، وانتهى بها إلى نهايات لا تقتل القديم فهما فحسب، وإنما تقتله فهما ومعنى، وتنقلب على الموروث التفسيري وتتمرد عليه.
ولم يكن استشراف هذه المالات متعذرا على الخولي، الذي خاض بالفعل غمار أزمة عملية (أزمة رسالة الفن القصصي في القرآن لتلميذه محمد أحمد خلف الله) وضعت فيها هذه النتائج على المحك، واقتضت منه أن يدلي برأيه بشأنها. ليصرح الخولي بدعمه الكامل للتناول التأويلي، ممثلاً في محاولة خلف الله، وتبنيه لتلك المحاولة التي خرقت الأطر التقليدية للتفسير، وانتهت إلى تصور القصص القرآني كنوع من الأساطير المساعدة على بلوغ معان أدبية. الأمر الذي أكد صلة الخولي الوثيقة بالتداعيات التي تمخض عنها التناول الأدبي، وأكد مسئوليته عن المنتج الفكري الذي طوره أنصار مدرسة التأويل الحداثي ونسبوه إليه.
2. التطور
تبنى الشيخ أمين الخولي منهجا تطوريا لدراسة العلوم المساعدة في فهم القرآن الكريم من لغة ونحو وبلاغة، وذلك بزعم الرغبة في التسهيل على دارسي هذه العلوم، والاقتراب بهم من اللغة العربية المتكلمة في ثوبها العصري. وقد استبدت بالخولي فكرة التطور لدرجة أنه استند إليها بوصفها إطارا مرجعيا لتجديد المعارف الاسلامية وآداب وعلوم اللغة العربية بأكملها. حتى أنه رادف بين التجديد والتطور معتبرا أنه كما ينهض التطور على منطق الطفرات الجينية فإن التجديد على رأس القرون هو ذلك العمل الثوري الكبير الذي تحتاجه الأمّة، كأنما هو ثورة اجتماعية دورية.
وقد دافع الخولي عن نظرية التطور دفاعا شديدا، مفترضا أنها لم تكن بعيدة عن السياق الذي تطور فيه العقل المسلم، وأن هناك من الشواهد والإشارات القريبة من فحواها في التاريخ الإسلامي، وبخاصة في “رسائل إخوان الصفا”، وآثار ابن مسكويه، وابن سينا، وابن الطفيل، ممن ألمحوا أو صرحوا بتصنيف الموجودات في سلم تراتبي، يحتل فيه الإنسان الذروة في تكامله، فيما يليه الحيوان، فالنبات، إلى أدنى مرتبة، وهي الجماد.
وقد توسع الخولي في تطبيق فكرة التطور وتعميمها. معتبرا أنّ التطور هو الناموس الشامل في الخلق والحياة. وأنّه سنّة شاملة في الأصول: العقائد والعبادات والمعاملات، وفي هاتين الأخيرتين فإن شريعة الإسلام هي انتخاب ما نراه أيسر عملاً وأصلح للبقاء. بل إنه لم يتردد في القول إن “تطور العقائد ممكن، وهو اليوم واجب لحاجة الحياة إليه، وحاجة الدين إلى تقريره، حماية للتدين، وإثباتاً لصلاحيته للبقاء، واستطاعة مواءمة الحياة، مواءمة لا يتنافر فيها الايمان مع نظر ولا عمل.”[4]
ومن تداعيات فكرة التطور في مشروع الخولي التجديدي دعوته لتطوير القواعد النحوية والبلاغية والبيانية، وفق منهج يراعي الأيسر والأبسط، ويلحظ ما آل إليه الاستخدام الحياتي لهذه القواعد، وذلك بحجة التقريب بين لغة القلم ولغة اللسان. وثمة أوجه متعددة من الخطورة تكمن في الاستجابة لهذه الدعوة لمساسها بالعلوم المساعدة في تفسير القرآن الكريم، أبرزها أنها يمكن أن تؤدي إلى حالة من الانفصام الكامل بين القرآن وبين الأدوات المساعدة على تفسيره وفهمه. فالنحو الميسر — على سبيل المثال — والذي يراعي احتياجات اللغة المتداولة، لن يصلح بحكم التعريف للتعامل مع النص الذي صيغ وفق قواعد النحو الأصلية، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للبلاغة والبيان.[5]
كما أن التناقض الذاتي في الدعوة إلى “تبني” التطور و”فرضه” يثير تساؤلات معرفية مهمة، فالتطور يفترض فيه أنه خطة تلقائية، لا يتم فرضها، وإنما هي تفصح عن نفسها من خلال التفاعل الحر، وعليه فإن الدعوة إلى تقعيد التطور وفرضه، يتضمن توجيها لحركة الواقع والتاريخ، وهو ما يتعارض مع العفوية التي يفترض أن يجري وفقا لها التطور. بعبارة أخرى إن تقعيد التطور ووضع خطة لمساعدته على أن يؤتي آثاره، هو بمعنى من المعاني أمر غير تطوري، ومعارض لفلسفة التطور، لأنه فعل إرادي، يقمع حركة التغير ويكبح جماحها، ويوجهها إلى وجهة معينة، ويغلق كافة السبل والبدائل الممكنة للحركة والتغير، حتى لا يبقى أمام الناس إلا سبيل واحد، فأين التطور من هذا؟[6]
3. الوضعية
غرس تيار التأويل الحداثي عموما — والتأويل الأدبي على وجه الخصوص — بذورا وضعية في التفسير، ذلك أنه أرسى قواعد للتفسير تستقل بالكتاب عن مصدره الإلهي. إذ يتعامل “الدرس الأدبي” مع النص القرآني باعتباره مادة لغوية محضة، لا علاقة لها بأي بعد غيبي. وهو ما يجعل التجديد في هذا السياق يحمل معنى العصرنة أو التحديث Modernization بأكثر مما يحمل معنى الإحياء، ويستدعي بالضرورة مقولات وضعية، تبتغي التعامل مع اليقيني الملموس وتتجنب الغيبي المفارق.
هذا وتظهر العلاقة بين المشروع التجديدي للخولي وروح الحداثة الغربية ومقولاتها الكبرى في أكثر من ملمح، أهمها ذلك المتعلق بحق الفرد في النقد العقلاني لواقعه، ومساءلة المقولات السائدة في عصره، حتى لو كانت هذه مقولات دينية (مطلقة). ففي إطار المشروع الحداثي العقلاني يعد الدين (أو الفهم الشائع للدين وفق عبارة الخولي) من جملة الظواهر الممكن دراستها وإخضاعها للسؤال الفلسفي والتفكير العلمي (الذي ينأى عن التصور اللاهوتي/الغيبي بتجلياته المختلفة والمتنوعة)، ويتحول من مفسر لكل الظواهر إلى موضوع للتفسير والمساءلة.
كما يبدو أثر التناول الوضعي في قراءة الخولي التجديدية للتراث العربي الإسلامي عامة، والنص القرآني خاصة، في فصله بين سؤالي الكيفية والعلية، فقد صار السؤال هو “كيف نفسر النص؟” (والإجابة المقترحة هي وفق المنهج الأدبي) وليس “ما العلة والهدف من النص؟” (ولهذا رفض الغائية الهدائية). التناول الوضعي يفعل نفس الشيء، فهو يحاول أن يفهم كيف يعمل الكون، ولكنه لا يتساءل عن علة وجود الكون، بل هو يعتبر هذا السؤال “خارج نطاق العلم”، فالعلم لا يعترف بالغائية ولا العلية المتجاوزة. ومن ثم، أيا ما تكن الغاية فإن العبرة هي بما نستطيع بحثه في إطار محاولة الإجابة عن سؤال الكيفية.
ولعل هذا المنحى الوضعي هو سبب أن “الدرس الأدبي” عند الخولي قد أخذ شكل المنهج والمقصد في الوقت ذاته، فكما أن المنحى الوضعي يدعي أنه يفسر الكون المادي من خلال المنهج العلمي، ومقصده من وراء ذلك هو خدمة العلم، وليس التأكيد مثلاً على قدرة الخالق الذي أبدع هذا الكون، فإنه في حالة الدرس الأدبي، تتم دراسة القرآن من خلال المنهج الأدبي، فيما يكون المقصد هو خدمة الدرس الأدبي، وليس الاهتداء للخالق الذي أوحى للبشر بهذا الكتاب، الوضعية تستبعد المقصد المتجاوز، وكذلك الدرس الأدبي يستبعد أن يكون غرض التفسير مقصدا هدائيا متجاوزا، ويركز على المقصد الأدبي الدنيوي القابل للتناول.[7]
4. التفسير الموضوعي
لم يعتقد الخولي بإمكانية أو جدوى تفسير القرآن تبعا لترتيبه الموقوف.[8] وتبنى اقترابا “موضوعاتيا” للتفسير يقوم على جمع الآيات تبعا لموضوعات بعينها جمعا إحصائيا، ثم ترتيبها تاريخيا، ثم معرفة الملابسات والمناسبات الخاصة بها، ثم النظر فيها لتفسيرها في ضوء ما سبق معرفته، الأمر الذي وضعه في مواجهة مناهج التفسير التقليدية التي سادت في التراث الإسلامي.[9]
وقد رصدت الدراسة كيف أن الخولي لم يترك كثيرا من الدراسات التي يمكن أن تندرج تحت مسمى “التفسير الموضوعي،” بل إنه لم يترك مصنفا في التفسير بالمعنى المعروف، باستثناء دروسه التفسيرية التي ألقاها في الإذاعة المصرية، والتي تناولت موضوعات مختلفة مثل هدي القرآن في رمضان، وفي أموالهم، وفي السلم، وفي القادة والرسل، كما رصدت الدراسة كيف أنه قد غلبت على هذه الدروس روح تقليدية، ربما يكون قد اقتضاها مقام الخطاب الموجه لعموم الناس، غير أن هذا لا يفسر تخلي الخولي عن معظم الضوابط والشروط التي ألزم نفسه بها كقواعد للتفسير الموضوعي، واقترابه بدرجة كبيرة من روح التفاسير التقليدية التي سبق له أن رفضها شكلاً وموضوعاً.[10]
وقد شارك تيار التأويل الحداثي الخولي في رفض التفسير التقليدي بكل تنويعاته، ولكنه لم يترجم هذا “الرفض للقديم” إلى الدعوة لإعادة تفسير القرآن موضوعاتيا فقط، وإنما جاءت دعوة التيار الجديد تحت مسميات أخرى مثل: إعادة القراءة، تفكيك الفكر الديني، التخلص من السلطة الأبوية في التفسير، إحياء التعددية الدينية، العودة إلى روح النص لا إلى حرفيته، الخروج من أسر التفسيرات الأسطورية، التحرر من أغلال القداسة، التحرر من الجمود، تحقيق الاستنارة، تحرير النص، إطلاق طاقاته، أنسنته، زعزعة السلطة اللاهوتية، استنطاق المسكوت عنه، مرورا بالدعوة إلى الخروج من ضيق التفسير إلى رحابة التأويل، ومقارعة الدوجمائية الدينية والتاريخية، وتفكيك الذهنية الإسلامية القروسطية.[11]
المشترك بين كافة الدعوات السابقة هو رفضها مناهج التفسير القديمة تحت دعوى “قدم هذه المناهج” من ناحية و”تغييبها كليا للقارئ” من حيث هو طرف أساسي في إنتاج المعنى الذي يحمله النص من ناحية أخرى. والقارئ هنا يشير إلى الإنسان، الذي تصفه بعض الأقلام المنتمية لهذا التيار بأنه هو الذي كتب على الحقيقة، فوفقا لهم فإن” الله (سبحانه) أوحى ولم يكتب، فمنذ أن دخل الوحي في الزمن وفي التاريخ، وأصبح الوحي موجودًا في لغة، أي تحول إلى نص مكتوب، صار بوصفه كتابًا هو المتكلم؛ وصارت اللغة هي الذاتَ المتكلمة.[12]
5. الأنسنة
استكمالا للخاصية السابقة يأتي مفهوم الأنسنة ليشير إلى الدعوة لقراءة النص القرآني كما تقرأ النصوص البشرية، وإلى التعامل معه كما يُتعامل مع هذه النصوص، بأن يُنزع عنه التقديس “الأسطوري” الذي حجبه — كما يقول أحدهم — عن القراءة العلمية. فيقرأ كنص مجرد، بغض النظر عن أي اعتبار آخر، تماما كما طالب الخولي عندما اعتبر القرآن نصا أدبيا يقرأ بهذه الصفة بدون النظر إلى أي اعتبار آخر.
لقد كانت الأنسنة هي الشغل الشاغل لمعظم أنصار مدرسة التأويل الحداثي، بوصفها تحقيق لمعنيي المعاصرة والنسبية، وتجاوز للتراثي والمطلق في ضربة واحدة، فالمعيار ينبثق من اللحظة الحاضرة، والمشروعية تكمن في عدم مصادمة الأفهام السائدة. وقد ارتبطت الأنسنة برغبة أصحاب القراءات التأويلية في نفي القداسة عن القرآن، ومساواته بالنصوص البشرية. ومن ذلك استخدام المصطلحات التي لا تستدعي (بالضرورة) الشق المقدس في الإشارة إلى كتاب الله تعالي، من مثل المصحف، الكتاب، النص، وغير ذلك من التسميات التي تهدف إلى تحييد صفة القداسة عن كتاب الله تعالى، والنزول به إلى مستوى النصوص البشرية بحجج مختلفة.[13]
كما ترتبط الأنسنة باستبدال المركز، فبدلا من المركز المفارق والمطلق، يأتي المركز (أو بالأحرى اللامركز) النسبي، حيث يصبح الإنسان وجها لوجه مع النص، فينفتح كل منهما علي الآخر، ويتم التغاضي عن (إهمال أو تجاهل) أن النص قد صدر عن إرادة لها مقتضياتها، ولها مرادها من الخلق، فالنص يقوم بذاته في مواجهة الإنسان، والإنسان يدلف بذاته إلى النص، بوصلته عقله وحسه، وأداته لغته وعلاماته، تلك التي تتطور معانيها عبر الزمن، وتكتسب كل حين إيحاءات تختلف عن تلك التي صاحبت النص لحظة بدء تشكله (كما يزعم أنصار التأويل الحداثي) في التاريخ!
6. التعددية
يرتبط معنى الأنسنة بمعنى التعددية، أي وجود أكثر من قراءة للنص القرآني، ومن ثم أكثر من تفسير أو تأويل، على اعتبار ان هذا هو ديدن الدرس الأدبي، المرتبط بالتذوق، والذي هو بطبيعته أمر نسبي، يختلف من شخص لآخر ومن عقل لآخر. وقد بلغ الأمر بالبعض (من منتسبي تيار التأويل الحداثي) إلى حد القول بوجود أكثر من نسخة للإسلام نفسه، نتيجة لوجود أكثر من قراءة ممكنة للنص.[14]
وقد ظهر الرهان على “المتعدد والمتنوع” كمدخل لتفكيك مركزية فكرة “النص الأصلي” و”المعنى الأصلي،” فالنص يفهم بعدد من يقرأه، وليس بواحدية من أوحى به، مع عدم الاحتكام إلى الأصول الحاكمة للتخاطب في اللغة العربية والتي تعد الأصل في التفسير، فالتأويل يفتح آفاقا من الاجتهادات الذاتية، وأدبية النص تؤول إلى جعله ملكا لقارئه، يرى نفسه فيه، قبل أن يحاول أن يقف على مقصود من أنتجه.
ومن الطبيعي أن يثير هذا المدخل التفسيري العديد من الإشكاليات المنهجية، على اعتبار أن عملية التفسير ينبغي أن تحكمها مجموعة من الضوابط والمعايير، وأن تخضع لمجموعة من الشروط التي يتداخل فيها الموضوعي، بالثقافي، بالتاريخي، باللغوي (وهو ما راعته المناهج المخصصة للتفسير في كتب التفسير وكتب علم أصول الفقه بشكل قوي)، غير أن تيار التأويل يتخطى معظم هذه المقدمات بدعوى التجديد والعصرنة، ويدفع بمشاريع حداثية لقراءة النص القرآني وتأويله كبديل منهجي وحيد لكل الإنجازات التي راكمتها جهود العلماء السابقين في تفسير القرآن الكريم.[15]
7. الهيرمينوطيقا
تفترض الهيرمينوطيقا أن “الكلمة” تتراكم عليها طبقات مثل الطبقات الجيولوجية، فبمرور الزمن تضاف دلالات للكلمة حول نواة المعنى الأول. وتتناسب هذه الطبقات، كماً وكيفاً، مع عمر الكلمة.[16] “وبهذا المعنى فإن المنهج الهرمينوطيقي هو بمثابة بحث جيولوجي يحاول أن يكتشف طبقات الفهم التي تتكدس لتحجب بؤرةَ المعني، كما أنه يحاول تحديد الأنساب والجذور الزمنية لانتماء كل طبقة للفهم، وكيف تتضخم لتطمر المعني، ويتعرف على عمرها، وطبيعة العصر الذي توالدت فيه كل واحدة من الدلالات. وبذلك يضيء دلالة الكلمات عبر الزمان، وكيفية تشكّل معناها عند كل محطة في فضاء علاقات السلطة والمعرفة، وأفق انتظار المتلقي، وأحكامه المسبقة، ومعتقده، وثقافته، وبيئته، وطبيعة الإكراهات المتنوعة التي توجه عمليةَ بناء الدلالة، وتصوغ نوعَ الفهم.”[17]
إلا أن العبارات الإيجابية التي تشيد بالنص المقدس، الذي يوصف وفق الأبجديات الهرمينوطيقية بالكائن الحي، الذي يتجدد معناه كلما تجددت قراءتُه، زاعمة أن هذا الأسلوب هو الأسلوب الأفضل لمواءمة النص مع روح العصر واكتشاف مقاصد القرآن وإضاءة بصيرتنا بما تنشده رسالةُ الوحى للإنسان في ضوء الأفق التاريخي لواقعنا،[18] هذه العبارات تضمر في ذات الوقت معنى شديد الخطورة، يفترض أن العصر أو القراءة العصرية هي المتغير المستقل، والمعني هو المتغير التابع، وأنه بتغير العصر ومن ثم القراءة يتغير المعنى، حتى مع ثبات العلامة اللغوية الدالة على هذا المعنى.
هنا يتجاوز التأويل الهرمينوطيقي حدوده، وذلك حين يفترض أن منهج التراكم الجيولوجي منهج عام، يطال الواضح والغامض، والمحكم والمتشابه على حد سواء، وإلا فمن الذي يقول بضرورة تأويل الواضح، ألا يعد التأويل في هذه الحال خروجا بالمعنى عن حدوده الطبيعية واعتسافا في الفهم، هل ثمة ضرورة حقيقية مثلاً لتأويل معنى التوحيد، أو الإيمان، أو الصلاة.[19]
يبدو التأويل بالمعنى الحداثي بوابة للهروب من دلالة النص الظاهرة، ومحاولة للتخلص مما يفترض البعض أنه يقيمه (أي النص) من قيود على الرأي والعقل، وذريعة للتحلل من سلطان اللغة، بحجة اعتبار التطور والمآل في الاستخدام والاستعمال. وغاية ذلك صرف النص عن مراميه وغاياته، وفصله عن مقاصد قائله، والأخطر تفريغه من أي محتوى ثابت، فالمعنى متغير عبر الزمن، والحقيقة ذات أهب شتى، أو على حد البعض ليست موجودة على الإطلاق، إذ “ليس هناك حقائق …هناك فقط تأويلات.”[20]
8. التاريخانية
تشير التاريخانية إلى تخطّى النص وصولا إلى السياق التاريخي الذي أُنتج في إطاره هذا النص، أو بعبارة أقل حدة هي محاولة رَبْط النص بسياقه الثقافي والسياسي والاجتماعي؛ بُغية استكشاف المكونات الموضوعية التي تحكَّمت في إنتاجه، وتحديد الروابط بين النصِّ والقِيَم من جهة والمؤسَّسات والمُمارسات الأخرى في الثقافة من جهة أخرى.”[21] بمعنى أن النص ليس بنيَّة ثقافيَّة أو رمزيَّة معزولة، بل هو مُرتبط بالخلفيَّات السياقيَّة، ومِن ثَمَّ فلا بدَّ من تأويل النصِّ أو الخطاب للوقوف على هذه الخلفيات ومعرفة أثرها على النص.”[22]
هذا التعريف عندما ينسحب على الكتب المقدسة فإنه يستبطن افتراضا مفاده أن النص بدخوله إلى التاريخ أصبح جزءا منه، وتلون بما للتاريخ البشري من نسبية، فلم يعد له معنى واحد، وإنما معان متعددة، على اعتبار أن ثمة حقائق مختلفة يمكن الإحالة إليها من خلال نفس القراءة، وعلى حد البعض فإن هذا هو قدر النصوص، أن تنتج في التاريخ، فيصير لكل معنى تعلق بوجود تاريخي عيني محدد، منسوب له ومحمول عليه.[23]
وفي هذا السياق أكدت العديد من الكتابات المنتمية لمدرسة التأويل الحداثي أن النص المقدس إنما يتوجه إلى جمهور محدد وأنه يستخدم لهذا الغرض لغة محددة، ما يجعله في النهاية جزءًا من بيئة اجتماعية وتاريخية ولغوية، تأقلم وفقا لعاداتها ومعتقداتها وممارساتها. وعليه — وفقا لهذا الفهم — تحتل أسباب النزول موقعا شديد الأهمية عند تفسير القرآن (تفسيرا حداثيا)، فهي تحدد السياق الظرفي الذي أوحي القرآن فيه وفهم على أساسه، فيما يعد الجهل بأسباب النزول عائقا أمام فهم العديد من آيات النص القرآني![24]
من ناحية أخرى تستخدم التاريخانية للإشارة إلى ما هو أكثر من وجود “سببية تاريخية” كامنة في خلفية النص القرآني، فالقرآن وفق الزعم التاريخاني قد هادن البيئة التي أنتج من خلالها، وراعي تصوراتها، وتلافى الصدام معها، فتحدث عن إبراهيم وإسماعيل (كما يقول صاحب كتاب الشعر الجاهلي) — على سبيل المثال — ليس لأنهما موجودان على الحقيقة ولكن لأنهما كانا حاضرين في وجدان العرب الجاهليين، فكأن الصياغات القرآنية كانت ترمي إلى صقل مدارك العرب، وليس إلى إعادة صناعتها. ونفس الأمر عندما أقر عقوبة القصاص في القتل، والرجم للزاني وغير ذلك، فهو إنما أقر هذه العقوبات تمثلاً للواقع الرعوي البدوي الذي نزل فيه، ومراعاة لعادات المجتمع القبلي العربي وأعرافه![25]
وبناء عليه — وبمد خط التحليل السابق على استقامته — يلزم أن يراعي تفسير القرآن المعاصر أعراف المجتمع الحديث، الذي — على سبيل المثال — لا يقر القصاص أو العقوبات الجسدية، ولا يعتبر كافة أشكال الربا مرذولة، ويعطي للمرأة حقوقا متساوية مع الرجل … إلخ فطالما هادن القرآن العرب وقت نزوله، واستوعب ثقافاتهم وعاداتهم وأعرافهم، فلم لا يهادن قراءه في كل زمان، من هنا وجب أن يقرأ ويفسر القرآن على نحو يراعي السياق، ووفق منهج يهادن الخلف كما هادن السلف، ولتحقيق ذلك وجب أن يسمح بتناول نصه بمقياس الإنسان وليس بمقياس الخالق، بل إن الخالق — وفقا لزعمهم— قد صاغ نصه بما يراعي هذه الخاصية، فأنزل وحيه بلسان عربي، يطرأ عليه وعلى فهمه التغير والتطور، ومن ثم يمكن فهمه بأكثر من طريقة، بما يلائم الواقع الذي يقرأ فيه في كل مرة، ويراعي السياق، وأحوال الإنسان وأعراف المجتمع.
وإذا كان القرآن قد نزل واكتمل وانتهى الأمر فإن “التاريخانية” كمنهج يمكن أن تمثل المخرج، فهي لا تشترط أن تتغير الآيات حروفا وكلمات؛ لكي تلائم الواقع الجديد، والأعراف الجديدة، والأحوال الجديدة، ولكن يكفيها أن تتغير القراءة وأن يتلون الفهم، فالعبرة بكيفية قراءة النص، وكيفية تمثله واقعاً، فهذه هي الحداثة وهذا هو التجديد.
****
هذه هي الملامح الكبرى لمشروع الخولي التجديدي، ولمشاريع القراءة الحداثية التي تمخضت عنه وراكمت عليه، وهي وإن أدت في مجملها إلى إتاحة مساحات جديدة يمكن أن يطرقها علم التفسير، إلا أنها قد تسببت في نفس الوقت في حجب الجوهر الهدائي للقرآن الكريم، والخروج به إلى طبيعة أخرى غير طبيعته، وذلك حين مهدت الطريق أمام الدعوة لأنسنته، وقراءته وفق منظور تاريخي نسبي، بوصفه نصا أدبياً.
لقد اشترط الدرس الأدبي والقراءات الحداثية اللاحقة تحييد عنصر القداسة، على اعتبار أن هذا متطلب أساسي للتناول العلمي الموضوعي. لكن تحييد القداسة أقام حاجزا معرفيا بين الدارس وبين طبيعة النص، كما أن تحييد القداسة (على وجه الاعتقاد أو على وجه الافتراض) لم يترجم مباشرة لصالح “التناول الموضوعي،” وإنما تم استبدال القداسة بفرضية أخرى، ألا وهي فرضية أدبية النص، والتي تمسك بها الداعون إليها ففرضوا من خلالها على النص القرآني مصادرات وخصائص تتعلق بمنظومة مفاهيمية ومنهاجية خارجة عن ذات النص، ومتعلقة بمساحات معرفية مغايرة في طبيعتها وتكوينها ومصادرها لطبيعته وتكوينه ومصدره.
وكما رأينا فإن القراءة الحداثية قد تكون أدبية او تاريخية أو إنسانية أو نفسية، أما منهجها فقد يكون تطوريا، أو هرمينوطيقيا، أو لسانيا، لكن الهدف النهائي منها يكون دائما إعادة إنتاج معاني النص وفق تصور جامح، أو وفق تأويل يخرج به عن معانيه المنضبطة، وذلك ضمن تصور متمرد، يحتج على القديم، ويثور عليه، ويرفض مرجعيته، وأدواته، ومناهجه، وفهمه، أو هو يرفض التسليم أصلا بأن هناك “معنى” يمكن الاحتكام والرجوع إليهما، وينتصر للقول بوجود معان للنص بعدد من يقرأه، وبعدد السياقات التي يُقرأ فيها، بزعم أن هذا الفهم هو الشكل الوحيد والأمثل للتجديد!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* دراسة مستلة بتصرف من خاتمة كتاب: مدحت ماهر، شريف عبد الرحمن (2019). أمين الخولي من أدبية التفسير إلى إشكالات التأويل. القاهرة: دار الكتاب المصري. 206 ص.
** مدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.
[1] حيدر حب الله، الوحي والظاهرة القرآنية (بيروت: مركز البحوث المعاصرة، 2012) ص 20.
[2] حيدر حب الله، الوحي والظاهرة القرآنية، ص ص 13، 14.
[3] حيدر حب الله، ، الوحي والظاهرة القرآنية ص 14.
[4] عبد الجبار الرفاعي، الشيخ أمين الخولي رائدا للدرس الهرمينوطيقي بالعربية. على الرابط: shorturl.at/fvST9
[5] محمد علواش، مناهج تحليل الخطاب القرآني في الفكر العربي المعاصر، دراسة نقدية (دمشق: صفحات للدراسات والنشر، 2017) على الرابط: shorturl.at/eoIP0
[6] جوزيف مسعد، اشتهاء العرب، (القاهرة: دار الشروق، 2013)، ص ص 82، 83.
[7] أمين الخولي، التفسير: معالم حياته – منهجه اليوم (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003)، ص ص35، 36.
[8] على الرغم من ادعاء هذه المدرسة ريادتها في هذا مجال المنهج الموضوعي إلا إننا يمكن أن نجد شواهد متواترة على استخدام هذا المنهج في كتابات الأقدمين وبخاصة في كتب الفقه وفي بعض المحاولات المعاصرة لغير المنتمين لمدرسة الخولي ، منها على سبيل المثال “دستور الأخلاق في القرآن الكريم” للعلامة محمد عبد الله دراز، وغيره كثير.
[9] يعتبر البعض أن ثمة علاقة بين أمين الخولي، ومدرسة الأمناء عموما، واتجاه النقد الموضوعاتي (Themetical Criticism) الذي يحاول سبر أغوار النص الأدبي والوصول إلى معناه الحقيقي عن طريق التركيز على الموضوعات التي تبدو متناثرة فيه، باعتبارها تشير إلى اهتمامات يجمعها أصل واحد. انظر: سامر رشواني، منهج التفسير الموضوعي للقرآن الكريم: دراسة نقدية (حلب: دار الملتقى، 2009)، نقلاً عن غسان بديع السيد، النقد الموضوعاتي: علامات في النقد، مجلد 6، جزء 24، (يونيو 1997)، ص 249.
[10] انظر وجهة نظر مغايرة في سامر رشواني، منهج التفسير الموضوعي للقرآن الكريم: دراسة نقدية، ص 115.
[11] وليد قصاب، من اختراقات الحداثة للنص القرآني، على الرابط: shorturl.at/bcFOT. وانظر على سبيل المثال: محمد أركون، معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية، ترجمة: هاشم صالح (بيروت: دار الساقي، 2001).
[12] وليد قصاب، من اختراقات الحداثة للنص القرآني.
[13] أحميدة النيفر، الإنسان والقرآن وجها لوجه، (بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر، 2000)، وليد قصاب، من اختراقات الحداثة للنص القرآني، shorturl.at/AFPQ9 وانظر محمد أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، ترجمة هاشم صالح، ص .199
[14] انظر: كيحل مصطفى، الأنسنة والتأويل في فكر محمد أركون (الرباط: دار الأمان، 2011).
[15] محمد علواش، مناهج تحليل الخطاب القرآني في الفكر العربي المعاصر، دراسة نقدية، على الرابط:
shorturl.at/ghpzT
[16] عبد الجبار الرفاعي، الشيخ أمين الخولي، رائدا للدرس الهرمنيوطيقي بالعربية. على الرابط: shorturl.at/noOX5
[17] عبد الجبار الرفاعي، الشيخ أمين الخولي، رائدا للدرس الهرمينوطيقي بالعربية، وانظر: مصطفى ناصف، مسئولية التأويل (القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر، 2004).
[18] عبد الجبار الرفاعي، الشيخ أمين الخولي، رائدا للدرس الهرمينوطيقي بالعربية
[19] انظر عبد الولي بن عبد الواحد الشلفي، القراءات المعاصرة والفقه الإسلامي: مقدمات في الخطاب والمنهج (بيروت: مركز نماء للبحوث والدراسات، 2013).
[20] عادل مصطفى، فهم الفهم: مدخل إلى الهيرمينوطيقا – نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر (وندسور: هنداوي، 2017)، ص9.
[21] جميل حمداوي، التاريخانية الجديدة، على الرابط shorturl.at/hoER2
[22] جميل حمداوي، التاريخانية الجديدة،
[23] عادل مصطفي ، فهم الفهم: مدخل إلى الهيرمينوطيقا، ص 13.
[24] روي جاكسون، نيتشه والإسلام، ترجمة حمود حمود، (بيروت: جداول، 2015)، ص 121. ويضيف نفس المرجع شرطا آخر من أجل تحقيق الفهم التاريخي المناسب، وهو معرفة الناسخ والمنسوخ.
[25] عبد الولي بن عبد الواحد الشلفي، القراءات المعاصرة والفقه الإسلامي: مقدمات في الخطاب والمنهج، ص ص 105 – 109.