الإسلام والنسوية ونساء غزة

الإسلام والنسوية

ونساء غزة

أ. منال يحيى شيمي*

شرعت في كتابة هذا المقال في محاولة للاقتراب من مفهوم “النسوية الإسلامية” وتحديد موقعه على خريطة النسوية العالمية والتعريف به وتحديد الموقف منه من منظور حضاري إسلامي. كان ذلك قبل انطلاق طوفان الأقصى في غزة الحبيبة في السابع من أكتوبر 2023. ثم جاء طوفان الأقصى فكشف الغطاء عن الأعين وأعاد ترتيب الأولويات. كشف الغطاء عن حقيقة الحضارة الغربية والقيم الإنسانية العالمية، وغيَّر الأولويات ليأتي حفظ الهوية وإعادة بناء الذات في المقدمة وقبل أي شيء. فلا ينبغي أن نهتم بالدفاع عن منظومتنا القيمية أمام أي منظومة عالمية خاوية من المعنى بعد الآن، وإنما يجب أن ينصب جل اهتمامنا على تفعيل منظومتنا القيمية على أرضنا. إن ثقافة المقاومة -التي بعثتها غزة- تفرض علينا الرباط ليس فقط على ثغور الأرض وإنما كذلك الرباط على القيم التي جاء بها الوحي، وهي قيم للإنسانية كافة {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء: 107).

وعليه ففي السطور التالية وفي إطار الحديث عن مفهوم النسوية الإسلامية وما له وما عليه، سنتناول تعريف قيمة المساواة، وقيمة الحرية من منظور إسلامي، ثم نختم بالحديث عن نساء غزة.

النسوية الإسلامية:

على مدار عدة حلقات على blogging theology[1] ناقش “بول ويليامز” مصطلح “النسوية الإسلامية” وفنده مؤكدًا على استحالة وجود مثل هذا النوع من “النسوية”، والحقيقة أنه بعد الاستماع لهذه الحلقات فإنها أثارت لدي عددًا من التحفظات ورأيت أن هذا التصور عن النسوية الإسلامية ربما بني على نماذج نسوية إسلامية في الخارج وأنه من الممكن تقديم تصور مختلف من الداخل الإسلامي.

أهم ما جاء في تلك الحلقات التي استضاف فيها ويليامز كل من (د. هيفاء جواد[2]، د. تنزين ضحى[3]، وتحدث بنفسه في أحدها[4]) أنه لا يمكن الجمع بين النسوية والإسلامية. فالمصطلحان متناقضان هيكليًا ولا يمكن الجمع بينهما في مصطلح واحد، فالنسوية: أيدولوجية، بينما الإسلام دين. وإذا كانت الأيدولوجية هي محاولة البشر صياغة القيم الأساسية أو الأهم التي تحكم اجتماعهم وحياتهم بناء على العقل والمنطق البشري ولا مكان فيها للغيب، فإن الدين -الإسلام- مفهوم أكثر شمولًا حيث يصف الهدف من الحياة ويحدد موقع السلطة النهائية فيها، ويجعل هذه السلطة للإله.

بالتالي فالمصطلحان أحدهما ينفي الآخر بالضرورة، ولا يمكن جمعهما بحيث نقول “نسوية إسلامية”. ويستعرض المتحاورون عدة مدارس أو حركات اهتمت بالمرأة في الإسلام. هذه المدارس يمكن إجمالها في ثلاث مدارس أو حركات أساسية:

النسوية الغربية: وهي أساس الحركة النسوية وبدايتها، وهي وليدة المنظور الغربي المادي المهيمن على العالم، تنظر هذه الحركة إلى الأديان عمومًا على أنها ضد المرأة ومعادية لها. بدأت النسوية الغربية بالمطالبة بحقوق متساوية للنساء في العمل والتعليم وحقوق اقتصادية واجتماعية وسياسية، ثم تطورت إلى حركة أكثر تطرفًا لا تعترف بالفروق بين الجنسين تمامًا. وتسعى لنشر نموذجها عن علاقات النوع في العالم كله باعتبار أنه النموذج الأمثل[5].

النسوية العلمانية: هي حركة نسوية في الداخل الإسلامي تتبنى الأجندة الغربية بالكامل، أنصارها من الطبقة العليا والمتوسطة العليا في المجتمعات الإسلامية، سادت بعد الاستعمار مباشرة بسبب الخطاب السياسي العلماني المهيمن على السلطة والمجتمع في ذلك الحين. وتتخلى عن أي ميراث ديني وتنظر إلى الإسلام على أنه ثقافة يمكن تغييرها.

النسوية الإسلامية: وترجع بداياتها إلى القرن 19 حيث بدأت تعلو أصوات تتناول وضع المرأة في المجتمعات المسلمة، ثم خمدت هذه الأصوات لأسباب اجتماعية أو سياسية.. لكنها عادت للظهور مرة أخرى في السبعينات مع الصحوة الإسلامية والتي كانت “معادية” في رأي البعض لحقوق المرأة، واكتسبت هذه الحركة زخمًا بسبب عقد المرأة في الأمم المتحدة والتركيز عالميًا على حقوق المرأة. وكذلك تأثير العولمة الذي دفع المسلمين إلى إعادة التفكير في وضع المرأة لديهم في ضوء التغيرات الحديثة. وهذا التيار لا تعبر عنه مجموعة واحدة متجانسة باستراتيجية واضحة وإنما هو مشرذم ومبعثر إلى حد كبير وأنصاره أحيانًا يتناقضون في آرائهم.

ورغم ادعاء “النسوية الإسلامية” أنها تيار أصيل وأنها تعمل في إطار وداخل حدود الإسلام، إلا أن البرنامج وعبر حلقاته الثلاث يفند هذا الادعاء ويرفضه، وتؤكد د. هيفاء جواد وكذلك د. ضحى أن رفضهما لهذا التيار لا يعني أن المرأة المسلمة لا تواجه مشكلات ولكن هذه المشكلات ترجع إلى عوامل اجتماعية وغير مرتبطة بالإسلام.

ويثبت المتحاورون عدم إمكانية الجمع بين مفهومي “النسوية” و”الإسلامية”، وذلك للتناقض الهيكلي بين المفهومين، فهو ليس تناقضًا في القضايا أو المواقف أو الموضوعات فحسب، وإنما هو تناقض في الهيكل والأسس نفسها والرؤية للعالم، فالنسوية أيديولوجية بينما الإسلام دين كما أوضحنا سابقا، والنسوية تقوم على سيادة الفرد وتمركزه حول ذاته وتتبنى الرؤية المادية للعالم بينما الإسلام يقوم على أن السيادة لله والاستسلام لله. ويرى المتحاورون أن أحد أهداف هذه المدارس أو الحركات جميعًا بما فيها “النسوية الإسلامية” استبدال النموذج القرآني التقليدي لعلاقات النوع في المجتمع الذي هو من وجهة نظر النسويات “أبوي” أو “بطريركي”.

ويرى المتحاورون أن النسوية الإسلامية تعد الأخطر بين تلك الحركات إذا أنها تسعى لتغيير الإسلام من الداخل، يقول د. ضحى أن الغرب شرع في استغلال النسخة “النسوية” من الإسلام بدءًا من 2001، فَتَحْت غطاء الحرب على “الإرهاب” أصبح هناك “الإسلام الجيد” و”الإسلام السيئ”، وتمت الاستعانة بأصوات مسلمة تحاول تغيير الإسلام من الداخل، فأصبحت الحرب على الإسلام غير مباشرة. فبدأ في هذا السياق البحث عن النسخة النسوية من الإسلام ودعمها[6].

بعد نقض الفكرة والمفهوم ينتقل المتحاورون إلى نقد “النسوية الإسلامية” على مستوى المناهج المستخدمة والقضايا، حيث ينتقد كل من (بول ود. ضحى) الأصوات التي تدعي أن الإسلام يساوي بين المرأة والرجل، وتتجاهل عددًا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تقول عكس ذلك.

من جانب آخر يرون أن أكثر المناهج والأدوات التي تستخدمها “النسوية” والتي لا غنى لهم عنها تتعارض جوهريًا مع المرجعية الإسلامية ومنها على سبيل المثال:

  1. تأويل القرآن: فإعادة تأويل القرآن أداة أساسية لدى النسويات بالإضافة إلى اعتبار القرآن الكريم وحده النص الأساسي وتهميش دور السنة.
  2. التقليل من الدور المركزي للفقه في الشريعة الإسلامية.
  3. الحديث عن الأبوية كشيء سيء وشرير: وذلك رغم أن الإسلام تحدث عن أشكال إيجابية من الأبوية، منها أن الأب هو المسؤول عن الأسرة ورعايتها. وأن هناك اختلافًا في الأدوار بين الرجل والمرأة، وهذا شيء جيد ونظام جعله الله للكون. كيف يُقبل إذن هذا الوصم “للأبوية” دون تمحيص أو نقد من قِبَل الخطاب النسوي الإسلامي!
  4. التمركز حول الذات: تقوم النسوية على هذه الفرضية الأساسية، وهي ركيزة أساسية في الفكر الغربي عمومًا، وهي تعني أن الإنسان محور ومركز الكون ومصدر السيادة، وهذا مناقض للإسلام حيث السيادة لله والتسليم لأوامر الله. وهذا من جوهر التناقض بين الإسلام والنسوية. فأنت في الإسلام ليس لديك هذا النوع من الاستقلالية ولا السيادة على الذات.
  5. التفكيكية: فالنسوية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار تقوم بعمليات تفكيك مستمرة. والنسوية الإسلامية تسلك نفس هذا الطريق.

 ويطرح بول عدة أسئلة يرى أنها تمثل تحد أساسي لأي نسوية إسلامية وتكشف التناقض الجوهري بينها وبين “الإسلام”، منها سؤال: هل تقبل النسوية الإسلامية عدم المساواة في حقوق الوالدين؟ هل تقبل النسوية الإسلامية الهيراركية داخل الأسرة في الإسلام أو الأبوية كما يسمونها؟ يرى بول أن الإسلام يقر التدرج في السلطة في عدة مواضع في المجتمع منها مثلًا ما جاء في الآية الكريمة: {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم…} (النساء: 83). وأيضا {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} (النساء: 59)، ومنها مواضع داخل الأسرة مثل: {وللرجال عليهن درجة} (البقرة: 228).

إن كل ذلك يشكل مأزقًا معرفيًا للنسوية التي تدعي “الإسلامية”، فهل ستقول “لا” للنص أم ستخضع للوحي؟ فالولاء لأحدهما (النسوية / الإسلام) ينفي الولاء للآخر بالضرورة.

هذا هو التصور الذي قدمه البرنامج عن النسوية الإسلامية وأرى أنه من الممكن -كباحثة في قضايا المرأة من الداخل الإسلامي- أن أقدم تعليقًا ورؤية مختلفة للنسوية الإسلامية أو النسوية من منظور إسلامي. وأعرض لهذه الرؤية على مستويين: الأول على مستوى المفاهيم والثاني على مستوى المناهج.

أولًا: فيما يتعلق بالمفاهيم

ما المقصود بالمساواة؟ ما المقصود بالحرية؟ ما ذا تعني النسوية الإسلامية؟

المساواة:

من ثغور القيم: المساواة.

عندما تحدَّث المتحاورون عن أنه ليس هناك مساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام فما المقصود بمفهوم المساواة هنا؟[7]

يجب أن نوضح الفرق بين المساواة كقيمة من القيم العليا في الإسلام، وبين مفهوم المساواة بمعناه الغربي وكما ورد في المواثيق الدولية المتعلقة بالمرأة.

المساواة في اللغة من السواء، والسواء هو العدل والنصفة. ويقال ساوى الشيء بالشيء إذا عادله. ويقال فلان وفلان سواء أي متساويان. وسواء الشيء كذلك غيره، تقول مررت برجل سواك أي غيرك[8].

 في الاصطلاح هي التمتع بجميع الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون التمييز بسبب الدين أو اللون أو اللغة أو الجنس أو الرأي السياسي أو المستوى الاجتماعي. أو تماثل كامل أمام القانون وتكافؤ كامل إزاء الفرص.

أين نحن من هذه القيمة في نموذجنا المعرفي؟ وهل هناك مساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام؟

قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء:1).

وقال جل شأنه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13).

وفي الحديث الشريف: “النساء شقائق الرجال”[9]، قال ابن الأثير: “شقائق الرجال يعني نظائرهم، وأمثالهم”. وقال الخطابي في “معالم السنن”: “أي نظائرهم، وأمثالهم في الخلق، والطباع فكأنهن شققن من الرجال”. وقال الشيخ ابن باز”: أنهن مثيلات الرجال فيما شرع الله، وفيما منح الله لهن من النعم، إلا ما استثناه الشارع فيما يتعلق بطبيعة المرأة، وطبيعة الرجل، والأصل أنهما سواء إلا فيما استثناه الشارع”[10].

تنطلق الرؤية الإسلامية إذن من أرضية النفس الواحدة ثم تجد هذه القيمة ترجمتها بعد ذلك في المستويات العمرانية والاجتماعية المختلفة انطلاقًا من مبدأ التكافؤ. فالذكر والأنثى في القرآن الكريم زوجين أصلهما واحد “النفس الواحدة”. وانطلاقًا من هذه الرؤية تكون المساواة عندنا بمعنى العدل والنصفة. وليس بمعنى التماثل وهو ما يحمله لفظ زوج ولفظ شق من معنى. إذن تقوم المساواة في نموذجنا المعرفي على أساسين:

الأول: وحدة النفس، والتي تعني مساواة كاملة في القيمة والطبيعة الإنسانية والتكليف الوجودي وحمل الأمانة والاستخلاف.

الثاني: اختلاف الأدوار الجزئية والحقوق والواجبات كنتيجة طبيعية لتنوع الخلقة بين ذكر وأنثى مع التوازن والتعادل الإجمالي في المحصلة النهائية. فاختلاف الأدوار وظيفي ولا يعني أن أدوارًا أدنى من أخرى.

المساواة في المنظور الإسلامي تعترف بوجود الفروق بين الزوجين وتحترمها وتقدرها. المساواة في المنظور الغربي تلغي هذه الفروق وتنكرها. وجدير بالذكر أن المفهوم في الغرب نفسه تطور من المساواة في 1979 (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة –السيداو) إلى مساواة الجندر في 1994 (مؤتمر المرأة في بكين وما بعدها) فقد كان يحمل معنى التوازن والعدل في البداية ولكنه تطور ليعني التماثل التام وهو ما نختلف معه كمسلمين[11]. لذا فان “النسوية الغربية” لا تعبر عنا كنساء مسلمات، إذ أن النساء المسلمات يؤمن أن رفاهة المرأة والمجتمع ككل تستلزم اختلافًا وتباينًا في الأدوار بين المرأة والرجل في هذه الحياة، وأن نظام الزوجية الذي وضعه الخالق عز وجل للكون هو سنة كونية يجب احترامها والعمل بمقتضاها وعدم خرقها. تقول لمياء الفاروقي “إن النظام الاجتماعي الإسلامي الذي أقر التفرقة بين أعمال الجنسين -وهي أحد مميزاته وخصائصه- أُدِيْنَ بأكمله بدلًا من محاولة تنظيم الحماية للنساء من داخل هذا النظام. وكان لهذا أشد الآثار على النساء والرجال والأطفال والمسنين والأسرة ككل”[12].

من هنا يمكن أن نقول إن مساواة الجندر هي التي لا تتفق والرؤية الإسلامية ولكن المساواة كقيمة بمعنى العدل والإنصاف والتكافؤ -مساواة المرأة والرجل- فهي بلا شك قيمة إسلامية عليا، وهي أصل في كل المجالات والأمور لا يحتاج إثباتها إلى دليل، بل الذي يحتاج إلى دليل هو إثبات التمييز وتخصيص النساء بحكم ما في مجال معين. والمساواة كقيمة تعمل في ظل شبكة قيم إسلامية مرتبطة بها على رأسها قيم العدل والكرامة الإنسانية والاستخلاف والعمران، وذلك في ظل سنن كونية إلهية حاكمة على رأسها سنة الزوجية. قال تعالى: {… أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض} (آل عمران: 195). فإذا كانت مختلف المدارس النسوية تمحورت قضيتها حول قيمتي الحرية والمساواة فإن تلك ليست القيم الحاكمة في علاقة النوع في الإسلام إذ يحتل العدل المكانة المركزية الأعلى.

وفي إطار الحديث عن المساواة، وردًا على تساؤل هل تقبل النسوية الإسلامية الهيراركية داخل الأسرة أو الأبوية كما يسمونها؟

أولا: نوضح أن هناك خلط واضح في المفاهيم بين مفهوم باطريركي وأبوي، كما أن هناك إدخال مفاهيم على الثقافة الإسلامية ليست منها وهي مفاهيم مفخخة. إن لفظ باطريركي لا يعني أبوي وإنما هو لفظ مسيحي مرتبط بالخبرة المسيحية الكنسية وفيه إشارة للهيراركية داخل الكنيسة وسلطة الباباوات المطلقة داخلها وسلطتهم على المجتمع المسيحي وهذا مختلف تمامًا عن الوضع في الإسلام الذي لا توجد فيه سلطة مماثلة.

حتى أن لفظ هيراركية نفسه غير مستخدم في الإسلام فهو دخيل على الثقافة الإسلامية ولا يوجد في الخبرة الإسلامية لا في العلاقة الدينية ولا السياسية ولا الاجتماعية. فالسلطة والحكم لله وحده. والجميع يخضع للوحي وأي سلطة أخرى هي مشروطة باتباع الوحي ومقيدة بضوابطه فحاكم الدولة شعاره: ” أطيعوني ما أطعت الله فيكم…. “، “لقد وليت عليكم ولست بخيركم” ولذا نقول إن الإسلام حرر الناس جميعًا، إذ جعل الطاعة لله وحده وأي طاعة أخرى فرع عليها.

وبناءً عليه لا يستقيم أن يطلق على سلطة الأب الولي أو الزوج الولي داخل الأسرة “هيراركية”، فعندنا المفهوم المستخدم هو الولاية والمسؤولية. فالأب ولي وراع ومسؤول عن رعيته. والزوج ولي وراع. ولفظ الولاية يحمل معاني الحفظ والرعاية أكثر من معاني السلطة والرئاسة. كذلك لفظ القوامة.

ثانيا: هناك أسئلة مشروعة في هذا المقام: هل النساء المسلمات (والمسلم عمومًا) ترفضن السلطة مطلقا أم التسلط؟ هل السلطة تعني الأفضلية أم التمايز الوظيفي؟ إن النساء المسلمات تقبلن وترضخن لسلطة الوحي والنص الإلهي وذلك بموجب الإيمان، من هنا فإن قبول نوع من “السلطة ” داخل الأسرة -وأفضل تسميتها “الولاية”- يأتي في إطار شروط وضوابط وضعتها الشريعة أهمها “المعروف” الذي جعلته الشريعة شرطًا للطاعة في المجمل قال تعالى: {ولا يعصينك في معروف} (الممتحنة: 12). ومنها كذلك “التقوى” فمفهوم التقوى مفهوم حاكم في العلاقة داخل الأسرة [13].

وإلى جانب أن هذه “السلطة” ليست مطلقة فإنها ليست الأساس في العلاقة، ونذكر هنا حديث الفتاة التي ذهبت للنبي ﷺ تشكو أباها الذي زوجها ابن أخيه دون الرجوع إلى رأيها فأنكر النبي ذلك وأرجع الأمر إليها (لإرادتها وقرارها) ثم أقرت الفتاة فعل الأب قائلة أردت أن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء” الحديث[14]. يدل هذا (ضمن أدلة أخرى كثيرة في الشريعة) أن الأساس في العلاقة داخل الأسرة هو الشورى والتشارك والتراحم. وتأتي “الولاية” في إطار شروط وضعتها الشريعة وسياق حاكم ومقاصد شرعية. و”التدرج” المذكور بين الزوج والزوجة {وللرجال عليهن درجة} حدده الشرع الكريم بدرجة واحدة على أرضية {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} لكننا نجد في مجتمعات عدة وإثر عادات وتقاليد أو تفسيرات خاطئة زيدت هذه الدرجة إلى درجات لا نهائية وفي كل المجالات.

إذن فعادة تنشأ المشكلات من النظر لحجم هذا التمايز في الأدوار وحدوده ومجاله. ومن هنا فإن أحد أدوات النسوية من منظور إسلامي إعادة تعريف مفاهيم مثل الولاية/ والقوامة/ والمعروف والطاعة والزوجية والمودة والرحمة وغيرها، وإعادة تسكينها ضمن المنظومة القيمية الإسلامية حتى لا يساء استخدامها تحت ستار التقاليد والعادات الاجتماعية أو سد الذرائع.

الحرية:

الحرية من ثغور القيم كذلك.

 الحرية في اللغة من حر وهو نقيض العبد، والحرية هي قدرة الإنسان على امتلاك أفعاله، وهي قيمة تأسيسية عليا في الإسلام، فحرية الإرادة وحرية الاختيار هي مناط التكليف ومناط المسؤولية وإلا فإن الإنسان يُرفع عنه الحساب ففي الحديث: “إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”[15]. وقيمة الحرية مثل المساواة تلي قيمة العدل في منظومة القيم، فالحرية في الإسلام محدودة بالعدل كقيمة أعلى، فهي ليست بلا ضابط. والإسلام بالأساس هو الاستسلام لله وحده لا شريك له، فهو دعوة تحررية جاءت لتحرير الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وقد كفل لهم حرية العبادة أولًا وهي أسمى شيء قال تعالى {أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين} (يونس: 99)، وقال جل شأنه {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} (الكهف: 29). فالمسلم ينظر لقيمة الحرية على أنها تحرر من اتباع كل ما عدا الله تعالى وإن كان هواه. وينظر المسلم لخضوعه لله وحده لا شريك له واتباعه لأوامره على أنها قمة الحرية، وينظر إلى الشرك وإلى اتباع هوى النفس على أنه نوع من العبودية {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه…} (الجاثية: 23).

للحرية في المنظور الغربي معنى مختلف، حيث يقوم معنى الحرية في النموذج الغربي على تقديس الحرية الفردية فهي تعلو على كل شيء، هو معنى يعبر عن تمحور الإنسان حول ذاته واعتباره مركز لكل شيء ومعيار كل شيء. فهي حرية بلا ضابط من خارج الإنسان، فالإنسان مقياس الخير والشر، وهو الذي يحدد نظام القيم الذي يرتضيه. هذه الحرية ليست سياسية/ اقتصادية/ فكرية فحسب وإنما تصل لحرية في اختيار جنسه وتحدي الطبيعة والتقدير الإلهي، فهي فردية مادية دنيوية.

هل يمنح الإسلام المرأة الحرية؟

المرأة إنسان، والإسلام يمنح الناس جميعًا الحرية. لكن ما المقصود بالحرية؟ في زمن العولمة المادية الغربية أصبح يقصد بالحرية الحرية الفردية. لكن الحرية عند الإنسان ذو المرجعية الإسلامية هي حرية محدودة بالمسؤولية، فليس من الحرية أن يضيع الإنسان مسؤولياته، “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته… إلخ “. وجدير بالذكر أن القيم في الإسلام هي قيم وسط بين طرفين… الفرد والجماعة/ الدنيا والآخرة/ المادة والروح/ ولا توجد هذه النظرة الفردية المحضة الدنيوية الصرفة.

 كفل الإسلام للمرأة شتى أنواع الحريات، فلها حرية اختيار الزوج، ولها حرية التصرف في مالها، ولها حرية التعليم، وحرية العمل، ولها كافة الحريات السياسية والاقتصادية والفكرية. وعندما ترِد قيود على بعض الحريات للمرأة جاءت من قبيل الحفظ والرعاية وليس من قبيل التسلط ولا نقص الأهلية. فمثلًا عندما اشترطت الشريعة الولي للتزويج، أو عندما اشترطت مِحرم للسفر، علَّلَت ذلك بحفظ حقوق المرأة وأمانها وسلامتها. فالإسلام راعَى ضعف المرأة في مراحل وحالات عدة ولذا أوجب لها الرعاية والنفقة وَحَرَّجَ حقها[16] وأحاطها بسياجات حامية من التشريع الإلهي.

وإلى جانب قيم الحرية والمساواة التي تمحورت حولها المدارس الغربية -ليست النسوية فقط وإنما أيضا السياسية والاقتصادية- فإن هناك قيما تحتاج منا إلى الوقوف عندها والرباط على ثغورها. مثل قيمة العدل وهي قيمة محورية والقيمة العليا في منظومة القيم الإسلامية[17]، قيمة الكرامة الإنسانية تحتاج أن نقف عندها ونقدم تعريفًا لها وأركانها من منظور إسلامي، حيث نجد أنها تختلف عما يطرحه المنظور الغربي المادي لهذا المفهوم. كذلك قيمة ومفهوم الأمن وقيمة ومفهوم الاختلاف والتعارف. كلها قيم نحتاج إلى الوقوف عندها وتعريفها أو إعادة تعريفها.

ماذا تعني نسوية إسلامية؟ هل الخلاف على الموضوع أم المصطلح؟

 عند عدد ليس بقليل من العاملين في مجال دراسات المرأة من منظور حضاري إسلامي-وأنا منهم- ليس المقصود بلفظ “نسوية” الإشارة إلى الأيديولوجية النسوية، وإنما المقصود موضوع الاهتمام ومجال الدراسة، وهو قضايا المرأة المسلمة، وربما آن الأوان وأصبح من الأولى أن نخالف التسمية الغربية ونستخدم مصطلح مختلف وذلك لما أصبح يحمله مصطلح “نسوية” من حمولات معرفية هي بعيدة تمامًا عن المرجعية الإسلامية. المهم ماذا نقصد بـ ” نسوية إسلامية أو “معرفة متعلقة بالمرأة المسلمة” أو “دراسات المرأة من منظور إسلامي”؟

تُعنى النسوية الإسلامية أو دراسات المرأة من منظور إسلامي الدفاع عن حقوق النساء المشروعة وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، بعيدًا عما تحدده الأيديولوجية النسوية أو المدارس النسوية من أي انتماء آخر أو مرجعية أخرى لحقوق النساء. وسوف نحدد فيما يلي معنى المرجعية الإسلامية ونضع لها مؤشرات.

ماذا تعني المرجعية الإسلامية؟

 كم من مدرسة أو فكر يدَّعي الإسلامية وهو ليس كذلك، وهذا ليس على مستوى دراسات المرأة فقط وإنما في مجال السياسة والاقتصاد وغيرها. لذا يجب أن تكون هناك معايير عند وضع وصف الإسلامية بأي اتجاه فكري.

يعني وصف “إسلامية” موافقة ما جاء في المصادر الأساسية للشريعة الإسلامية: القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة الثابتة. وبالتالي فإن وصف حركة فكرية تهتم بالمرأة أنها “إسلامية” يعني عدة أشياء:

أولًا: أن تكون مرجعيتها الكتاب والسنة كمصدر أعلى وأول للتشريع. وهذا يعني ضِمنًا التسليم الكامل لله تعالى وأوامره كما جاءت في القرآن الكريم وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم} (الأحزاب: 36). فلا مجال مع نسوية إسلامية لازدواجية المرجعيات كما يطرح البعض مرجعية المواثيق الدولية أو مرجعية حقوق الإنسان إلى جانب المرجعية الإسلامية، فدمج المرجعيات الحقوقية والإسلامية مرفوض. كما أنه لا مجال لقول “لا” للنص القرآني كما حدث من بعض الاتجاهات فهذا أيضًا مرفوض وينفي المرجعية الإسلامية.

ثانيًا: تلتزم بالضوابط الموضوعية والمنهجية الإسلامية. وهذا الالتزام هو الضامن لاستمرارها في قلب الرؤية الإسلامية. ومن تلك الضوابط مثلا الوظيفة الأخلاقية للعلم، فأي علم من منظور الإسلام لابد أن يكون علمًا نافعًا. والنفع يقاس من داخل المنظومة نفسها كذلك، فهو ليس نفعًا ماديًا دنيويًا محضًا بل يقاس النفع بمدى تحقيقه للمقاصد الشرعية العليا من توحيد وعمران وتزكية، وكذلك تحقيقه لمصالح الدنيا والآخرة للفرد والجماعة. وهكذا تكتسب أي أفكار ضمن هذا الاتجاه معناها وقيمتها في علاقتها بالنسق الأشمل للقيم الإسلامية.

ثالثًا: من شروطها كذلك أنها حركة إصلاحية تتجه بالنقد إلى الواقع والى الأنظمة الاجتماعية القائمة كشفًا عن مواطن الغبن والانحياز وعدم الشرعية -في ضوء المرجعية الإسلامية- وذلك بهدف إصلاح مواطن الخلل وليس هدم المجتمع أو استبداله، والتعامل مع موضوعات المرأة من هذا المدخل الإصلاحي يعني أن هذه الحركة تفقد دواعي وجودها بتحقق هدفها، وهذا بعكس النسوية في الغرب التي تمثل هوية خاصة أسست علومًا من منظور نسوي، فهي وُجدت لتبقى.

رابعًا: هي حركة اندماجية لا انفصالية، فهي تهدف للتأكيد على وحدة واندماج المجتمع والثقافة لا انفصالهما، فهي تنظر للمرأة/ الرجل ليس كأفراد منفردين منبتي الصلة عما حولهما، وإنما ضمن سياقات الأسرة والمجتمع والأمة ولا يمكن عزلهما عن تلك السياقات.

كما أنها حركة لا تستبطن الصراع، ولا يعد الصراع المفهوم الحاكم لديها كما في النسوية الغربية التي هي في صراع دائم مع الرجل، مع الأديان، مع البنى الاجتماعية، فالتاريخ البشري لديها هو تاريخ عداء واضطهاد النساء. لكن في الرؤية الإسلامية الرجل ليس عدو، ومع ذلك هي تعترف بوجود تنافس وأحيانًا تنازع بين الرجل والمرأة، وترى أن الإسلام وضع آليات لإدارة هذا الوضع[18]، ومن واجب المسلمين تطوير هذه الآليات وفق ظروف الزمان والمكان. وتستبطن النسوية الإسلامية مفاهيمًا أخرى على رأسها مفهوم “الزوجية” و”الولاية”، وتحكم علاقة المرأة والرجل لديها الآية الكريمة: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} (التوبة: 71).

ما الحاجة إلى “نسوية إسلامية”؟

أولًا- المفارقة بين الشرع والواقع: هناك العديد من المشكلات التي تعاني منها نساء العالم الإسلامي، وهي مشكلات تنبع في معظمها من منظومة الثقافة والتقاليد والعادات، ومنها ما يعود أحيانًا إلى ترجمة خاطئة للنصوص الدينية، وهناك خطاب ديني ساد في العالم العربي والإسلامي في عصور الانحطاط الحضاري أسهم في كثير من مشكلات المرأة، وهو خطاب عَمَلَ على حبس المرأة ونظر إليها إما كعورة وإما كحِلية وليس كإنسان كامل الأهلية. وهذا الخطاب هو في حاجة للتقويم من داخل المرجعية الإسلامية ذاتها لا من خارجها[19].

ثانيًا- كثير من المقولات التأسيسية للنسوية الغربية لا تجد لها أي صدى لدى المرأة المسلمة: لاختلاف الخبرة التاريخية والحضارية، ولاختلاف الأسس والمنطلقات والنموذج المعرفي، فما ناضلت المرأة الأوربية للحصول عليه في منتصف القرن 18 مُنِحته المرأة المسلمة بموجب التشريع الإسلامي منذ أكثر من 1400 سنة. فالنسوية الغربية لا تعبر عن المرأة المسلمة بأي شكل والعديد من المقولات التي تنطلق منها وتتأسس عليها النسوية مثل “أننا لا نولد نساء بل نصير كذلك” لسيمون دي وبفوار، هي لا تمثل المرأة المسلمة. وبالتالي فالمرأة المسلمة في احتياج لفكر يعالج الإشكاليات التي تعانيها في المجتمع وفي علاقتها بالرجل ولكن من داخل الرؤية الإسلامية.

ثانيا: التعليق على المناهج ومدى اتساقها مع الإسلام

إن بول ويليامز وضيوفه محقون بقدر كبير في تعليقهم على مناهج النسوية، فهي لا تتفق في معظمها مع معايير المرجعية الإسلامية كما ذكرنا أعلاه. لكن هذا لا يعني رفض الموضوع برمته أو رفض كل الدراسات النسوية من منظور إسلامي فهذا تعميم لا يصح، وإنما يعني أننا في حاجة لاستخدام مناهج تتسق مع المرجعية الإسلامية وتلتزم بالضوابط المنهجية الإسلامية. فأمر المنهج في النهاية يحتمل الجدل حوله والأخذ والرد والتقويم. انتقد المتحاورون اعتماد النسوية الإسلامية على مناهج مثل تأويل القرآن، تهميش الحديث والسنة النبوية، تقليل دور الفقه، التفكيكية وتعليقنا على ذلك:

التأويل: فيما يتعلق بالتأويل فهو قضية كبرى[20]، وهو من أكثر المصطلحات المختلف عليها في علوم الدين والقرآن.. وهو ليس أمرًا مستهجنًا، فالإمام الطبري سمى تفسيره “جامع البيان في تأويل آي القرآن”، وعدد من علماء المسلمين في عصرنا الحديث لم يرفض التأويل وإنما وضعوا ضوابط وشروط له. وتأويل القرآن لن يتوقف ما دامت الحياة، ذلك لكون القرآن صالح لكل زمان ومكان، وأعتقد أن المتحاورين لا يقصدون بالنقد عموم التأويل وإنما يقصدون “التأويل الحداثي” وبالأخص “التأويل النسوي الحداثي” الذي يخرج بالآيات عن معناها اللفظي وسياقها العام، ويطبق المناهج الحداثية الغربية على النص القرآني متجاوزًا قداسته وخصوصيته. من تلك المناهج مثلًا الأنسنة والتاريخانية. إذن التأويل منهج مقبول لكن بشروطه[21].

الحديث: كما ذكرنا فإن أي فكر نسوي يدعي “الإسلامية” يعتبر السنة النبوية الصحيحة مصدرًا أساسيًا للتشريع ومرجعية لا يمكن تجاهلها. لكن هنا علينا تعريف السنة النبوية الصحيحة، حيث تجري عملية تنقية للأحاديث المنسوبة للنبي ﷺ من ناحية، وعملية تسكين للأحاديث في سياقاتها الزمانية والمكانية من ناحية أخرى، كما أن هناك ضرورة منهجية للنظر للأحاديث المتعلقة بنفس الموضوع بطريقة كلية لاستشراف مراد النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا مما يقوم به علماء الحديث والباحثون المتخصصون. والتعامل مع الحديث والسنة أمر لابد منه، إذ أن عددًا من الأحاديث الشائعة في المجتمعات الإسلامية والتي تساهم في ثقافة متحيزة ضد المرأة هي أحاديث موضوعة مثل الحديث الشهير: “شاورهن وخالفوهن” فهو حديث موضوع.

الفقه: التعليق على الفقه وارد ويحتمل الجدل والتصويب والتقويم إذ أن الفقه في النهاية جهد بشري وهو محاولة بشرية لإنزال النص الالهي على الواقع. لا ينتقص هذا من قدر أئمة الفقه الكبار ودورهم في تفصيل الأحكام وحفظ الشريعة بقواعد الحلال والحرام والمندوب والمكروه والمحرم. لكن يظل الفقه متغير والشريعة ثابتة. لذا فان قراءة الفقه بها قدر من المرونة بلا شك. وكلنا نعلم أن الإمام الفقيه الشافعي غيَّر رأيه في مسألة فقهية عندما انتقل من العراق لمصر لاختلاف الظروف. وإذا كان المنهج الفقهي والتراث الفقهي له دور كبير في حفظ أحكام الشريعة وتطبيقها على مدار السنوات، فان هذا لا يعني أننا لا نحتاج أن نقرأ هذا التراث الغني بأعيننا اليوم بل إنه لا غنى عن ذلك. ولا شك أن هناك تمييز واجب بين أحكام شرعية كلية قطعية محكمة لا اختلاف ولا تغيير فيها على مر الأزمنة وباختلاف الأماكن، وبين أحكام أخرى فرعية جزئية تحتمل الاختلاف والتغير عبر الزمان والمكان. والتمييز بين الكلي والفرعي مهم، وكل ذلك من شروط العلم الذي يجب أن يتصدى له من هو أهل له.

التفكيكية: قد تلجأ دراسات المرأة من منظور إسلامي إلى التفكيك كأداة منهجية، مثل تفكيك بنى ثقافية أو عادات اجتماعية. لكنها لا تقف عند حد التفكيك، بل تتبعه بالبناء فهي معرفة بنائية[22].

إن المشكلة عند النساء المسلمات -وكما ذكر المتحاورون عبر حلقات البرنامج- لا تكمن في النص الديني وإنما في استخدام الدين أحيانا لتكريس وضع استضعاف للمرأة والنساء. وهو ما تسعى النساء المسلمات إلى وقفه.

تتحدث أحد الأمريكيات -ميجان رايس- عن تجربتها مع القراءة الأولى للقرآن فتقول إنها عندما قرأت أول جزئين قالت ما هذا الدين “النسوي” وتقصد الذي يدعم النساء. فالمقصود بمصطلح نسوي لا يشير دوما إلى “الأيديولوجية النسوية كاملة” وإنما يقصد به مجرد دعم حقوق متكافئة للنساء. يتضح من هذا المثال أن قراءة القرآن الكريم لأي ذي قلب تُحْدِث هذا الأثر وتُبْصِر هذا الدعم واضحا جليا. ومن المعلوم أن أكثر المتحولين إلى الإسلام في أوربا وأمريكا هن من النساء. وهو دليل آخر على أن أي مشكلة تعاني منها النساء المسلمات فإنها تكمن في العادات والتقاليد السائدة في البلاد المسلمة.

 والخلاصة مما سبق. أن فض الاشتباك حول المصطلح مهم، بل هو واجب. وربما يكون ذلك بالتخلي تماما عن مفهوم “نسوية”، وذلك لما أصبح يحمله هذا المفهوم من حمولات شديدة الثقل مناقضة لكافة الأديان بالضبط كما مفهوم الجندر. لا مشكلة من وجود معرفة نسائية إسلامية. فكل معرفة تعتبر القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المصادر المرجعية الأساسية التي تنطلق منها دون غيرها هي معرفة إسلامية، والحديث عن المناهج وضوابطها يتسع في إطار تلك الأرضية الإسلامية.

النسوية ونموذج نساء غزة (خواطر)

لا يسعنا ختام هذا المقال في ظل الأحداث الجارية دون الحديث عن نساء غزة، فمنذ انطلاق طوفان الأقصى المبارك في السابع من أكتوبر الماضي والعيون والقلوب معلقة بالمشهد في غزة. وبلا شك أن مشهد غزة قد ألقى بظلاله على كل جوانب حياتنا واهتماماتنا فأعاد ترتيب الأولويات، وأسقط الكثير من الأقنعة. فقد أسقط الأقنعة عن القيم الغربية العالمية والنظام الدولي، عن القيم النسوية وعن المؤسسات المهتمة بدعم المرأة.

– مثَّل المشهد في غزة تحديًا كبيرًا لتلك القيم التي تسمى “حقوق إنسان عالمية”، من أول الحق في الحياة والكرامة وصولًا إلى الحرية والمساواة. إذ اتضح أن تلك المقولات جوفاء فارغة من المعنى الحقيقي، فالحريات محدودة بالمصالح، والمصالح تحددها مراكز القوى. والحريات المعترف بها والمُقَرة من كل دول العالم يتم تجاوزها في أكبر قلاع الحرية المزعومة في العالم أوربا وأمريكا. فقد شاهدنا جميعًا قمع المظاهرات الداعمة لغزة خاصة في ألمانيا وفرنسا، والعقوبات المادية والمعنوية التي فُرِضَت في الولايات المتحدة على من تجرأ وعبر عن رأيه في رفض العدوان الهمجي على غزة والإبادة الجماعية لشعبها. لم يسلم من ذلك الأمين العام للأمم المتحدة نفسه.

– المشهد في غزة جعلنا نتساءل، عن أي مساواة إنسانية يتحدث الغرب! فلم تعد النفس الإنسانية واحدة في حرمتها، واتضح أن العالم لا يتحرك وفق قيم ومبادئ كما تَدَّعي الوثائق والمواثيق الدولية وإنما وفق مصالح وأهواء، فتلك المواثيق أصبحت لا تساو ثمن المداد الذي كتبت به. وعن أي مساواة جندر يتحدثون؟ فمن اللافت أن العالم كله بلا استثناء طالب بتمييز النساء والأطفال في الحروب لأنهن الأكثر تضررًا والأكثر عرضة للعنف.. لم يطالب أحد بمعاملة متساوية للنساء، وهذا يضع معنى “مساواة الجندر” الذي تَدَّعيه النسوية العالمية في مأزق. فالمساواة في الحرب مساواة مرفوضة.

 – إن الكفر بالقيم العالمية ليس وشيكا -كما صرح جو بايدن مؤخرًا- بل إنه قد بدأ بالفعل. إن قيم الأمم المتحدة بكافة مواثيقها على المحك، فعجز الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة عن الدفاع عن قيمها بل ومؤساساتها وملاجئها التابعة لها وعمالها وممثليها كما شهدنا لا مثيل له. لقد تعرضت المنظمة الدولية لاعتداءات غير مسبوقة على مقارها والمدارس التابعة لها في غزة، وقد أعلنت المنظمة رسميًا أن عدد وفيات فريقها في هذه الأحداث هو الأكبر منذ نشأتها.

– إن أحداث غزة تفرض علينا أن نراجع صدق النوايا الغربية في دعم قضايا المرأة في الداخل الإسلامي. فهي كاشفة للدافع الحقيقي وراء هذا الدعم. وعلى سبيل المثال نجد الحكومة الألمانية قد أوقفت دعمها لمؤسسة قضايا المرأة في مصر اعتراضًا على توقيع رئيسة مجلس أمناء المؤسسة على بيان لوقف الحرب ضد غزة ومقاطعة البضائع الإسرائيلية، وعلقت السفارة الألمانية على هذا بأن القانون الألماني لا يسمح بتمويل منظمات تدعو لمقاطعة إسرائيل أو التشكيك فيها!!!! تلك هي الأنظمة التي تدعي دعمها لحقوق الإنسان، ولقيم المساواة والحرية والعدل[23].

– هيئة الأمم المتحدة للمرأة، UN WOMEN وهي منظمة الأمم المتحدة المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وهي النصير العالمي الرئيسي لقضايا المرأة والفتاة، والتي من ضمن عملها “المساءلة من خلال الرصد المنتظم للتقدم المحرز في تحقيق المساواة”. كيف تعاملت مع الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على غزة؟

في الأول من ديسمبر نشرت هيئة المرأة على موقعها أسفها الشديد لاستئناف العمليات العسكرية في غزة وتأكيدها على أن كل النساء الإسرائيليات والفلسطينيات يستحققن الحياة الآمنة الخالية من العنف. مع التأكيد على إدانة هجمات حماس الهمجية في 7 من أكتوبر والعنف.

 في 13 من ديسمبر تعدل الخطاب قليلًا فطالبت بوقف نار إنساني ودخول فوري للمساعدات للنساء والفتيات في قطاع غزة. وقدمت رصدًا لـ 50000 امرأة حامل في قطاع غزة تحتاج لرعاية طبية، 13000 امرأة وطفل شهداء، 10000 امرأة وفتاة مشردون بلا مأوى. وأكدت أن الوضع في غزة حتى قبل السابع من أكتوبر كان خطيرًا.

 تلك الهيئة التي مهمتها دعم حقوق الإنسان للنساء. وضمان تطبيق الدول والحكومات على مستوى العالم للمعايير الدولية التي تحقق النفع والفائدة لكل فتاة وامرأة وتضمن تمتعها بحقوقها الكاملة جاء خطابها أقل من متواضع. بل ربما الأقل بين مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى المعنية بالقضية[24]. واستخدت لغة مائعة تسوي بين الجاني والضحية. فساوت في الحجم بين أحداث الـ 7 من أكتوبر والتي خلفت 1200 قتيل على أقصى تقدير ثلثاهم من العسكريين، وبين الآلاف من النساء والأطفال الشهداء والجرحى والمشردين والمعذبين بالجوع والعطش والإبادة الجماعية بكافة أشكالها. ولم توجه مطالبها لطرف محدد مطالب بإنفاذ القانون بل بدت وكأنها تتحدث في الهواء، تطالب ولا تعرف من تطالب.

أكثر من 7000 امرأة شهيدة، نساء حوامل بلا رعاية طبية، عمليات ولادة بلا بنج، أمهات تدفن أطفالها الرضع، أمهات تعجز عن إطعام أطفالها، آلاف الأطنان من المتفجرات على نساء وأطفال، وشتى أنواع الانتهاكات، كل ذلك ولم تتم الإشارة لهذا النوع من العنف بـ ” الهمجي”.

 إن أي دولة أو حكومة إذا انتهكت حقًا واحدًا من حقوق المرأة المقررة في اتفاقيات الأمم المتحدة العديدة المعنية بالمرأة فإنها تتعرض للعقوبات من الهيئات الدولية ويطلب من حكومات الدول أن تتخذ ضدها إجراءات عقابية، ورغم ذلك لم تبد الهيئة رد فعل لما تتعرض له نساء غزة وفلسطين عمومًا من انتهاكات يومية من قبل حكومة الاحتلال لم تصدر حتى بيان استنكار أو انذار أو تهديد موجه. وفي ظل كل الانتهاكات غير المسبوقة لحقوق الإنسان في فلسطين ذكرت المؤسسة في إطار إعداداها لليوم العالمي للمرأة الموافق 8 مارس 2024 “أن مساواة الجندر تبقى التحدي الأكبر ضمن حقوق الإنسان”!!! وكأنها تتحدث في عالم آخر مواز[25].

– هناك تصور سائد عند عدد كبير من المدارس النسوية أن النساء أكثر دعمًا لحقوق النساء، لكن كشفت أحداث غزة أن هذا غير صحيح دائمًا، فموقف رئيسة مفوضية الاتحاد الأوربي (أورسلا فون ديرلاين) وكذلك مسؤولة برنامج الغذاء العالمي في الأمم المتحدة (سيندي ماكين) ربما الأسوأ على الإطلاق بين الموظفين الدوليين[26]. كشفت لنا غزة أن الصوت الحقوقي لا جنس له بل يحتاج قلب إنسان.

– إن مشهد غزة كاشف للصمت العالمي المخزي إزاء الأسيرات من النساء والأطفال في سجون الاحتلال وما يتعرضن له منذ سنوات طوال. والصوت العالمي العالي إزاء أنواع أخرى من الحريات الجنسية للمرأة والمراهقين.

– إن مشهد غزة كاشف عن أدوار جديدة للمرأة في حاجة لدراسة: فهناك أم أسير، أخت أسير، زوجة أسير. أدوارًا فرضت عليها لكنها تعلمت أدائها على أكمل وجه، تعلمت أن تقوم فورًا بكل الأدوار، وتنوب عن الزوج والأب والأخ في الولاية والرعاية والمسؤولية.  

– على مستوى آخر يكشف لنا مشهد غزة عن نموذج العلاقة بين الرجل والمرأة كما ينبغي أن تكون. فغزة نموذج شهدنا فيه وأكد لنا أن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست صراعية في الأساس بل إنها تراحمية بامتياز وفي المقام الأول. ذلك التكامل والاعتماد المتبادل، ذلك التناغم والتوافق الشديد. الاحتياج المتبادل، تبادل الأدوار أحيانًا بما تقتضيه الظروف. رأينا نماذج الولاية والرعاية والدعم والسند والمشاركة في عشرات القصص التي هزت العالم أجمع: قصة الجد خالد الذي ذهب يكفن حفيدته وهي “روح الروح” في رحمة متناهية وثبات وسكينة وجلد. إن صورة هذا الجد الرحيم لم تكسر فقط صورة “المسلم الإرهابي” غليظ القلب بل كسرت كذلك صورة الأب المسلم الذي يقهر البنات. قصة العم الذي ودع بنات أخيه الأربع دفعة واحدة وهو يتحدث عنهن واحدة واحدة ويخبر عن شغف وهواية كل واحدة منهن فإحداهن تحب الرسم والأخرى تهوى الطب. إن صورة هذا العم تكسر صورة “الوصاية” بالمعنى السلبي الذي تروج له النسوية الغربية. قصة الزوجة الطبيبة التي استشهد زوجها وهي واقفة تداو الجرحى، والطبيبات اللائي صمدن في مستشفى الشفاء حتى آخر لحظة، والمراسلات الصحفيات وجهادهن رغم كل المخاطر على الصحفيين… وغيرها من عشرات القصص، فما “الأبوية” في تلك المشاهد إلا نبع فياض من الرحمة والحنان والسند والمسؤولية التي لا تنتهي، وما “النسوية” فيها إلا سند ودعم وشراكة، وحفظ وقوة وجهاد بلا حدود. كيف ظهر هذا النموذج وكيف سادت هذه الأخلاق التراحمية وغلبت؟

هل في ظل إدراك الطرفين/ الزوجين أهدافًا كبرى في الحياة والتركيز عليها؟ هل فرضت التضحيات العظيمة من الطرفين هذا التقدير العظيم المتبادل؟ هل التفاني في أداء الواجب من قبل الجميع الرجال، والنساء وحتى الأطفال هو ما نهض بالأخلاق العامة في المجتمع ككل؟ فقد رأينا الطفل ذو السبع السنوات يلقن أخاه ذو الخمس سنوات الشهادة –هل ثقافة الأمانة وليس ثقافة الملكية؟ هل الالتزام بأداء الأمانة بل وأدائها بأعلى درجات الإحسان؟ هل ثقافة الرباط أم الأمهات اللاتي أرضعن أبنائهن حب الجهاد مع اللبن؟ ســوف نقف طويلًا أمام نموذج غزة نتساءل ونتعلم.

 أظهرت غزة للعالم أخلاقًا عملية هي الأسمى وقف أمامها العالم مدهوشًا، إن أي حركة فكرية لا تستوعب دروس غزة ستكون خارج التاريخ، فقد أعادت غزة تشكيل الوجدان والمعرفة ليس فقط المسلمة، بل والعالمية.

 وأخيرًا فإن مشهد غزة يوجب أولوية التركيز على الداخل وبناء الهوية.. لم نعد نهتم أن نشرح للآخر “الذي يدعي الحداثة” حكمة الأحكام الإسلامية ومنطقها الرباني. وإنما الاولى بنا التركيز على إقامة القيم والأخلاق الإسلامية في أنفسنا أولًا ثم فيما حولنا، وأن نكون حقًا عبادًا لله كما جاء في الآية الكريمة {عبادا لنا} والأخلاق الإسلامية هي أخلاق إنسانية حركت الأحرار في العالم بأسره. تلك الأخلاق التي شهدناها متجسدة حية في غزة نسائها ورجالها وأطفالها.

نصر الله المجاهدين. نصر الله فلسطين

**************

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* باحثة بمركز خُطوة للتوثيق والدراسات، وحاصلة على ماجستير في العلوم السياسية. جامعة القاهرة.

[1] تعد قناةblogging theology  أحد القنوات على منصة يوتيوب تناقش مقارنة الأديان، أسسها بول ويليامز- وهو دَرَسَ الفلسفة وعلوم الأديان في جامعة لندن- وتتميز بمحتواها العلمي والأكاديمي. حيث يستضيف ويليامز عادة المتخصصين في مجال الأديان والفلسفة وفلسفة العلوم من جامعات كبرى على مستوى العالم.

[2] Are Islam and Feminism Incompatible? With Dr Haifaa Jawad. Available at:

https://www.youtube.com/watch?v=O3ZG0l4bEms

[3] Why Feminism Opposes Islam. With Dr. Tanzeen Doha. Available at:  https://www.youtube.com/watch?v=SQYUlbUFH14

[4] How ‘Islamic’ is Islamic feminism?. Available at:   https://www.youtube.com/watch?v=wKAfZ4aPaRs

[5] وهذه الحركة مبنية على تصور تفوق العنصر الأبيض ودوره في تحرير شعوب العالم المتخلف. هذا الشعور بالتفوق الحضاري يدفعهم لتصور أن النساء في العالم والمرأة المسلمة في حاجة لمن يحررهم (د. هيفاء جواد).  

[6] قد وصل د. ضحى لهذه الخلاصة بعد بحث استعرض خلاله عددًا من مقالات النيويورك تايمز ورصد تغير اللغة المستخدمة تجاه الإسلام منذ أواخر السبعينات وحتى 2011.

[7] لقد أقر الإسلام المساواة الإنسانية للمرأة منذ أكثر من 1400 عام. ولم تعترف أوربا بالمرأة كإنسان إلا في منتصف القرن السابع عشر. فكيف بنا في القرن الـ 21 نقول إن الإسلام لم يقر المساواة بين الجنسين.

[8] ابن منظور، لسان العرب، القاهرة دار الحديث 2003، ج 4، مادة (س. و. ى)

[9] الحديث صحيح أخرجه الامام أحمد والترمذي وأبو داوود.

[10] النساء شقائق الرجال https://2u.pw/hT1Ra8q.

[11] في تطور مفهوم المساواة في المواثيق الدولية انظر: منال يحيى سيد، السياسات المصرية المعاصرة تجاه قضية المرأة، رسالة ماجيستير، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2014، ص 34: 90

[12] لمياء الفاروقي. حركة المساواة بين الجنسين والحفاظ على التقاليد الإسلامية. المسلم المعاصر. العدد 37.

[13]  لا تكد تخلو آية قرآنية تتناول العلاقة بين الزوجين من مفهوم التقوى.. انظر: هند مصطفى، الفضاء المعنوي للزوجية في القرآن، مجلة المرأة والحضارة، العدد الثالث. 2002.

[14] الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها. أخرجه النسائي. حديث صحيح.

[15] حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي

[16] حديث ” أوصيكم بالنساء خيرًا أوصيكم بالنساء خيرا. الله الله في النساء ” وحديث” إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة ”

[17]  سيف عبد الفتاح، مدخل القيم (مشروع العلاقات الدولية في الإسلام)، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي. 1999.

[18]من هذه الاليات الرضا بالتقدير الالهي “ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن”. ومنها “فان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما..”. ومنها ” ولا تنسوا الفضل بينكم”. ومنها ” التقوى”. والسيرة النبوية تذخر بحوادث توضح حركة التدافع بين النساء والرجال من الصحابة في الحياة اليومية، والتنافس على الثواب والأجر والعمل الصالح. بما يحقق المصالح الدنيوية والاخروية..

[19]انظر محمد الغزالي، قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة، دار الشروق، القاهرة، 1990. ومحمد عمارة، شبهات واجابات حول مكانة المرأة في الإسلام، القاهرة 2002

[20]يراد بالتأويل التفسير، أو الحقيقة التي يؤول إليها الأمر أو الخبر. التأويل هو الرجوع: أي الرجوع بالكلام إلى مراد المتكلم. وقال الثعلب أن التفسير غير التأويل إذ التفسير بيان وضع اللفظ ومعناه حقيقة أم مجاز أما التأويل فتفسير باطن اللفظ. وقيل هو إرجاع الكلمة إلى أصل أبعد من المعنى الحرفي لها. وقيل هو التوصل إلى معنى المعنى.

[21]انظر موقف طه عبد الرحمن من تأويل القرآن والتأويل الحداثي للقرآن في: طه عبد الرحمن، روح الحداثة، المغرب، المركز الثقافي العربي، 2006، ص 175: 196.

[22]منى أبو الفضل، نحو منظور حضاري لقراءة سيرة وتاريخ المرأة المسلمة، المرأة والحضارة، العدد الثاني، 2001. وأماني صالح، نحو منظور إسلامي للمعرفة النسوية، المرأة والحضارة، العدد الأول، 2000.

[23]شبكة مدى في 7 ديسمبر 2023، وجدير بالذكر أن حسام بهجت -عضو المؤسسة- قرر سحب ترشحه للجائزة الالمانية الفرنسية لحقوق الإنسان وسيادة القانون معترضا على موقف ألمانيا من الحرب والذي رأى أنه الأكثر انحطاطًا بعد الولايات المتحدة حيث ضاعفت المانيا من صادرات السلاح لإسرائيل لتقتل المدنيين في غزة.

[24]مقارنة بتصريحات جوتيرتيش وجريفيث واليونسيف.

[25]UNWOMEN.ORG/EN/NEWS-STORIES/STATEMENT/2023”

[26]انتقد عدد كبير من موظفو الاتحاد الأوربي في رسالة رسمية من ثلاث صفحات دعم رئيسة المفوضية غير المشروط لكيان الاحتلال الاسرائيلي محذرين من أن الاتحاد يفقد كل مصداقيته. https://2u.pw/e0dsSNU

كذلك تعرضت سيندي ماكين رئيسة برنامج الغذاء العالمي لانتقادات واسعة واتهامات من المرصد الأورو متوسطي حيث دعا المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، إلى طرد المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي “سيندي ماكين” بعد مشاركتها في منتدى لجمع التبرعات للجيش الإسرائيلي في خضم ملاحظات سلبية على عمل البرنامج إزاء تفاقم المحنة الإنسانية في قطاع غزة. ورأى المرصد أن مشاركة “سيندي ماكين” وجلوسها في الصف الأمامي في منتدى هاليفاكس للأمن الدولي -الذي انعقد في الفترة من 17 إلى 19 نوفمبر 2023- بغرض جمع تبرعات للجيش الإسرائيلي يشكل تناقضا صارخا مع حملة التجويع المتعمدة التي يتعرض لها المدنيين في قطاع غزة في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 46 يوما. https://2u.pw/E318CK9

عن منال يحيى شيمي

شاهد أيضاً

علاقة الزوجين من منظور فقه الحياة

أ. منال يحيى شيمي

تشهد الساحة الثقافية في مصر منذ فترة جدلا حادا حول موضوعات تتعلق بالزواج ومؤسسة الأسرة، يشتمل هذا الجدل على تفاصيل مثل: واجبات الزوجة داخل المنزل...

الأسرة المسلمة وتحدي النسوية

أ. مهجة مشهور

تلتقي الإنسانية على مر العصور على جوامع قيمية وأخلاقية مشتركة كانت تؤسس لروابط وعلاقات قيمية ثابتة تجمع البشرية وتحقق التعاون والتضامن بين البشر جميعًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.