د. جمال حمدان بقلم د. عبدالوهاب المسيري

الصفحات التالية من مقدمة الدكتور عبدالوهاب المسيري لكتاب اليهود: انثروبولوجيا* للدكتور جمال حمدان**.

د. جمال حمدان  بقلم د. المسيري

كل كتابات جمال حمدان، ليست دراسات أكاديمية بالمعنى السلبي للكلمة، أى الدراسة التى يكتبها أحد المتخصصين الأكاديميين دونما سبب واضح، ولا تتسم بأى شئ سوى أنها ” صالحة للنشر” لأن صاحبها اتبع مجموعة من الأعراف والآليات البحثية ( من توثيق ومراجع وعنعنات عملية موضوعية) تم الاتفاق عليها بين مجموعة من المتخصصين والعلماء. والهدف عادة من مثل هذه الكتابات (التى يُقال لها ” أبحاث ” مع أنها لا تنبع من أية معاناة حقيقية ولا تشكل “بحثا” عن أى شئ) هو زيادة عدد الدراسات التى تضمها السيرة العلمية للأكاديمى صاحب الدراسة، فتتم ترقيته، فالصالح للنشر هو عادةً ما يؤهل للترقية. قد تقوم الدنيا ثم تقعد وقد يُقتل الأبرياء وينتصر الظلم وينتشر الظلام، وصاحب “البحث” لا يزال يكتب ويوثق ويعنعن وينشر، ثم يكتب ويوثق ويعنعن وينشر، وتدور المطابع وتسيل الأحبار ويخرج المزيد من الكتب، ثم يذهب صاحبنا إلى المؤتمرات التى تُقرأ فيها أبحاث أكاديمية لا تبحث عن شئ ليزداد لمعاناً وتالقاً، إلى أن يُعيَّن رئيس المجلس الأعلى لشئون اللاشئ الأكاديمي، يتحرك فى عالم خال من أى هموم إنسانية حقيقية – عالم خال من نبض الحياة: رمادية كالحة هى هذه المعرفة الأكاديمية، وذهبية خضراء هى شجرة المعرفة الحية المورقة.

النموذج المعلوماتي التراكمي:

كتابات جمال حمدان ليس دراسات أكاديمية بهذا المعنى، وإنما هى دراسات عميقة كتبها مثقف مصرى ” صاحب موقف” لا يكتب إلا انطلاقاً من لحظة معاناة وكشف. وهو لاشك يتبع معظم الأعراف الأكاديمية ويستخدم كل الآليات البحثية من توثيق وعنعنة، ولكن الآليات هى مجرد آليات، والوسائل لا تتحول أبدأً إلى غايات، والمعلومات موجودة وبكثرة (وربما تفوق بمراحل ما تأتي به المراجع المعلوماتية) ولكنها مجرد معلومات. فنقطة البدء هى قلق وجودي عميق أدى إلى ظهور مشروع فكرى متكامل، والهدف يظل دائماً هو الوصول إلى الحقيقة وكيف يمكن تحويل الحقيقة إلى عدل.

ولذا فكل دراسات جمال حمدان هى دراسات إشكالية، محاولة للإجابة عن سؤال ما، وتصب كل الأسئلة فى مشروع فكرى واحد، محوره مصر. فجمال حمدان صاحب فكر وليس ناقلاً للأفكار مثل عدد لا يُستهان به ممن يسمون بالمفكرين في بلادنا، ممن جعلوا همهم نقل آخر فكرة وآخر صيحة، عادةً من الغرب “أولئك الذين يرون أن العالم هو الغرب … ولا شئ سواه، وهى النظرة الاستعمارية التى سادت طويلاً، والتى تركز على أن الدنيا هى أوربا Euro – Centric والآن على أوربا وأمريكا معاً Atlanto Centric  أو الغرب بعامة “West Centric (ثلاثية حمدان، ص 23). صاحب الفكر هو إنسان قد طوَّر منظومة فكرية تتسم أجزاؤها بقدر من الترابط والاتساق الداخلى (فهى تعتبَّر عن قلقه وآماله)، ويكمن وراءها نموذج معرفى واحد – رؤية واحدة للكون. أما ناقل الأفكار، فهو إنسان ينقل أفكاراً متناثرة لا يربطها بالضرورة رابط، وتنتمي كل فكرة إلى منظومة فكرية مستقلة.  وما يحدث فى كثير من الدراسات الأكاديمية أن كاتبيها يقومون بنقل الأفكار المتبانية ويعرضون لها، دون إدراك للنموذج المعرفى الكامن وراءها، أو مع إدراك كامل له دون أن يكترثوا بتضمنياته وتطبيقاته، فمهمتهم هى النقل (حتى نلحق بركب الحضارة الغربية) – نقل كل شئ بأمانة شديدة وحياد أشد، وموضوعية متلقية هى فى واقع الأمر تعبير عن موت القلب والعقل والضمير والهوية، والقدرة على الاجتهاد. فى هذا الإطار يحل السرد المباشر للأفكار محل عمليات التفسير بما تتضمنه من تفكيك وإعادة تركيب، ويختفى المنظور النقدي، فتتعايش الأفكار المتناقضة جنباً إلى جنب ولا يمكن التمييز بين الجوهري منها والهامشى. ونقل الأفكار ورصها دون إدراك لتضميناتها الفلسفية لا يختلف كثيراً عن نقل المعلومات ومراكمتها دون إدراك للمعنى الكامن وراءها والتحيزات القابعة داخلها والسياق الذى نبعث منه. ولذا فمثل هذه الدراسات “قد تنقل عمداً أو عن غير عمد وجهات نظر محدودة ومحسوبة سياسياً” (كما يقول جمال حمدان ص7) وهكذا يتحول المثقفون إلى أعضاء فى شركات نقل الأفكار التى لا تختلف كثيراً عن شركات نقل المعلومات أو حتى البضائع.

جمال حمدان لا ينتمي إلى هذه المدرسة المعلوماتية التراكمية التى استشرت تماماً فى صفوف الباحثين بسبب سهولة الإنتاج العلمى من خلالها ( استبيانات – جداول – تحليل سطحي للمضمون – استطلاع رأى – أرقام). ولا شك أن غياب المشروع الحضاري المستقل يزيد من انتشار هذا النموذج، إذ يحل التفكير السهل المباشر من خلال الكم المصمت محل التفكير المركب من خلال الرؤية والهوية والحلم والأمل، ويصبح التلقى المهزوم والإذعان (الموضوعى) للأمر الواقع بديلاً لمحاولة رصد الواقع بأمل تغييره وإعادة صياغته. وقد زحف هذا النموذج على المقررات المدرسية وفلسفة التعليم فى مدارسنا، ومن هنا التلقين، والدروس الخصوصية التى لاتعلَّم الطالب شيئاً، إذ أن المهارة الأساسية التى يكسبها هى مهارة اجتياز الامتحانات.

إن المدرسة المعلوماتية التراكمية معادية للفكر والإبداع، تدور فى إطار الموضوعية المتلقية السلبية، العقل عندها آلة ترصد وتسجل، وليس طاقة إنسانية مبدعة تعيد صياغة العالم، وهى لا تكترث بالحق أو الحقيقة لأنها غرقت تماماً فى الحقائق والوقائع والأفكار المتناثرة، ترصدها من الخارج دون تعمق ودون اجتهاد وكأنها أشياء مرصوصة، كمُُ لا هوية له، ولذا تفقد الظواهر شخصيتها ومنحناها الخاص.

ثنائية تكاملية:

وبدلاً من هذه المطاردة العبثية للأشباح غير الحقيقية، يقترح جمال حمدان “دراسة علمية محققة تقتنص هذا الشبح، تجسده، ثم تشرحه أصلاً وتاريخاً،جنساً وتركيباً، تطوراً وتوزيعاً (ص6)، بدلاً من الاختزال – التركيب، وبدلاً من التلقى – الإبداع؛ وبدلاً من التفاصيل الفكرية أو المعلوماتية الميتة رؤية متكاملة وحية. تبدأ هذه الرؤية بتعريف ( أو إعادة تعريف) علم الجغرافيا ذاته (وهذا أمر يغيب عن الكثيرين، أن البحث المبدع الأصيل فى مجال العلوم الإنسانية يعيد صياغة حدود العلم ذاتها). فالجغرافيا “هى علم تباين الأرض (أى التعرف على الاختلافات الرئيسية بين أجزاء الأرض المختلفة)” هى ولاشك “علم” ولذا فهى تتعامل مع الكم والعام. يقف معظم باحثينا عند هذه التضاريس أو الحدود المادية الصارمة، ولكن جمال حمدان المبدع الجسور يتقدم ويغامر ليتعامل مع الكيف والخاص فيؤكد أن قمة علم الجغرافيا هو التعرف على ” شخصية الأقاليم”. يقول ذلك وهو يعرف تماماً أنه قد ولج عالماً جديداً مختلفاً، “فالشخصية الإقليمية” شئ أكبر من مجرد المحصلة الرياضية لخصائص وتوزيعات الإقليم، إنها تتساءل أساساً عما يعطي منطقة تفردها وتميزها بين سائر المناطق،وتريد أن تنفذ إلى “روح المكان” لتستشف “عبقريته الذاتية التى تحدد شخصيته الكامنة”.

عالم الكم هو عالم الأشباح التى لابدن لها ولا قوام ولا روح. ولأنها لا بدن لها نجدها تهوم فى الأماكن ولا يمكن الإمساك بها. وهى أيضاً لا روح لها، فالروح هى مصدر فردية المرء وتميزه عن غيره من بنى الإنسان هذا لايعني أن الجسد ليس له تميزه، فشكل الجسد وبنيته يختلفان من فرد إلى فرد ومن مجموعة بشرية إلى أخرى. ولكن تميز الجسد ليس بنفس درجة تميز الروح، فالجسد فى نهاية الأمر والتحليل والمطاف كم مادى ينتمى لعالم المادة، وقوانين الحركة، بل إن تميزه الحقيقى يأتي من وجود الروح فيه، التى تصوغ الجسد داخل خطاب حضارى متميَّز(من ملبس ومأكل وزينة) تختلف من زمان لآخر ومن مكان لآخر، فهى تخرج بالجسد من عالم الطبيعة وقوانينها العامة وتدخل به عالم الحضارة الإنسانية بثرائها وخصوصيتها.

ولأن الجغرافيا كعلم تتجاوز عالم المادة والحواس المباشرة وليست سجينة الكم، فهى لا تقبع قط فى الآن وهنا وحسب، وإنما تتجاوزهما، “فهى تترامى بعيداً عبر الماضى وخلال التاريخ. لأنه بالدور التاريخى وحده يمكن أن نتعرف على الفاعلية الإيجابية للإقليم وعلى التعبير الحر للشخصية الإقليمية (شخصية مصر، ص3)[1].

ولنلاحظ ما يفعله جمال حمدان : فهو يرفض أحادية البُعد ويتبنى ثنائية أساسية تشكل جوهر رؤيته. وكما يقول: “حق لنا أن نبقى تفاصيل التفاصيل …. ولكن أحق علينا كذلك ألا نغرق فيها أو نتوه، وإنما علينا أن نتجاوزها، نقفز منها وفوقها إلى أعلى الكليات وأعم العموميات … وإلى جانب النظرة التحليلية الميكروسكوبية والجغرافية المجهرية، لاغنى عن النظرة التركيبية التليسكوبية والجغرافية الماكروسكوبية الواسعةالأفق” (ثلاثية حمدان، ص29)[2]. ولكن الثنائية التى يدعو لها ليست ازدواجية وإنما ثنائية تكاملية : كم يتكامل مع كيف – جغرافيا تتكامل مع تاريخ – مكان يتكامل مع زمان – جسد يتكامل مع روح – جزء يتكامل مع كل – خاص يتكامل مع عام.

والتكامل هنا لا يعنى ذوبان واندماج الواحد بالآخر( فهذا يؤدي إلى الواحدية) وإنما يعني تقاطع وتفاعل يؤدي إلى تفرد وتجاوز لعالم الكم المادى. وإذا أخذنا العنصر الثاني فى الثنائيات فسنكتشف أنه لا ينتمى لعالم المادة المصمتة وإنما ينتمي إلى عالم الإنسان (كيف – تاريخ – زمان – روح). كما يقول جمال حمدان : “البيئة قد تكون فى بعض الأحيان خرساء، ولكنها تنطق من خلال الإنسان. وربما تكون الجغرافيا صماء، ولكن ما أكثر ما كان التاريخ لسانها. ولقد قيل بحق أن التاريخ ظل الإنسان على الأرض، بمثل ما أن الجغرافيا ظل الأرض على الزمان” (شخصية مصر، ص4).

بيئة خرساء وجغرافيا صماء. هذا هو عالم الواحدية المادية (والدراسات الموضوعية المعلوماتية التراكمية المتلقية) فى مقابل إنسان ينطق وتاريخ يتحدث بلسان فصيح (مثل كتابات جمال حمدان)، والتاريخ هو محاولة الإنسان تجاوز عالم المادة، ولذا فهو يلقي بظله عليها – على الأرض. ولكن مادية العالم وموضوعيته لايمكن للإنسان أن يبتلعهما، ولذا فالأرض تلقى هى الأخرى بظلالها على الزمان الإنساني.

المحصلات الرياضية:

هذه الثنائية الأساسية هى التى جعلت جمال حمدان يرفض هذا المفهوم المعرفي الذى يشكل الأساس الفلسفي للنموذج المعلوماتى التراكمى، والذى قوض دعائم الإبداع الإنساني وإمكانية الاجتهاد، وأحل محله فكر مادى حتمى ممل يقضى على الإنسان – يلقى بظلاله الكثيفة الكئيبة عليه حتى يخفيه تماماً، أعنى فكرة وحدة العلوم التى أصبحت من المنطلقات المعرفية الأساسية للبحث العلمى فى مصر والعالم. وجوهر هذه الفكرة هو أنه يجب عدم التمييز بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، فالاختلاف بين الإنسان والأشياء ليس اختلافاً فى الجوهروالنوع والكيف، وإنما هو اختلاف فى التفاصيل والدرجة والكم، ولذا فإن ما يسرى على الأشياء (والظواهر الطبيعية) يسرى فى أساسياته على الإنسان، ولذا فلابد أن يكون هناك منهج واحد لدراسة الإنسان والأشياء ولسلوك الإنسان والنمل. قد لا يقول دعاة هذا المنهج ذلك صراحةً (فمن منا يمكن أن ينكر إنسانيته ببساطة وبشكل صريح وواضح؟) ولكن مثل هذا الموقف متضمن فى منطلقاتهم المعرفية. يرفض جمال حمدان هذا المنطق المادى المصمت المعادى للإنسان: “فالجغرافيا الكاملة الكامنة لا تتحقق فى شئ كما تتحقق فى دراسة الشخصية الإقليمية، والشخصية الإقليمية ليست تقرير حقيقة علمية مطلقة يمكن أن تخضع تماماً للقياس الرياضى والإحصاء، وذلك على الرغم من أنها تعتمد أساساً … على مادة علمية موضوعية بحتة. إنها عمل فنى بقدر ماهى عمل علمى”. وهو لايجد فى هذه الثنائية أى تعارض، فالجغرافيا  “فلسفة المكان … فلسفة عملية واقعية … ترتفع برأسها فوق التاريخ … وتظل أقدامها راسخة فى الأرض”. وغى عبارة رائعة تعكس هذه الثنائية وتفرض عليها قدراً من التكاملية – وهو سيد مثل هذه العبارات – يقول حمدان : “فلسفة تحلق بقدر ما تحدق”. الجغرافيا فى نهاية الأمر “علم وفن وفلسفة فى ذات الوقت : علم بمادتها، فن بمعالجتها، فلسفة بنظراتها”. كل هذا يعنى رفض النموذج المعلوماتى التراكمي (الواحدى المادى)، “فهذا المنهج المثلث يعنى ببساطة أنه ينقلنا بالجغرافيا من مرحلة المعرفة إلى مرحلة التفكير، من جغرافيا الحقائق المرصوصة إلى جغرافيا الأفكار الرصينة” (شخصية مصر، ص6) وما بين الرص التراكمى والرصانة الإنسانية ثمة فرق شاسع.

ولعل هذا هو السبب الحقيقي لتركه الجامعة، فالنزوع نحو الرص كان قد بدأ فى التصاعد (حتى وصل مؤخراً إلى أبعاد لايمكن تخيلها). لعله أحس بالكارثة المحدقة وبالتشيئ المطبق، وبأن عالم الكم والأشباح يزداد اقتراباً واتساعاً فقرر أن يحمى علمه وإبداعه، لأنه عاَلم لافلسفة فيه ولا فن ولا إبداع – وإنما محصلات رياضية صماء خرساء لاتقول شيئاً ولا حول ولا قوة إلا بالله!

ثمة نقطة أساسية هنا تحتاج لمزيد من التأكيد، وهى أن فكرة وحدة العلوم بنزعتها المادية المتطرفة (كل الأمور مادية طبيعية خاضعة للقانون الطبيعي الحتمى الصارم) لاتقوم بالمساواة بين كل الظواهر وحسب وإنما تقوم فى نهاية الأمر وفى التحليل الأخير بتسويتها وردَّها إلى عنصر مادى واحد. فتختفى الثنائيات والخصوصيات ويختفى عدم التجانس وتظهر المحصلات الرياضية التى تشبه الهامبورجر أو النظام العالمى الجديد بنزوعه نحو العولمة والكوكبة والكوكله “نسبة إلى الكوكا كولا” وتحويل العالم إلى سوبر ماركت ضخم، كل الناس فيه سواسية كأسنان المشط البلاستيك المستورد أو المصنوع محلياً. جمال حمدان لا يطيق هذا، فعالمه عالم إنساني ثري جميل مورق ينبض بالحياة ويتسم بعدم التجانس والخصوصية والتفرد.

وينعكس كل هذا فى مفهومه للوحدة، فهو يرفض الوحدة العضوية المصمتة التى تدور فى إطار الرؤى المادية وتشيئ الظواهر، وتجعلها كلاَّ متجانساً أملس. بل إنه يؤكد البُعد الإنساني فى مبدأ الوحدة ذاته: ” إن الوحدة السياسية لا تأتي بالضرورة من الوحدة الطبيعية، وإنما من الوحدة البشرية تأتي. فالعبرة فى قيام دولة موحدة دستورياً هى وحدة الناس، أى وحدة القومية بمعنى تجانسهم فى المقومات الأساسية من لغة مشتركة وتاريخ ملتحم ومصلحة مترابطة وعقيدة سائدة… ثم إن الوحدة السياسية وحدة وظيفية، والوحدة الوظيفية فى أى مجال لا تأتي من الوحدة التركيبية بل من التنوع التركيبى، فأى جدوى من أن تتحد أقطار متشابهة منمطة فى إنتاجها ومواردها وإمكانياتها إلا أن يكون مجرد تمدد أميبى عقيم؟ وهذا بالدقة ما يُعرف بمبدأ “التنوع فى الوحدة” أو ” الوحدة فى التنوع” (شخصية مصر، ص13).

سيدة الحلول الوسطي:

هذا المنهج يتبدَّى تماماً فى رؤيته لمصر، فهى نتيجة تفاعل بين بعدين أساسيين(ائتلافاً واختلافاً) الموضع والموقع، وبين هذا الشد والجذب تخرج شخصية مصر الكامنة كفلتة جغرافية، هى فلتة ولكنها ليست وثناً، ولم يكن هو عاشق وثني لمصر ( كما يحلو للبعض تصويره) يتعبد فى محراب مصر، لذا فهو يرفض السقوط فى ميتافيزيقا المكان المصرى (أو أى مكان آخر) فيقول: “كثير من هذه السمات تشترك فيها مصر مع هذه البلاد أو تلك، ولكن مجموعة الملامح ككل تجعل منها مخلوقاً فريداً فذاً حقيقةً” (شخصية مصر، ص8).

جمال حمدان كان محباً لمصر، والحب ” أسرار” كما يعرف كل من عرف الحب الحق، وأن تبوح به هو فى حكم المحال، وإن اتسعت الرؤية ضاقت العبارة! ولذا أن تحاول أن تفهم السر وأن تفصح عنه في ذات الوقت هو شكل من أشكال الثنائية. ولكن العالِم – الفنان – الفليسوف – الذى يستند عالمه إلى ثنائية تكاملية يعرف ذلك تماماً، ولذا فهو يحاول أن يفهم السر وهو يعلم مسبقاً أنه لن يكشفه، ولن يسويه، وهو يحاول أن يبوح ولكنه يعلم أن البوح والإفصاح لن يجففا بحر الحب وعيون المحبة! ولذا فالعلم الذى سيؤسسه ليس علماً رصدياً ترشيحياً برانياً – نقتل الفراشة ثم ندرسها ونفسرها. أو كما يقول : “إن الدراسة الإقليمية التحليلية .. تثرى معرفتنا بالمعلومات، غير أنها قل أن تتقبض على روح المكان أو تجسد العبقرية بإحكام، إنها تُشرَّح الإقليم… إلا أنها فى غمار ذلك تضحى بروح الإقليم” (ثلاثية حمدان، ص29) تزهقه تماماً. وما يريد أن يؤسسه جمال حمدان هو علم مبنى على الحب، علم يحلق ويحدق،

“يتحرك من التخصيص إلى التعميم.. من الجزء إلى الكل” (ثلاثية حمدان، ص29)؛ يدرك السطح البرانى بتفاصيله والعمق الجوانى بأبعاده؛ يعرف الوحدة ولا ينكر عدم التجانس. “ولذا لا ينبغي لنا أن نبالغ فندعى تجانساً مطلقاً، يكفى أن نقول تجانساً نسبياً”. “وهذا التجانس ليس النقاوة الجنسية” (التي يدعيها العنصريون البيولوجيون الماديون لأنفسهم)، فمن الواضح ” أن دماء كثير دخيلة وغريبة قد أضيفت إلى عروق مصر وصبت فى شرايينها … وليس من الدقة العلمية فى شئ أن نصور مصر بوعاء جامد يتشكل كل من دخله بشكله، فليس هناك أطر ثابتة إلى هذا الحد كأنها أقفاص حديدية” (شخصية مصر، ص32).

كاتبنا ينفر بشكل واضح من النماذج الاختزالية المغلقة والتجانس الواحدى المطلق، عالم الأشباح إياه. ومصر التى يحبها ليست شيئاً مادياً، جغرافيا محضا، وإنما هى رقعة يلتقى فيها الزمان بالمكان هى مجموعة من الثنائيات التى لا تذوب ولا تُختزل فى كل واحدى مصمت – “هي بطريقة ما تكاد تنتمى إلى كل مكان دون أن تكون هناك تماماً، فهى بالجغرافيا تقع في أفريقيا، ولكنها تمت أيضاً إلى آسيا بالتاريخ … وهى بجسمها النحيل تبدو مخلوقاً أقل من قوى، ولكنها برسالتها التاريخية الطموح تحمل رأساً أكثر من ضخم … وإذا كان لهذا كله مغزى، فهو ليس أنها تجمع بين الأضداد والمتناقضات، وإنما أنها تجمع بين أطراف متعددة غنية وجوانب كثيرة خصبة وثرية، بين أبعاد وآفاق واسعة، بصورة تؤكد فيها ” ملكة الحد الأوسط” وتجعلها ” سيدة الحلول الوسطى”، تجعلها أمةً وسطاً بكل معنى الكلمة، بكل معنى الوسط الذهبى، ولكن ليس أمةً نصفاً”! (شخصية مصر، ص 8 – 9).

الدائرة العربية والدائرة الإسلامية:

وسيدة الحلول الوسطى هذه ” فرعونية بالجد… عربية بالأب” (شخصية مصر، ص 8). ولكنها ثنائية تكاملية، وليست ازدواجية “فالأب والجد من أصل وجد أعلى واحد مشترك”. غير أن العرب هنا وقد غيَّروا ثقافة مصر، هم ” الأب الاجتماعي” فى الدرجة الأولى، وليسوا “الأب البيولوجي” إلا فى الدرجة الثانية. (شخصية مصر، ص 213).

فالتعريب والإسلام … “هما أعظم حقيقة فى تاريخ مصر الثقافي والروحى ويمثلان انقطاعا حضاريا، ونقطة تحول حاسمة وخط تقسيم فى وجودنا اللامادى” (شخصية مصر، ص 208)وبالنسبة لجمال حمدان يُعد هذا الوجود اللامادى هو العنصر الأهم فى ثنائيته التكاملية “فبعد التعريب… أصبحت [مصر] جزاءً لا يتجزأ من العالم العربى وعاشت غالباً إقليماً أو رأساً فى رؤيته السياسية وفى ظل وحدته القومية” (شخصية مصر، ص208).

والاستعارات أو الصور المجازية التى يستخدمها جمال حمدان تشى بولائه العربى على حساب جذوره “المصرية”. فنحن نحب الجد ونتذكره، أما الأب فنحن ننتمى إليه، ونسير معه خاصةً وإذا اكان الأب العربي هو “أخر انقطاع فى الاستمرارية المصرية”، خاصةً أن الجد قد ابعتد كثيراً، فمصر الفرعونية (كما يبين جمال حمدان)” لم تعد إلا مكدسة فى المتحف أو معلقة كالحفريات على سفوح الهضبتين، أما فى الوادى فقد انقرضت كما انقرضت من قبل تماسيح النيل من النهر.

ولهذا فنحن ننتهى إلى أن الحضارة الفرعونية قد ماتت فى مجموعها، دون أن ينفى ذلك الاستمرارية المحورية فى حضارتنا المادية” (شخصية مصر، ص 207). ولذا يُحذر جمال حمدان دعاة “الفرعونية (وغيرها من دعاوى الرجعية التاريخية والوطنيات الضيقة كالفينيقية والآشورية)، فالمقصود من هذه الدعوات نفى القومية العربية ونسخ العروبة ومضاربة القومية الشاملة بالوطنية المغلقة” (شخصية مصر، ص 214). كما يُحذر من دعاة الاستمرارية فى الكيان المصرى “لاليبرز أصالة ما، ولكن ليقلل من جانب الانقطاع، وبالتالى ليضخم فى البُعد الفرعونى فى تاريخنا فيبعدنا عن عروبتنا ويطمس معالمها”(شخصية مصر،ص 208-209 ).

ومصر التى فى خاطره وفى فمه، وسيدة الحلول الوسطى، تقع فى وسط ثلاث (أو أربع) دوائر مختلفة ” بحيث صارت مجمعاً لعوالم شتى، فهى قلب العالم العربي وواسطة العالم الإسلامي وحجر الزاوية فى العالم الأفريقى” (شخصية مصر، ص 9). وهو فى كتابات أخرى يشير إلى أفريقيا وآسيا باعتبارهما الدائرة الثالثة. ثم هناك الدائرة الرابعة الأعظم والمحيط الأكبر : بقية العالم.

ولنبدأ بالدائرة الأولى أى الدائرة العربية. “الإطار العربى [حسب تصور حمدان] ليس مجرد بُعد توجيهي أو إشعاعى ولكنه خامة الجسم وكيان جوهر فى ذاته” (شخصية مصر، ص 8 17). ومع هذا لايرى حمدان أن الوحدة العربية وحدة عضوية مصمتة : “فليس مما يضير قضية الوحدة العربية أو يخرب حركة القومية العربية أن يكون لكل قطر من أقطارها شخصيته الطبيعية المتبلورة بدرجة أو بأخرى داخل الإطار العام المشترك. وهذا التنوع والتباين فى البيئات إنما يثرى الشخصية العربية العامة ويجعلها متعددة الجوانب والأبعاد”. وهو “لا يعنى التمزيق السياسي أو تأكيد الانفصالية الراهنة بحال ولا يشجع الولاءات الوطنية فى وجه الولاء القومى العربى الكبير أو على حسابه” (شخصية مصر، ص 13 ، 14).

ولنتوقف هنا قليلاً لأشير إلى حقيقة غائبة عن الكثيرين؛ جمال حمدان بلا منازع هو واحد من أهم فلاسفة ثورة 23 يوليو فقد بلور رؤيتها للذات وللكون وللآخر، ووضًّح الأسس الفلسفية لمشروعها الحضارى الثورى، ونظَر للصراع العربي الإسرائيلى باعتباره صراعاً سياسياً مصيرياً حضارياً له أبعاد دينية، فابتعد به عن العنصرية. لكن يبدو أن بيروقراطية ثورة 23 يوليو لم تكن مدركة لأهمية اللحظة التاريخية ولا المدى ثراء الإمكانات، لأنها كانت ثورة برجماتية عملية تؤمن بالحقائق والمعلومات والحلول الجاهزة، فضاع ما ضاع، وجلس فيلسوفنا الحزين يُنظَّر لها، بينما كانت أمانة الدعوة والفكر “الاشتراكي” تمتلئ بموظفين قادرين على إصدار أى بيان يُطلب منهم لخدمة مصلحة الدولة والنظام (أى نظام كما بيِّنت الأيام) وبذلك وُضع الفكر فى خدمة اللحظة ولم توضع اللحظة فى إطار الفكر.

ولاتختلف الوحدة الإسلامية من منظور حمدان كثيراً عن الوحدة العربية، فهو يرفض المفهوم العضوى الكاسح للوحدة الإسلامية التى يجعلها تدخل فى صراع مع الوحدة العربية “بهدف المضاربة بينهما من جهة وتذويب القومية العربية وتمييعها من جهة ثانية”. بدلا من هذا يطرح مفهوماً ” صحياً وصحيحاً” للوحدة الإسلامية. “توحيد الدين، بمعنى توحيد عقيدة الإسلام لا المسلمين، لتذوب الفروق والفرق الحفرية التى ورثها عن ماضٍ فقد الآن سياقه الزمنى؛ وتعميق روح الإسلام وتقويمها حيث سطحية أو ابتعادات أو تحريفات؛ التبادل الثقافى والفكرى العام والمزيد من التنسيق الاقتصادي والترابط والتبادل التجارى؛ التضامن السياسي الوثيق فى المجتمع الدولى لمجابهة الأخطار الخارجية والتعاون لتحرير الدول الإسلامية المستعمرة… تلك جميعاً هى المجالات الخصبة والفعالة والواجبة لتفاعل العالم الإسلامى سياسياً … إنها فى كلمة “وحدة عمل” لا “وحدة كيان”. بل يمكن أن نضيف : وحدة مصير، إلا أنها ليست دستورية، فى كلمة أخرى : وحدة فكرية لا دستورية. أو هى كما قال عبد الناصر فى دوائره الثلاث “دائرة إخوان العقيدة الذين يتجهون أينما كان مكانهم تحت الشمس إلى قبلة واحدة …”. فإذا كانت الدائرة العربية وحدة مصير، والأفريقية وحدة جوار، فالإسلامية وحدة عقيدة” (العالم الإسلامي المعاصر، ص206)[3].

أثر جمال حمدان:

هناك قضية خاصة ولكنها عامة ( غير ذاتية تماماً وغير موضوعية تماماً) في ذات الوقت (ثنائية حمدانية) وهي علاقتي ومدى تأثري به. قرأت هذا الكتاب (كتاب اليهود لجمال حمدان) حينما كنت أكتب موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية : رؤية نقدية والتي صدرت عام 1975 كنت أحس نحوه بالإعجاب الشديد سواء في أسلوب كتابته ام أسلوب حياته : هذا الزهد العلمي الشديد، هذا الإعراض عن الدنيا الذي مكنه من إنجاز بعض جوانب مهمة من مشروعه المعرفي الضخم (ولعل هذا هو الذي شجعني على الاستقالة من الجامعة لأنجز مشروعي المعرفي). ومن المفارقات التي تستحق التأمل أن هذا الأستاذ الجامعي الذي ترك الجامعة، والمثقف الذي اعتزل الحياة الثقافية قد ألقى بظلاله على كل من الجامعة وحياتنا الثقافية.

ولكن رغم الإعجاب الشديد هذا يبدو أنني حين قرأت كتابه لأول مرة كنت أبحث ساعتها عن المعلومات شأني في هذا شأن أي باحث، ولكن يبدو أيضاً أنني استوعبت في ذات الوقت منظومة فكرية كاملة ثم استبطنتها تماماً دون أن أدري. غير أني لم أدرك هذا إلا مؤخراً بعد أن انتهيت من كتابة موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية : نموذج تفسيري وتصنيفي جديد ( والتي استغرقت معظم الفترة السابقة من حياتي) وجلست لأتامل في مصادر فكري. وقد تزامن هذا مع كتابة هذه المقدمة، فهالني حجم تأثري به في طريقة تفكيره. لقد جاء في كتابه الكثير من المعلومات والوقائع فأخذت منها ما أخذت، واستبعدت ما استبعدت، ثم تبدلت المعلومات وتحورت، كما تتبدل المعلومات وتتحور، ولكن بقي ما هو أهم: بقي فكره ورؤيته ومنهجه. فمن الواضح أنني تعلمت من جمال حمدان رفض الواحدية المادية العلمية والتعصب للمناهج الرياضية، وإعادة الاعتبار للخيال والمجاز والحدس في عملية التفكير العلمي. ومن أهم ما تعلمته منه هو الخروج بالظواهر اليهودية والصهيونية من دائرة التوراة والتلمود والدراسات اليهودية وإدخالها في نطاق العلم الإنساني العام ووضعها في عدة سياقات تاريخية لتصبح ظواهر مختلفة ذات أبعاد مختلفة وليست ظاهرة واحدة مغلقة تتسم بالوحدة. ولكن أهم ما تعلمته منه وهو ما تعلمته من أساتذتي أيضًا طريقة التفكير والنظر وكيفية التأمل في المعلومات وتفسيرها. لقد تعلمت من جمال حمدان كيف تُكتشف الأنماط داخل ركام التفاصيل المتغيرة وكيف نجرد الحقيقة من الحقائق. ولا أدري هل تعلمت منه أيضا شيئا من الصلابة والقدرة علي المقاومة؟.

أثر جمال حمدان لايمكن أن تجده في سطر أو سطرين أو صفحة أو صفحتين من كتاباته، وإنما هو هناك بين السطور، وهذا هو أعمق الأثر. ولكن مع سيطرة النموذج التراكمي المعلوماتي، أُهملت أهمية هذا النوع من التأثير، فجمال البحث العلمي بالنسبة للكثيرين هو الحقائق وليس الحقيقة، هو المعلومات وليس الأنماط الكامنة وراءها، ولذا فحينما يُدرس أثر كاتب على آخر فإن الدارسين عادةً ما يبحثون دائماً عن بضعة جمل وعبارات واقتباسات مباشرة نقلها الكاتب المتأثر بالكاتب المؤثر (وهكذا عُدنا مرة أخرى لشركات النقل!). وقائمة المراجع فيما يُكتب من دراسات تدور في إطار هذا النموذج المعلوماتي، مما يعني أن إسهام عشرات المفكرين والمعلمين في صياغة أفكار الدارسين لا يعترف به لأنه مثل هذا الإسهام لايوجد في سطر بعينه أو في صفحة محددة، وما يوجد بين السطور لايُقاس ولايُمسك بالحواس الخمس، ولذا فهو غير موجود من منظور كمي معلوماتي.

كما أنني يمكنني أن أثير قضية أخرى وهى لمِ لمْ يؤثر جمال حمدان في هؤلاء الذين يكتبون دراسات في نفس الموضوع بطريقة تتناسب مع حجمه الفكري. يمكنني القول أن النموذج المعلوماتي التراكمي قد سيطر تماماً وحوَّل كل شيء (الآراء والرؤى والأحلام والآلام) إلى معلومات. ولذا تحولت كتابات هذا المفكر الفذ إلى مادة أرشيفية، يتناولها بنهم الكُتَّاب المعلوماتيين. وأعتقد أن معظم ما يُكتب هذه الأيام يُكتب صدوراً عن هذا النموذج، ولكن الأسوأ من هذا أن ما يُقرأ الآن يُقرأ بنفس الطريقة، وهكذا تضيع الحقيقة ولا يبقى سوى الحقائق!

والتكريم الحقيقي لجمال حمدان لابد وأن يأخذ شكل محاولة التوصل لا إلى ثمرة فكره وإنما إلى طريقه تفكيره، لا إلى ما قال وذكره وأورده من معلومات وحقائق ووقائع وإنما كيف توصل إلى ما توصل إليه من نتائج وكيف نجح ( أو أخفق) في توصيله. ولابد وأن نكتشف طبيعة مشروعه البحثي ونبين ما أنجزه منه وما لم ينجزه – فهناك أجندة بحثية بين السطور علينا أن نصل إليها ونبينَّها للأجيال. إن جمال حمدان وضع أساس خطاب تحليلي جديد، لم يلتزم به هو نفسه أحياناً، وهذا هو شأن الرواد دائماً. علينا أن ندرس هذا الخطاب ونصل إلى برنامج بحثي يحوي الإشكاليات الأساسية التي طرحها جمال حمدان، ثم نكمل المسيرة وبذا لا تضيع حياته هدراً وتكتسب عزلته معنى، ويتحول إنجازه الفكري الشامخ من مجرد مجموعة أفكار مرصوصة وكتابات مصفوفة تُسحب من الخزائن في المناسبات العامة ليُكرَّم اسم صاحبها ثم تُعاد مرة أخرى، لتستمر في الرقاد! يتحول هذا الإنجاز الشامخ إلى رصيد حي يُضاف إلى رصيد هذه الأمة الفكري فيزيدها علما وحياة. والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* جمال حمدان(1996). اليهود: انثروبولوجيا/ تقديم عبد الوهاب المسيري. القاهرة: دار الهلال. ص ص. 5- 21، 40- 43.

** جمال حمدان، (4 فبراير 1928م – 17 أبريل 1993م) أحد أعلام الجغرافيا المصريين. اسمه بالكامل جمال محمود صالح حمدان، ولد في قرية ناي بمحافظة القليوبية.

[1] شخصية مصر (الهيئة العامة للكتاب)1995

[2] ثلاثية حمدان: د. عمر الفاروق “دار الهلال”1995. اقتبسنا من هذه الكتاب بعض أقوال جمال حمدان التى وردت في الطبعة الموسعة لكتاب شخصية مصر.

[3] العالم الإسلامي المعاصر (دار الهلال)1993

عن عبد الوهاب المسيري

شاهد أيضاً

الحلولية ووحدة الوجود

العنوان: الحلولية ووحدة الوجود. المؤلف: عبد الوهاب المسيري.

د. المسيري الإنسان

أ. د. عبد الوهاب المسيري

ولدت في دمنهور، عاصمة البحيرة، وهي مدينة صغيرة في دلتا مصر تقع بالقرب من الإسكندرية. وحينما نشأت فيها طفلاً، كانت تتميَّز بوجود عبق التاريخ فيها، برغم أنه لا توجد فيها آثار فرعونية أو قبطية أو إسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.