الأمة السيبرانية: هل يمكن أن تمثل التقانة مدخلًا لتقارب المسلمين؟*
شريف عبد الرحمن سيف النصر**
مقدمة
صاحب ظهور مفهوم الفضاء السيبراني، وتحوله إلى جزء لا يتجزأ من تفاصيل الواقع المعاش، انتقال العديد من جوانب وتفاعلات الحياة اليومية إلى هذا الفضاء الجديد؛ ولم تشذ الأمور المتعلقة بالأديان ومعتنقيها، فجزء معتبر من تفاعلات الفضاء السيبراني ينهض به “متدينون،” سواء عبر تحميل أو الاستماع إلى المواد الدينية، مرورا بالحصول على الدعم/الفتوى، والتفاعل مع المنتمين لنفس الإيمان، وانتهاء بالنقاش وأحيانا المناظرة (مع الآخر) حول معنى ومغزى ما يتم التمسك به من عقائد أو ممارسته من طقوس!
وعلى الرغم من أن الحديث عن السيبرانية عادة ما يستدعي المعنى التقاني؛ على اعتبار أن السيبرانية ترتبط ذهنيا بصورة مئات الملايين من الحواسيب والخوادم (servers) وغيرها من مكونات البنية التحتية الرقمية، المترابطة معاً في شبكة بعرض العالم، إلا أن المفهوم قد اكتسب أبعادا معرفية أعمق بكثير، اقتربت به من معنى النموذج المعرفي (paradigm) وفقا لعبارة توماس كون في كتابه “بنية الثورات العلمية”، حيث أصبحت السيبرانية تعكس اليوم تصورا للعالم، وتقدم طرقا جديدة لفهم ظواهره، بما فيها تلك ذات الطابع الديني.[1]
من ناحيتها، تشهد المجتمعات المتأثرة بالسيبرانية هي الأخرى تغيرا في خواصها، على نحو يستحق الدراسة، وتوجد بالفعل الكثير من الدراسات المهتمة بهذا الموضوع على مستوى الأدبيات الغربية، حيث يتم تسليط الضوء على الطريقة التي تتغير من خلالها هذه المجتمعات، وجوانب هذا التغير.[2]
وإذا كانت هذه الورقة ستتعامل — وفقا للإطار النظري الذي قدمه كون — مع النموذج السيبراني/الشبكي على أنه نموذج معرفي سائد، بمعنى أنه نموذج يكتسب أرضا جديدة يوما بعد يوم، ويسمح بتفسير العديد من الظواهر المستحدثة، فإن النموذج المعرفي الآخذ في الانحسار — اتساقا مع نفس التصور الذي اقترحه كون، ستتم الإشارة إليه باسم نموذج التقانة العادية أو التقليدية (Normal Technology)، بوصفه يشير إلى مجمل التقانة ما قبل الشبكية، حيث تفترض هذه الورقة أن النقلة من نموذج التقانة التقليدية إلى نموذج التقانة الشبكية قد تضمنت آثارا جوهرية، على المجتمعات وعلى نمط العلاقات الدينية داخلها.
بعبارة أخرى، تفرق الورقة بين أثر التقانة التقليدية وأثر التقانة الشبكية، وتفترض إن التقانة الشبكية تطرح ما من شأنه إعادة الاعتبار لمفهوم المجتمع بشكل عام، ومجتمع الأمة على نحو خاص، وتقدم ما يمكن أن يزيد التقارب بين عناصر الأمة، وصولا إلى حد تحقيق نوع من الأخوة السيبرانية إن جاز القول.
مجتمع الأمة
يشير مفهوم المجتمع إلى تلك الجماعة (الجماعات) من الأفراد التي تقطن داخل رقعة جغرافية تتحدد غالبًا بحدود دولة قومية ما. ويتميز المجتمع بوجود أنماط من العلاقات المطردة بين أفراده، وأنماط من السلوكيات والمعايير الأخلاقية والثقافية المقبولة على نطاق واسع بينهم.[3]
من جانبه يشير مصطلح الأمة، إلى جماعة بعينها — في حالتنا هي جماعة المسلمين — تضم أجيالا ماضية وحاضرة (ومستقبلة أيضا)، وموزعة على امتداد مساحات جغرافية واسعة، لم يحل تفرق أفرادها عبر المكان والزمان دون استشعارهم الانتماء لجسد واحد. “الأمة الإسلامية” بهذا المعنى هي “مجتمع المؤمنين عبر الزمان والمكان.” وفقًا لهذا التعريف، يمكن اعتبار جميع المسلمين البالغ عددهم 2 مليار مسلم (وفق إحصائيات 2024)[4] جزءًا من هذا المجتمع الواسع، بغض النظر عن اختلاف لغاتهم، وجنسياتهم، وأعراقهم، وألوانهم، ومستوياتهم الاجتماعية، والاقتصادية.[5]
انبثاق التقانة الشبكية طرح احتمالية للحديث عن مفهوم جديد للأمة هو الأمة الرقمية أو السيبرانية، وثمة اهتمام من قبل المجتمع الأكاديمي (الغربي تحديدا) باحتمال تبلور شكل ما للأمة من خلال الفضاء السيبراني (على نحو ينقض التوقعات السابقة التي اعتبرت أن العولمة قد كتبت شهادة وفاة لهذا المفهوم)[6]. والسؤال المشترك في إطار هذا النوع من الدراسات هو كيف يمكن أن يطور الأفراد حس الانتماء إلى مجتمع الأمة من خلال التفاعل عبر الفضاء السيبراني والتقانات الشبكية.[7] ولمحاولة المشاركة في الإجابة عن هذا السؤال تضيف هذه الورقة سؤالا آخر هو: كيف نجحت التقانات الشبكية في تجاوز الأثر الذي ساهمت من خلاله التقانة التقليدية (بالنظر إلى خصائصها اللصيقة بها أو على الأقل الطريقة التي استخدمت بها)، في تأكيد حالة التجزئة بين مكونات الأمة الواحدة.
التقانة التي صنعناها/التقانة التي صنعتنا!
لم تكن التقانة مشروعا واعدا بالنسبة للبشر دائما، ولم تكن قريبة من الأفراد بنفس درجة اقترابها من دوائر الحكم في لحظات حاسمة من تاريخ تطور المجتمع الحديث، حيث كانت التقانة غالبا أداة تستخدمها الأنظمة لأغراض التنميط والتوجيه والمراقبة والمعاقبة… إلخ. ونتيجة للعلاقة الوثيقة التي ربطتها بالدولة الحديثة منذ نشأة الأخيرة، تطور وضع التقانة لكي تصبح إطارا مرجعيا ونموذجا تصوريا، كما أصبحت لها أدوارها الاجتماعية والسياسية بخلاف دورها التطبيقي العملي. وقد ظهر هذا بوضوح منذ بواكير الثورة الصناعية حين بدأ “المجاز التقاني” يدخل لغة الخطاب البشرية، وحين بدأت تتشكل مقولات العقلانية الحديثة على أساس من النماذج التصورية النابعة من عالم التقانة.
على سبيل المثال تسربت مفاهيم مثل الاستقرار، والتوازن من عالم التقانة الميكانيكية (تقانات المحركات البخارية تحديدا) إلى علم الاقتصاد، ثم إلى علوم السياسة والاجتماع وغيرها. ولم يتوقف الأمر عند حد استعارة بعض الصور التشبيهية، وإنما تسرب الأساس المعرفي لعالم التقانة إلى منظومة الظواهر الاجتماعية، ونقصد بذلك فكرة التحكم العقلاني، فكما أن التحكم يمثل جوهر عمل التقانة، فإنه صار بالدرجة نفسها تقريبًا جزءًا لا يتجزأ من طرائق إدارة الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حتى أصبحت التقانة وأسلوب عملها هي الطريقة التي يفهم بها البعض طبيعة وجودهم في العالم.[8]
ما تفترضه هذه الورقة أن النقلة من التقانة، بمعناها التقليدي، إلى التقانة السيبرانية قد تضمنت قفزة في ليس فقط في طبيعة التقانة وإنما في آثارها المحتملة فيما يتعلق بتمكين المجتمع وزيادة الترابط بين أفراده، ولتبين الأثر الذي أحدثته هذه النقلة فيما يتعلق بحالة الأمة الإسلامية ستتم المقارنة في هذه الورقة بين عدد من الخصائص، وهي (1) التنميط والتنوع، (2) التفكيك والتركيب، (3) الحيادية والقيمية، (4) الكمية والكيفية، (5) السببية والغائية.[9]
(1) التنميط والتنوع
استخدمت التقانة لوقت طويل، وعلى نطاق واسع، لأغراض التنميط، ويعنى التنميط رد الكل المختلف إلى قالب واحد، وفي هذا الإطار يمكن استحضار نموذج تقانات الإعلام، فكثيرا ما استخدمت تقانات الإعلام الجماهيري لصناعة وعي نمطي، وتوليد قناعات مشتركة، وإيمان بنفس الأفكار والأهداف.[10]
بعد الثورة الرقمية، تحررت التقانة الشبكية من قدر كبير من خصائص التقانة العادية، ومنها خاصية التنميط، فبدلا من أن تخلق مستخدمين منمطين، وفرت التقانة الجديدة فرصا غير محدودة للتنوع؛ ومن ذلك التنوع في مصادر المعلومات، والتنوع في الخيارات التواصلية. وقد ساهمت الطبيعة الجديدة لتقانات الاتصال الحديثة، في إنشاء تجمعات افتراضية جديدة، لا تتقيد بأي حدود جغرافية، وتتجاوز العديد من الانقسامات العرقية والثقافية والاجتماعية.[11] أدت هذه الخصائص إلى إعادة الاعتبار للاختلافات الفردية، فلم يعد من الحتمي أن يقبل الفرد التنميط في إطار المجموع، ولم يعد من الحتمي أن يواري ذاتيته لكي يبدو فردا “صالحا،” يتصرف كما يراد له أن يكون.
على المستوى الديني، قدم الفضاء السيبراني فرصا متنوعة لبناء الهوية الدينية. فالعديد من المسلمين اليوم، يستخدمون صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، للحصول على معلومات، والنقاش حول قضايا مختلفة. فبعد التجمد الذي أصاب المؤسسات الدينية، بفعل القيود السياسية، أو بفعل موجات التحديث التي أثرت بشكل أو بآخر على البنى التقليدية عموماً، والبنى الدينية خصوصاً، أصبح أمام الأفراد منابر بديلة. بعبارة أخرى لم يعد التدين صناعة محلية، ولم تعد مصادر المعلومات الدينية منحصرة في مؤسسات بعينها، وإنما صار “العرض” متنوعاً بدرجة غير مسبوقة.[12]
شكل آخر من أشكال مواجهة التنميط الذي تسمح به تقانات الفضاء السيبراني، يتمثل فيما تقوم به أدوات التواصل الشبكي في مواجهة التنميط الذي تمارسه وسائل الإعلام الغربية، التي يميل كثير منها إلى تصوير المسلمين على أنهم “إرهابيون”، معادون للديمقراطية، متخلفون ثقافيًا وحضاريا. وفي هذا السياق لاحظ البعض أن الفضاء السيبراني يوفر أكثر من أي شيء آخر “مساحات يمكن للمسلمين، الذين يجدون أنفسهم غالبًا أقلية مهمشة في العديد من المجتمعات الغربية، أن يقاوموا من خلالها الصور النمطية التي يوصمون بها.”[13] حيث ينشط المدونون وصناع المحتوى والمؤثرون الرقميون في مواجهة الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين، ومناقشة إمكانات التعايش بين المسلمين وغيرهم في إطار المجتمعات غير المسلمة. وعلى الرغم من أن الفضاء السيبراني ليس المكان الوحيد المتاح لممارسة هذه الأنشطة، إلا أنه يمثل مساحة مهمة يسعى المدونون من خلالها إلى إحداث نوع من التغيير الاجتماعي والمؤسسي.[14]
(2) التفكيك والتركيب
بشكل عام لا تبدو التقانة التقليدية ومنتجاتها عاملاً مساعدا على تقارب المستخدمين لها، وذلك بحكم غلبة منطق التفكيك على النموذج المعرفي الذي تنتمي إليه. إذ يمثل “التفكيك/الاختزال” ثاني أبرز الخصائص في إطار النموذج المعرفي التقاني التقليدي، ففي إطار هذا النموذج لا يمكن “فهم” أي ظاهرة إلا بعد تفكيكها إلى مكوناتها الأبسط، واختزالها إلى عناصرها الأولية، توطئة لتعميم فهم الجزء على الظاهرة (الكل) التي ينتمي إليها.[15]
وقد تسرب منطق التعامل الاختزالي مع الظواهر المادية إلى النموذج الاجتماعي نفسه، فأصبحت الظواهر الاجتماعية كافة عرضة للتفكيك (على الأقل نظريا)، بعد أن هيمن النموذج المعرفي التقاني، وأصبح هو المسيطر على طريقة تصميم العديد من المؤسسات الحديثة. وفي إطار من هيمنة هذا المنظور كانت الشكوى المألوفة هي أن التقانة تعمق الفردية، وتؤدي إلى انقطاع العلاقات سواء بين الأفراد وبعضهم البعض، أو حتى بين الفرد وبين ما يقوم بإنتاجه باستخدام الأدوات التقانية. فالنموذج الاجتماعي المتأثر بفلسفة التقانة مصمم على أساس من اختزال وعزل الفرد عن الكل الذي ينتمي إليه (الأسرة، العائلة، الجماعة)، بل واختزال الفرد نفسه إلى مجموعة المهارات التي يحوزها والخصائص التي يملكها. [16]
من جانبها فإن التقانة الشبكية، في إطار الفضاء السيبراني، تعمل على تجسير الفجوات التي خلقتها التقانة التقليدية، ففي حين عمقت الثانية التفكيك، فإن الأولى تدعم الترابط، وذلك بسماحها للمتباعدين أن يكتشفوا ما يجمعهم سوياً، ويوطدوا أواصر علاقات جماعية (غير مؤسسية) بينهم. فأيًا ما يكن اختلافه، سيجد الفرد من يناظره على شبكة التفاعلات الرقمية. وفي هذا الصدد تكتظ المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي بأفراد يتبنون نفس الأفكار، فيما ينتمون لبقاع جغرافية شتى. فالتباعد المكاني لم يعد يقف حائلاً أمام تبادل وجهات النظر تبادلا حرا، والانفتاح على المجموعات المتنوعة ثقافيا وفكريا.
وتلفت العديد من الدراسات الانتباه إلى أن “المسلمين الجدد،” والجاليات المسلمة في المجتمعات غير المسلمة، يفيدون من مواقع التواصل الاجتماعي للمساعدة لنقل وتشكيل الخبرات وإتاحة المعرفة والمعلومات التي تساعد على بناء الإحساس بالمجتمع الواحد. فالمسافة الجغرافية الواسعة التي تفصل بين هؤلاء المسلمين وبين العالم الإسلامي، فضلا عن انخفاض كثافة السكان المسلمين في المجتمعات التي يتواجدون فيها تجعل اتصالهم المباشر صعبًا للغاية. ولهذا يلجأ هؤلاء إلى الفضاء السيبراني كوسيلة للتواصل، ومشاركة المعلومات، والتعرف على المسلمين الآخرين في مجتمعاتهم وفي العالم الإسلامي الأوسع، حيث يساعدهم ذلك على تنمية الشعور بالانتماء، ومواجهة التحديات التي عادة ما تتعلق بمحدودية الوعي بالثقافة الإسلامية وغلبة التصورات الخاطئة عن المسلمين في إطار المجتمعات التي يتواجدون فيها.[17]
(3) الحيادية والقيمية
شاع لبعض الوقت وصف التقانة التقليدية (والمنظور المعرفي المنبثق عنها) بأنها محايدة قيميا، بمعنى أنها منقطعة الصلة عن القيم والخصوصيات الثقافية، فالتقانة (صورت) على أنها ليست متجذرة في أي ثقافة أو منطقة أو تراث، وأن طريقة عملها تتسم بالعموم والشمول، ولهذا فهي يمكن أن توحد تقاليد أو تاريخ المناطق التي تستخدم فيها.[18] ولكن هذا السمعة المحايدة انقلبت مع الوقت إلى اتهام لها بكونها مسؤولة عن التعارض البادي بين التحديث وبين الثقافات الأصيلة. وتذهب الآراء الناقدة إلى القول بأن التقانة تؤدي بمستخدميها إلى نوع من البرود القيمي، فبحكم أنها لا تعمل وفق منظومة قيمية، ولا يتوقف نجاحها في أداء ما تؤديه على التزامها بأي نوع من القيم، فإنها تقدم سياقا داعما للتخلي عن القيم، أو على الأقل لتحييدها، حتى إن المنظور التقاني أصبح بمثابة “كود ضمني” للموضوعية (وهي الكلمة التي أصبحت تستخدم كمرادف لتحييد القيم أو بالأحرى لاستبعادها).
من جانبها لم تنجح التقانة الشبكية في إطار الفضاء السيبراني، في التحرر كثيرا من عيوب المجتمع التقاني اللا-قيمية، ففضلاً عن أنها تسمح للعديد من القيم السلبية بالانتشار، فإنها من ناحية أخرى تقلص من قيم “المجال المثالي،” الذي يفترض أن الفرد المؤمن ينتمي إليه، وتدفعه باتجاه مجال الاستهلاك المادي والترفيهي.[19] ومن المألوف عند كثير من مرتادي الفضاء السيبراني الشكوى من ضياع الوقت في التصفح والانتقال — على غير هدى — عبر المواقع والصفحات، على نحو شبه آلي، لا يكاد يحكمه منطق سوى الفضول والإتاحة والفراغ.
وقد خلصت دراسات جادة إلى القول إن التقانة الشبكية متناقضة بطبيعتها مع الدين. وذلك بحكم أنها ليست متوافقة تمامًا مع مطالب التأمل الانفرادي والتخفف من الارتباط الاجتماعي، التي تنص عليها معظم التقاليد الدينية من أجل التطور الروحي الحقيقي. بدلاً من ذلك، يميل الفضاء السيبراني إلى دمج مستخدميه في سلسلة لا نهاية لها، ومشتتة للانتباه غالبا، من “التجارب الحياتية للآخرين.”[20] فضلا عن ذلك فإن الثقافة السيبرانية تؤكد على المنبهات البصرية، والتغير السريع في الموضوعات، والتنوع، جنبًا إلى جنب مع بساطة/سطحية العرض.
وإذا كانت “القدرة على التسامي عن الأماكن والأحداث، والتفكر في المعنى، والتأمل في المتجاوز هي عناصر أساسية في الخيال الديني. فإن هذه القدرة هي أبرز ضحايا الثقافة (الرقمية) التي تحركها الصورة، فهذه الثقافة البصرية تولد حالة من الانفعال اللحظي، ولكنها لا تستدعي التفكير أو الاستجابة المدروسة. وكأن المعادلة هي أن ما نكسبه من المعلومات نخسر في مقابله قدرا مساويا من البصيرة، وربما بمرور الوقت، نفقد حتى القدرة على التفكير بصورة صحيحة.”[21] الفضاء السيبراني بهذا المعنى “يحدث تأثيرا قويا، ولكنه يجعل التأمل العميق والمتجاوز الذي يتطلبه الدين غير عملي. إنه (أي الفضاء السيبراني) “مكان معلومات مفرط التشبع” ولكنه قد يتعارض بشكل واضح مع متطلبات الإيمان كما يؤكد عليها الدين.”[22]
تتسبب الخصائص السابقة للفضاء السيبراني، في تسرب روح جافة إلى مستخدميه على نحو يجعل الروابط بينهم مجرد روابط شكلية، تقتصر في كثير من الأحيان على المتابعة الباردة، والتعاطف الذي لا يتعدى اختيار الصورة التعبيرية المناسبة (emojis)، من دون فاعلية حقيقية، ومن دون مؤازرة تمتد لما وراء لوحة المفاتيح. وهو ما يشير إليه البعض باسم “وهم الفاعلية،” والذي يشير في أفضل حالاته إلى نوع من التفاعل الفاتر، إزاء قضايا تحتاج بطبيعتها إلى نوع من الدعم المادي، وليس مجرد التأييد الافتراضي.[23]
ولكن الفضاء الرقمي، كما تجاوز المعوقات اللغوية والثقافية والمحلية، يمكن أن ينجح في إيجاد مجالات قيمية مشتركة، وذلك بفضل ما يشتمل عليه من إمكانات متنوعة. على سبيل المثال، تنتشر حاليا في إطار الفضاء السيبراني العديد من التجارب الوقفية الإسلامية، التي توظف منابر الوقف الرقمي لنشر المعرفة الدينية والقيم الأخلاقية المرتبطة بها. وقد أكدت دراسات غربية (وإن على نحو تحذيري من عواقب ذلك بالنسبة للمصالح الغربية) أنه حتى المواقع الإخبارية التي تعنى بقضايا الأمة، تساهم بشكل أو بآخر، في دعم الترابط القيمي بين أفرادها.[24]
وفي هذا الصدد أشارت دراسات إلى أنه حتى الرسائل المعلوماتية البحتة، التي تتخصص بعض المواقع في نشرها، يمكن أن تدعم قيم الأمة الواحدة. على سبيل المثال في تغطيتها لقوانين حظر الحجاب في المدارس الفرنسية، ساهمت بعض المواقع الإخبارية في بناء هوية إسلامية عالمية وتعبئة الرأي العام المسلم عبر العالم. فقضية مثل هذه تم تغطيتها في التقارير ذات الصلة لا على أنها “مشكلة للفتيات والنساء في المدارس العامة في فرنسا، ولكن على أنها مشكلة للمسلمين في جميع أنحاء العالم”. وذلك في إطار أظهر قضية الحجاب على أنها جزء من “رسالة حضارية”، لأن “الحجاب يشير إلى معنى الاختلاف عن الآخرين”، ويؤكد في نفس الوقت قيم الهوية الجمعية للإسلام.[25]
هذه الجهود تتضمن، وفقا للبعض، محاولات ناجحة لفك الارتباط بين التقانة والعلمانية، عبر توظيف ثمار ثورة المعلومات والاتصالات لنشر القيم الحضارية والدينية، وعلى نحو أخص، دحض المقولات التي تصم الإسلام بأنه معاد لقيم التقدم، وغير قادر على التعايش معها فضلاً على الاستفادة من ثمارها.
(4) الكمية والكيفية
لا ينفصل المنظور التقاني التقليدي عن محاولات فرض المقولات الكميَّة على الواقع، ومحاولة إخضاع ظواهره للقواعد القياسية، التي تتضمن تطبيق المعايير الكَميَّة على قواعد تقييم العمل وتنظيم السلوك. وقد ترتَّبَ على هذه النزعة أن تضَاءَلَت جوانبُ مهمة لا غِنَى عنها لحياة الإنسان، وتمت التَّسويَةُ بين الفروق الفردية، والتَّضييق على إمكانات التعبير الكيفية التي لا تَستقيم الحياة بدونها.[26]
من جانبه ورث الفضاء السيبراني العديد من هذه العيوب، على سبيل المثال لا يزال عدد المشاهدات هو المتغير الحاكم لذيوع خبر، أو رأي، أو تعليق، أو التوصية بموقع معين، فالتقييم في الفضاء السيبراني كمي وليس كيفي بالدرجة الأولى. وفي هذا الإطار يصبح أهم شيء أن يتبادل المستخدمون الخبر/المعلومة ويعلقوا عليها كيما يأخذ حقه من الانتشار أو تتم التوصية به لآخرين. الأكثر انتشارا بهذا المعنى هو ما يحظى بتفاعل أكبر، أيا ما كان مضمونه أو محتواه. وتستغل العديد من الأطراف هذه الخاصية من خلال تشكيل ما يطلق عليه اللجان الإلكترونية التي تتولى الدفع بأخبار أو موضوعات أو تعليقات معينة إلى صدارة التداول من خلال تفاعل مفتعل وحسابات وهمية، الأمر الذي يحجب موضوعات أو آراء أكثر أهمية، ويعطي الصدارة لموضوعات أقل أهمية. كما يجعل أصحاب المحتوى القيم “يتوسلون” الإعجاب والمشاركة من مشاهديهم ومتابعيهم، على نحو يشوش على الغرض الأصلي من التواجد في إطار العالم الافتراضي.
تدفع المشاكل السابقة بسؤال الكم والكيف إلى واجهة النقاش حول قضايا الأمة، فهل العبرة بكثرة من يتفاعلون حول الموضوعات الدينية، أم بالكيفية التي يتفاعلون بها؟ لقد صاحب حالة الانفتاح الديني (الكمية)، في كثير من الأحيان، تصدي كثير من غير المؤهلين، ليس فقط للتعبير عن آرائهم الدينية، ولكن أيضًا لتقديم “الفتاوى” حول قضايا يمكن أن تخلق العديد من المشاكل وتشكل العديد من التحديات، فضلا عن تطوع الكثير منهم لتقديم ما يطلق عليه التفسيرات الجديدة أو القراءة الحداثية للموروث الديني، وذلك في إطار موجة اتخذت من ادعاء مواجهة المركزية الدينية الرسمية منطلقا لها، لمحاولة تغيير حدود المعرفة الدينية.
تطرح التحديات السابقة معضلة “من يتحدث باسم الإسلام؟”، وهي المعضلة التي تشير إلى الفراغ المعرفي “الكيفي والكمي” الذي ينشأ عن عدم وجود “عدد كافٍ” من “المؤهلين” للحديث باسم الإسلام في الفضاء السيبراني، أو عدم اهتمام كثير من هؤلاء المؤهلين بأن يكون لهم منابرهم السيبرانية، الأمر الذي يترك الباب مفتوحًا على مصراعيه لكثير من الهواة أو لأصحاب المشاريع البديلة. وقد أدت الوفرة الكمية للصنف الأخير في كثير من الأحيان إلى نشر معلومات، أو نصائح دينية غير دقيقة، أو غير كاملة، أو حتى مضللة، وهذه أصبحت أكثر خطورة وأكثر ضررًا اليوم، مع الأخذ في الاعتبار السرعة التي تنتشر بها المعلومات.[27]
وعلى أية حال، لا يبدو أن التفاعل عبر الفضاء السيبراني مقدر له الفشل لأسباب تتعلق بغلبة الكمي على الكيفي. فالفضاء السيبراني يتيح مجالات متنوعة أمام العديد من المتدينين لتحقيق أهداف تتسم بالجامعية.[28] ولا شك أن المميزين والمؤهلين قادرين على أن يصنعوا فارقاً في إطار هذا الفضاء، وفي هذا الصدد يمكن رصد التأثير البالغ الذي يحدثه بعض صناع المحتوى الإسلامي في أتباعهم، والذين يقدر عددهم في كثير من الأحيان بالملايين. ولقد كانت الهجمات التي سمح بها أو سهلها الفضاء السيبراني على الإسلام بمثابة حافز لتكتل العديد من هؤلاء الناشطين السيبرانيين الجادين، ممن أخذوا على عاتقهم مهمة حماية التراث ومواجهة الخطابات الداعية إلى تفكيك النص الديني، وبيان خلفيات أصحابها الثقافية والسياسية، وذلك من خلال العديد من الصفحات والقنوات، التي لا يمكن بخس تأثيرها الكيفي أو الكمي.[29]
(5) السببية والغائية
في إطار المنظور التقاني يتم تجاوز التساؤل حول الغايات، لصالح التساؤل حول كيفية استخدام التقانات التي توسم دائما بالرشادة والعقلانية على نحو يعفي من التفكير في غاياتها النهائية. فهل ورثت التقانة الشبكية نفس الفرض، وهل تحول مستخدمو الفضاء السيبراني إلى كائنات تتساءل عن كيفية استخدام التقانات المختلفة من دون أن تتساءل عن الغاية من ورائها؟[30]
بطبيعة الحال يبدو انطباق هذا النقد على الفضاء السيبراني مستبعدا إلى حد ما، فمستخدمو هذا الفضاء ليسوا مجرد آلات، تتحرك من دون غاية، وحتى لو كان النموذج الشبكي لا يحدد للأفراد غايات معينة يتعين عليهم السعي نحو بلوغها، إلا أنه لا يتضمن ما من شأنه أن يمنعهم من أن تكون لهم غاياتهم في الوقت نفسه، فالفرد حر في أن ينشئ أو يتتبع المواقع والصفحات التي تتوافق مع اهتماماته.[31] وفي وسط حزمة الاهتمامات المتاحة، تحتل القضايا المرتبطة بالأمة الإسلامية مكانة متقدمة.
فالكثير من الأنشطة الرقمية يرتبط بغايات محددة، مواقع الإفتاء الرقمي على سبيل المثال، يتحدد فيها غرض الزائر بالحصول على إجابة لسؤال محدد، وتساهم المنتديات بدرجة كبيرة في بلورة أطر مرجعية للمشتركين فيها، وصفحات التواصل تسمح من خلال النقاشات المتواصلة، والتعليقات التفاعلية، بتشكيل وجهات نظر تتجمع حولها بقية الآراء. ونفس الأمر بالنسبة لسائر الخدمات الدينية التي أصبح لها نظير رقمي، مثل المواقع التي تتيح إيصال الزكاة لمنظمات إغاثة عالمية، تتولى نقلها للمناطق الأشد احتياجا. في هذه الحالات وغيرها تعد الخدمة الرقمية ممرا آمنا لتحقيق مقاصد تعبدية على نحو أكثر كفاءة.
كما تلبي العديد من تطبيقات الهواتف الذكية الاحتياجات الدينية على تنوعها. حيث تستعرض العديد من هذه التطبيقات أماكن المساجد وأماكن بيع الطعام الحلال (بالنسبة للمسلمين خارج العالم الإسلامي)، كما تستعرض العديد من التطبيقات كيفية الصلاة، وكيفية حساب الزكاة أو حتى تقسيم الإرث بطريقة شرعية، فضلا عن تطبيقات متنوعة تتيح تنزيل (download) القرآن الكريم، في شكل نسخ نصية ومسموعة، بالإضافة إلى كتب التفسير والموسوعات الحديثية، وكتب التاريخ الإسلامي، ليس فقط باللغة العربية، ولكن باللغات الأخرى، ما يجعل التراث الإسلامي ككل في متناول المسلم العادي، وعلى نحو مفهرس وقابل للبحث السريع (searchable).
كما ظهرت لبعض الوقت محاولات — لم يكتب لمعظمها النجاح — لتقديم بدائل إسلامية لمواقع التواصل الاجتماعي العالمية، لتجنب ما قد تحتويه الأخيرة من مخالفات شرعية، على سبيل المثال حاول بعض المطورين المسلمين، تصميم موقع للتواصل الاجتماعي بعنوان “عالم السلام”، Salamworld بحيث يكون بمثابة فيسبوك إسلامي. يراعي المعايير الأخلاقية. ويقدم محتوى نظيفا، ولكن هذه المحاولة — وكثير غيرها — لم تكلل بالنجاح.[32]
وأيا ما يكن الأمر فإن “اختفاء الغاية” ليس هو الخطر المرتبط بالتفاعل السيبراني، وإنما إمكانية السقوط في فخ “الغايات المقلدة أو المستنسخة،” فالفضاء الرقمي مساحة مفتوحة للجميع، والقدرة على صياغة محتوى يجذب رواد هذا الفضاء أصبحت صناعة يجيدها البعض، فيما يفشل فيها آخرون. ويستخدم المختصون، لوصف هذه الظاهرة، اسم “صناعة جذب الاهتمام،” ويشيرون بذلك إلى تلك الأنشطة التي تتفوق فيها الأطراف ذات المقدرة الأكبر على الحشد الرقمي.[33]
ولأن أسهل الطرق لجذب الانتباه هو مضاهاة الطرق التي تجذب الانتباه فعلاً، فإن الكثير من الأفكار التي تطرح في إطار الفضاء السيبراني، وتتبنى غايات إسلامية، تستعير وسائلها من الطرف أو الأطراف التي تحظى بالرواج، والتي قد لا تكون إسلامية، أو بالأحرى منافية للإسلام، وهنا بدلا من منافستها بأفكار بديلة يتم تقليدها، فقط مع تغيير اليافطة، أو طريقة العرض.[34]
على سبيل المثال يظهر في إطار الفضاء السيبراني ما يسمى بتطبيقات المواعدة الإسلامية عبر الإنترنت. وعروض الموضة “الإسلامية،” وأغاني الراب “الإسلامية،” وبرامج المنوعات الإسلامية. ويبرر أصحاب هذه الأفكار ما يقومون به بالقول إن “ما هو مسموح به في الإسلام أكثر بكثير مما يعتقده الناس”. كما تطرح المقولات النسوية الآن بشكل شديد الإلحاح في إطار المواقع التي يفترض أنها تعبر عن ثقافة إسلامية. ولا تكل هذه الأصوات عن مهاجمة الوضع التقليدي للمرأة في إطار المجتمعات المسلمة، وانتقاد الأصوات التي تحاول وضع ضوابط للتفاعل بين الجنسين وخصوصا على مواقع الدردشة ونظائرها.[35]
ولا يتسع المقام، في إطار هذه الورقة، لتقييم هذه التجارب، ولكن التفسير الذي يمكن أن يطرح — إجمالاً — لفهمها أنها تجارب أرادت أن تتحرى غايات معينة، ملتمسة أساليبا مستعارة، فإذا بهذه الأساليب تفضي بها في كثير من الأحيان إلى الانحراف عن الغايات الأصلية، والوقوع في أسر غايات بديلة.[36]
خاتمة
المسكوت عنه في الحديث عن “السبل المحتملة لتحقيق تقارب الأمة” أن هذا التقارب متعذر بفعل فاعل. وهذا الفاعل ليس فاعلاً واحدا في حقيقة الأمر، وإنما هو جملة من العوامل التي تراكمت آثارها عبر عقود ممتدة، والتي يخرج استقصاؤها عن نطاق هذه الورقة، ولكن ثمة أثر مارسته “التقانة” نفسها، جعلها من ضمن العوامل التي توجهت إليها أصابع الاتهام، بوصفها أحد الأسباب المحتملة التي ساهمت في انقسام الأمة.
وجهة النظر البديلة، التي عرضت لها الورقة، تذهب إلى أن التحليل السابق ربما يصح فيما يخص التقانة التقليدية، أما التقانات الجديدة — وبخاصة الشبكية منها — فيمكنها أن تسهم بدور إيجابي في خلق نوع من الوعي الجمعي، الذي كان مستعصيا في إطار التقانة التقليدية.
التقانة الشبكية في إطار الفضاء السيبراني، بهذا المعنى، تمهد الطريق لتحقق الهويات التي كانت مطموسة في إطار المجتمعات التقليدية، فقد نقلت قدرا كبيرا من الفاعلية والتمكين إلى جانب الأفراد، ومن ذلك القدرة على استعادة الوعي بمعنى الأمة والانتماء إليها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المقالة منشورة سابقًا في:
شريف عبد الرحمن سيف النصر، الأخوة السيبرانية: هل يمكن أن تكون السيبرانية طريقًا لتقارب الأمة؟، في: قضايا ونظرات: تجديد الوعي بالعالم الإسلامي والتغيير الحضاري؛ ع. 23، ص ص. 151 – 160 (القاهرة، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 2021).
** أستاذ مساعد بقسم الحوسبة الاجتماعية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.
[1] توماس كون، بنية الثورات العلمية، ترجمة شوقي جلال، عالم المعرفة، العدد 168 (الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1992).
[2]Giulia Evolvi, Maria Chiara Giorda Introduction: Islam, Space, and the Internet, Journal of Religion, Media and Digital Culture, vol. 10 (2021), p. 2. Heidi A. Campbell, ed., Digital Religion, Understanding Religious Practice in New Media Worlds (NY: Routledge, 2013). Birgit Meyer and Annelies Moors, eds., Religion, Media, and the Public Sphere (IN: Indiana University Press, 2006). Stewart M. Hoover et al, eds., Religion in the Media Age (NY: Routledge, 2006). Susan Ella George, Religion and Technology, in the 21st Century: Faith in the E-World (PA: Information Science Publishing, 2006). Brenda E. Brasher, Give Me That Online Religion (San Francisco: Jossey-Bass. 2001).
[3] Lisa Harrison, Adrian Little and Edward Lock, Politics: The Key Concepts (New York: Routledge, 2015), p. 8.
[4] https://countrymeters.info/en/World#religion
[5] Sahar Khamis, “Cyber Ummah:” The Internet and Muslim Communities, Handbook of contemporary Islam and Muslim lives (2018), p. 2.
[6] انظر على سبيل المثال:
Olivier Roy, Globalized Islam: The Search for a New Ummah (New York: Columbia University Press, 2004).
[7] Sahar Khamis, p. 2.
[8] شريف عبد الرحمن، من تقانة السلطة إلى سلطة التقانة، قراءة مقارنة لآراء هربرت ماركيوز ومانويل كاستيلز حول العلاقة بين السلطة والمجتمع والتقانة،” المجلة العربية للعلوم السياسية (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2021)، ص 188.
[9] استعرض الباحث هذا الإطار النظري على نحو موسع في دراسته المذكورة بالأعلى، “من تقانة السلطة إلى سلطة التقانة، قراءة مقارنة لآراء هربرت ماركيوز ومانويل كاستيلز حول العلاقة بين السلطة والمجتمع والتقانة،” ص ص. 183: 209
[10] المرجع السابق، ص 189.
[11] Sahar Khamis, p. 3.
[12] Morten T. Højsgaard and Margit Warburg, “Waves of Research” in: Morten T. Højsgaard, Margit Warburg eds. Religion and Cyberspace (NY: Routledge, 2005), p. 7.
[13] Peter Mandaville, “Communication and Diasporic Islam: A Virtual Ummah,” in Karim H. Karim,
ed., The Media of Diaspora (London: Routledge, 2003), 135, 146.
[14] Giulia Evolvi, “Hybrid Muslim Identities in Digital Space,” Social Compass, vol. 64, no. 2 (2017): 220-232.
[15] شريف عبد الرحمن، من تقانة السلطة إلى سلطة التقانة، ص 190
[16] المرجع السابق، نفس الصفحة.
[17] Giulia Evolvi, Hybrid Muslim identities in digital space, p. 226.
[18] شريف عبد الرحمن، من تقانة السلطة إلى سلطة التقانة، ص 191، هامش 23.
[19] Jay Kinney, “Net Worth? Religion, Cyberspace, and the Future,” Futures, vol. 27, no. 7, (1995), pp. 774–775.
[20] Lorne L. Dawson, The Mediation of Religious Experience in Cyberspace in: Morten T. Højsgaard, Margit Warburg eds., Religion and Cyberspace (NY: Routledge, 2005), p. 18
[21] Lorne L. Dawson, p. 17
[22] Brenda E. Brasher, Give Me That Online Religion (San Francisco: Jossey-Bass. 2001) p. 43.
[23] سيف الدين عبد الفتاح، مدخل القيم، مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، الجزء الثاني (القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1999)، ص 508.
[24] Philip Seib, “Viewpoint: The Virtual Ummah,” Strategic Insights, Vol. V, Issue 8 (November 2006).
[25] Sam Cherribi, “From Baghdad to Paris: Al Jazeera and the Veil,” Harvard International Journal of Press/Politics 11, No. 2,) Spring 2006(, p. 122.
[26] شريف عبد الرحمن، ص 192.
[27] Sahar Khamis, p. 5
[28] M K Zuhri, M M Jamil, M Sobirin, I Taufiq, Virtual Ummah and Religious Movement Contestation: Identity and Discourse (2020).
[29] انظر على سبيل المثال، قناة رواسخ على الرابط:
https://www.youtube.com/c/rawasekhkw
قناة أمة واحدة، على الرابط:
https://www.youtube.com/channel/UCTcEnNmfOivZVtOyYAbsTHQ
معهد البينة (Bayyinah Institute) على الرابط:
https://www.youtube.com/c/bayyinah
وقناة iera، على الرابط:
https://www.youtube.com/channel/UC6bLO3s-p6pLAishtkZQ_yw
وقناة لدكتور إياد قنيبي، على الرابط:
https://www.youtube.com/channel/UCTcEnNmfOivZVtOyYAbsTHQ/channels
وقناة (SCDawah Channel)، على الرابط:
https://www.youtube.com/c/scdawahchannel/featured
[30] شريف عبد الرحمن، من تقانة السلطة إلى سلطة التقانة، ص 192.
[31] المرجع السابق.
[32] Heidi A. Campbell, The Rise of the Study of Digital Religion, in: Heidi A. Campbell, Digital Religion
Understanding Religious Practice in New Media Worlds (NY: Routledge, 2013), p. 10
[33] شريف عبد الرحمن، شفافية بالإكراه، التحدي الرقمي وجدل المراقبة والتسريب: ويكيليكس نموذجا، المستقبل العربي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2018) السنة 40، العدد 469، ص 103.
[34] انظر: باتريك هايني، إسلام السوق، ترجمة: عومرية سلطاني (القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، 2015).
[35] Danielle Ramos, The Veiled Ummah of Islam find their voices on the Internet, at:
https://pages.nyu.edu/keefer/joe/ramos1.html
[36] تناقش هبة رؤوف في إطار تقييم التجارب السابقة جدلية ما الذي يمكن أن يعد تجديدا وما الذي يعد سيولة وعلمنة على نحو معمق، في مقدمة كتاب باتريك هايني، ص 17 وما بعدها.