الاجتهاد الفقهي في ظل البعد اللغوي والشرعي والعرفي والمقاصدي

الاجتهاد الفقهي

في ظل البعد اللغوي والشرعي والعرفي والمقاصدي*

د. ماهر حسين حصوة**

  1. فهم النصوص في ضوء بعدها الدلالي اللغوي والشرعي والعرفي

 إن كثيرًا من الألفاظ والمصطلحات تغير مفهومها ومدلولاتها حاليًا عما كانت عليه إبان تشريعها وتنزيلها، ولذلك ينبغي للمجتهد فهم النصوص في ظل مدلولها إبان التشريع؛ حتى لا تُحرَّف الأحاديث والآيات عن مقاصدها وغاياتها. يبين ذلك ابن عاشور بقوله: «وإنما حق الفقيه أن ينظر إلى الأسماء الموضوعة للمسمى أصالة أيام التشريع، وإلى الأشكال المنظور إليها عند التشريع، من حيث إنهما طريق لتعرف الحالة الملحوظة وقت التشريع؛ لتهدينا إلى الوصف المرعي للشارع… وبعبارة أشمل، لا تكون التسمية مناط الأحكام، ولكنها تدل على مسمى ذي أوصاف، وتلك الأوصاف هي مناط الأحكام، فالمنظور إليه هو الأوصاف الخاصة»[1].

يقول الشاطبي: «إن العرب فيما فطرت عليه من لسانها تخاطب بالعام يراد به ظاهره، وبالعام يراد به العام في وجه، والخاص في وجه، وبالعام يراد به الخاص، والظاهر يراد به غير الظاهر.. وتتكلم بالشيء يعرف بالمعنى كما يعرف بالإشارة، وتسمي الشيء الواحد بأسماء كثيرة، والأشياء الكثيرة باسم واحد، وكل ذلك معروف عندها لا ترتاب في شيء منه هي، ولا من تعلق بعلم كلامها. فإذا كان كذلك فالقرآن في معانيه، وأساليبه على هذا الترتيب»[2]، وكذلك السنة. فعلى المجتهد أن يعرف ما إذا كان لألفاظ الحديث دلالة خاصة في عصر، ثم تغيرت دلالتها في عصر آخر مع تطور الحياة الاجتماعية، في ضوء تبدل المكان والزمان كي لا يقع في الغلط وسوء الفهم غير المقصود. وحري بنا أن نؤكد على أهمية فهم الدلالة اللغوية مع الالتفات إلى مقاصد التشريع عند التطبيق. فلا نقف عند حرفية النص متجاوزين مقصده، ولا نتجاوز دلالته اللغوية باقتناص معنى منه يؤدي إلى إلغائه[3].

ومن أمثلة الفهم المقاصدي دون تجاوز الدلالة اللغوية مسالك العلة التي تظهر مقصد الشارع من خلال اللغة، ومن أمثلة ذلك الإيماء للعلة في قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ، عَدُوٌّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: 60]، فكلمة «ترهبون» تعد إكسير النص، -كما يقول الدريني- المتضمن لحكمة النص وغايته، فالسلاح الذي يردع العدو هو المحقق لحكمة المشرع من الأمر بإعداد القوة، ورباط الخيل[4]. ومن المعلوم بداهة أن التوقف عند المعنى القاموسي لكلمة «الخيل» الواردة في الآية مجردة عن حكمة التشريع يقود إلى نقيض مقصود المشرع؛ لأن القوة والسلاح العسكري إذا لم يحقق غايته من الردع وإرهاب العدو، كان عبئًا على الدولة، وإرهاقًا لميزانية الدولة المالية من غير جدوى، وهذا نوع من العبث المنهي عنه. وهذا ما يكشف عن أهمية النظر المقاصدي للأحكام وفهم غاياتها، إذ التوقف عند المعنى القاموسي قد يوهم تضارب الأحكام، وهذا ما نفاه الله عن شرعه ودينه فقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82][5]. ونذكر جملة من الأمثلة تبين أهمية هذا الضابط:

المثال الأول- مصطلح التصوير:

كلمة «الصورة أو التصوير» التي جاءت في صحاح الأحاديث، وتوعدت المصورين بأشد العذاب[6]، فما المراد بالصورة والتصوير في تلك الأحاديث؟. الصورة في عصر النبوة وما بعدها من العصور هي: «ما له ظل أي التمثال وعمل التمثال أي نحته. إذ كان يسمى «تصويرًا» وهو الذي فهمه علماء السلف، وحرموه في غير لعب الأطفال. فقد روى البخاري عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «أَخْبَرَنِي أَبُو طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – أَنَّهُ قَالَ: لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ تماثيل»[7]، فقد فسر ابن عباس ما المقصود بالصورة، وهي التماثيل المعروفة الآن. وأما الشكل الذي يلتقط بالكاميرا، ويسمى «صورة»، وعمل التقاطه «تصويرًا» فهو وإن أخذ اسم الصورة والتصوير لغةً، لكنه يختلف عن التصوير المحرم المتوعد عليه بالعذاب في الأحاديث[8]؛ لأن التصوير الفوتوغرافي الآن لم يكن موجودًا أيام النبي ﷺ، ولا تتحقق فيه علة مضاهاة خلق الله الموجودة في التماثيل، ومن ثم لا يأخذ حكمه.

المثال الثاني- نهي النبي عن تلقي الركبان:

والمقصود بنهي النبي عن تلقي الركبان[9]: إن كلمة تلقي الركبان لغةً، إنما هي استقبالهم مطلقًا على أي حال من الأحوال، وفي أي مكان من الأمكنة، سواء أكان لغرض التجارة أو لغيرها، وسواء كان ذلك في سوق داخل المدينة، أو في صحراء خارجها، فهذا هو المدلول اللغوي لكلمة «تلقي الركبان» الواردة بهذا الإطلاق في الحديث. غير أن هذا ليس المقصود قطعًا بنهيه ﷺ، وإنما الكلمة منصرفة إلى معنى اصطلاحي خاص، دل عليه العُرف السائد بين الناس عند إطلاقها في صدد التجارة والبيع. فالمعنى المتعارف عليه لكلمة «تلقي الركبان» هو أن يستقبل آحاد التجار الباعة الوافدين على مشارف المدينة، قبل دخولهم أسواقها، واطلاعهم على الأسعار، ليتمكنوا من شراء ما معهم بأقل من نسبة سعر السوق. وعلة النهي عن هذا الشكل من الشراء هو ما ينطوي عليه من تغرير بالبائع، بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام قد أثبت له حق الخيار عند اطلاعه على حال السوق، كما روى مسلم عن أبي هريرة إن رسول اللهﷺ قَالَ: «لا تَلَقَّوْا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ، فَهُوَ بِالخِيَار»[10]. فلا يدخل في المنهي عنه تلقي الركبان الذين يعلمون حال السوق، ولا يخفى عليهم أسعار السلع، ولا يدخل فيه تلقي الركبان الذين يفضلون بيع بضائعهم في ضواحي المدينة غير عابئين بأسواقها[11].

المثال الثالث- المقصود بما يصل إلى الجوف في كلام الفقهاء بالنسبة للمفطرات:

وردت في كتب الفقه الإشارة إلى «الجوف» فاعتبر المفطر ما يصل إليه. وعند تتبع معنى الجوف في كتب لغة الفقهاء وجدت تباينًا في معنى الجوف عندهم، فعند الحنفية والشافعية يأخذون بالمعنى اللغوي للجوف، وهو: الخلاء أو الفراغ داخل الجسم، ولذلك توسعوا في المفطرات إذا دخل شيء إلى التجويف الداخلي للجسم[12]. فالحنفية يعدون كل ما دخل الجوف، واستقر به مفسدًا للصيام[13]. والشافعية يعدون مجرد دخول شيء إلى مطلق الجوف مفسدًا للصوم، ولو لم يستقر في التجويف الداخلي، وقد عدّوا مجرد إدخال عود في الأذن مبطلًا للصوم[14]. بينما المالكية والحنابلة يطلقون الجوف على المعدة[15]، فالمالكية يعِدون ما دخل إلى جوف المعدة من الطريق الأعلى مفسدًا للصيام، والحنابلة يعدون ما دخل إلى جوف المعدة من أي طريق مفسد للصيام[16].

وبناء عليه يتبين لنا أن معنى الجوف لدى الفقهاء ليس له حقيقة واحدة، ومن ثم ليس له معنى شرعيًا، وقد ورد في القرآن، وليس له علاقة بالمعنى المراد[17]. وكذلك ورد في السنة، لكن ليس له صلة بالصيام والإفطار[18]. ولا يعرف أطباء اليوم شيئًا يقال له «الجوف»، هكذا معرفًا بالألف واللام، ولكنهم يعرفون أجوافًا معرّفة بالإضافة، مثل جوف الصدر؛ يشمل: الرئتين، والقلب، الخ. وهكذا. والصواب في معنى الجوف بالنظر إلى حقيقة الصيام ومقصوده هو ما ذهب إليه المالكية. وهو اعتبار المفطر ما يدخل إلى جوف المعدة من الطريق العلوي. وقد قرر المجمع الفقهي أن ما يدخل الجسم من منظار، أو الأنابيب التي تستخدم للتصوير، أو لإجراء عملية جراحية أنها لا تفطر الصائم[19]. وشاهدنا في هذه المسألة التأكد من دلالات الألفاظ اللغوية والعرفية والشرعية عند الاجتهاد. وقد ذهب محمد سليم العوا إلى أن مقصود الفقهاء للجوف واحد، هو جوف المعدة، وليس مطلق الجوف الذي هو بمعنى الخلاء[20]. وقد تبين لنا مما تقدم عدم دقة ما ذهب إليه، ذلك أن الحنفية والشافعية يعنون بالجوف مطلقه، بينما المالكية والحنابلة يعنون بالجوف عند حديثهم عن المفطرات، جوف المعدة.

  1. نماذج لبعض الاجتهادات التي لم تراع الضوابط المتقدمة

تبين لنا مما سبق أن الاجتهاد حتى يكون صحيحًا، يجب أن يصدر من أهله، وأن يقع في محله، وأن يضبط بضوابط تقوم على الاستدلال، والفهم السليم. فإذا لم تراع هذه الضوابط المتعلقة بالجوانب الثلاثة، كأن يصدر الاجتهاد من غير أهله، أو يقع في غير محله كما في الاجتهاد مع النص القطعي الدلالة القطعي الثبوت، أو الحكم المجمع عليه، أو يتجاوز الاجتهاد الضوابط التي تقدمت، فالنتيجة التناقض الصارخ والاختلاف المذموم، وعدم المواءمة بين ثوابت الشرع، ومقتضيات العصر. وعلى هذا الأساس سنعطي مثالًا على كل جانب من هذه الجوانب غفل عنها الاجتهاد المعاصر.

أولًا- عدم الأهلية الاجتهادية لمن يتصدى للاجتهاد:

إن كثيرًا مما يخرج علينا بين الفينة والأخرى بآراء جديدة وغريبة ممن يقحم نفسه في دائرة الاجتهاد، وهو لا يملك أبجديات العلم الشرعي، فترى الواحد منهم يستخدم القياس في غير موضعه، كأن يقيس على نص غير ثابت، أو على نص ثابت، ولكن لم تتضح علته، أو اتضحت علته، ولكن وجد فارق معتبر بين الأصل والفرع[21]. ومنهم من يقدّم المصلحة المصادمة للنص القطعي الدلالة القطعي الثبوت، وهذا الصنف سماهم القرضاوي المعطلة الجدد الذين يعطلون النصوص عن فاعليتها وتوجيهها، ويقدمون عقولهم القاصرة على الوحي الإلهي. ومن عجيب أقوالهم جعل صلاة الجمعة يوم الأحد في الغرب لكي يتمكن أكبر عدد من المصلين من الصلاة؛ لأن العطلة الأسبوعية في البلاد الغربية في هذا اليوم. ومن عجيب اجتهاداتهم ما نقله القرضاوي عن نور فرحات، وملخص كلامه في الحدود أنها كانت تناسب بيئة النبي الزراعية، أما في وقتنا الحاضر، ومع التطور الصناعي فعقوبة قطع اليد لا تناسب هذا الزمن[22]! والواقع أن المصلحة المصادمة للنصوص، لا تكون عند التأمل العميق والتحليل الدقيق مصلحة حقيقية، بل هي مصلحة موهومة، زينها لصاحبها القصور العلمي، أو الغفلة، أو الهوى، أو التقليد الأعمى. ومن أمثلة هذا الصنف مَن يجعل للواقع سلطانًا على العقل في فهم النصوص القطعية. يقول حسن حنفي في كتابه التراث والتجديد: «لا سلطان إلا للعقل، ولا سلطة إلا لضرورة الواقع»[23]. ويقول: «الواقع أساس النقل، والعقل على السواء»[24]. ومن هؤلاء محمد النويهي الذي دعا إلى إعادة تفسير التراث طبقًا لحاجات العصر. ومن جملة هؤلاء نصر حامد أبو زيد، ومحمد شحرور، وجمال البنا[25]. والقاسم المشترك بين كل هؤلاء عدم الأهلية في الاجتهاد؛ لعدم التخصص.

ثانيًا- مثال على كون الاجتهاد في غير محله:

نذكر من الأمثلة ما يتعلق بالإعراض عن الإجماع المتيقن: الزكاة في أموال النفط الحكومية، فقد ذهب شوقي إسماعيل شحاته، ومحمد شوقي الفنجري إلى وجوب الزكاة في أموال النفط مما تملكه الحكومات الإسلامية، وهو بمقدار الخمس على أنه ركاز[26]. وكان مستندهم في ذلك تجزؤ المسلمين في دول ذات سيادة مستقلة عن بقية الدول الإسلامية الأخرى، فعدوا كل دولة تمثل شخصية اعتبارية ذات ذمة مالية مستقلة، وعليه إن وجد في الدولة ثروة معدنية، فتجب فيها الخمس على أنها ركاز[27].

وقد رد على هذا الاجتهاد بأن أموال الدولة لا زكاة فيها بالإجماع، وسِرّ ذلك يعود إلى أمور عدة: أن الزكاة فرع الملك، ولهذا أضيفت الأموال إلى مالكيها، قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ [التوبة: 103]، وقول الرسول ﷺ: «أدوا زكاة أموالكم»[28]، ومال الدولة ليس ملك لفرد فيها، ولا لوزير المالية، حتى يطالب بتزكيته ويطهر نفسه. ومن شروط الزكاة المتفق عليها الملك التام[29]، وهذا الشرط غير متحقق في مَن يمسك بزمام الأمور في الدولة؛ لأن ملك هذه الثروة للأمة وليس لفرد. وإن من أخرج الزكاة من ماله – ربع العشر، أو نصف العشر، أو العشر، أو الخمس- طاب له الاستمتاع بالباقي، ولا حرج عليه. ولا يجوز للحكومة أفرادًا أن تستمتع بالباقي، بل يجب صرف المال في حاجة المواطنين. وكذلك فإن الدولة هي المأمورة بأخذ الزكاة ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾[30]؛ فكيف تأخذ من نفسها، وتصبح آخذًا ومأخوذًا منه في وقت واحد[31].

إن ما دفع هؤلاء العلماء لهذا الاجتهاد، هو محاولة التغلب على أوضاع التجزئة الحالية التي تعانيها الأمة الإسلامية، أو بعبارة أخرى ضغط الواقع. فبعض الدول الصغيرة الحجم القليلة السكان التي مَنّ الله عليها بالنفط في أرضها تملك المليارات من الأموال، على حين ترى بلادًا إسلامية أخرى كثيفة السكان، قليلة الموارد تهددها المجاعات، وينتشر الفقر فيها. فأراد هؤلاء الباحثون في الاقتصاد الإسلامي أن يحتالوا على هذه الأوضاع القائمة التي لا يقرها الإسلام، ويبحثوا عن سند شرعي لإيجاب الزكاة على هذه الدول كي تتحرك لنصرة المسلمين الضعفاء والفقراء، فذهبوا إلى وجوب الزكاة في النفط بوصفه ركازًا، وفي الركاز الخمس، وما دامت هذه زكاة فإنها ترد على فقراء الإقليم ومصالحه أولًا، وفق المنهج الإسلامي في التوزيع المحلي، وما زاد عن حاجة الإقليم يوزّع على الأقاليم الإسلامية الأخرى الأقرب فالأقرب، أو الأحوج فالأحوج.

يقول الباحث جمال أبو شريعة بعد أن خلص إلى وجوب إخراج الخمس على الدول التي فيها ثروة معدنية معللًا هذا الاجتهاد «إن هذا كله بحسب الواقع الذي لا يُستطاع الآن تغييره، فيما إذا سلمنا بأن ما يظهر في هذه الدول الإسلامية المجزأة المنفصلة عن دول الإسلام الواحدة، يكون مالًا لها عملًا بالأمر الواقع، الذي لا يمكن الآن تبديله، ولكن الحكم الشرعي الأصلي أن ما يظهر من هذه الثروات المعدنية في أي جزء من دار الإسلام هو ملك لجميع المسلمين في العالم، ولا يختص، أو يستأثر به من يظهر في أرضه خاصة»[32].

والأمر الذي ينبغي أن يُفعَّل بدلًا من التخريجات الشرعية لهذه الآراء هو تفعيل دور منظمة المؤتمر الإسلامي في التضامن والتكافل بين دول العالم الإسلامي، وإنشاء صندوق تعاوني تنموي مشترك لأعضاء هذه الدول. وفي ذلك يقول القرضاوي: «والأولى من هذا الاجتهاد أن تعلن الحقائق الإسلامية الأساسية الواضحة وهي أن المسلمين – مهما اختلفت أوطانهم- هم أمة واحدة، يسعى بذمتهم أدناهم. وهم يد على من سواهم، يكفل غنيهم فقيرهم، ويأخذ قويهم بيد ضعيفهم، وهم متضامنون في العسر واليسر، ولا يجوز أن يعاني بلد إسلامي الفقر والمرض والجوع، وهناك بلد أو بلاد إسلامية تنفق على الكماليات آلاف الملايين، ولديها من الاحتياطي مئات البلايين!»[33].

ثالثًا- ما يتعلق بالضوابط التي يراعيها المجتهد في الواقع المتغير:

من هذه الضوابط فهم النصوص في ضوء بعدها الدلالي اللغوي، والشرعي، والعرفي. اجتهاد عبد الحميد أبو سليمان في معنى الضرب في قول الله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانَتاتُ حَافِظَاتُ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَالَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: 34]، يقول: بعد أن استقصى معاني كلمة «الضرب» في القرآن ومشتقاتها في ستة عشر موضعًا: إنّ استخدام هذه الكلمة جاءت في جملتها بالمعاني المجازية، وهي بمعنى: العزل، والمفارقة، والإبعاد، والترك، الخ. ثم استطرد في بيان هذه المعاني في القرآن إلى أن قال: «ضرب المرأة في بيتها أجدر أن يُفهم – في سياق ترشيد العلاقة الزوجية، ووضع أطرافها أمام مسؤولياتهم، والعودة عن الشقاق والنزاع غير المقصود- على أنه الترك، والمفارقة، والاعتزال. أي ترك منزل الزوجية ومفارقة دار المرأة واعتزالها، وتلك خطوة أبعد، ودرس للمرأة أعمق وأبلغ من الهجر في الفراش، الخ. وقد أيّد ما ذهب إليه بفعل النبي حين فارق رسول صلى الله عليه وسلّم بيوت أزواجه حين نشب بينه وبينهن الخلاف، ولم يتعظن، وأصررن على عصيانهن وتمردهن رغبة في شيء من رغد العيش، فلجأ رسول الله إلى «المشربة»[34] شهرًا كاملًا تاركًا ومفارقًا لزوجاته ومنازلهن، مخيرًا إياهن بين طاعته، والرضى بالعيش معه على ما يرتضيه من العيش، وإلا انصرف عنهن، وطلقهن بإحسان، كما قال تعالى: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنكُنَّ﴾ [التحريم: 5] وهو عليه أفضل الصلاة والسلام لم يتعرض لأي واحدة منهن خلال ذلك بأي لون من ألوان الأذى الجسدي، أو الظلم، أو المهانة بأي صورة من الصور. ولو كان الضرب بمعنى الأذى الجسدي والنفسي أمرًا إلهيًا، ودواء ناجعًا لكان عليه السلام أول من يمتثله، ولكنه عليه الصلاة والسلام لم يضرب، ولم يأمر بالضرب ولم يأذن به»[35].

إن ما تقدم من كلام عبد الحميد أبو سليمان هو فهم جديد لمدلول كلمة «الضرب» في الآية الكريمة في ضوء السياق القرآني، ولعل منشأ هذا الاجتهاد هو الحرص على إظهار صورة الإسلام السمحة للآخرين، وسوء فهم المسلمين لهذه الآية، مما كان للواقع المعاش أثر في اجتهاده. لكن الاجتهاد كما تقدم في فهم النصوص في الواقع المتغير يجب أن ينضبط بضوابط، ومنها فهم مدلولات الألفاظ في سياقها اللغوي، والشرعي، والعرفي. فلو استعرضنا ما جاء في السنة؛ لتبين لنا أن الضرب هو على الحقيقة كما جاء في حديث النبي في حجة الوداع كما يرويه عمرو بن الأحوص عن أبيه: «أنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ فَقَالَ: أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ – جمع عانية وهي الأسيرة- عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنِ، فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًًّا ؛ فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ، فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلا وَحَقَّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِن. قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ يَعْنِي أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ»[36]. فالحديث يصرّح بالضرب غير المبرح. فلو كان معنى الضرب كما قال أبو سليمان لما قال النبي غير المبرح.

ويرد على اجتهاد أبو سليمان في تفسير معنى الضرب: وهو ترك المنزل ومغادرته والاعتزال، ما ورد عن النبي من النهي عن الهجر إلا في البيت. «قال رسول الله في الحديث الذي يرويه حكيم بن معاوية الْقُشَيْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقٌّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوْ اكْتَسَبْتَ، وَلا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحُ، وَلَا تَهْجُرْ إلا فِي الْبَيْتِ». قَالَ أَبُو دَاوُد وَلا تُقَبِّحْ أَنْ تَقُولَ قَبَّحَكِ اللَّهُ[37].

ومن ثم يتبين لنا أن المقصود بالضرب المعنى الحقيقي، وليس المجازي، والسؤال ما هي حدود الضرب؟ وهل الضرب مباح أو مكروه؟ ومتى يجوز الضرب؟ وهل يحرم الضرب في ظروف معينة؟ كل هذه الأسئلة يجيبنا عليها ابن العربي في بيان الأحكام المتعلقة بهذه الآية. يقول ابن العربي: «قال عطاء: لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه، ولكن يغضب عليها. قال القاضي: هذا من فقه عطاء فإنه من فهمه بالشريعة، ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن الأمر بالضرب هاهنا أمر إباحة، ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول النبيﷺ في حديث عبد الله بن زمعة: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم»[38]. «والذي عندي[39] أن الرجال والنساء لا يستوون في ذلك؛ فإن العبد يقرع بالعصا، والحر تكفيه الإشارة. ومن النساء، بل من الرجال من لا يقيمه إلا الأدب، فإذا علم ذلك الرجل فله أن يؤدب، وإن ترك فهو أفضل»[40].

والأحرى والأولى من هذا الاجتهاد هو ربط الدلالة اللغوية بمقصدها، فقد بينت الآية أن ولاية الزوج على زوجته تأديبية، وهذا الحق ثابت بنص الآية، وقد حددت الآية موضع استعمال هذا الحق، وهو النشوز والمعني به الترفع الطاعة، كما حددت الوسيلة والغاية. وغاية التأديب هو تهذيب الزوجة وحملها على الطاعة، وإصلاح نشوزها، فولاية التأديب وضعها الشارع حقًا في يد الزوج على أن الوسيلة إذا غلب على الظن عدم إفضائها إلى الثمرة المرجوة منها لم تشرع، لأن استعمالها حينئذ يصبح ضربًا من العبث أو الإضرار، وكلاهما لا يشرع لمناقضته لقصد الشارع، إذ الأصل أن المصالح معتبرة في الأحكام، وهذا الأصل يرد قيدًا على استعمال الحق، والإباحة بإطلاق[41]. يقول صاحب منح الجليل: إذا تحقق الزوج، أو ظن عدم إفادة الضرب، أو شك فيها فلا يضربها؛ لأنها وسيلة إلى إصلاح حالها، والوسيلة لا تشرع عند ظن عدم ترتب المقصود عليها[42]. على أن سلطة التأديب هذه ليست إباحة، وإنما هي حق بالمعنى الدقيق؛ لأن الزوج يستأثر بما يخوله هذا الحق من سلطة، فهو قاصر عليه من دون الناس لأنه أقدر على استعماله. ونظرية التعسف تقيد الفعل الذي يخوله الحق بكونه لازمًا وملائمًا كما يقول الدريني[43]. ألا ترى انه لا يجوز التأديب بالأغلظ إذا حصل بالأخف، وأنه لا يجوز استعمال وسيلة إذا لم تكن ملائمة، بأن غلب على الظن عدم ترتب المقصود عليها، ولو كانت في الحدود الموضوعية المرسومة لها شرعًا.

 يتبين لنا مما سبق أن الضرب آخر وسيلة يمكن أن يلجأ لها الزوج إن شعر أن ذلك قد يجعل المرأة الناشز تعود إلى رشدها، وفي الغالب إذا اتبع الزوج التسلسل الذي جاءت به آية معالجة نشوز المرأة فلن يصل إلى المرحلة الأخيرة؛ لأن هجر المرأة في الفراش يجعلها تعيد النظر في تصرفاتها، وهذا ما نلمسه في الواقع المعاش، ثم إنّ الضرب هو أشبه ما يكون بالرسالة إلى الزوجة أنك قد تجاوزت الحد فمضمونه تهديد. ولذلك ورد عن الصحابة أن الضرب كان لا يجاوز السواك، وأي ألم قد يحدثه السواك؟! إلا إذا كان الألم ألمًا معنويًا، ولعل هذا ما قصدته الآيات، وفسره النبي بقوله ضربًا غير مبرح، وكما فعل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*  منقول بتصرف من:

ماهر حسين حصوة. فقه الواقع وأثره في الاجتهاد. فيرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي. 2009. ص ص. 185 – 141.

**  حاصل على دكتوراة في الفقه وأصوله من كلية الدراسات العليا، قسم الفقه وأصوله، الجامعة الأردنية عام 2005م.

[1]  ابن عاشور. مقاصد الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص 348.

[2]  المرجع السابق، ج 2، ص 377.

[3]  الكيلاني، عبد الله أثر المقاصد الجزئية والكلية في فهم النصوص الشرعية، مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون عدد 1 مجلد 33، (2006)، ص 104.

[4]  الدريني، محمد فتحي. خصائص التشريع الإسلامي في السياسة والحكم، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1982م، ص 172.

[5]  الكيلاني. أثر المقاصد الجزئية والكلية في فهم النصوص الشرعية، مجلة دراسات، علوم الشريعة والقانون، مرجع سابق، ص 103.

[6]  من هذه الأحاديث قول رسول الله: «إن أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة المصورون» البخاري. الصحيح، مرجع سابق، كتاب اللباس، باب عذاب المصورين يوم القيامة، حديث رقم: 5950، ص 1155.

[7]  البخاري، الصحيح، مرجع سابق، كتاب بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم: آمين، حديث رقم: 3225، ص 620.

[8]  القرضاوي. كيف نتعامل مع السنة النبوية، مرجع سابق، ص 198.

[9]  البخاري، الصحيح، كتاب البيوع، باب النهي عن تلقي الركبان، حديث رقم: 2162، ص 405.

[10]  مسلم. الصحيح، مرجع سابق، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الحاضر لبادي، حديث رقم: 1521، ص 857.

[11]  البوطي. ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، مرجع سابق، ص 184. بتصرف.

[12]  الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بيروت: المكتبة العلمية، د.ت، مادة جوف.

[13]  الحصكفي. الدر المختار، مرجع سابق، ج 2، ص 397.

[14]  الشربيني. مغني المحتاج، مرجع سابق، ج 1، ص 525.

[15]  الرصاع، أبو عبد الله محمد بن قاسم الأنصاري. الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الفن عرفة الوافية المشهور بشرح حدود ابن عرفة، د.م، المكتبة العلمية، د.ت، ص84. وانظر أيضًا:

– البهوتي. شرح منتهى الإرادات، مرجع سابق، ج 1، ص 483.

.[16]  الدسوقي في حاشية الدسوقي، مرجع سابق، ج 1، ص 525، وانظر أيضًا:

– البهوتي. شرح منتهى الإرادات مرجع سابق، ج 1، ص 483.

[17]  ورد في القرآن قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ [الأحزاب: 4] فالجوف هنا يقصد به التجويف الصدري.

[18]  مثل حديث النبي ﷺ:.. لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب». البخاري، الصحيح، مرجع سابق، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من فتنة المال، حديث رقم: 6436، ص 1235 – 1236.

[19]  مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدورة العاشرة قرار رقم 93 (1/ 10) سنة 1997م. انظر قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي (الدورات 1-14). تنسيق: عبد الستار أبو غدة المقرر العام للمجمع قطر، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2003م.

[20]  العوا. الفقه الإسلامي في طريق التجديد، مرجع سابق، ص 254.

[21]  انظر: ما نقله القرضاوي في مجموعة من كتبه عن هؤلاء، فبعضهم أجاز للحكومة أن تستقرض من الشعب بالفوائد الربوية مستدلًا بالقياس على أنه (لا ربا بين الوالد وولده) فكذلك لا ربا بين الحكومة والشعب وانظر أيضًا:

 – القرضاوي. الاجتهاد المعاصر بين الانضباط والانفراط، مرجع سابق، ص 68.

 – القرضاوي الفتوى بين الانضباط والتسيب، مرجع سابق.

 – القرضاوي. السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، ص 230، 245 وما بعده.

[22]  القرضاوي. السياسة الشرعية، مرجع سابق، ص 249 وما بعدها. ورد القرضاوي على هذه الاجتهادات.

[23]  حنفي، حسن التراث والتجديد، بيروت: دار التنوير للطباعة والنشر، 1981م، ص57.

[24]  المرجع السابق، ص 372.

[25]  البنا، جمال. هل يمكن تطبيق الشريعة، القاهرة: دار الفكر الإسلامي، 2006م، ص3. كما أنه يقول: إن السنة لا تستقل بالتحريم والتحليل.

[26]  شحاته، شوقي إسماعيل التطبيق المعاصر للزكاة، جدة: دار الشروق، 1977م، ص 200 وما بعده. وانظر أيضًا:

– الفنجري، محمد شوقي المذهب الاقتصادي في الإسلام، مصر: طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986م، ص 189.

– الفنجري، محمد شوقي الإسلام والضمان الاجتماعي، الرياض: دار ثقيف للنشر والتأليف، 1980م، ص 58.

[27] وممن أيد هذا الرأي جمال أبو شريعة في رسالته زكاة البترول والثروة المعدنية بعد أن نقل رأي الفنجري علمًا أن الفنجري كان كلامه منصبًا على النفط، أما أبو شريعة فعمم الركاز في كل الثروة المعدنية. انظر: أبو شريعة جمال زكاة البترول والثروة المعدنية، (رسالة ماجستير الجامعة الأردنية (1986م)، ص 121.

[28]  الترمذي. جامع الترمذي، مرجع سابق، كتاب الصلاة، باب ما ذكر في فضل الصلاة، حديث رقم: 616، ص 158، وقال عنه الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال عنه الألباني: صحيح، في: الألباني. صحيح سنن الترمذي، مرجع سابق، حديث رقم:

502 – 619، ج 1، ص 190.

[29]  ابن رشد. بداية المجتهد مرجع سابق، ج 1، ص 178.

[30]  الخطاب للنبي بحكم أنه إمام المسلمين، والحكومة هي نائبة عن الإمام في التصرف.

[31]  القرضاوي الاجتهاد المعاصر، مرجع سابق، ص 66.

[32]  أبو شريعة زكاة البترول والثروة المعدنية، مرجع سابق، ص133.

[33]  القرضاوي الاجتهاد المعاصر بين الانضباط والانفراط، مرجع سابق، ص 67.

[34]  المشربة: هي الغرفة المرتفعة. والحديث يرويه النسائي عن أَنَسٍ قَالَ: إِلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ثُمَّ نَزَلَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ آلَيْتَ عَلَى شَهْرٍ قَالَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. انظر: النسائي. سنن النسائي، مرجع سابق، كتاب الطلاق، باب: الإيلاء، حديث رقم: 3456، ص 365. وقال عنه الالباني: صحيح الإسناد في الألباني. صحيح سنن النسائي، مرجع سابق حديث رقم: 3233، ج2، ص 729.

[35]  أبو سليمان ضرب المرأة وسيلة لحل الخلافات الزوجية رؤية منهجية، مجلة إسلامية المعرفة، مرجع سابق، عدد: 24، (2001)، ص 153.

[36]  الترمذي. جامع الترمذي، مرجع سابق، كتاب أبواب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها حديث رقم: 1163، ص 282. قال عنه الألباني: حديث حسن، في: الألباني. صحيح سنن الترمذي حديث رقم: 929 – 1179، ج 1، ص 341. والمقصود بالفاحشة في الحديث: البذاء، وليس الزنا كما في قول العلماء. انظر: ابن العربي. أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 1، ص 536.

[37]  أبو داود السنن، كتاب النكاح، باب في حق المرأة على زوجها، حديث رقم: 2142، قال عنه المحقق: صحيح.

[38]  البخاري الصحيح، مرجع سابق، كتاب النكاح، باب ما يكره من ضرب النساء، حديث رقم: 5204، ص 1031. وانظر أيضًا:

– مسلم. الصحيح، مرجع سابق، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبارون…. حديث رقم: 2855، ص 1095 ورواية الإمام مسلم للحديث نقلت الحديث بصيغة الاستنكار، حيث يقول النبي ﷺ إلام يجلد أحدكم امرأته جلد الأمة». وهنا يلاحظ دقة فهم الامام مسلم عند تبويبه النار يدخلها الجبارون، فكأن هذا الذي يجلد امرأته، ولا يأخذ بيدها من الجبابرة العتاة ومناسبة الحديث أن النبي ذكر الرجال بالنساء فوعظ فيهن.

[39]  المقصود ابن العربي.

[40]  ابن العربي أحكام القرآن، مرجع سابق، ج 1، ص536.

[41]  الدريني. نظرية التعسف في استعمال الحق، مرجع سابق، ص 240.

[42]  عليش، أبو عبد الله محمد بن أحمد. منح الجليل شرح مختصر خليل، بيروت: دار الفكر، د. ت.، ج 2، ص 176.

[43]  الدريني. نظرية التعسف في استعمال الحق، مرجع سابق، ص 240.

عن ماهر حسين حصوة

شاهد أيضاً

المقاصد الشرعية ودورها في استنباط الأحكام

أ. د. أحمد الريسوني

استنباط الأحكام الشرعية هو عمل العلماء المجتهدين. فالحديث عن استنباط الأحكام، هو حديث عن الاجتهاد وعن الاستنباط، بمعناهما الأصولي المعروف. وهو ما لا يحتاج - في مقامنا هذا - إلى أي تعريف أو توضيح، وكذلك الشأن مع (مقاصد الشريعة).

تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية

العنوان: تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية. المؤلف: محمد أبو زهرة. مكان النشر: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.