منى أبو الفضل
المنظور الحضاري- المعرفة التوحيدية- النسوية الإسلامية
د. فاطمة حافظ ¨
تمثل د.منى أبو الفضل قيمة معرفية كبرى، ليس في العلوم السياسية وحسب، وهو المجال الذي انتسبت إليه وإنما في الدراسات الحضارية المقارنة، ودراسات المرأة كذلك، ويُنظر إليها باعتبارها أحد رموز مدرسة “المنظور الحضاري”، التي تشكلت نواتها الأولى على يد أ.د.حامد ربيع، الذي اتخذ من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة منطلقًا لإعادة إحياء المفاهيم والقيم الإسلامية، وتضمينها داخل حقل العلوم السياسية، واتخاذها أداة لنقد المنظورات الغربية الوضعية.
السيرة والإنتاج المعرفي
ولدت الدكتورة منى أبو الفضل في أكتوبر 1945م، لأسرة تعرف بالعلم والصلاح؛ فوالدها الدكتور عبد المنعم أبو الفضل عمل أستاذًا للباثولوجي بكلية الطب جامعة القاهرة، ووالدتها الدكتورة زهيرة عابدين، الطبيبة المعروفة بنشاطاتها الاجتماعية والإنسانية والإسلامية. ومنذ طفولتها التي عاشتها متنقلة بصحبة والدتها بين القاهرة والمدن الأوروبية وعت منى أبو الفضل الطبيعة الحضارية المتباينة لكل من الشرق والغرب.
في الستينيات التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وتخرجت فيها عام 1966م، وكانت الأولى على فرقتها، وسافرت إلى الخارج لمتابعة دراستها، حيث حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة لندن عام 1975م، فعادت مجددًا إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والتحقت بهيئة التدريس. ثم بدأت في التعرف على مشروع “إسلامية المعرفة” من خلال إقامتها في الولايات المتحدة في الثمانينات، وأبدت موافقتها على الانضمام إلى المشروع الذي بدا واعدًا بالنسبة لها في مراحله الأولى على الأقل. وقد أهلها تكوينُها المعرفي المتين، وتمكنها من الاطلاع على الأسس المعرفية الغربية، لأن تتولى (مشروع الفكر الغربي)، الذي تبناه المعهد العالمي للفكر الإسلامي، بعد رحيل الدكتور إسماعيل راجي الفاروقي عام 1986م. وكانت هذه المرحلة من أخصب مراحل حياتها الفكرية، وفيها قامت ببلورة رؤىً معرفية ذات خصوصية حضارية، ووظفتها في دراسة النظم السياسية.
على الرغم من أنها كانت تخطط لأن تكون إقامتها في الولايات المتحدة خلال حقبة الثمانينيات فترة مؤقتة تعود بعدها إلى الوطن واستئناف عملها بالجامعة، إلا أن الإقامة المؤقتة بفعل دواعي فكرية عديدة تحولت إلى إقامة دائمة استمرت حتى رحيلها عام 2008م، وهناك عملت أستاذًا للعلوم السياسية بجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية، منذ إنشائها عام 1996م. وفي مرحلة لاحقة قامت بتأسيس كرسي زهيرة عابدين للدراسات النسوية، وطرحت رؤاها النسوية من خلاله.
عُرف عن منى أبو الفضل تأثرها بشخصين، كان لهما أعمق الأثر في تكوينها الإنساني والمعرفي؛ فعلى الصعيد الإنساني؛ كان لشخصية الأم الدكتورة زهيرة عابدين –النموذج الواقعي المعيش- دور مهم في توجيه حياة الابنة، إذ “كشفَ هذا النموذج عن آثار التكوين العقدي (الإيماني) المتضافر مع تكوين تعليمي حديث، على إبراز نوع من المصداقية الواقعية، والقابلية الأساسية بالنسبة للمرأة المسلمة أن تتعاطى مع العصر، وإشكالياته المحلية والعالمية من منطلق حضاري متميز.”[1]. أما على الصعيد المعرفي؛ فقد كان لأستاذها وملهمها الدكتور حامد ربيع أثر لا ينكر في دفعها إلى تلمس دور الخصائص الحضارية في تكوين الرؤى المعرفية، وحفزها على إدراك الإمكانات المعرفية التي يحملها التراث الإسلامي، وهي الخصائص التي ينبغي بذل الجهد لإعادة تفعيلها في الدراسات المعاصرة.
خلفت أبو الفضل تراثا فكريا راقياً وأصيلاً، ونظراً لأنها كانت ممن يعرف البحث العلمي معاناة معرفية وهمًا يرتبط بمصير الأمة، فإن إنتاجها المعرفي من حيث الكم لا يُعد كبيرًا، ولكن إذا ما قيس بمعيار الأصالة المعرفية والعمق الفكري؛ فإنه يعد من أنفس ما أنتجه الفكر الإسلامي التجديدي في عقوده الأخيرة.
يأتي في صدارة مؤلفاتها العربية كتابها (الأمة القطب) ، الذي ألفته عام 1979م، وقد أرادت من خلاله التأسيس لمفهوم الأمة معرفيًا، ولفت الأنظار إلى أنها وحدة تحليل مركزية في دراسة التطورات السياسية في العالم الإسلامي. وهناك أيضاً كتابها (نحو منهاجية للتعامل مع مصادر التنظير الإسلامي) ، وقد طرحت من خلاله منهجًا للتناول المعرفي للمصادر التأسيسية الإسلامية، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية، مؤكدة على الإمكانات المعرفية التي يمكن أن يستخلصها الباحث الاجتماعي من هذه المصادر. ومن مؤلفاتها كذلك (المدخل المنهاجي لدراسة النظم السياسية العربية).
أما مؤلفاتها باللغة الإنجليزية فمن أهمها:
Alternative Perspectives: Islamic from Within.
Contrasting Epistemics: Tawhid, Social Science, and the Vocationist.
Cultural Parodies and Parodizing Cultures.
استجلاء المفاهيم
المنظور الحضاري والمعرفة التوحيدية
يتعذر علينا أن نلج إلى فكر منى أبو الفضل دون التوقف لاستجلاء بعض المفاهيم التي قامت بنحتها في سبيل تعاملها مع الظواهر الفكرية، وفي القلب منها يقع مفهوما: المنظور الحضاري، والرؤية التوحيدية، اللذان قامت بتفعيلهما، واتخذت منهما أداة للاقتراب في إطار دراساتها المختلفة.
وقد شرعت منى أبو الفضل في بلورة مفهوم “المنظور الحضاري” في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، بعدما لاحظت قصور الأدوات والمناهج الغربية عن الإحاطة ببعض الظواهر، وذلك بسبب عجز تلك الأدوات والمناهج عن إدراك طبيعة التباينات بين الأقاليم الحضارية المختلفة، وغضها الطرف عن واقع الخصوصية التي يتمتع بها إقليم دون آخر.
وحول ذكرياتها مع تأسيس المنظور، تذكر أبو الفضل أن إدماج مفهوم “حضاري” ضمن المجال الأكاديمي لم يكن يعني لها أن تقوم بتدريس مادة النظم السياسية العربية في الجامعة على خلفية “لوحة جدارية” هي الحضارة العربية، وإنما كان يعني تفعيل فكرة الحضارة، من خلال مفاهيم وأطر واقترابات منهجية، وإدخالها إلى حيز البحث العلمي المتعارف عليه.
وطيلة عقدين من الزمان عملت منى أبو الفضل على صقل المفهوم وبلورته، واستخدامه في حقول معرفية متعددة، حتى بات نسقًا معرفيًا متكاملاً، قابلاً لأن يُوظف ويُطبّق لدراسة وتشخيص سائر أبعاد الظاهرة الاجتماعية، ولم يعد قاصرًا على ظاهرة السلطة أو حقل العلوم السياسية. وكان من نتيجة ذلك أن شاع استخدام المنظور الحضاري في عدد من الأدبيات المعرفية، من قبل باحثين ينتمون لحقول معرفية متعددة، حتى أضحى مدرسة تتعدد فيها المفاهيم والمداخل[2].
ولا يتطابق مفهوم المنظور الحضاري مع مفهوم المنظور الإسلامي، ولا يعني كذلك صلاحيته للتطبيق على الظواهر والمجتمعات الإسلامية فقط؛ ذلك أنه رغم استمداده مفاهيمَ وقيمًا ومعانيَ إسلامية؛ إلا أن توظيفها وتفعيلها يتم ضمن الإطار المعرفي وخدمةً لأهداف بحثية، فهو نسق معرفي مفتوح، متجاوز ومستوعب، يمكن توظيفه في قراءة التاريخ الإنساني والثقافات المتباينة كما تؤكد صاحبته، وعليه فلا يمكن إدراج المنظور ضمن دائرة التوظيف الأيديولوجي للدين في نطاق البحث العلمي[3].
ويستبطن المنظور الحضاري منظومة معرفية توحيدية ذات خصائص مميزة، تجد مركزها في الإله الخالق المطلق، وهي تتميز بقيامها على إطار مرجعي جامع، هو التوحيد الذي ينفتح على عالم الغيب والشهادة انفتاحًا مزدوجًا؛ فهو ينفتح انفتاحًا رأسيًا حين تأخذ مصادره المعرفية بالوحي، ممثلاً في القرآن الكريم الذي يعد اللحمة الرابطة بين عالم الغيب وعالم الشهادة. والوحي هنا ليس أمرًا تاريخيًا، بل هو مصدر أساسي، تلتقي حوله الأبعاد القيمية الغيبية بالأبعاد المادية الحاضرة، وكذا ينفتح أفقيًا على الشعوب والحضارات المتباينة “الآخر”، وبهذا المعنى فهو نسق معرفي يتجاوز الخصوصية والذاتية، ليأخذ بسنة التعارف القرآنية كما تجسدها الآية الكريمة {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13][4].
وانطلاقاً من دراستها للأنساق المعرفية المتقابلة، تقارن منى أبو الفضل المنظومة المعرفية التوحيدية بالمنظومة الحداثية، وبينما تجد الخالق الإله هو ركيزة المنظومة المعرفية التوحيدية؛ فإن منظومة الحداثة قد أقصت الإله كلية، وأحلت العقل/الإنسان محله، باعتباره مركزًا ومرجعية، وأضفت عليه صفة الإطلاق، وصبغت بقية العناصر بالطابع النسبي. وقد ولّدت هذه المرجعية النسبية -حسبما ذهبت- نوعًا من التأرجح في الثقافة؛ إذ تتأرجح الأفكار كبندول الساعة بين طرف ونقيضه، بين المثالية القحة من جهة، والمادية المفرطة من جهة أخرى وبينهما مستمر.
“النسوية” في فكر منى أبو الفضل
في خضم انشغالها بدراسة الفكر الغربي ونقد أطروحاته المعرفية، بدأ اهتمام منى أبو الفضل بملف المرأة المسلمة مصادفة، بعد أن استرعى انتباهها الأهمية التي يحظى بها هذا الملف في دوائر الفكر بشكل عام، والنسوي بشكل خاص، وقد تزايدت هذه الأهمية في الربع الأخير من القرن الماضي، الذي حمل متغيرين أساسيين في التعاطي مع قضايا المرأة:
الأول: حين تم التأسيس للدراسات النسوية، باعتبارها حقلاً معرفيًا في إطار الأكاديميات الغربية.
والثاني: تحول قضايا حقوق الإنسان وضمنها قضايا المرأة إلى أداة تم توظيفها بيد القوى الكبرى المهيمنة، لإحداث التغيير في المجتمعات التي بدت عصية على الحداثة.
ولعل هذين المتغيرين هما اللذان دفعا منى أبو الفضل إلى أن تضع نصب عينيها ضرورة التأصيل لخطاب عالمي، يتعامل مع قضايا المرأة من منظور حضاري، وذلك تجاوزًا للخطاب الرسمي الذي يقر الوضع القائم، تمسكاً بمقولة أن الإسلام أعطى المرأة حقوقها، وتجاوزًا كذلك للخطاب الفقهي الذي تستغرقه التفاصيل والجزئيات، ولا يقدم رؤى كلية لقضايا المرأة.
وللخروج بتلك الرؤية إلى حيز التنفيذ؛ قامت بتأسيس كرسي زهيرة عابدين للدراسات النسوية في الولايات المتحدة عام 1998م، وأشهرت جمعية دراسات المرأة والحضارة بالقاهرة في العام التالي مباشرة، وقد حملت أدبياتهما صورة للخطاب الذي ارتأته أبو الفضل حول المرأة.
المنظومة التوحيدية وإعادة صياغة المفاهيم: آمنت منى أبو الفضل بأن تجاوز المنظور النسوي السائد لا يتم إلا عبر إسقاط المفاهيم الغربية السائدة، وإحلال مفاهيم أخرى محلها، مستقاةٍ من الخبرة الحضارية، ومستندة إلى الهدي القرآني، وفي هذا الصدد ارتأت أن مفهوم “النفس الواحدة” مفهوم محوري في صلب المنظومة المفهومية الإسلامية، بما يؤكد عليه من الوشائج التي تربط النساء بالرجال في إطار العبودية لله، وتوقفت أمام مفهوم “التكليف” للإنسان، و”التقوى” كمعيار تمايزه عند الله، وغيرها من المفاهيم التي تحمل مضامين لها دلالاتها العميقة والتي تناقض مفهوم “السلطة” المركزي في الفكر النسوي الذي يتمحور حول القوة وعلاقاتها.
ووفقًا للمنظومة التوحيدية، فإن السلطة والطاعة والخضوع إنما يكون لله، في إطار عقيدة جامعة، يشترك فيها الخلق جميعاً رجالاً ونساء؛ فالخضوع داخل شبكة العلاقات الاجتماعية ليس مرتبطًا بالمرأة (النوع)، ولا بوضع اجتماعي (طبقة)، لكنه ينسحب على المؤمنين جميعًا، الذين يسلمون لله (مالك الملك) طواعية ودون إكراه.
وإلى مفهوم آخر أصيل يمكن أن يشكِّل منطلقًا في التعامل مع المرأة تتوقف أبو الفضل أمام مفهوم “الولاية” القرآني كما صاغته الآية الكريمة {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [التوبة: 71]، وهو مفهوم من شأنه أن ينقل مركز الثقل من مفهوم القوة والصراع في النسوية الغربية، إلى مفهوم آخر مغاير وهو التضامن والتماسك في إطار الجماعة الإسلامية.
واستكمالاً لجهدها في تطوير منظومة مفاهيمية متكاملة حول المرأة، تعمد منى أبو الفضل إلى مقارنة المفاهيم الغربية بمثيلاتها الإسلامية، وتتخذ من مفهوم “المساواة” منطلقاً حين تتساءل: أين نحن من هذه القيمة المعنوية في إطار منظورنا الحضاري؟ وفي معرض إجابتها تشدد أبو الفضل على أن النتائج تختلف باختلاف المقدمات؛ فإذا كانت قيمة الفرد العليا في المنظومة المادية تبدأ بالمطالبة بتثمين جهده في مجال العمل بغية تحقيق المساواة في توفير فرص العمل والأجور وما إلى ذلك من حقوق مادية؛ فإنها في المقابل تجد أن “التسوية” في الإسلام تبدأ من المستوى الوجودي، منذ الخلق من نفس واحدة، ثم تجد ترجمتها بعد ذلك في المستويات العمرانية والاجتماعية المختلفة المبنية على صيغة التكافؤ، وانطلاقاً من مفهوم النفس تتأسس جملة من الأحكام الشرعية مفادها تحريم قتل النفس، وتكريم النفس سواء أكانت رجلاً أم امرأة دون أي تمييز بينهما[5].
سيرة المرأة في التاريخ الإسلامي “السيراتوغرافيا”: يشكل البحث عن موقع المرأة المسلمة في التاريخ الإسلامي -الذي أفردت له محور العدد الثاني من دورية المرأة والحضارة- ركنًا ركيناً من أركان مشروع منى أبو الفضل النسوي، الذي ينبني على مسَلّمة أولية قوامها الارتباط العضوي بين المرأة والأمة، وأن دراسة تاريخ المرأة هو أحد مداخل دراسة تاريخ الأمة بشكل كلي، “فنحن لا ننظر للمرأة بجنسها أو بمفردها، بل ننظر لدورها العمراني وللفعل الذي قامت به، بصفته جزءًا من سياق ونسيج وأدوار متداخلة وممتدة في التاريخ”[6]. وانطلاقاً من هذا المنظور، لا تعد منى أبو الفضل قضية المرأة أو مراجعة دورها هدفًا في حد ذاته -على ما لها من أهمية- ولكنها مدخل في غاية الأهمية عند استهداف قراءة تاريخ الفعالية الحضارية للأمة.
وفي سياق بحثها عن موضع المرأة في التاريخ الإسلامي، تضع منى أبو الفضل بعض الاشتراطات المنهجية اللازم توافرها عند بحث تاريخ المرأة، ومن أهمها: عدم الانزلاق وراء المقولات التي تدعم دراسة التاريخ الاجتماعي في مقابل التاريخ السياسي، باعتبارها أطروحة مادية تؤطر للاجتماعي في سياق بنى تحتية اقتصادية وطبقية، وهي بذلك تتناقض مع منطلقاتنا المعرفية، حين تختزل المجتمع وأفراده في أحد أبعاده، وهو البعد المادي والاقتصادي.
وتفعيلاً لهذا المنظور قامت منى أبو الفضل بتدشين مشروع “الأم أمة”، الذي يبحث في سيرة المرأة المسلمة المعاصرة، ويؤسس المشروع لمنهجية جديدة في كتابة السير تحت باب “السيراتوغرافيا”، وقد اتخذ من سيرة أم الأطباء الدكتورة زهيرة حافظ عابدين نموذجًا تطبيقيًا في طرح واختبار هذه المنهجية، وقد صدرت أولى كتابات المشروع تحت عنوان: “أم الأطباء المصريين: مجلد تذكاري” قبيل انتقال الدكتورة منى أبو الفضل إلى رحاب ربها بفترة قصيرة، وكانت تنوي أن تتبعه بآخر عن بنت الشاطئ.
معالم قراءة نسوية مغايرة: لقد استطاعت منى أبو الفضل -من خلال بحوثها وأدبياتها- أن تطرح معالم قراءة نسوية مغايرة، تميزت بعدة خصائص؛ فهي قراءة واعية بالمنطلقات والغايات التي يستبطنها الخطاب النسوي عن وعي منه أو دون وعي، وهي أيضًا قراءة واعية بما يطلق عليه “ما قبل المنهج”، الذي يتحكم في الأجندة البحثية ويحدد مسبقًا المفاهيم والأطر والتساؤلات المنهجية، الأمر الذي يجعل البحث العلمي لا يبرح أطره المرسومة، ويعيد إنتاج مقولاته دون أن يتجاوزها إلى غيرها، وهذا الوعي بهذه البنية المستبطنة يسمح للقراءة المغايرة أن تتحرر من أسر القراءة السائدة، وتنطلق من أسئلة أخرى غير معهودة، لتصل إلى نتائج جديدة تفتح آفاقاً جديدة أمام البحث العلمي.
وتتسم القراءة المغايرة بكونها قراءة نقدية، قادرة على نقد الخطاب النسوي السائد وتفكيك مقولاته، وهذا لا يعني أن غايتها هو الهدم والتقويض، وإنما غايتها الحقيقية تجاوُز ذلك إلى بناء خطاب نسوي جديد يتسم بالتركيبية والشمول وعدم تقطيع الظواهر، ومن ثم قدرته على التعامل مع الظواهر الحضارية المركبة[7].
وختاماً يمكننا القول إن د.منى أبو الفضل سعت لتأسيس خطاب نسوي بديل، ينطلق من الأرضية الحضارية ويستند إلى مفاهيمها وقيمها، واستطاعت في هذا الصدد تقديم نَوَيَات أولية، وإطارًا منهجيًا مقبولاً، يمكن مواصلة البناء عليهما لإنتاج خطاب نسوي إسلامي يتجاوز خانة رد الفعل، وينفك عن نظرية المؤامرة التي حكمته منذ تأسيسه.
مؤلفات د. منى أبو الفضل
كتب
- الأمة القطب: نحو تأصيل منهاجي لمفهوم الأمة في الإسلام. القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996. 63 ص.
- نحو منهاجية للتعامل مع مصادر التنظير الإسلامي بين المقدمات والمقومات. القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996. 54 ص.
- مراجعة في خطابات معاصرة حول المرأة: نحو منظور حضاري. الجيزة: برنامج حوار الحضارات، 2007. 397 ص.
- أم الأطباء الدكتورة زهيرة عابدين: شهادة وفاء وعرفان: كتاب تذكاري/ إعداد وتحرير منى عبد المنعم أبو الفضل. القاهرة: جمعية دراسات المرأة والحضارة، 2008.
- مفاهيم محورية في المنهج والمنهاجية/ منى عبد المنعم أبو الفضل، طه جابر العلواني. القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، 2009.
- نحو إعادة بناء علوم الأمة الاجتماعية والشرعية: مراجعات منهاجية وتاريخية/ منى عبد المنعم أبو الفضل، طه جابر العلواني. القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، 2009.
- Alternative Perspectives: Islamic from Within.
- Contrasting Epistemic: Tawhid, Social Science, and the Vocationist.
- Paradigms in Political Science Revisited.
- Cultural Parodies and Parodizing Cultures.
- Islam and the Middle East.
- Where East Meets West: The West on the Agenda of the Islamic Revival.
أبحاث ومقالات
- السياق الدولي والفكري للقضية: ملاحظات أولية. في: مؤتمر الهوية الإسلامية في أوروبا.. إشكاليات الإندماج: قراءة في المشهد الفرنسي. الجيزة: برنامج حوار الحضارات، 2005.
- النظرية الاجتماعية المعاصرة: نحو طرح توحيدي في أصول التنظير ودواعي البديل. إسلامية المعرفة ع. 6. 1996.
- المنظور الحضاري في دراسة النظم السياسية العربية: التعريف بماهية المنطقة العربية. إسلامية المعرفة ع. 9. 1997.
- نحو تأصيل منهاجي لمفهوم الأمة في الإسلام. قضايا إسلامية معاصرة ع. 11. 2000.
- نحو منظور حضاري لقراءة سيرة وتاريخ المرأة المسلمة : تعقيب على ملف العدد والحلقة النقاشية. المرأة والحضارة ع. 1. 2000
- مراجعات في تاريخ الأمة: المرأة وحركات الإصلاح والتجديد – إطلالة معرفية. المرأة والحضارة ع. 1. 2000.
- بنت الشاطئ: خطاب المرأة أم خطاب العصر؟ مدرسة في جينيولجيا النخب الثقافية 22 – 23 مارس 2000 القاهرة. “ندوة”. المرأة والحضارة ع. 1. 2000.
- Orientalism: A selected bibliography on Muslim Women: 1850 – 1940. المرأة والحضارة ع. 1. 2000.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
¨ دكتوراة في التاريخ من كلية الآداب جامعة القاهرة.
[1] منى أبو الفضل، نحو تطوير منظور حضاري معرفي لدراسات المرأة.
http://www.aswic.net/DrMonaPapers.aspx
[2] منى أبو الفضل (2000)” المنظور الحضاري وخبرة تدريس النظم السياسية العربية”، محاضرة منشورة ضمن أعمال دورة المنهجية الإسلامية في دراسة العلوم الاجتماعية.. علم السياسة نموذجًا/ إشراف سيف الدين عبد الفتاح ونادية مصطفى. القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية.
[3] منى أبو الفضل، هند مصطفى علي (2000). خطاب النهضة في عصر النهضة: قراءة بديلة. في: أعمال ندوة مائة عام على تحرير المرأة. القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة. ص 291.
[4] نقلا عن: التقرير العام عن الدورة التدريبية التي عقدت بالرباط عام 1999 لمجموعة “الفهرية للدراسات الحضارية”، التي ترأستها منى أبو الفضل.
[5] منى أبو الفضل (2001). نحو منظور حضاري لقراءة سيرة وتاريخ المرأة المسلمة. المرأة والحضارة. ع. 2. ص ص. 162-163.
[6] المرجع السابق، ص 164.
[7] منى أبو الفضل، هند مصطفى علي (2000). “خطاب النهضة في عصر النهضة: قراءة بديلة”، مرجع سابق، ص 292-293.