سوسيولوجيا الإنترنت

العنوان: سوسيولوجيا الإنترنت.

المؤلف: نديم المنصوري.

الطبعة: ط. 1.

مكان النشر: بيروت.

الناشر: منتدى المعارف.

سنة النشر: 2014.

الوصف المادي: 239ص.، 24 سم.

السلسلة: سلسلة اجتماعيات عربية.

الترقيم الدولي الموحد: 9-053-428-614-978.

يتناول هذا الكتاب موضوعًا من أكثر الموضوعات إلحاحًا في عصرنا، وهو الفضاء الرقمي، ذلك العالم ذو الطبيعة المختلفة عن الفضاء الواقعي، والذي يتفاعل فيه البشر ويتعرضون من خلاله لظواهر ومفاهيم جديدة أو لظواهر معروفة إلا أن الإنترنت قد أكسبها أبعادًا ذات طبيعة مختلفة. من هنا يأتي هذا الكتاب لكاتبه د. نديم المنصوري الذي يهدف من خلال هذه الدراسة تناول مجموعة من أبرز القضايا -في نظره- التي تهم القارئ العربي في مجال الإنترنت، وكيف غير الإنترنت من طبيعتها؟ وما المفاهيم الجديدة المرتبطة بهذه الظواهر؟ مؤكدًا على أن التقنية لا تفرض شيئًا وأن الأمر يتعلق باستخدام الناس لها، أى أنه يؤيد النظرية الحيادية حسب ما ذكره.

الفصل الأول: مجتمع الإنترنت.. المجتمع الجديد

يتناول الكاتب في هذا الفصل ثلاث نقاط: أولًا المجتمع الإنساني ومجتمع الإنترنت، ثانيًا سمات مجتمع الإنترنت، وأخيرًا أنواعه.

أولًا- المجتمع الإنساني ومجتمع الإنترنت:

 يسلط الكاتب الضوء على التغيرات التي طرأت على رؤيتنا للمجتمع الإنساني بعد وجود الإنترنت والفضاء الرقمي بسماته الخارقة لحدود الزمان والمكان والجغرافيا، والمنفتحة على العالم بثقافاته المختلفة، فالمجتمع لم يعد ذاك المحيط المنغلق على نفسه وثقافته وحدوده المكانية بل اتسعت أبعاده ودخلت عليه عناصر جديدة كالسرعة والتعامل الآلى بين أفراده وغير ذلك من سمات العالم الرقمى، ويشير الكاتب هنا إلى مفهوم “المجتمعات الافتراضية”، ويعرِفها بأنها مجموعة من الأفراد يتشاركون عبر شبكة الإنترنت لفترة زمنية لتحقيق غاية أو هدف أو هواية من خلال علاقة اجتماعية-افتراضية تحددها منظومة تكنو-اجتماعية.

 وفى هذا السياق يتطرق الكاتب لفكرة تداخل المجتمع الواقعي والمجتمع الافتراضي من خلال تقديمه وصف “الأون-لاينيون”، ويقصد بهم الأفراد المتصلون بشبكة الإنترنت في مقابل “الأوف-لاينيون”، ليبين أن الفرد اليوم يمكنه الحضور في العالم الواقعي والعالم الافتراضي في آن واحد نظرًا لانتشار خدمات الإنترنت، التي جعلت الفرد غير منقطع عن الفضاء السيبراني أغلب الوقت إن لم يكن طوال الوقت، وبهذا نجد الفرد يتواصل مع من حوله في نفس الوقت الذي يتواصل فيه مع أصدقائه الموجودين على شبكة الإنترنت من خلال مواقع التواصل وغيرها، وهذا ينعكس على مفهومنا للعلاقات الاجتماعية وطبيعتها.

ثانيا- سمات مجتمع الإنترنت:

 ذكر الكاتب عددًا من سمات مجتمع الإنترنت نجملها فى: الافتراضية- الخيائلية- اللامركزية- إمكانية إخفاء الهوية- السماح للفرد بمساحة كبيرة من الاختيارية سواء على مستوى الأفراد الذين يريد أن يتواصل معهم أو يتابعهم أو على مستوى الموضوعات التي يميل إليها، كذلك من سمات مجتمع الإنترنت -حسب ما يرى الكاتب- التشاركية، وأخيرًا التفاعلات التمردية، وهو في رأيي سلوك متبع من قبل بعض المستخدمين أكثر من كونه سمة عامة من سمات مجتمع الإنترنت.

ثالثا- أنواع مجتمع الإنترنت:

يذكر الكاتب أن مجتمع الإنترنت يتضمن مجموعة من الأنواع منها:

  • لوحات رسائل الإنترنت، ويعرفه بأنه منتدى يستطيع الناس من خلاله مناقشة الآراء والأفكار حول موضوع معين بحرية.
  • غرف الدردشة.
  • العوالم الافتراضية، وهي التي يتمكن المستخدمون من خلالها معايشة تجارب لم يعيشوها في الواقع.
  • خدمات الشبكات الاجتماعية أو مواقع التواصل الاجتماعي.
  • مواقع الفيديو التشاركية.

ينهي الكاتب الفصل بمجموعة من الاستنتاجات او بالأحرى المشكلات التي نتجت عن الاندماج في العالم الرقمي والتي يعيشها الجيل الرقمي العربي، أولها الفجوة الرقمية بين أبناء الجيل الرقمي في العالم العربي وأبناء الدول المتقدمة والتي تظهر في التفاوت المعلوماتي. كذلك يواجه الجيل الرقمي مشكلة التفاوت الثقافي واختلاف القيم الأخلاقية بين المجتمعات والتي تمثل حاجزًا لقبول مظاهر العالم الرقمي. وأخيرًا السيطرة الرقمية، حيث تقع الشبكة العنكبوتية تحت السيطرة الغربية وبخاصة الأمريكية، وبالتالى تحدث الهيمنة الثقافية واللغوية والاقتصادية من خلال شبكة الإنترنت. وهذا يطعن فيما ذكره الكاتب من كون التقنية لا تفرض شيئًا دون أن يستدرك على ذلك بأن صانع التقنية يفرض نموذجه وثقافته، وكذلك يطعن في الكثير من سمات مجتمع الإنترنت التي قدمها الكاتب خاصة ما يتعلق منها بالاختيارية والحرية، فنحن نرى أن الإنترنت بشركاته الغربية المهيمنة عليه دائمًا ما يفرض على المستخدمين قيمًا معينة وثقافة معينة ولغة معينة، وبالتالي فإنه يتدخل بشكل أو بآخر في قدرة الفرد على الاختيار الحر، وهو ما سيذكره الكاتب نفسه في ثنايا الفصول القادمة.

الفصل الثاني: الإنترنت والشباب العربي

يتناول الكاتب في هذا الفصل تفاعلات الشباب العربي مع الإنترنت، وذلك من خلال عدة نقاط:

1- مميزات الجيل الرقمي:

يرى الكاتب أن الجيل الرقمي يتميز عن غيره من الأجيال بمجموعة من السمات منها، أن دماغهم مختلفة فيزيائيًا وكيميائيًا عن دماغ الجيل السابق نظرًا لكثرة المثيرات التي يتعرضون لها، كذلك يتميز هذا الجيل بالقدرة على القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد، كما يتميز بقدرات بصرية هائلة، ويتميز أيضًا بسرعة ردة الفعل والتفاعل والتواصل خلال الدردشة والقدرة على الابتكار. إلا أن الجيل الرقمي يعاني من ضعف العلاقات الاجتماعية في الحياة الواقعية، وبالرغم من تميزه في مهارات استخدام الإنترنت إلا أن هدف الاستخدام يتجه بغالبيته -كما يذكر الكاتب- نحو الترفيه والتواصل والعلاقات الجنسية. وأخيرًا يذكر الكاتب أن سمات هذا الجيل أيضًا أنه لا يميز بين أفراد مجتمعه الرقمي تمييزًا يعود للجنسية أو عرق.

ثم يعرض الكاتب جدولًا ببعض الفروق بين الجيل الرقمي الحالي والجيل السابق فيما يتعلق بأنماط العيش والسلوك والتي تشكل في مجملها تغيرًا ثقافيًا واضحًا.

ثانيًا- جيل الشباب الرقمي العربي والقضايا العامة والخاصة:

يستدعي الكاتب هنا دراسة إحصائية قامت بها مؤسسة الفكر العربي حول أبرز القضايا المثارة لدى الشباب العربي عبر الفضاء الرقمي التفاعلي من خلال المدونات والمنتديات والفيسبوك لعام 2010، ليظهر أن قضايا الشأن الخاص (الترفيه، الصحة النفسية والجسدية…الخ) هي التي تحوز اهتمام الشباب العربي أكثر من قضايا الشأن العام، ويطرح الكاتب هنا مثالًا على أحد القضايا العامة التي يفترض أن تكون أولوية لدى الشباب العربي وهى القضية الفلسطينية ليجد أنها حسب الإحصائية المقدمة أتت في ترتيب متأخر في قائمة أولويات المستخدمين العرب في كل المنتديات والمدونات والفيسبوك.

ثالثًا- جيل الشباب الرقمي العربي والثورات العربية 2011 عبر الإنترنت:

وفي إطار الإجابة على سؤال يطرحه الكاتب حول كيف استطاع هذا الجيل أن يحقق تغييرًا حقيقيًا عجزت الأجيال السابقة عن تحقيقه، فإنه يرى أن ذلك يعود إلى عدة العناصر:

  • الفاعلين الجدد: وهم الصحافيون الجدد، أى النشطاء الفاعلين الذين عرفوا بالصحافي المواطن، واستطاعوا أن يكونوا مصدرًا لنقل المعلومات عبر الفضاء الرقمي. وكذلك الجامعيون الجدد، وهم الشباب الجامعيون ذوو القدرة العالية في التعامل مع مجتمعات شبكة الإنترنت بشكل يتماشى مع احتياجات التحركات التي انطلقت في العالم العربي. وأخيرًا الفاعلون الاجتماعيون الجدد، وهم نشطاء المجتمع المدنى.
  • التعبئة الشعبية من خلال الوسائط الرقمية الحديثة وتوصيل الرسائل وتحريك الجماهير من خلالها.
  • الأسلوب الشبابي في تحريك الشارع عبر الفضاء الرقمي من خلال استحداث النكت واللافتات التي كانت تنشر على الفيسبوك وغير ذلك من أساليب التحريك التي تناسب كل شعب حسب طبيعته الثقافية.

الفصل الثالث: الإنترنت والإعلام

يشير الكاتب في هذا الفصل إلى التغيير الذي طرأ على الإعلام بسبب مواقع الإنترنت الجديدة وتحوله من إعلام رأسي سلطوي إلى إعلام حر وصانع للخبر.

أولًا- الإنترنت: العصر الميديولوجى الرابع:

يبين الكاتب ابتداءً معنى مصطلح “الميديولوجيا”، فهو مصطلح جديد استعمله (ريجيس دوبريه) للإشارة إلى بيئة التواصل الإعلامي، حيث يقسمها إلى ثلاث عصور ميديولوجية، كان آخرها بالنسبة لدوبريه عصر الإنتاج السمعي والبصري من خلال السينما والتليفزيون والكمبيوتر، وهنا يأتي الكاتب ليضيف عصرًا ميديولوجيًا رابعًا وهو عصر الإنتاج السيبراني المتمثل بالفضاء السيبراني والمجتمعات السيبرانية الافتراضية والتي أدت إلى ظهور الإعلام الجديد (New media).

ثانيًا- الإعلام القديم والإعلام الجديد:

يوضح الكاتب هنا بعض الفروقات بين الإعلام القديم والإعلام الجديد:

  • ‌أ- إعلام رأسي وإعلام أفقي: في سياق حديث الكاتب عن الإعلام العربي بشكل أخص يوضح أن الإعلام القديم كان رأسيًا أي أن أجهزته ملكًا للحكومة والمواطن متلقٍ لها، أما الإعلام الجديد فهو أفقي بمعنى أنه متعدد المصادر، وتتمكن الجماهير من خلاله أن تعبر عن رأيها، بل وأن تصنع الخبر بنفسها من خلال مواقع التواصل والمدونات وغيرها.
  • ‌ب- المراسل الصحافي والمراسل المواطن: المراسل الصحافى هو موظف ضمن المؤسسة الإعلامية مقيدًا بتوجهات المحطة السياسية والإعلامية، في المقابل يظهر من خلال الإعلام الجديد ما يعرف بالمراسل المواطن، الذي يقوم فيه المواطن العادي بالأعمال الصحفية من نقل الأخبار دون الخضوع لمحطة إعلامية بعينها.
  • ‌ج- المركزية واللامركزية الإعلامية: أى أن المركزية الإدارية للإعلام التقليدي ليست موجودة في الإعلام الجديد، فالفرد هو المركز الإعلامي ولا يخضع لقرار مركزي.

الفصل الرابع: الإنترنت والمواطن الافتراضي

يقف الكاتب هنا عند ثلاث نقاط أساسية في سبيل الإبانة عن التغيير الذي طرأ على مفهوم المواطن والدولة والهوية في سياق العالم الافتراضي:

أولًا- المواطن الافتراضي وتشكله:

يقسم الكاتب خطوات تشكل المواطن الافتراضي إلى أربع خطوات:

  • الخطوة الاقتصادية: والمقصود بها التغيير الذي طرأ على النظام الاقتصادي العالمي بفعل العولمة ليصبح اقتصاد رأسمالي حر، فتحول من خلاله الفرد إلى سلعة وتم حصر اهتماماته بما تنتجه الشركات العالمية غير مبالٍ بالقيم الإنسانية والخصوصيات الثقافية.
  • الخطوة الثقافية: ويعني بها العولمة الثقافية التي اخترقت الحدود الثقافية للمجتمعات وتغييرها للهوية الفردية والانتماءات المجتمعية، ليصبح أفراد العالم موحدين فيما يشاهدون ويسمعون، ولينتقل وعي الفرد من المجال المحلي إلى المجال العالمي.
  • الخطوة التكنولوجية: وظهور الفضاء السيبراني وتشكل المجتمعات الافتراضية والثقافة الرقمية التي جعلت الفرد ينتمي للعالمية.
  • الخطوة السياسية: حيث تقلصت سيادة الدولة وتراجعت فكرة القومية في مقابل الشركات الكبرى والمنظمات الدولية في ظل الاندماج الاقتصادي والاعتماد المتبادل بين الدول.

ثانيًا- وطن المواطن الافتراضي والدولة الافتراضية:

يذكر الكاتب هنا شروط المجتمع المحلي في العالم الواقعي مبينًا أن هذه الشروط (مجموعة من الناس تشترك في تفاعل اجتماعي، بينها روابط مشتركة، يشتركون في العيش في منطقة محددة على الأقل لبعض الوقت، حيث عنصرالجوار الجغرافي ضروري) قد تغيرت عند الحديث عن المجتمع الافتراضي، حيث أصبح أفراده يمارسون التواصل فيما بينهم عبر الفضاء الجديد، ويعرض الكاتب هنا أمثلة للمجتمعات المحلية في الفضاء الافتراضي ومنها (Usenet)، والفيسبوك.

ولنا هنا على الكاتب مأخذين: الأول أنه على الرغم من تأكيده أن العالم الرقمي غيَر من شروط المجتمع المحلي وأفقده واحدًا من أهم شروطه وهو ما يتعلق بالقرب الجغرافي، وتأكيده على أن المجتمعات الافتراضية عالمية إلا أنه يتكلم عن وجود مجتمع محلي في الفضاء الرقمي، مما يطرح تساؤلًا حول جواز إطلاق مفهوم المجتمع المحلي الذي له شروط سبق ذكرها على مجتمعات افتراضية تفتقد لهذه الشروط. أما المأخذ الثانى فهو أنه لم يدرج الفيسبوك ضمن المجتمعات الافتراضية بالرغم أنه حسب تعريفه للمجتمعات الافتراضية والذي سبق أن قدمه في الفصل الأول ينطبق على الفيسبوك، وهذا مما قد يعسر الفهم على القارئ.

على صعيد آخر يشير الكاتب إلى أن هناك تغيرات تمس مفهوم الدولة أيضًا -وليس المجتمع فحسب- أحدثها الفضاء الرقمي، حيث نجد البعض ممن لا دولة لهم ينشؤون دولًا افتراضية يعززون من خلالها هويتهم، مثل موقع كردستان الذي أنشأه الأكراد لأنفسهم لتعزيز هويتهم وثقافتهم.

ثالثا- الهوية الرقمية للمواطن الافتراضي:

يشير الكاتب إلى ولادة نوع جديد من الهويات وهي الهوية الكونية أو الهوية الرقمية، ويحددها بثلاث خلفيات: الإطار الذاتي أي هوية الشخص الوطنية المحلية -الإطار الافتراضي أي هويته العالمية الافتراضية- الإطار الثقافي الطبيعي الذي ينطلق منه المواطن الافتراضي نحو الإطار الكوني الأوسع. وهنا ينتقل الكاتب للحديث بشكل مختصر عن مفهوم العقل الجمعي ومقوماته التي تتضمن العامل الآلي، والافتراضية والعالمية، وكيفية عمله، وذكر أنه يعمل بأسلوبين أحدهما تلقائي يظهر من خلال تفاعلات الأفراد وشعورهم بالمساواة، والآخر قصدي من قبل منظمات ومؤسسات معينة تعمل على تنميط الأفراد في أطر محددة.

الفصل الخامس: الإنترنت واللغة

يستهل الكاتب الفصل بمقدمة حول أهمية اللغة ليس باعتبارها أداة التواصل والتفاهم فقط، بل لكونها أداة التعبير عن الثقافة والجذور التاريخية والفكرية لمجتمع ما، ومن هنا يظهر خطر النظام العالمي المعاصر الذي يعمل على عولمة الثقافات المختلفة وفرض النموذج الغربي بثقافته ولغته كنموذج أوحد، فنجد أن اللغة الإنجليزية تهيمن على اللغات الأخرى لتصبح هي اللغة المتسيدة في العالم الرقمي.

 يعرض الكاتب في هذا السياق إحصائية للغات العشر الأكثر استخدامًا على شبكة الإنترنت، حيث تأتي اللغة الإنجليزية على رأس القائمة، بينما تأتى اللغة العربية في المرتبة السابعة.

ينتقل الكاتب إلى الحديث عن اللغات الخاصة بالإنترنت ويذكر منها:

أولًا- اللغة الدردشية: يعرفها الكاتب بأنها اللغة الإلكترونية المستخدمة من قبل الشباب، وهي لفظ استحدثه الكاتب في قاموسه للتعبير عن اللغة المستخدمة فيما يعرف “بالشات” والذي لا يوجد له مقابل في القاموس العربي، وهي لغة يتخللها اختصارات في التعبير يذكر الكاتب بعض الأمثلة لها.

ثانيًا- اللغة اللاتينية: وهي أحد انعكاسات مشكلة هيمنة الثقافة الغربية واللغة الإنجليزية، فهى نمط من الكتابة باللغة العربية باستخدام الأحرف اللاتينية وبعض الأرقام، ويعرض أيضًا الكاتب للعديد من الأمثلة لهذا النوع من الكتابة.

ثالثًا- الرموز والانفعالات والأرقام: وهي لغة يحاول من خلالها أبناء الجيل الرقمي التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم للطرف المقابل خلال المحادثات باستخدام بعض الأيقونات والوجوه والرسوم.

يؤكد الكاتب مما قدمه على مميزات لغة الإنترنت المستخدمة خلال الدردشة بأشكالها المختلفة مبينًا أنها لا تحتاج إلى ضوابط لغوية، مختصرة، تهتم بمضمون الرسالة لا بجودتها اللغوية، معبرة عن المشاعر، خاصة بالجيل الرقمي، سرية، تسمح بحرية الحوار. إلا أنه يؤكد على أنها تمثل تهديدًا لكل اللغات التي أصابها من خلال هذه اللغات الرقمية تشوهات في التركيب وتراجع اهتمام الشباب بأصولهم اللغوية.

الفصل السادس: الإنترنت وقواعد التخاطب الإلكتروني

أولًا- الناتيكيت: والمقصود بها آداب التواصل على الإنترنت (Internet Etiquette) وهي عبارة عن مجموعة من القواعد الاجتماعية التي تسهل التفاعل عبر الشبكات، وأكثر من يحتاجها هم موظفوا الشركات، وكذلك الدول وسفراء الدول وكل من تجمعهم روابط رسمية لما توفره هذه القواعد من الاحترافية والكفاءة.

ثانيًا- قواعد الناتيكيت: يذكر الكاتب عددًا من هذه القواعد مثل أن تكون الرسالة واضحة وقصيرة، أن يكون لها عنوانًا، أن يُعرِف الإنسان نفسه، أن تُكتب الرسالة حسب الأصول اللغوية، … إلخ.

ثالثًا- الناتيكيت والتجاوز الاجتماعي للتواصل: يشير الكاتب هنا إلى أنه كما للعالم الواقعي قواعد وآداب للتواصل فإن للمجتمع الافتراضي أيضًا قواعد وآداب، إلا أن العالم الافتراضي بطبيعته السائلة يسمح للبعض بتجاوز الضوابط الأخلاقية بسهولة من خلال التخفي في هوية غير معروفة والقيام بأعمال غير أخلاقية، وهنا يشير الكاتب إلى أن هناك عقوبات قانونية واجتماعية تفرض على من يتجاوز آداب التواصل من الأفراد مثل وسائل الحظر التي تقوم بها بعض المواقع وغير ذلك من الوسائل.

الفصل السابع: الإنترنت والجنس الافتراضي

أولًا- النشاطات الجنسية عبر الإنترنت وأنواعها:

يعرض الكاتب أنواعًا لما يعرف ب (Cyber sex)، منها الأفلام الإباحية، الجنس عبر غرف الدردشة، مواقع وكتب إلكترونية جنسية، العوالم الافتراضية الجنسية، الفايسبوك الجنسي، الشذوذ الجنسي.

ثانيًا- النشاطات الجنسية عبر الإنترنت من منظور سوسيولوجى:

فى هذا الجزء يتناول الكاتب فكرة إتاحة الإنترنت حياة بديلة للإنسان يستطيع من خلالها أن يمارس ما يصعب عليه ممارسته في الواقع لأسباب اجتماعية أو أخلاقية، فالحياة الافتراضية استطاعت أن تجعل هناك حميمية مطلقة بين الإنسان والحاسوب، مشيرًا إلى أنه بالرغم من أن الإنسان يمتلك الإرادة فيما يختار أن يشاهده أو يمارسه، إلا أن الإنترنت “استفزازي” فهو يقدم للمستخدم المغريات والمثيرات التي تدفعه بشكل أو بآخر نحو هذا النوع من الممارسات ويسهلها، كونه يوفر للمستخدم مميزات مثل عدم كشف الهوية، سهولة الوصول، القدرة على تحمل التكاليف، إلغاء الفواصل الاجتماعية والثقافية، سهولة الحصول على القبول من الطرف الآخر.

ثم ينتقل الكاتب للحديث عن إدمان هذا النوع من الممارسات مبينًا أنه حسب الخبراء هناك مرحلتين يمر بهما الفرد، الأولى هي مرحلة الاحتضان الأَولي للإباحية السيبرانية، والثانية التراكم الذي يؤدى للإدمان.

ثالثًا- النشاطات الجنسية عبر الإنترنت في العالم العربي:

بالنسبة للعالم العربي ونظرًا للقيود الدينية والاجتماعية والأخلاقية والأعراف فإن الممارسات الجنسية في العالم الواقعي تعد أمرًا محظورًا، ولهذا يجد الشباب العربي في الإنترنت منفذًا لهم دون التعرض للمساءلة الدينية أو الاجتماعية، ومن هنا يجد المستثمرين في العالم العربي سوقًا جيدة لصناعة الجنس الافتراضي.

الفصل الثامن: الإنترنت والاقتصاد

يتحدث الكاتب في هذا الفصل عن كيفية قيام الدول المتقدمة بالاستفادة من تقنيات الاتصال الحديثة في المجال الاقتصادي خاصة في مجالات سرعة تحويل الأموال والسيطرة الاقتصادية وتحويل الاقتصاد التقليدي إلى اقتصاد رقمي.

أولًا- الاقتصاد الجديد:

يذكر الكاتب عددًا من الخصوصيات التي تميز المجتمع الإلكتروني على مستوى العمل:

1- تغير أساليب العمل، حيث يوفر الإنترنت فرصة العمل عن بعد وإنهاء دور الوساطة بشكل كبير وتقليص عنصر الزمن.

2- تغير أساليب التعامل، حيث ظهور النقود الإلكترونية وتراجع استخدام الورق والاتجاه نحو الرقمنة وظهور الاقتصاد الجديد.

ونشير هنا إلى أن الكاتب لم يذكر تعريفًا واضحًا للاقتصاد الجديد واكتفى فقط بذكر أساليب تغير العمل.

ثانيًا- التجارة الإلكترونية:

يعرفها الكاتب بأنها أي نشاط تجاري يتم عن طريق الإنترنت، ويذكر مميزاتها، حيث تتضمن سهولة الشراء، توفير المعلومات الكاملة حول المنتجات والسلع، تنوع الأسعار، التواصل مع الزبائن بشكل قوي من خلال تزويدهم بالمعلومات والاطمئنان على خدمة ما بعد البيع.

يذكر الكاتب عدة أشكال لهذا النوع من التجارة، فقد تكون من شركة إلى شركة، أو من شركة إلى مستهلك مثل موقع أمازون، أو من مستهلك إلى مستهلك مثل موقع أى باي، مما يظهر قدرة الإنترنت على خلق أنماط جديدة من التبادلات التجارية وتغيير شكل التسوق، وكذلك شكل التسويق والإعلان الذي بات تسويقًا إلكترونيًا.

ثالثًا- الإعلان الإلكتروني:

تغيرت وسائل الإعلان وآلياته مع عملية الرقمنة، حيث أصبحت الأساليب الإعلانية كما يذكر كاتبنا تفاعلية، كونية، لا تزامنية.

ثم ينتقل الكاتب في حديث أشبه بالتقني نحو الأشكال المتعددة للإعلان الإلكتروني على الإنترنت، ومنها إعلانات الشعارات التي تظهر أعلى أو أسفل صفحات الويب، كذلك إعلانات الشركات الراعية لموقعٍ ما، إلى غير ذلك من أشكال الإعلان.

ثم يستنتج الكاتب مجموعة من الاستنتاجات أهمها أن الإنترنت فتح المجال للشركات الصغيرة والمتوسطة أن ترفع من نسبة مبيعاتها وأن يكون لها وجود اقتصادي.

الفصل التاسع: الإنترنت والسياسة

يقدم الكاتب للفصل بالحديث عن أن الإنترنت كما أنه وسيلة يستخدمها الجماهير في المشاركة والتعبير فإن الحكام والساسة يستخدمونها أيضًا للتحكم والسيطرة والتلاعب بالعقول.

أولًا- الإنترنت وتشكيل الرأي العام السياسي:

يبدأ الكاتب بمقدمة نظرية حول نظريات التأثير الإعلامي في ترسيخ أو إلغاء أفكار معينة لدى المتلقي، ثم ينتقل في حديثه إلى التغيير الذي طرأ على هذه العملية بسبب الإنترنت الذي جعل المعلومة لا مركزية المصدر، ومن ثم فإن القوى السياسية المسيطرة على المؤسسات الإعلامية التقليدية لم تعد -حسب رأي الكاتب- قادرة على توجيه وصنع الرأي العام الذي بات يصنع داخل العالم الرقمي من قبل الأفراد، وهنا يظهر بعض التناقض بين ما ذكره الكاتب في المقدمة من أن الإنترنت وسيلة للتحكم في إنتاج الأفكار وبين كونه مجالًا عامًا تتعدد فيه مصادر المعلومة ويتشكل فيه الرأي العام بشكل حر.

ثانيًا- الدبلوماسية الرقمية في الحياة السياسية:

تعد الدبلوماسية الرقمية إحدى التجليات الهامة لدخول الرقمنة إلى عالم السياسة، فهى شكل جديد من الدبلوماسية قائمة على التواصل بين الدبلوماسيين من جهة والناشطين على الشبكة العنكبوتية من جهة أخرى، فالسفير بهذا المعنى لا يؤسس علاقة فقط مع حكومة البلد التي تستضيفه، بل مع شعبها أيضًا، وهذا انعكاس لمفهوم القوة الناعمة الذي نادى بها جوزيف ناي، ويذكر الكاتب الولايات المتحدة وفلسفتها في اعتماد الدبلوماسية الرقمية، وكذلك المملكة المتحدة.

ثالثًا- أهمية الإنترنت في الانتخابات:

يتحدث الكاتب هنا عن أهمية خدمات الإنترنت في موسم الانتخابات حيث يصبح الإنترنت وسيلة الاتصال بين المرشحين والناخبين، ويذكر الكاتب في هذا السياق أمثلة لرؤساء استغلوا الإنترنت في حملاتهم الانتخابية، فكان بعضهم إيجابيًا في إعلانه بمعنى أنه يبين مميزاته دون تجريح للطرف المقابل، ويذكر الكاتب هنا باراك أوباما كمثال، والبعض الآخر كان سلبيًا أي هجوميًا على خصمه مثل حملة بيل كلينتون 1992 ضد جورج بوش.

الفصل العاشر: الإنترنت والإسلام السياسي

يبين الكاتب أن الإنترنت بالنسبة لحركات الإسلام السياسي وسيلة مفيدة لأنه سمح لهم بعرض أفكارهم والتواصل مع المسلمين أينما وجدوا بطريقة سهلة وسريعة، وأنهم من خلاله أصبحوا يمارسون عملياتهم التربوية وتجنيد المجاهدين وصولًا إلى قيام الدولة الإسلامية الافتراضية كما هو الحال بالنسبة لتنظيم القاعدة.

وفى هذا السياق يتناول الكاتب أربعة نماذج من حركات الإسلام السياسي وهم (السلفية، الإخوان المسلمون، حزب التحرير، القاعدة) وذلك لبيان أسلوب استخدامهم لشبكة الإنترنت في نشر دعوتهم من خلال مواقعهم الإلكترونية وأسلوبهم في التعبئة الجماهيرية وتطويرهم لمواقعهم الإلكترونية، كما أتاح لهم الإنترنت كسر القالب الرقابي للأنظمة الحاكمة.

في النهاية نستطيع القول بأن الكتاب عبارة عن مساهمة في تقديم رؤوس أقلام أو مفاتيح للعديد من الموضوعات المتعلقة بالإنترنت، وإن كان لم يظهر البعد التحليلي السوسيولوجي في جميع ما طرحه الكاتب حيث كان الطرح وصفي أكثر منه تحليل سوسيولوجي، إلا أنه أسهم في فتح موضوعات عديدة ومساحات مهمة تثير القارئ للاستزادة وتفتح للباحثين مواد ومشكلات مهمة للدراسة والبحث.

عرض

أ. يارا عبد الجواد*

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* باحثة في العلوم السياسية.

عن يارا عبد الجواد

شاهد أيضاً

التدين الرقمي

أ. مهجة مشهور

مع ظهور الثورة التكنولوجيا الرقمية أصبح الإنترنت بتطبيقاته الهائلة وإمكاناته اللامتناهية وبخدماته التي تتميز بالسرعة والدقة وسعة التخزين العالية جزءاً لا يتجزأ من مجتمعاتنا المعاصرة.

في الإسلام الرقمي: كيف ارتحل المسلمون إلى الفضاء السيبراني؟

العنوان: في الإسلام الرقمي: كيف ارتحل المسلمون إلى الفضاء السيبراني.

المؤلف: د. محمد سويلمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.