ما بعد العلمانية: صيرورة سؤال الدين في الغرب

ما بعد العلمانية: صيرورة سؤال الدين في الغرب

أ. طارق جلال*

تمكنت الكنيسة من احتلال المجال العام في الغرب لقرون، نتيجة سلطتها المعرفية ومكانتها الروحية، ثم أخذت تتمدد في المساحات السياسية والاقتصادية، حتى أضحت لها الكلمة الأولى والأخيرة، إلى أن بشّر عصر التنوير في أوروبا بنهاية الدين، وأكد فلاسفته ومؤسسوه، بنزعة تملؤها الثقة، على أن العقلانية هي ذروة تطور البشرية، التي ستقضى على أنماط الحياة البدائية البسيطة التي يسودها السحر والخرافات والأساطير باسم الدين، لتصبح العلمانية بعد اقصاء الميتافيزيقا الدينية ذروة سنام الحياة الحديثة.

جاءت تلك التصورات في أعقاب خمود الصراعات التي اشتعلت بسبب ممارسات الكنيسة في الغرب، التي وصفت كل من يخالفها الرأي في أي مجال من جوانب الحياة بالهرطقة والكفر، واستغلت نفوذها لحيازة المزيد من المكتسبات الدنيوية لحد بلغ بيع صكوك للغفران في الآخرة من أجل تحصيل مكاسب أرضية، الأمر الذي أظهر الدين كأداة لتجميع الثروات، وليس لتحقيق الخلاص الحقيقي، وهو ما وضع الدين في مرمى الانتقادات الفكرية والفلسفية والعلمية في الغرب، في محاولة لسحب البساط من تحت أقدام الباباوات.

وقد كان للعلم دور محوري في الحرب ضد الدين في الغرب، فقد عمل فلاسفة العقل على إحلال العلم محل الدين، من خلال روح نقدية امتدت لتشمل نظريات العلم وكتابات العلماء ذاتها، وذلك لكيلا يتحول العلم نفسه لمطلق وأداة لإرهاب المخالفين، ولذلك أصبح النقد عملية مستمرة، بل وهدفا في حد ذاته. واعتمادا على هذه الحالة النقدية يمكن أن نتوقع أن يكون العلم هو نفسه الطريق إلى الدين/الله مرة أخرى، وذلك بفضل التطور العلمي والاكتشافات المستمرة، التي تؤكد (الآن وفي المستقبل) بما لا يدع مجالًا للشك، أن هذا الكون البديع، لم تصنعه الصدفة.

إن نيوتن الذي وجه العلماء من بعده فلسفة العلم نحو الإلحاد، لم يكن ملحدًا، بل كان يؤمن بوجود إله، وأينشتاين من خلال نظريته عن النسبية، والتي ساهمت في صنع فلسفة جديدة للعلم، اقترب من حقيقة وجود خالق للكون، وأخيرا فإن الاتجاهات المعاصرة، التي تحاول الدفاع عن إرث الحداثة، من خلال معالجة أزماتها من داخلها، وليس بالانقلاب عليها، توضح أهمية الدين في هذا السياق، وهو ما سنشير إلى نموذج له في هذا المقال، ممثلاً في المشروع الفكري ليورجن هابرماس.

سيعرض هذا المقال بصورة موجزة لأبرز المراحل التي مر بها الدين في قرون النهضة والحداثة، وكيف عجزت العلمانية عن إقصائه، وأبرز سمات مرحلة “ما بعد العلمانية” التي يعيشها العالم الغربي، وأثرها على مآلات الدين في الحضارة الغربية.

العلم كبديل عن الدين أو كقنطرة له:

أدخلت الكنيسة الغربية نفسها في ورطة عندما تحدثت باسم الإله حول قضايا علمية، تحتاج إلى التجربة والدراسة المتأنية، حيث استهدفت تقديم نظرة كلية نهائية شاملة للعالم، تمنحها مساحات واسعة للتأثير، فاعتمدت على الفلسفة اليونانية القديمة في تقديم نظرياتها حول الكون ونشأته، والأمراض وأسبابها، والفلك وظواهره، إلخ ثم حاربت كل من قدم نظريات مغايرة لها، وقضت بإعدام أجسادهم، وحرق أفكارهم، وكانت تجربة غاليليو الذي اضطر إلى التنازل عن نظريته الصحيحة خوفًا من بطش الكنيسة، بمثابة نموذج (تكرر كثيرا) لما كانت عليه العلاقة بين رجال العلم ورجال الدين في أوروبا.

ثم بدأ عصر العقل كتاريخ جديد مناهض للعصور الوسطى التي هيمنت فيها الكنيسة على كل شيء، وقدم العصر الجديد مبادئه التي أصبحت لاحقا مبادئ للحضارة الحديثة؛ والتي تتلخص في وضع العلم مقابل الدين، والمادة مقابل الروح، والتجربة مقابل الإيمان بالغيب، ووضع كل ما لا يمكن الاستدلال عليه تجريبًا خارج نطاق العلم، أي بعيدًا عن الحقيقة، وقريبًا من الخرافة، كما حلت الدولة محل الكنيسة في الانتماء، وأصبح العالِم التجريبي بديلا عن الراهب، وقائد الدولة بديلًا عن رأس الكنيسة في المعرفة والمكانة.

وكان من الصعب على الحركات الجديدة المناهضة للكنيسة، خلخلة مكانتها لدى العامة من دون التأثير على سلطتها العلمية، كبداية للتشكيك في مسلماتها الدينية والروحية، وفي هذا الإطار لعبت فيزياء نيوتن دورا هاما في هدم مقولات الكنيسة حول الكون، وكان ذلك بمثابة إيذان ببداية انهيار نفوذ الكنيسة في مجالات العلم والاقتصاد والسياسة.

وقد أدت قوانين نيوتن على نحو غير مباشر إلى تراجع معنى الغاية من الوجود، فالمادة أزلية، والكون يتحرك بصورة ميكانيكية لا نهائية. حتى إنه بحلول القرن التاسع عشر كان الكثيرون يذهبون إلى أن الإيمان شرط غير ضروري لفهم العالم، وذهب مفكرون آخرون إلى أن العلم في أحسن الافتراضات يفسح المجال أمام اللاأدرية، لا الإيمان. وحجتهم في ذلك أن الكون يبدو كآلة تدير نفسها بنفسها، وبالتالي لا تحتاج إلى أي سبب فوق طبيعي لفهمها. وإذا كانت المادة أزلية فلا يبدو أن هناك حاجة للإيمان بوجود خالق لها، أما ما قد يتعارض مع هذه الافتراضات فيمكن أن يحال إلى أسباب لم يتم الكشف عنها بعد، ومن ثم فإن الأصح ان يتوقف المرء، معلنا عدم علمه، بدل من أن يتسرع معلنا إيمانه.

وهكذا اعتبر الكثيرون أن اكتشافات نيوتن تدعم وجهة النظر الإلحادية التي تبدو أدنى إلى المنطق وأكثر اتساقًا مع النظرة العلمية! رغم أن نيوتن نفسه كان يؤمن بوجود إله للكون، ففي رسالة وجهها إلى الدكتور ريتشارد بينتلي في عام 1692 أكد نيوتن على أن الإيمان بوجود الإله ضروري لتفسير حركة الكواكب وفهم البنية الهيكلية للمجموعة الشمسية، مؤكدًا أن انطلاق الحركة لابد وأن يكون قد تم بفعل قوة عاقلة.[1] الغريب أن النظريات العلمية اللاحقة التي تأثرت بمكتشفات نيوتن، تعاملت مع نشأة الكون باعتباره حدثا مفاجئا أدى — ضمن ما أدى إليه — إلى نشوء كوكب ضئيل تحوطه النجوم والكواكب المشتتة في حركة دائرية ميكانيكية تشبه حركة الساعة، من دون الإشارة إلى ما أشار إليه نيوتن نفسه من ضرورة وجود قوة تقف وراء الحركة الأولى.

تعززت الاعتقادات الإلحادية بظهور الداروينية التي أكدت على أن التنوع في عالم المخلوقات هو وليد منطق الضرورة، فقد طور كل حيوان من مهاراته كي يتعايش مع الطبيعة، وبعد تطبيق هذه الأفكار على عالم الإنسان، حلت الغرائز الفسيولوجية محل الإرادة الإنسانية، وتضاءلت قدرة المرء على اتخاذ قرارات حره، نتيجة لغياب مفهوم الوعي الذاتي، فالمعرفة كل المعرفة تأتي من المادة أي من الخارج، وليس من الداخل (الإرادة)، وأصبحت الغرائز هي ما يحرك الإنسان، فالخوف من الموت مثّل الغريزة الأهم من وجهة نظر توماس هوبز، والرغبة في التناسل والحفاظ على النوع كانت هي الغريزة الأبرز وفق داروين، بينما الرغبة الجنسية كانت أكثر ما يحرك الإنسان بحسب سيجموند فرويد ونظريته في التحليل النفسي، التي أكد فيها أن الإنسان في صراع مع الكون لتحقيق ملذاته وشهواته.

المنهج العلمي:

تأثرت العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمنهج العلمي الخاص بالعلوم الطبيعية، وطُلب من علماء تلك المجالات الالتزام  بالمنهج التجريبي إذا أرادوا تحقيق نجاحات، فتأسس المنهج المادي في الفيزياء الاجتماعية والإنسانية، حيث تم تجريد تلك الحقول من خواصها الفريدة الناشئة من موضوعها الخاص بالحياة الإنسانية، وتم التركيز على الجوانب المادية الملموسة، ثم جاءت المدرسة السلوكية لترفض كل الأمور الحسية والذهنية التي لا يمكن رؤيتها واجراء التجارب عليها، باعتبارها خارج ميدان العلم، ولم يعد هناك حرج من إدخال الإنسان معامل الحيوانات لإدارة سلوكه الخارجي، تمهيدًا لترشيده وتقويمه وتطويره، لغزو الكون والسيطرة على الطبيعة.

في هذا السياق اندلع جدل فلسفي حول ماهية الوجود، ومصادر المعرفة، حيث قسم العلم الحديث العالم إلى نصفين؛ الأول ينتمي إلى الروح والعقل وسمي بالجزء الذاتي، والثاني ينتمي للمادة وكل ما هو خارجي ويسمى بالموضوعي. ونظرًا لرفض العلم الحديث لكل ما هو غيبي، باعتباره ينتمي لميراث الكنيسة، فقد رفض المنهج العلمي التعامل مع الروح والذات والعقل، باعتبارها أمورًا غير قابلة للتجربة وفقًا لفرانسيس بيكون، أو للقياس بالصورة الرياضية كما يرى جاليليو.

في تلك الآونة ظهر جورج باركلي وأكد أن الروح هي الأصل، وأن العقل مقدم على المادة، وأنه يثق في وجود العقل ويشكك في المادة، بنفس الدرجة المقابلة لنظرة بيكون للمادة، وأكد أن المادة تتخذ ماهيتها من ذواتنا وليس من وجودها الخارجي، وقد تفاقم هذا الجدل مسببا صداعًا في العقل الأوروبي، رغم محاولة ايمانويل كانط وهيجل، فك هذا الاشتباك، حيث قام كانط بدمج العقل في المادة، باعتباره أن العقل بنية مادية، ولكن ما توصل إليه في الحقيقة، كان ترسيخًا لهيمنة المادة بصورة فلسفية، لأنه لم يخبرنا كيف سيتم دراسة العقل وفقًا للمنهج التجريبي، وهو ما رد عليه هيجل بصورة أكثر راديكالية وثورية ليؤكد أن الروح المطلقة والعقل هما أساس الوجود، وأن المادة لا تتخذ وجودها إلا من خلالهما.

تمخضت هذه السجالات عن مقولات تميل ناحية تفريغ الحياة من المعني الغائي المتجاوز، وتذهب إلى أن الكون قد نشأ بالصدفة، وأن الحياة تتطور وفقًا للضرورة، وأن العلم الحديث ليس عليه أن يبحث في الأمور الغائية، وإنما عليه أن يحصر تركيزه على القضايا المادية الملموسة فقط، فليس ثمة وجود لأي إرادة واعية أو مشيئة خارجية متجاوزة للعالم، وأن الدين إنما جاء كمحاولة بشرية للتغلب على الضعف الإنساني في مواجهة الطبيعة، وذلك بالاستقواء بخالق أزلي كبير.

والمحصلة أن العلم أصبح مجرد وجهة نظر علمانية، شعارها “إزالة السحر من العالم”، وأخذ الباحثون والفلاسفة ينظِّرون لتاريخ نهاية الدين، فمنهم من أكد أن الأديان ستنتهي خلال قرن، ومنهم من ذهب إلى أن القرن كثير والأمر لن يتجاوز الخمسين عامًا. وقد أحدث الجدل السابق الذي دار خلال قرابة الثلاثة قرون حالة من الارتباك والقلق انعكست على الوعي الجمعي الأوروبي، وتركته في حرب داخلية مع فكرة معني الوجود والغاية من العالم، وطريقة العيش الصحيحة مع كون يظهر فيه الإنسان باعتباره أضعف حلقاته، وعليه أن يسعى للبقاء، فتولدت مدرسة العدمية التي أكدت غياب الغاية من الوجود، ومن أبرز من كتبوا عن هذا المعنى الوجوديون أمثال ألبير كامو الذي ألف كتابًا بالعنوان “الغريب”، يرجع فيه غربته في العالم إلى غياب التناغم بينه وبين الكون، وهيمنة فكرة الصراع، والحرب على الطبيعة، وهي أفكار حولت الحياة إلى حلبة مصارعة، فإما أن تكون قويًا فتغلب أو ضعيفًا فتُهزم[2]،  كما كتب الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه عن فلسفة القوة في الوجود، وطرح لفكرة التماهي بين الأخلاق والقوة، باعتبار أن القوة تمكن صاحبها من النجاح، وفرض منظومته، بل إن مفهوم القوة يمكن أن يحل محل الأخلاق باعتباره هو الأخلاق، وأن ما تفرضه القوة هو الحق والصواب، ففي غياب الدين والغاية من الوجود، لا يبقى أمام الإنسان إلا الاختيار بين القوة أو الهزيمة، أما الأخلاق والقيم التي تحض على القبول بالهزيمة وتقبل الفشل، فليست إلا حيلة من الإنسان المهزوم لتجاوز الألم[3]، وساهم جاك دريدا وميشيل فوكو بأفكار في إطار النظرية التفكيكية، التي أعادت منظومة اللغة لمنطق القوي. وهكذا انتهت مرحلة التبشير بالعلم الذي سيقضي على الدين بحالة من اليأس والعدمية الفكرية والفلسفية.

النظرة الجديدة للعلم: ومرحلة ما بعد العلمانية:

قبل الحديث عن النظرة الجديدة للعلم، والتغيير الجذري في بنية فلسفة العلم في الغرب، نود الإشارة إلى صيرورة المسيحية في الغرب، ومراحل تطورها وانتشارها، وكيف كان شكل الحياة الدينية؟

تقوم الحداثة في أحد جوانبها على “فكرة التحديث الذي يحل محل الإيمان الشخصي”، وهي الفكرة التي تفترض وجود علاقة طردية بين ازدهار التحديث وانحسار الإيمان الشخصي لدى الأفراد، فكلما زاد معدل التحديث، زاد معدل انحسار الإيمان، ويستدل على صحة هذه الفكرة بانحسار دور الكنيسة وضعف إقبال الأفراد على حضور المراسم الدينية، وهو ما يقارنه البعض بما يسمى بعصور الإيمان في القرون الوسطى، ولكن في حقيقة الأمر، تتعارض هذه المقولة مع الوقائع التاريخية، ومع الطريقة التي دخلت بها المسيحية لمعظم بلدان أوروبا.[4]

فقد شهدت الممارسات الدينية تراجعا كبير في شمال أوروبا وغربها، حتى أثناء القرون الوسطى، ولذلك فمقولة “عصر جديد من الإلحاد” تفترض جدلًا أن الناس قديمًا كانوا على قدر عال من التدين، في حين أنهم الآن لا يظهروا ذلك، ولكن أغلب مؤرخي الحقبة القديمة والوسطى يرون عكس ذلك، بل إن الراهب الإنجليزي وليام أوف مالميسبوري، كتب في القرن الحادي عشرًا شكوى من أن أبناء الطبقة الأرستقراطية لا يحضرون القداس في الكنيسة. ولا يختلف الأمر لدى عامة الناس، الذين لم يدخل أغلبهم الكنيسة طوال حياتهم، وكان رجال الدين يطلبون من الرهبان الهرولة خلف الناس في الأسواق لإقناعهم بالذهاب للكنيسة، ناهيك أن عدد الكنائس كان ضئيلا جدا بالمقارنة بعدد السكان، فلم يكن النبلاء يهتمون ببناء الكنائس، علاوة على استخدام اللغة اللاتينية في العظة، في حين أن الجمهور الأوسع من الأوروبيين، والكثير من رجال الدين أنفسهم، لم يكونوا يفهمونها.

إذا كانت هذه هي حالة الدين وسط رجال الدين وعامة الشعب ورجال الحكم، فكيف يمكن رؤية ذلك العصر باعتباره عصر التقوى والإيمان. إن تفسير تلك الحالة يعود إلى الطريقة التي انطلقت من خلالها المسيحية من روما إلى باقي أوروبا، حيث حولت الإمبراطورية الرومانية “الدين” إلى مؤسسة تقوم بتعميد الملوك والنبلاء لفرض المزيد من الهيمنة لصالح الإمبراطورية، بحيث يتحول بعدها رأس الدولة إلى قديس، دون اهتمام حقيقي بوصول الدين إلى نفوس الشعب، فالأمر لم يكن يتجاوز إقرار الملك بإعلان تدين المملكة.[5] لذلك فالقول بأن ثمة عودة للدين في العصر الحالي لأوروبا لا يعني حلول عصر تملؤه التقوى والتدين، ولكن عودة حضور فكرة الدين في حد ذاتها، لأن الدين لم يكن حاضرًا في الماضي بالأساس.

من ناحيته تعرض علم الفيزياء لأزمة حادة في أواخر القرن التاسع عشر، مهدت الطريق لانبثاق النظرية النسبية، ويمكن تتبع أحد جذور تلك الأزمة ابتداء من أواخر القرن السابع عشر، عندما انتقد عدد من فلاسفة الطبيعة، وعلي رأسهم ليبنتز، احتفاظ نيوتن بصيغة محدثة للمفهوم الكلاسيكي عن الفضاء المطلق، فقد كانت مشكلات الحركة بؤرة الخلاف التي أدت إلى احتدام الأزمة، ومع تكاثر النظريات المتنافسة كانت النهاية حتمية، وهذا الوضع هو الوضع التاريخي الذي انبثقت على أرضيته نظرية أينشتاين في عام 1905، حيث أكدت أن الكون له نقطة بداية، وأن الزمان والمكان ليس مطلقين، وأن هناك نقطة لنشأتهم[6]. ثم جاء اكتشاف آخر في مجال الفيزياء النووية، فلقد كان علماء القرن التاسع عشر يعرفون أن الشمس لا يمكن أن تحرق وقودًا تقليديًا. فالاحتراق الكيميائي العادي لم يكن يصلح لتفسيرا لطاقة الشمس، إذ لو كانت كتلة الشمس كلها فحما لأحرقت نفسها في غضون ثلاثمائة عام. وظلت الشمس لغزًا إلى حين اكتشاف الطاقة النووية في السنوات الأولى من القرن العشرين. وأخيرًا تمكن الفيزيائيان هانز بيته وكارل فون فايتز ساكر في عام 1938 من تقديم تفسير كامل لكيفية انتاج الشمس للطاقة من خلال العناصر النووية. ففي قلب الشمس يتجول الهيدروجين إلى هيليوم، منتجًا الطاقة والضوء. وكان معني ذلك أن الكون كله تقريبا مركب في البداية من الهيدروجين.[7]

من ناحيته أحدث أينشتاين ثورة كبرى في بنية العلم الغربي الحديث وفلسفته الكلية، فقد أسفرت نتائج النظرية النسبية على الإطاحة بمبادئ نظرية نيوتن في الكون، فإذا كان النموذج الإرشادي للقرن التاسع عشر يقوم على اليقين بالنظريات والمذاهب، والثقة المطلقة في انتصار الإنسان وهيمنته على الكون، نجد أن النموذج الإرشادي للقرن العشرين ينطلق من مركزية الشك والاحتمال، والتمرد والثورة والتعددية. وقد احتلت مشكلة تطور العلم في التاريخ مكان الصدارة منذ مطلع القرن العشرين ولا تزال، وتضافرت جهود علماء الطبيعة ومؤرخي العلم لصوغ اتجاه جديد للبحث النظري التاريخي يمكن أن نسميه منطق التطور العلمي، لاسيما بعد أن بدا أن العلم وانجازاته يشكل خطرًا يتهدد الإنسان بل والوجود الحضاري، وهو ما فرض سؤال: هل مسيرة العلم عشوائية أم يمكن للإنسان أن يحكم قبضته على مسيرة العلم تخطيطًا وتوجيها ضمانا لسداد وصواب تطوره.[8]

نتج عن النظرية النسبية أن أصبح هناك قدرة للمراقب/الباحث/الإنسان على التأثير في المادة وقوانين الحركة، بل اضحى هو الجزء الأهم في منظومة الفيزياء الجديدة، بعدما كان مراقبا حياديا ليس له قيمة بحسب نظرية نيوتن. انعكس ذلك على فلسفة العلم الجديدة وبنية الحضارة المعاصرة، والمفاهيم المرتبطة بها، كمفهوم الحداثة والعلمانية وغيرهم، ونظرًا لأن ذلك يمثل انقلابًا كاملًا على النظريات العلمية التي تهمش الإنسان وترفض الوعي وتقدس المادة، كان ذلك إيذانا بالدخول في عالم ما بعد الحداثة، لاسيما أن هذا الاكتشاف لم يكن الوحيد، بل حدث اكتشاف مذهل أخر في علم الأعصاب الحديثة، أكد أن الدماغ مختلف عن العقل، وأنه ثمة وجود بمعنى ما للإرادة البشرية.

لقد أعادت نظرية النسبية احياء أسئلة الغاية من الوجود، فقد عادت أسئلة القيم ودور الأخلاق في العلم، وعاد سؤال الدين، لأن منظومة الأخلاق والقيم، مكون رئيسي من مكونات الدين، وسؤال الغاية من الوجود هو سؤال ديني بامتياز، بهذا المعنى كانت فيزياء اينشتاين، إحدى لحظات السنن الكونية في اعادة الدور المحوري للدين، رغم أن ما سبقها من عقود كان معادي لكل ما هو ديني، وهو ما أدى لتسمية العصر الحالي بأنه عصر “الروحانيات العلمية”، نظرًا للتناغم المنتظر بين الدين والعلم.[9]

قدمت النظرية النسبية التأسيس العلمي لمرحلة ما بعد العلمانية، وهي مرحلة إعادة دمج الدين في المجتمع والمجال العام، وهو أمر يثير تساؤل هام، حول استمرار محاربة البعض للدين ولفكرة الإله في الوقت الحاضر، فإذا كان ثمة صراع مع الكنيسة فهذا أمر يمكن البناء عليه، برفض الاستبداد الديني والسياسي الذي مارسته الكنيسة بحق أبنائها، ولكن لماذا يتم محاربة كل ما هو غيبي وذاتي، ولماذا يتم ترك الإنسان في صراع داخلي مرير حول ماهية الوجود والمعني من الحياة، فإذا لم يكن هناك هدف ومصير حقيقي، فما الذي سيدفع الإنسان نحو تحمل الألم والمعاناة، فالأفضل له عقلانيًا أن ينتحر رأفة بحاله من مصير مجهول.

مراجعة المقولات الفلسفية الحداثوية: يورغن هابرماس ناقدًا

تعد الاسهامات التي قدمها الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس واحدة من أهم شواهد الثلاثين عامًا الماضية على عودة الدين للحضور في المجال العام، بصورة لم تكن معهودة من قبل في النقاش الثقافي والفلسفي الغربي. وترجع أهمية عرض أفكار هابرماس في هذا الصدد، إلى أنه يسعى بقوة لترميم الحداثة، ومقاومة الأفكار التفكيكية التي تحاول هدم ميراث النهضة والتنوير الغربيين، إذ أن هابرماس يؤمن بإمكانية إصلاح الحداثة من الداخل، وليس الخروج عليها، مؤكدًا أنها أضافت للإنسانية مزايا ونجاحات عظيمة.[10]

بدأت مراحل التحول في نظرة هابرماس، عندما أدرك عددا من الأدوار التي يمارسها العمل الديني في إنتاج الرؤية الكونية وتقديم المعايير الأخلاقية ومساعدة المهزومين والمحبطين على تحمل مصاعب الحياة، فقد خلص إلى أن الحداثة العقلانية يمكن أن تحل محل الدين في انتاج الرؤية الكونية، إلا أنها لن تصمد ولن تتمكن من القيام بالدور الذي يقوم به الدين في مساعدة المؤمنين به على مواجهة الحوادث المفاجئة، وهنا يظهر استيعاب هابرماس ذو الخلفية الماركسية، للفرق بين الدور الاجتماعي للدين في طمأنة البشر إزاء الحوادث الطبيعية، وبين نظرة الماركسية للدين باعتباره أفيونا للشعوب، وتغييبا للعقول وتعرية للمعرفة، وذلك رغم اعتراف هابرماس بالدور السلبي للكنيسة في استغلال الدين لتمجيد عبودية الطبقة الحاكمة في العصور الوسطى، والقبول بالظلم باعتباره العقوبة العادلة على الخطيئة الأولى، تحقيقًا للخلاص.[11]

لقد أكد هابرماس أن اضمحلال الدين في عصر الحداثة، ساهم في تحلل الأفراد من المسئولية، نظرًا لعجز المبادئ العلمانية وحدها عن تعويض دور الدين.[12] فمع دخول الغرب مرحلة ما بعد الحداثة، ومحاولة المدرسة التفكيكية تفريغ كل الحقائق من مضمونها، أصبحت السيولة سمة الحياة، وبزوال المطلقات لن يكون هناك أي شيء ثابت يمكن للحضارة الغربية الوقوف عليه، فالمادة نسبية، والعقل يمكن التلاعب به، والإنسان بمنظومة أخلاقية حداثوية تعيد إنتاج مرحلة العصور الوسطى في الظلم والتفاوت الطبقي بمفاهيم ومصطلحات جديدة. وفي ظل سياق مليء بالتناقضات كهذا، سيكون مصير الحداثة الزوال لا محالة.

من تلك النقطة، كان سعي هابرماس وراء إمكانية تأسيس مطلقات تستوعب التعددية بل والتناقضات، وساعده في ذلك إدراكه بأنه ثمة أدوار يمكن أن يقوم بها الدين، لاسيما مع وجود مؤسسات اجتماعية دينية بالفعل، فكان إعلان هابرماس في مقال له عام 1988 بأن مواقفه السابقة من الدين كانت مشوبة بالتسرع، وأنه لم يعد يرى الدين هامشياً في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، بل طالب الفلسفة بالتعلم من التقاليد الدينية، لتجاوز الهزة الاجتماعية التي تعيشها. ويظهر هنا تأثره بما كتبه ماكس هوركهايمر في بدايات القرن العشرين[13]، عندما أكد أن جهود الحداثة في سبيل الحفاظ على المطلق من دون الإله سوف تذهب سدى، لأن ببساطة موت الإله يعني موت الحقيقة، وهي النتيجة التي وصلت لها الحضارة الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث لم يعد هناك حقيقة مطلقة، سوى حقيقة القوة كما أكد ميشيل فوكو وكثيرون غيره.

يبدو هابرماس بهذا المعنى مؤمنا بدور الإيمان وسلطة الدين في الفضاء العمومي، ومؤكدا على حق الأوساط المتدينة في التعبير عن حضورها في البيئة الحداثية العلمانية بمنطلقات ومفردات الوسط الديني،[14] أي الإقرار بأن مقولات الدين ليست سحرا وشعوذة، بل تساوي في حقيقتها وحضورها الخطابات العلمانية والإلحادية، وهو إقرار يدل على حجم التراجع عن المقولات التي كانت تبشر بنهاية الدين.

إن العودة للحديث عن الدين، تعبر عن وجود فعلي له اليوم، بعيدًا عن الهدف من التعاطي معه، وما إذا كانت هناك نية لتحجيم الدين أو احتوائه، فعودته للظهور من الأساس، تعد سابقة سيكون لها الكثير من التأثير، في حال تعاطت معها الجماهير، فتعدد الإجابات سيكون له نتائج حول الأسئلة الكبرى لصيرورة الكون والإنسان وسنن التاريخ البشري على مر عصوره.

الميتافيزيقا الأمريكية: المشروع الأمريكي ما بعد العلماني:

قدم المشروع الأوروبي نفسه للعالم كطريق وحيد وحصري لتقدم الأمم والحضارات، إلا أن النموذج الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية، كان دليلًا على أن الدين يمكن أن يكون سبيلا لقيادة العالم، ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن التجربة الأمريكية، أو اعتبارها قدوة من عدمه، ولكن ما نقصده أن التجربة الأمريكية في المنظور الغربي مغايرة لكثير من فرضيات الحداثة وفلاسفة الإلحاد الذين يحاربون فكرة الدين، باعتبارها شكلا من أشكال الخرافة وتخلف الأمم والحضارات، وهو ما أثبتت عكسه حالة الدمج بين الدين والدولة في أمريكا.

لقد سبقت أمريكا العالم بتطبيق مفهوم ما بعد العلمانية في العلاقة بين المجتمع والدولة، حيث أظهرت وجه التكامل بين البعد الديني والبعد العلماني، اللذان طالما جهر فلاسفة أوروبا باستحالة تعايشهما معًا، ولذلك فالاستثنائية الأمريكية لم تشعر بالحرج أثناء مناداتها بالميتافيزيقيا الدينية التي تعيش المعايير العلمانية في الآن ذاته، ولذا فلا عجب أن تقرأ عبارة للفيلسوف الأمريكي “إمرسون” يقول فيها: “إن أمريكا هي أكبر هبة من الله إلى هذا العالم”، كما أن النموذج الأمريكي في الحياة، يؤلف بين اللاهوت الديني والعلمنة السياسية، لتصبح أحد أهم ركائز الديمقراطية الأمريكية أن الدين ومؤسساته هما حماتها الأصليين، على يد البروتستنتية اللوثرية والكالفنية[15].

لقد أحدث التفوق الأمريكي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، زخمًا في الخطاب الفلسفي والثقافي الأوروبي، وقد برز مصطلح الدين بقوة في تلك الجدالات، وتسائل كثيرون حول قدرة الدين على ترميم حالة الفراغ في المطلقات. وساهمت النظرة الدينية في دعم التجربة الأمريكية من ناحية التعامل مع الأزمات المفاجئة التي قد تؤثر في الاقتصاد، والحروب المحتمل دخولها من جانب القادة السياسيين، فقد قدمت صورة النضال من زاوية الدين، وهو أمر متعذر الحدوث وفقًا للعقلانية الجافة لدى الحداثة الأوروبية، التي يصعب معها اقناع المواطن بالتضحية بنفسه، لأن ذلك فعل غير عقلاني، في حالة غياب الغائية.

من جهة أخرى، ساهمت الرؤية المركبة في الوعي الجمعي الأمريكي في ربط حلم الفردوس الأرضي، بواقعية الحياة لأنها تعلم الناس أن يتقبلوا قدرًا من الاحباط والهزيمة والفشل، دون أن يكون ذلك مداعاة لهدم النظام الفلسفي والفكري والسياسي لبلادهم، أو الخروج عن المشروع الأمريكي، والمطالبة بما بعد الأمركة على سبيل المثال.

لقد تزايد الحضور الديني في أمريكا للدرجة التي أصبحت معها نقطة انطلاق التبشير إلى العالم تحدث من أمريكا، نتيجة الدور المتزايد للوعاظ الشعبيين في وسائل الإعلام وانعكاساته على المجال العام، ولذلك لا يستغرب أن تكون القضايا ذات السمت الديني أحد البنود الثابتة في الجدالات الانتخابية بين الحزبيين الأكبر في الولايات المتحدة الأمريكية، للدرجة التي قد يشعر فيها المتابع لأول وهلة، بأنه ثمة تقارب في وجهات النظر بين المسلمين والمسيحيين في واشنطن في مثل تلك المسائل[16].

عصر الروحانيات العلمية:

بعد مرور قرابة الأربعة قرون على نشأتها، يمكن القول إن ما بشرت به الحداثة من نهاية الدين وسيادة للعلمانية ظل وهما محضا لم يتحقق، إذ تثبت العديد من النتائج عكسه اليوم، فقد عاد الدين في الغرب، ربما ليس بالقوة التي عليها الأمر في الشرق، ولكنها عودة ذات دلالة، وجديرة بالبحث في مسارات تطورها، فلم تصر دور العبادة متاحف، ولم يتحول رجال الدين إلى مهرجين يثيرون السخرية، وفي أوساط السياسيين فإن هناك استدعاء مكثف لبعض الرموز والاشارات الدينية، كما كان الحال في كثير من تصريحات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، وكذا في ممارسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وغيرهما من القادة والزعماء عبر العالم الغربي.

من ناحية أخرى، هناك صحوة دينية تحدث في مساحات واسعة ومناطق متعددة من العالم، فبخلاف أمريكا التي يتزايد فيها حضور الدين، وأوروبا التي تئن لغياب المطلقات، نجد أن تركيا التي تم إجبار شعبها على العلمنة، تطالب اليوم بالمزيد من اجراءات الأسلمة والتدين في مختلف قطاعات الدولة والمجتمع، وكذلك كثير من الدول الإسلامية، التي تعرضت لموجات تحديث عنيفة، لم تزد مجتمعاتها إلا تدينًا. كما أن الأديان في شرق اسيا والهند والصين ساهمت بما لديها من منظومات أخلاقية متجاوزة في استقرار تلك المجتمعات واضفاء قدر من التماسك لدى أفرادها.

والمحصلة أن مقولة إن التحديث يؤدي حتمًا للقضاء على الدين لم تنطبق في الواقع، بل إن المستقبل يسير باتجاه حضور متزايد للدين في إطار منطلقات العلم وموضوعات الفلسفة، وذلك لأن الأفكار والنظريات لها أعمار تبدأ فيها، ثم تسود وتنتشر، وإذا قلنا إن المئة عام الماضية قد أعادت احياء الدين، فربما نجد القرون القادمة هيمنة وسيادة له.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*  باحث ماجستير في العلوم السياسية.

[1] روبرت م. أغروس- جورج ن. ستانسو، “العلم في منظوره الجديد”، ترجمة: كمال خلايلي، عالم المعرفة، الكويت، العدد 134، فبراير/ 1989، ص19، ص57: 58

[2] البير كامو “الغريب”، ترجمة محمد آيت حنا، الجمل، بغداد، الطبعة الأولى، 2014.

[3] عبد الوهاب المسيري، الحداثة المنفصلة عن القيمة والإله الخفي، موقع عبدالوهاب المسيري، 1/3/2007

https://www.elmessiri.com/articles_view.php?id=30 

[4] رودني ستارك، “فلترقدي بسلام أيتها العلمنة: الوقائع تدحض النظرية الرمادية”، فصيلة الاستغراب، بيروت، العدد الثامن، 2017. ص 49:50

[5] المرجع السابق، ص56:60

[6] توماس كون، “بنية الثورات العلمية”، ترجمة شوقي جلال، عالم المعرفة، الكويت، العدد 168، 1992، ص 119::121

[7] روبرت م. أغروس- جورج ن. ستانسو، مرجع سابق، ص60: 64

[8] توماس كون، مرجع سابق، ص7:9

[9] محمد عادل الحلو، “رحلة العلم من الإلحاد إلى الإيمان”، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، الطبعة الثالثة، 2017، ص 19

[10] عالي الدمين، ” أخلاقيات النقاش عند هابرماس: أي صيغة تواصلية”، اضاءات، 28/6/2016

https://www.ida2at.com/ethics-discussion-when-habermas-communicative-language/ 

[11] حسين غفاري- معصومة بهرام، “دور الدين في الفضاء العمومي: دراسة في تطور رؤية هابرماس الفلسفية”، مجلة الاستغراب، بيروت، العدد الثامن، 2017، ص 86

[12] المرجع السابق، ص88

[13] المرجع السابق، ص82

[14] المرجع السابق، ص 90

[15] محمود حيدر، “ما بعد العلمانية كحادث تاريخي: معاينة للاستثناء الأمريكي”، فصلية الاستغراب، بيروت، العدد الثامن، 2017، ص126:130

[16] المرجع السابق

قائمة المراجع:

  1.   روبرت م. أغروس- جورج ن. ستانسو، “العلم في منظوره الجديد”، ترجمة: كمال خلايلي، عالم المعرفة، الكويت، العدد 134، فبراير/ 1989.
  2. محمد عادل الحلو، “رحلة العلم من الإلحاد إلى الإيمان”، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، الطبعة الثالثة، 2017.
  3. حسين غفاري- معصومة بهرام، “دور الدين في الفضاء العمومي: دراسة في تطور رؤية هابرماس الفلسفية”، مجلة الاستغراب، بيروت، العدد الثامن، 2017.
  4. محمود حيدر، “ما بعد العلمانية كحادث تاريخي: معاينة للاستثناء الأمريكي”، فصلية الاستغراب، بيروت، العدد الثامن، 2017.
  5. باري أ. كوزمين، “العلمانية المتساهلة”، ترجمة جاد مقدسي، فصلية الاستغراب، بيروت، العدد الثاني، 2016.
  6. روبين دري، “الجذر الديني- الفلسفي لليبرالية الجديدة”، تعريب جاد مقدسي، مجلة مدارات غربية، بيروت،س العدد الثالث، 2004.
  7. سيزار ميرليني، “هل دخل العالم مرحلة ما بعد العلمانية: التعددية تفترض نفسها غربًا”، فصيلة الاستغراب، بيروت، العدد الثامن، 2017.
  8. على عزت بيجوفيتش، “الإسلام بين الشرق والغرب”، ترجمة: محمد يوسف عدس، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الثانية، 2013.
  9. جورجو أغامبين، “حالة الاستثناء: الإنسان الحرام1.2″، مدارات للابحاث والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2015.
  10. كافين رايلي، عبد الوهاب المسيري، “الغرب والعالم: تاريخ الحضارة من خلال موضوعات (القسم الثاني)”، عالم المعرفة، الكويت، العدد 97، يناير 1986.
  11. توماس كون، “بنية الثورات العلمية”، ترجمة شوقي جلال، عالم المعرفة، الكويت، العدد 168، 1992.
  12. البير كامو “الغريب”، ترجمة محمد آيت حنا، الجمل، بغداد، الطبعة الأولى، 2014.
  13.   عبد الوهاب المسيري، ” الحداثة المنفصلة عن القيمة والإله الخفي”، موقع عبد الوهاب المسيري، 1/3/2007
  14. رودني ستارك، “فلترقدي بسلام أيتها العلمنة: الوقائع تدحض النظرية الرمادية”، فصيلة الاستغراب، بيروت، العدد الثامن، 2017.

عن طارق جلال

شاهد أيضاً

الفكر المقاصدي والمقاربة العلمانية

عارف بن مسفر المالكي

يدور منشأ اصطلاح العلمانية حول «اللادينية» أو «الدنيوية»، «لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص: هو ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد».

العلمانية تحت المجهر: المفهوم والإشكاليات

أ. د. عبد الوهاب المسيري

العلمانية الجزئية: هي رؤية جزئية للواقع (إجرائية) لا تتعامل مع أبعاده الكلية والنهائية. أما العلمانية الشاملة: رؤية شاملة ذات بُعد كلي ونهائي، تحاول بكل صرامة تحديد علاقة الدين والمطلقات والماورائيات بكل مجالات الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.