الشهادة في القرآن الكريم

الشهادة في القرآن الكريم *

أ. د. هبة مشهور **

“واليوم الموعود (2) وشاهد ومشهود (3)”

البروج

“… كل شهادة مسئولة تؤدي إلى تجربة شعرية في اللغة.”

دريدا: سياسة وشاعرية الشهادة

Politique et poétique du témoignage

اعتناق الإسلام كدين ومستقر يبدأ بالشهادة: “أشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله”. هذا الجهر بالعقيدة، وهذه الشهادة بالتوحيد وبالاعتراف بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم هي أول ركن من أركان الإسلام الخمسة. هذه الشهادة التي تسبق الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، تعتبر في حد ذاتها هي جوهر الدخول إلى الإسلام؛ دون الإتيان بأي فعل وقبل ممارسة أية شعائر دينية. ومن هنا تتجلى أهمية وتفرد هذا الفعل الإنجازي، والوضع المميز للشهادة في الإسلام وفي نصه المحفوظ ألا وهو القرآن الكريم.

والفعل “أشهد” له مصدر ثلاثي “شـ هـ د”، وتتعدد مشتقات هذا المصدر في النص القرآني: فمنها الفعل “شهد”، والأسماء “شهادة”، “مشهود” و”مشهد” بمعنى ما يشهد عليه، وأخيرا من يقوم بفعل الشهادة وله صورتين لغويتين في القرآن الكريم: “شاهد” و”شهيد”، والجمع منهما: “شهداء” و”شهود” وبصيغة قليلة الورود “أشهاد”.

ويمكننا إدراك كم يزخر هذا المفهوم بثراء في النص القرآني؛ حيث نجد 159 تكرارا لهذا المصدر ومشتقاته. وسوف نحاول قراءة كيفية توظيف هذا التوارد وتنسيقه في شبكة تمكننا من الوقوف على الدلالات والمعاني المتعلقة بمفهوم الشهادة واندراجها في منطق النص القرآني.

وسوف نحاول من خلال قراءتنا للشهادة تناول مفرداتها وفقا لمعايير صرفية؛ وهكذا نقرأ الفعل بصورتيه الموجودتين في النص، والاسم بمختلف مظاهره: الصادر عنه الشهادة “شاهد”، ومايصدر عنه “الشهادة” نفسها، ومرجعيتها “المشهود عليه”.

-1- في فعل الشهادة:

-1- أ. الفعل الإنجازي

وفقا للتعريف الذي ساقه “بنفينيست” Benveniste، و”أوستن” Austin، للتمييز بين إنجازي (تفعيلي) وتقريري، فإن الفعل “أشهد” يعتبر إنجازيا (تفعيلي) عندما يستعمل في صيغة المضارع ومع ضمير المتكلم. فهو قول/ فعل. ويوضح بنفينيست خصوصية هذا الفعل:

“ولهذا فإنه (الإنجازي) يعد تعبيرا لغويا حيث ينبغي النطق به، فضلا عن كونه حقيقة واقعة لأنه قيام بفعل. وعندئذ يتماهى الفعل مع ملفوظ الفعل. ويصبح المدلول هو نفسه المرجعية (…). فيصبح الملفوظ ، الذي يكون في حد ذاته مرجعا، ذاتي المرجعية”. [ص.274]

وبخلاف الصيغة التقريرية أو صيغة الأمر التي تستتبع فعلا أو ينتج عنها، فإن الإنجازي (التفعيلي) يربط بين القول والفعل في الواقع. مثال في قول “أعد بـ …” فإن الوعد ذاته التزام عن طريق الكلمة، وكما في الملفوظ “أشهد بـ …” أو “أشهد أن …” فإن ملفوظ الشهادة فعل قضائي واعتراف يتم بواسطة الكلمة حتى قبل أن يحدد ما يُشهد عليه.

وهكذا فإن “الملفوظ الإنجازي (التفعيلي) ليس من شأنه أن يغير وضع شخص، ولكنه في حد ذاته فعل. فالملفوظ هو عين الفعل. والناطق به يقوم بالفعل في وقت التعبير عنه. وفي هذا الملفوظ يخضع الشكل اللغوي لنموذج محدد ألا وهو استعمال الفعل في صيغة المضارع مع ضمير المتكلم.” [سابق]

باستعمال صيغة المضارع مع ضمير المتكلم، يكون الفعل “أشهد” فعلا مزدوجا وانعكاسيا، انطلاقا من الواقع غير اللغوي ورجوعا إليه. فعندما يصدر عن ضمير المتكلم “أنا” شهادة فإنه يصيغها انطلاقا من حدث – تحقق منه،عاينه،..إلخ.- فينتج عنها فعل مزدوج: أولهما التلفظ بها وثانيهما إدراج هذه الشهادة في التحقيق القضائي. وهكذا فالملفوظ يرتكزعلى ما هو غير لغوي ويجعله يكون. فيتحول إذن من الواقع الحقيقي المعاش إلى الحقيقة العلنية القانونية. ما ينتج عنه تغير في وضع الحدث وتغير في وضع الناطق بهذا التلفظ، الذي يلتزم بما يتلفظ به فيصبح شاهدا ومعيارا للحقيقة. فهو “فعل هيمنة” كما يعرفه بنفينيست Benveniste ، ولكن يمارسه الفاعل (المتلفِظ) بنفسه وعلى نفسه وعلى الواقع. ويتضح أن الفعل الإنجازي هنا أصبح قياما بفعل عن طريق الإدلاء بالكلمة ووضعية ضمير المتكلم في صدارة التلفظ. إن ملفوظ الشهادة هو ملفوظ ذو قوة خطابية خاصة، ذاتية، وحية، ومحدِدة. وتكمن قوتها في كونها فعل الإدلاء بالكلمة كما تؤكد “آيا أونو”Aya Ono  : “هو فعل يتحقق داخل الفعل التلفظي وبواسطته.” [ص.89].

ونجد الفعل “شهد” بصورته الإنجازية (التفعيلية) في أربع مواضع في القرآن الكريم. فأول استعمال للفعل “أشهد” أو “نشهد” ورد في السورة السادسة وهي سورة الأنعام آية 19. حيث نقرأ رفضا للفاعل أن يشهد ضد حقيقة، ألا وهي وحدانية الله. وصيغة الإنجازي هي الخلاصة التي ينتهي إليها عرض عملية الإثبات بالبرهان؛ بداية من سؤال:” قل أي شيء أكبر شهادة؟” فالاحتكام إلى الله سبحانه وتعالى ليقوم بالحكم بين النبي والمشركين، الذين يشهدون، هم، بوجود آلهة أخرى مع الله عز وجل. ليجيء رد النبي بصيغة الإنجازي ليقول: “قل لا أشهد”. وهو رد يندرج فيما يُملي على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الأمر من الذي أوحى القرآن على نبيه وهو الله سبحانه وتعالى بصيغة الأمر في الفعل : “قل”. والتمييز بين ثنائية الأشخاص تظهر بالتضاد بين “أئنكم لتشهدون” قيمة تقريرية للفعل “شهد” تعرض شهادة زور، وبين “لا أشهد” قيمة تفعيلية للفعل “شهد” على لسان النبي سيقت لرفض عقيدة باطلة. في أول مرة يرد هذا الاستعمال الإنجازي في النص القرآني جاء مسبوقا بصيغة أمر كثيرة التكرار، وهي لفظ :”قل”. وهي تحيل إلى إملاء للقول أصبح جزءا من متن القول ومن النص نفسه، لافتا إلى خصوصية عملية التلفظ في بداية الوحي بالقرآن الكريم. صيغة الأمر التي تسبق صيغة الإنجازي فى هذه الآية تعطي النص قوة خطابية ثنائية لتؤكد على التصريح الأعظم الذي يليها ألا وهو: “قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون”. هذا الإعلان من حيث الموضع ومن حيث طريقة الصياغة هو إدراج عملية العقيدة في قرينة نصية.

أما الموضع الثاني الإنجازي من “شهد” فيأتي في السورة نفسها في الآية 130، في خطاب موجه من الله سبحانه وتعالى إلى معشر الجن والإنس، إذن خطاب إلى خلق الله جميعا. وفيه يستدعى أعضاء هذا المجتمع الكبير والمتباين للشهادة لتبرئة ساحتهم؛ ولكنهم يشهدون على أنفسهم بضلالهم رغم نذررسل الله لهم. في هذه الآية يتم التحول من الإنجازي في قوله : “قالوا شهدنا على أنفسنا” إلى التقريري في قوله: “وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين”. هذا الحديث الحيوي يسجل في صوت الرواية؛ ولكن فعل “شهد” يبقي فعلا يربط بين الواقع غير اللغوي بالفاعل- الشاهد بواسطة معاهدة وقول تعاقدي لبيان الحقيقة: حيث يكون الشاهد جزءا من إقراره بما يشهد عليه.

أما الموضع الثالث لـ”شهد” في صيغة الإنجازي تأتي في إطار حوار بين الله عز وجل وبني آدم، في سورة الأعراف آية 172 :” ألست بربكم؟” فأجابوا بملفوظ الشهادة : “قالوا بلى شهدنا”. ولا يظهر في هذا الملفوظ مضمون الشهادة فهو شهادة مطلقة دليلها وجودهم في حد ذاته: فهم كائنات مخلوقة وجودها يشهد على وجود خالقها. فتتداخل الشهادة والمشهود عليه بل وتتطابق؛ فإذا كان الله عز وجل يدعو الناس للشهادة على ربوبيته وعلى قدرته، فهم يشهدون على ذلك بكيانهم كله –قولا ووجودا- لأنهم هم بالفعل دليل مطلق قدرته سبحانه.

وأخيرا نقرأ المرة الرابعة التي ورد فيها الفعل “يشهد” في صيغة الإنجازي في الآية الافتتاحية لسورة المنافقون (63) : ” إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون”. الفعل الإنجازي “نشهد” سيق هنا على أنه ملفوظ نفاق. فمضمون الشهادة نفسها حقيقي –بتقرير الله عزوجل لها؛ ولكن هذا المضمون يتعارض مع الوضع التلفظي ألا وهو طبيعة وحقيقة الناطق بالتلفظ. فطبيعة الشاهد هي التي يشوبها التدليس، فينتج عنها مفارقة بين الشهادة والشاهد –نقيض الحال في المثال السابق- على الرغم من أن ما يميز الفعل الإنجازي هو إنشاء هذه الربط والاتحاد بين الفاعل وما يتلفظ به. فنقرأ هنا “شهادة عكسية” والتي تتعدى الشهادة الزور برغبة الشهود بتكتم وإخفاء حقيقتهم وإظهار “حقيقة” هم لا يوقنون بها؛ وهنا تكمن أهمية الإدانة الإلهية لهم: فإن الله يعلم الحقيقة ويشهد على كذبهم. هذه الشهادة هي إذن إقرار، ودليل إثبات، وإدانة للمنافقين، فالسورة تحمل عنوانا “المنافقون” ما من شأنه إبراز حقيقة هذه الفئة من البشر منذ مطلع السورة : فهم ينطقون بكلام مخالف لسريرتهم.

في هذه المواضع الأربعة للاستعمال الإنجازي، ورد الفعل في المرة الأولى فقط مع ضمير المتكلم المفرد الذي يعود على النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرفض أن يقر شهادة زور، بينما يؤكد اليمين الغموس الصادر عن المشركين على الانفصالية الثنائية ويبرز – بالتضاد- شهادة الحق التي يدلي بها النبي صلى الله عليه وسلم. ويمكننا كذلك أن نلاحظ من خلال محور الإنجازي الذي انتهينا من قراءته أن القوة الخطابية للفعل “شهد” تُفعِّل العلاقة المتأزمة –بالمعنى الجذري لكلمة أزمة- بين مؤمنين ومشركين وتشكل إنذارا للأخيرين. وهكذا فإن القول الحيوي ينم عن قوة عملية التلفظ ووظيفتها كشاهد على الحقيقة.

-1- ب. التقريري

استعمال الفعل “شهد” في النص مع غير ضمير المتكلم وفي تصريف غير المضارع يحول قيمة الفعل إلى التقريرية.

“إعادة ذكر الملفوظ الإنجازي بغيره يحوله بالضرورة إلى ملفوظ تقريري”.[بنفينيست Benveniste ص.273]

أما المواضع الأخرى للصيغة التقريرية للشهادة فتعرض تنوعا كبيرا من ضمائر الفاعل (غير محدد، محدد)، وتنوعا في موضوع الشهادة. ولكن فعل الشهادة يرتكز أساسا، كما يظهر منذ سورة البقرة وهي السورة الثانية في المصحف وأول السور الطوال، على الشهادة عن معرفة ويقين ليقر على حقيقة. ففي سورة البقرة الآية 84، نقرأ الميثاق بين الله سبحانه وتعالى وبني إسرائيل الذين يشهدون في نهايته عليه ويقرونه.

ثم تكون الشهادة انطلاقا من حضور فعلي ومادي وشهادة عيان: من شهد ميلاد هلال رمضان ورآه رؤيا العين وجب عليه الصوم (البقرة، 185)؛ وهذان الاستعمالان الأوليان للمعنى التقريري للفعل “شهد” هما المحوران الأساسيان لهذا المعنى وسوف يتولدان في أشكال أخرى حتى نهاية النص.

ونستشعر من ذلك أن الشهادة في القرآن الكريم هي دعوة لإثبات الوجود، واستدعاء بالقوة الخطابية لصيغة الأمر في كثير من الآيات[1].  وقد تتحول الشهادة إلى واجب تفرضه العدالة لتحقيق ضرورة اجتماعية (كما في حالة الدين) نتيجة لوجود الشاهد في الحدث في وقت وظرف محددين. وكذلك فإن الحواريين يطلبون شهادة الله والمسيح لهم، ويستدعي الله عز وجل البشر للشهادة على حقيقة خلقهم من واقع كونهم مخلوقين.

وتفضي الشبكات الدلالية للفعل “شهد” إلى إدراج الشهادة في فعل الإثبات بشهادة الشهود في إطار إقرار الحق والعدل والدقة، بداية من شهادة العيان، والمشاهدة المادية وعن قرب للواقع المشهود عليه[2]، وصولا إلى الشهادة بكلمة الشرف ألا وهي الشهادة على حقيقة مثل الكتاب واليوم الآخر. وجميع صور الشهادة تميز بين شهادة الحق –وهي بالفعل الأكثر ورودا في النص- وشهادة الباطل أو الزور التي يعرف الموصوم بها بالفسوق عن الحق ويعتبر ارتكابها ذنب يعاقب عليه بشدة[3].

ونستخرج من النص القرآني موضعين هامين للتعبير بالفعل “شهد”: أولهما سورة آل عمران الآية 18، حيث يذكر ملفوظ الشهادة في أول الآية ثم يعاد ذكره في نهايتها بصيغة تقريرية تأكيدية؛ ويبدأ ملفوظ الشهادة في أول الآية بـ: “شهد الله أنه…” حيث يأتي بعد ذلك ذكر شهود آخرين على مضمون الشهادة وهم الملائكة وأولو العلم، ولكن الله هو أصل هذه الشهادة ومن هنا ينتج الإلغاء البنائي لباقي الشهود بعد ذكر ملفوظ الشهادة. وهكذا ينشأ تدرج لحضور الشهود. وتنتهي الآية بجملة تقريرية مما ينم عن تطابق الشاهد والمشهود عليه ألا وهو الله عز وجل باستعمال ضمير الغائب “هو” مما يُكسب الشهادة المنطوقة قيمة الإنجازي (التفعيلي)، لأنه سبحانه وتعالى هو الواحد ،الموجود في كل زمان ومكان: هوالشاهد على نفسه بنفسه.

أما الموضع الثاني فتنبع أهميته من كونه يعرض حدث الشهادة كمعيار استراتيجي للتمييز بين موقف النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين ووضعهما في ثنائية على طرفي النقيض. فالآيتان 19 و150 من سورة الأنعام  تعرضان صراعا بين هذين الحزبين تندرج تحت ملفوظ بصيغة الأمر:”قل”. والنبي صلى الله عليه وسلم يرفض أن ينضم إلى شهادة المشركين التي تسبق شهادته في الآيتين، ورفضه هذا الذي يسبقه فعل الأمر “قل” وتنفيذه إياه يؤكد عدم صحة شهادة المشركين ويدحضها. ووجود الآيتين في نفس السورة يوضح التركيب ذاته الذي يتمحور حول عملية الشهادة والتي تكون هي المحرك له، كونه فعل يقوم به أشخاص موجودون في نفس الوقت تجمعهما علاقة صراع ينشأعنها أزمة.

-2- الشاهد بصفته الفاعل.

تعريف الشاهد في اللغة العربية[4]، هو الحاضر في مكان محدد، ويشهد حدثا معاينا ثم يبينه بالإخبار عنه ويثبته بالقول. فالشاهد إذن هو محل الدقة والعدل ونقطة تحول الواقع المرئي الملاحظ إلى فعل لغوي ينقل الحقيقة ويسجلها في تحقيق علني وقانوني. وهو ما يكسب الشاهد وضعا مميزا على مستوى البشرية وعلى مستوى المجتمع.

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث شريف: “خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها.” فيتعين على الشاهد إذن لا أن يكون موجودا في الواقع غير اللغوي فقط ولكن أن يربط هذا الواقع بتحويله إلى كود لغوي بهدف تحقيق العدالة وتقديمه في صياغة مناسبة وحقيقية. إنه واجب لإحقاق الحق. ومن ثم يحظى الشاهد بوضع متفرد في اللغة والثقافة والتراث العربي والإسلامي. ومن ذلك ما ذكر في سورة المدثر الآية 13 “وبنين شهودا”: فقد جاء ذكرهم في سياق إعطاء الدليل على منزلة الشخص الذي تتحدث عنه الآيات السابقة واللاحقة.

ونلاحظ أن القرآن الكريم يضع نسقا تدريجيا للشهود: فالشاهد المطلق هو الله عز وجل و”الشهيد” من أسمائه الحسنى، فهو الحاضر بدليل كل ما خلق، إنه الحاضر المطلق الذي لا يغيب عن علمه شيء، فهو البرهان والحقيقة. أما على مستوى البشر فإن اسمي الفاعل “شاهد” و”شهيد” يدلان على القائم بالشهادة، والثاني أكثر دلالة على مطلق الشهادة وفقا لتعريفات لسان العرب لا سيما انه اسم من اسماء الله الحسنى (والذي تكرر15 مرة) في النص القرآني. كما أن “شهيد” يستعمل للتعبير عمن قٌتل في سبيل الله[5]. وفي تعريف معجم لسان العرب: “والشهادة تكون للأفضل فالأفضل من الأمة، وأفضلهم من قٌتل في سبيل الله”. ولذلك يرقى إلى منزلة الشاهد، خاصة وأن الشهيد يكون ميتا بين البشر حيا عند الله[6]، فهو إذن ينتقل إلى الخلود، ويكون أكثر أهلية للعدل، ويرقى إلى مصاف الأنبياء من بين البشر.

ويتعلق دور الشاهد وفعله في النص القرآني غالبا بالعدالة “القسط”، فالشاهد يجب أن يتوفر فيه صفة النزاهة والشرف والاستقامة؛ ولذلك فوجود الشاهد منصوص عليه وجوبا في كتابة عقد الدين (البقرة آية 282، و283)، وفي واقعة الزنا حيث تكون كلمة الشاهد قطعية وأكيدة، وويتوقف عليها أمام الله عز وجل إدانة أو تبرئة المتهم بها (النور الآية 2، و8). ولكن هناك حالة لشاهد لم يحضر الواقعة المشهود عليها؛ ففي قصة سيدنا يوسف يُستدعي أحد أهل زوجة العزيز ليقطع في إدانتها ليوسف عليه السلام، فكان يشهد بالقرائن لا بالعيان[7]

وعلى مستوى آخر نجد أن من صفات النبي في القرآن الكريم أنه شاهد (سورة الأحزاب آية 45، وسورة الفتح آية 8): “إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا”. وهذا الدور الموكل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك أنه يرتبط بنزاهته وعدالته، ولكنه فضلا عن هذا يرتبط بدوره كشخصية مركزية ومحورية للأمة، وهي أمة وصفت في متن القرآن بأنها أمة وسطا (البقرة 143)، شاهدة على غيرها من الأمم. وهذا التدرج في اتساع الدوائر حول مركز معين وهو الرسول صلى الله عليه وسلم كشاهد مركزي ثم دوائر الشهود من حوله: الناس والأمة والأمم يمثل تسلسلا تدريجيا لمراتب الشاهد، وتدرجا للمسئولية، وانتقالا من كيان إلى آخر بهدف الشهادة الحق في اليوم الحق، اليوم الآخر.

ودور الشاهد في القرآن الكريم يعتبر تكليفا منوط به أفراد وشخصيات، وهذا الدور ليس اختيارا طوعيا  بل قد يكون في بعض الأحيان تكليفا يقوم به الشاهد بحكم صفته أو خصوصية موقعه. وهكذا تُستنطق للشهادة على الإنسان في اليوم الآخر أعضاؤه وجوارحه: الأرجل، والأيدي، واللسان، والسمع، والبصر، والجلد، فكلها تأتي كشهود نفي عن صاحبهم. حيث يدعوهم الخالق عز وجل الذي يجعلهم ينطقون ليشهدوا من واقع قربهم وعدم تعرضهم للفساد (سورة النور آية 24، سورة يس آية 65، سورة فصلت آية 20، و21). وهم يرقون إلى هذه الدرجة بفضل ما يتميزون به من صفة الشهود، وبفضل مشيئة الخالق وقدرته على إنطاقهم.

ويرتبط وجود الشاهد الذي يكشف حقيقة كل إنسان باليوم الحق فقط: (سورة ق، آية 21 ): “وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد”؛ واستعمال لفظ شهيد في هذه الآية أنسب للدلالة على أنه الشاهد المطلق على كل نفس بشرية. وها هو شاهد آخر وهو الكتاب الخاص بكل فرد والذي سُجل فيه كل أفعال الإنسان وتفاصيل حياته، والذي ينطق بدوره (سورة الجاثية: آية 29). فيشهد على الإنسان إذن شاهدا عيان يقدمان بشهادتهما المنطوقة تقريرا وكشف حساب بالحق عن حياته. ويبين النص القرآني أن الله قد أعطى حق الكلمة حتى لأعضاء الجسم البشري، وهي في أصل تعريفها صماء، لتشهد على الإنسان بدورها: “… قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء” (سورة فصلت آية 21). كتاب منسوخ وشهادة شهود: أليسا هما نوعي التسجيل والتذكير والتلفظ المتبعان لإقامة العدالة.

وهكذا فإننا نقرأ في النص القرآني تعددا للشهود وتنوعا فيهم سواء في هذه الحياة الدنيا أو في الآخرة. ويشغل هؤلاء الشهود مساحة الوجود الإنساني بالكامل؛ وكل روح تبدو وكأنها شاهد محتمل أو أفتراضى، وهذا النسق المتدرج للشهود يفضي إلى تحقيق العدالة على جميع المستويات، حيث يكون كل شاهد هو الضامن لعلاقته بالحقيقة، والمتقدم بشهادته لـ”الشهيد” عزو جل بهدف إحقاق الحق واستجلاء اعتراف شامل ومطلق. فينشأ عن ذلك علاقة ديناميكية متبادلة لإثبات الحقيقة وتوثيقها بين كل شاهد وآخر: وهكذا فإن الأحبار وعلماء الدين هم الشهود على الكتاب (سورة المائدة، آية 44)، والكتاب شاهد على نفسه (سورة هود آية 17). ثم تأتي آخر مرة يذُكر فيها لفظ شهيد في النص القرآني في سورة العاديات، آية 7 حيث يكون الإنسان شاهد إثبات على نفسه، مدينا نفسه بجحود ربه إن هو فضل حب المال في الدنيا على تقوى الله.

ثم نقرأ لفظ (أشهاد) جمع شهيد، وهو استعمال قليل في اللغة وفي النص القرآني، فلم يأت ذكره سوى مرتين في القرآن الكريم (سورة هود آية 18، وسورة غافر آية 51) ليقصد به الشهود على الإطلاق (كالملائكة وكل من يقوم بالشهادة) في اليوم الآخر. وصيغة الجمع تدل على وجود الدليل الذي لا يمكن دحضه في الشهادة.

دور الشاهد يبدو إذن دورا عمليا، وتلفظيا، يتم كظاهرة، وينقل الحدث المرئي إلى فعل تلفظ وإخبار بالشهادة. هو فعل إنجازي وحدث لغوي ذو علاقة وثيقة بما هو خارج عن اللغة يتم بواسطة نشاطين: الرؤية والإخبار عنها بالكلام. فالشاهد يشهد وقوع حدث ثم يخبر عن وقوعه في فعل تلفظ بالحقيقة. وهذا التلفظ ألا وهو الشهادة، تؤكد وجود حدين والاعتراف بهما وتطابقهما: ألا وهما الشاهد وما يشهد عليه.

-3- الشهادة تأكيد والتزام

تبين لنا من خلال قراءة فعل الشهادة وفاعله الرئيسي وهو الشاهد، أن الشهادة هي تلفظ إنجازي يصل بين الحدث والكشف العلني عنه بواسطة تدخل ذاتي. وهذا التدخل مسئولية، وواجب، وإعلان عام. ولذلك كان إخفاء الشهادة إثما كبيرا، كما ورد في أول مرة يذكر فيها لفظ الشهادة في النص القرآني: “ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله …” (البقرة، 140). فالشهادة في الأصل كما ينص القرآن الكريم متعلقة بالله : كما في حالة الديون (البقرة، 282)، أو الوصية (البقرة، 182 والمائدة، 107، 108) أو لإظهار البراءة من فاحشة الزنا أو الإدانة بها (النور، 4 و8) أو في حالة الطلاق (الطلاق، 2). في كل مرة ذكر فيها لفظ الشهادة كان مرتبطا بالله سبحانه وتعالى، فهو جل وعلا المتلقي الأخير لها، وإليه يجب أن توجه، ومن هنا كان القيام بالشهادة واجب هام ودقيق. فكتم الشهادة أو شهادة الزور إثم يرتكب في حق الله ويتسبب في ضياع الحقوق بين البشر.

ولذلك تصبح الشهادة تلفظا مقدسا لأنه ينشيء علاقة بين المتلفظ وربه سبحانه وتعالى. فالقيام بالشهادة الحق تجعل المؤمن مقبولا عند ربه ومقربا؛ وفي الآية 33 من سورة المعارج يرقى المؤمنون القائمون بشهادتهم إلى مرتبة الضامنين للعدل والحق .

وهكذا فإن الحدث المشاهَد المخبَر عنه بالشهادة يختلف عن الحدث المشاهد والمعلوم للشخص نفسه فقط؛ فبإضافته إلى ذاتية الشاهد عليه تنشأ علاقة مباشرة بغير وسيط بين الناطق به والله الشهيد على كل شيء. فكلمة الشهادة تستلزم بالضرورة المشاهدة، فمن أفعال المصدر (شـ هـ د) “شاهد” و”شهد” أي حضر ورأى بأم عينيه، فالشهادة في القرآن الكريم تقتضي الحضور والرؤية، ولذلك فإن من أسماء الله الحسنى “عالم الغيب والشهادة”، ويتكرر هذا الاسم العظيم في سبع مواضع في القرآن الكريم، وهو اسم من أسمائه الحسنى يدل على العلم الكامل والمطلق: للمرئي وغير المرئي، إحاطة تامة من الخالق جل وعلا لخلقه.

ويتبين من خلال النص القرآني أن الشهادة تكون لله، وأن الشاهد يكون هو الضامن والمسئول الوحيد عن صحتها. فعل ذاتي شخصي في المقام الأول فضلا عن كونه قول مقدس، حيث يرجع بالإنسان إلى ذات أصله العميق، فتربط الإنسان بالدور الأول الذي خُلق من أجله ألا وهو أن يكون خليفة لله في الأرض (البقرة، آية 30). فيكون وجود الإنسان نفسه شاهد عيان ودليل على أن الله هو الخالق وأنه على كل شيء قدير. وتكون الشهادة كذلك أداة تستعمل لإبراز الأصل الروحي السامي داخل الإنسان.

-4- المشهود عليه

لاستكمال نسق منظومة الشهادة في القرآن الكريم، نستخرج لفظين جاء استعمالهما نادرا في النص وهما يدلان على ما يشهد عليه؛ أولهما هو لفظ “مشهد” ورد ذكره مرة واحدة (سورة مريم، آية 37) – بمعنى ما يشاهد- لذكر الموقف الرهيب لليوم الآخر في آية تنذر الكافرين بالويل في ذلك اليوم.

أما لفظ “مشهود” فجاء ذكره ثلاث مرات فقط بتصريفين مختلفين: في سورة هود، 103، وسورة الإسراء آية 78، استعمل في الآية الأولى صفة لليوم الآخر”يوم مشهود” الذي يُجمع فيه كل الناس ويحضره أهل السماء والأرض، فهو إذن يوم مشهود، أما الآية الثانية فكان أيضا صفة لصلاة الفجر التي تشهدها الملائكة أي تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار، فتشهد على إخلاص المؤمن المؤدي لصلاة الفجر في كنف ظلمة الليل قبل ابتداء النهار واستئناف الناس لنشاطهم.

أما المرة الثالثة التي تكرر فيها لفظ مشهود فكان بلفظ اسم المفعول في سورة البروج آية 3: “وشاهد ومشهود”. وهو استعمال فريد حيث اكتسب الاسم قيمة المطلق؛ ففي تلفظ تأكيدي في آيات افتتاحية يقسم الخالق عز وجل بالشاهد وكل ما يمكن أن يكون موضع شهادة (المشهود)، بصفتهما ركنين أساسيين لمشهد يوم القيامة ودليل عليه. ويكتسب هذين الحدين اللغويين قيمة خاصة بذكرهما في إحدى السور الأخيرة من الجزء الثلاثين، في آية قصيرة وجزلة تجمعهما بشكل وثيق بحيث يكونان وحدة غير منفصلة. وهذا الاستعمال المتفرد والمميز لمرجعية الشهادة (أي المشهود عليه) يراكم ويكرس كل ما يعود عليه الشاهد والشهادة. وهكذا تنقل هذه الكلمة شحنة دلالية مكثفة متيحة لتعدد لانهائي للمعنى: “المشهود” بكل احتمالاته سواء أكان ملموسا أم مجردا، مقدسا أم دنيويا … إلخ.

في نهاية قراءتنا لنسق منظومة الشهادة في النص القرآني، يمكننا استخراج بعض المعاني السائدة: فالشهادة فعل لقول يتم من من منطلق ذاتي مرتبط بالحضور في زمان ومكان محددين للشاهد الذي يحمل صفات معينة للقيام بهذا الفعل. حيث يرتبط كل من الفاعل والحدث والكلمة بعلاقة ترتكز على الحقيقة والقسط. فعل موجه إلى متلق واحد هو “الأحد، الأعلى”. فالقرب من المرجعية والتزامن معها هما أساس إمكانية الإدلاء بالشهادة، لكن مع الاحتفاظ بمسافة باعدة، لأن الشاهد يجب أن يكون خارج الحدث محتفظا بثمة مسافة تمكنه من تقييم مجرد وعادل يخبر عنه في فعل تلفظي.

وهكذا يتكون ثمة رسم تخطيطي ينشأ من الشبكات التي تولدت داخل النص القرآني، انطلاقا من مشتقات المصدر الثلاثي “شـ هـ د”، هذا التخطيط يوضح كيفية تواصل الشهادة، وشخصياتها الأساسية هي:

 مرسل (الشاهد) الذي يصدر رسالة (الشهادة) موجهة إلى متلق واحد لا يتغير أبدا (الله سبحانه وتعالى). وقناة النقل هي بالضرورة الكلمة وشفرتها هي الحقيقة. والمرجعية هي “المشهود” عليه، المتنوع إلى أبعد الحدود، الذي يحيط كل احتمالات العالم المخلوق[8].

وتتضافر أطراف هذا التواصل الخاص جدا واللازم أيضا لتجعل من الفرد-الشاهد كيانا دالا على الوجود وعلى العدل والقسط في علاقته مع خالقه عزو جل ومع الخلق كافة. لأنه كما يؤكد دريدا هنا تكمن ” … إحدى خفايا الشهادة التي ليس لها مناص، الشهادة بمعنى الحضور، والمشاهدة، ومشاهدة الوجود لتأكيد الحضور: هي إذن سر الحضور بمعنى الحضور من أجل الذات.” (مرجع سابق، ص. 529)

وأخيرا وليس آخرا، نؤكد على أن كل فاعل تلفظ ينظم نصه وفقا لمنطق معين، عن طريق تنسيق حدوده اللفظية بهدف إنشاء معنى ذو قوة خطابية معينة. ويعتمد إبداع النص أساسا على مدى تميز وضبط هذا المنطق وعملية التلفظ به ومدى التوفيق فيهما. من خلال قراءتنا للقرآن الكريم في تلفظ الشهادة، حاولنا ممارسة  قراءة “شاعرية” الشهادة بفضل تتبعنا لشبكات المعاني والحدود الموجودة في النص. وهذه الشاعرية ترتبط عن كثب بقدرة إبداعية وتوليدية للغة العربية تمتد على طول النص القرآني، وفي عملية نسجه وتنسيقه للدلالات. منطق، قوة، وجوهر هي إذن ثلاث ركائز أساسية لهذا النص الأصلي الملهِم.

ترجمة:

 أ. أميرة مختار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

*  تم نشر هذا البحث باللغة الفرنسية في كتاب

Le témoignage dans le Coran, dans Poétologie du Témoignage,  France, Publisud, 2014.

** أستاذ اللغة الفرنسية. قسم اللغة الفرنسية، كلية الآداب، جامعة القاهرة.

[1]  كما في الآيات: البقرة 282، آل عمران 52، 65، المائدة 111، الأعراف 172، هود 54.

[2]  كما في الآيات: الحج 28، النور 2، المطففين 21، الأنبياء 61.

[3]  كما في الآيات: آل عمران 86، الأنعام 150، النور 8،الفرقان 72.

[4]   راجع معجم لسان العرب لابن منظور مادة “شـ هـ د”

[5]  لم يذكر لفظ شهيد في القرآن الكريم بهذا المعنى، ولكن اللفظ المستعمل هو من قُتل مجاهدا في سبيل الله وهو المعروف في اللغة بالشهيد.

[6]  كما في الآية 154 من سورة البقرة وغيرها من الآيات.

[7]  سورة يوسف آية 26، و27

[8]يندرج هذا الرسم التخطيطى تحت التصور البنيوى لعملية الاتصال اللغوى حيث تكون العلاقة متبادلة بين متكلم/متلقى/رسالة/قناة اتصال/ شفرة للرسالة/ مرجعية. ( راجع سوسير وياكوبسون Saussure, Cours de linguistique générale et Jakobson, Essais de linguistique générale).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع العربية:

– المصحف الشريف، مجمع الملك فهد،المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، 2001

– ابن منظور؛ لسان العرب؛ دار الحديث؛ القاهرة 2003

–  معجم ألفاظ القرآن الكريم؛ مجمع اللغة العربية؛ دار الشروق؛ 1981

المراجع الأجنبية:

–   Émile BENVENISTE, Problèmes de linguistique générale, Paris, Gallimard, 1966.

–   Jacques DERRIDA, L’Herne, Jacques Derrida, Paris, L’Herne, 2004.

– Aya ONO, La notion d’énonciation chez Émile Benveniste, Limoges, Lambert-Lucas, 2007.

عن هبة مشهور

شاهد أيضاً

الجمع بين القراءتين: قراءة الوحي وقراءة الكون

أ. د. طه جابر العلواني

بما أن القرآن ليس فيا تكرار ولا ترادف، ولا تحتاج آياته الكريمة إلى استعمال المؤكدات، فإن كل كلمة من كلماته - وإن بدت مرادفة أو مماثلة لأختها - فإنها تشتمل على معنى آخر إن لم تدل عليه بلفظها وبالاستعمال القرآني لها فإنها تدل عليه في سياقها وسباقها وموقعها.

علم المناسبة في القرآن الكريم

أ. شوقي البوعناني

يمكن التمييز ضمن علوم المناسبات في القرآن بين صنفين من المناسبات أحدهما يتعلق بمناسبة اللفظة للسياق الذي يكتنفها، وهو ما يجمعه مبحث تناسب الفواصل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.