القوة الناعمة: المرأة في صحوة مصر الإسلامية

Title: Soft Force: women in egypt’s islamic Awakening.

Author: Ellene Anne Mclarney.

Place of Publication: New Gersy.

Publisher: Princeton University Press.

Date of Publication: 2015.

Physical Description: 312 P., 24 cms.

ISBN: 978-0-691-15849-5.

مفهوم “القوة الناعمة” له دلالته السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. ملخصه – ببساطة –  هو استخدام لغة الأفكار لإقناع القلب والعقل معاً بما هو مُستَهدَف دون الحاجة إلى اللجوء للقوة “الصلبة” أو “الخشنة”.  فالقوة الناعمة، إذاً، هي قوة تُستخدم في إدارة معركة الوعي والوجدان؛ معركة غير ملموسة؛ لكنها تفضي في النهاية – وعلى المدى البعيد – إلى تحقيق أهداف ملموسة وصلبة.

من أبرز الكتب التي تناولت ذلك الاستخدام الإيجابي للقوة الناعمة، كتاب Soft Force: Women in Egypt’s Islamic Awakening أو “القوة الناعمة: المرأة في صحوة مصر الإسلامية” للباحثة الأمريكية Ellen Anne McLarney (إلين آن ماكليرني)، الصادر عن دار النشر بجامعة “برينسيتون” Princeton الأمريكية في عام 2015.

إذ يرتكز الكتاب – المؤلف من 312 صفحة – على فرضيةٍ أساسيةٍ مفادها أن المرأة المسلمة المصرية، التي تمثل القوة الناعمة، كان وما زال لها – حتى هذه اللحظة – دور رئيسي في دعم الحركة الإسلامية المقاومة للطغيان والاستبداد السياسي. وفي سبيل إبراز وإثبات تلك الفرضية، اجتهدت الباحثة في العمل على ثلاثة مستويات، كانت بمثابة الأجزاء الرئيسية الكبرى في الكتاب؛ وهي: تحرير المرأة في الإسلام؛ جندرة الذوات الإسلامية؛ سياسات الأسرة الإسلامية. هذا إلى جانب افتتاحية الكتاب التي تناولت فيها الباحثة “الفضاء الإسلامي العام وموضوع الجندر: سياسات شخصية”؛ وأخيراً تناولها لخاتمةٍ تحت عنوان “فن وفطرة” التي تلتها قائمة كبيرة من المراجع والفهارس.

كل جزء من الكتاب تولى البحث في أكثر من زاوية. فأما الجزء الأول والمُسمَى بـ”تحرير المرأة في الإسلام”، فقد تولى البحث في الفصل الأول عن “تحرير الحروف الإسلامية: الرخصة الأدبية لبنت الشاطيء”، وفي الفصل الثاني عن “التضحية لتحرير المرأة: إحياء قاسم أمين”. وأما الجزء الثاني المُسمَى بـ”جندرة الذوات الإسلامية”، فقد تولى البحث في الفصل الثالث عن “حواس الذات: عقيدة نعمت صدقي في الأمومة”، وفي الفصل الرابع عن “الحجاب من المنظور العام: رؤية الأنا الداخلية”. وأخيراً، فقد تولى الجزء الثالث المُسمَى بـ”سياسات الأسرة الإسلامية” البحث في الفصل الخامس عن “البيت الإسلامي: إيمان مصطفى وعمل المرأة”، وفي الفصل السادس عن “القوة الناعمة: سياسات هبة رؤف للأسرة الإسلامية”.

يتحدث الكتاب عن نساء مسلمات مصريات – متعددات الإمكانيات والقدرات – قدمن دوراً حيوياً في الدعوة إلى “الأمومة السياسية” على امتداد القرن العشرين. استخدم هؤلاء النساء الفضليات – اللائي انتمين جميعاً إلى طبقة اجتماعية واحدة، وهي الطبقة الوسطى العليا المثقفة – أدواتٍ عدة لتبليغ دعوتهن؛ فمن الكتب إلى الرسائل العلمية إلى المحاضرات إلى المجالس الدينية المنزلية إلى المقالات الصحفية إلى البرامج التليفزيونية إلى شرائط الكاسيت إلى “السوشيال ميديا”. ولم تقتصر دعوتهن على القطر المصري، بل امتدت – عبر الترجمات – إلى أقطار أخرى في داخل نطاق الأمة الإسلامية؛ مثل إيران وتركيا وماليزيا؛ كما توضح الباحثة الأمريكية.

ومما يثير الانتباه، من خلال ما كتبته مؤلفة هذا الكتاب، هو نشوء وتبلور ذلك الدور النسائي “الناعم” في ظل المشروع الحداثي لليبرالية العلمانية؛ حيث تحدى ذلك الدور المشروع الحداثي بكل صراحة وبكل وضوح؛ إلا أنه استفاد منه في الوقت ذاته. فالمشروع الحداثي معروف بفصله بين الفضاءين الخاص والعام؛ وهو الأمر الذي أتاح لنساء اليقظة الإسلامية المصرية فرصة العمل بحرية في الفضاء الخاص أو مملكتهن الخاصة – البيت – دون هيمنة أو تدخل الدولة الحديثة الليبرالية العلمانية.

ومما يلفت الانتباه أيضاً، كما تشير “ماكليرني”، هو اتفاق جميع أدبيات ومنتجات الصحوة النسائية الإسلامية المصرية على الأهمية القصوى لوحدة الأسرة (وفي قلبها الأم والزوجة) في تدشين مجتمع إسلامي أخلاقي ديمقراطي مقاوم للاستبداد السياسي، مما يقود إلى إيجاد سياسات إسلامية أخلاقية ديمقراطية.

لقد أفاضت الباحثة، من خلال كتابها، في سرد الإسهامات التي قدمتها أدبيات ومنتجات الصحوة النسائية الإسلامية المصرية على امتداد القرن العشرين. إنها تلك الأدبيات النسائية الإسلامية الإحيائية التي دعت إلى تحرير المرأة المسلمة من شعارات “تحرير المرأة” الغربية، متصديةً بقوةٍ لمشاريع الـUNICEF  “اليونيسيف” والـ USAID “اليو إس إيد” والتشريعات العلمانية لقوانين الأحوال الشخصية  التي تستهدف “تحرير” المرأة من الإسلام ومن دورها الحقيقي والفطري للأمومة. إنها تلك الأدبيات الإحيائية التي قدمت تفسيرات حديثة مواكبة للعصر، والتي ضخت معرفةً إسلاميةً ليبراليةً حديثةً في وسط الوعي المصري العام، باعثةً لأفكار النهضة الإسلامية من جديد – أفكار “محمد عبده” و”قاسم أمين” و”عبد الرحمن الكواكبي” و”جمال الدين الأفغاني” التي كانت ساريةً في القرن التاسع عشر – دون السقوط في المنطلقات الليبرالية الغربية العلمانية. إنها تلك الأدبيات الإسلامية الإحيائية التي دعت إلى التركيز على دور الذات الداخلية، بما يتضمنها من حواس ومشاعر ووجدان وفطرة وعين داخلية، مستدعيةً حقيقة الإسلام في كونه مداوياً للفصام النفسي الداخلي والفصام المجتمعي، الناتجَين عن عمليات العلمنة المتلاحقة التي تمت عنوةً في مجتمعاتنا عبر دول علمانية تابعة للغرب، كانت صنيعته بالأساس.

أدبيات الصحوة وتحرير المرأة المسلمة:

تناولت الأدبيات النسائية للصحوة الإسلامية – على امتداد القرن العشرين – المعنى الحقيقي لتحرير المرأة المسلمة وفق المنظور الحضاري الإسلامي، والذي لا يتوافق أبداً مع المنظور الغربي العلماني. فبينما يعتبر المنظور الإسلامي الدين هو المحرر الفعلي والأساسي لتحرير المرأة المسلمة وخلاصها من جميع القيود البشرية والمادية، يعتبر المنظور الغربي الدين هو المقيد الأساسي لحرية المرأة، والمعوق الفعلي الذي يحول بينها وبين تحقيق ذاتها وطموحها العملي خارج البيت.

فنجد “بنت الشاطيء”، على سبيل المثال، تطور رؤيتها الذاتية لتحرير المرأة من قالب المنظور الحضاري الإسلامي؛ موضحةً أن نور المعرفة الإسلامية (بيان الله) هو الذي يحرر المرأة المسلمة من “حجاب الجهل المفروض عليها”؛ وأن مساواتها بالرجل لا تتحقق إلا بالعودة إلى الفطرة التي تنشيء فوارق طبيعية وبيولوجية بين الجنسين؛ مما يجعل المساواة تتماشى في تناغم وانسجام مع الفطرة. وهو “تحرير” إسلامي حديث لمفهوم المساواة، قدمته “بنت الشاطيء” لتبين بوضوح أن المساواة الحقيقية بين الجنسين لا تلغي الفوارق البيولوجية.

أعادت “بنت الشاطيء”، كما هو وارد في الكتاب، تفسير مفهوم “تحرير المرأة” عبر سلسلةٍ من المحاضرات التي عقدتها في “أم درمان” بالسودان عام 1969؛ أي بعد قرابة ستين عاماً من تدشين ذلك المفهوم على يد “قاسم أمين” الذي اتفقت معه على الأهمية القصوى للمعرفة الإسلامية، واعتبارها القوة المخلصة في انتشال المرأة المسلمة من قيود الجهل، وانتشال المجتمع السياسي من قيوده السياسية. كذلك اتفقت معه على أهمية وحدة الأسرة التي تتعرف المرأة من خلالها على حقوقها وواجباتها في المجتمع السياسي؛ إلا أنها تجاوزت “أمين” بقناعتها وإيماها بدور المرأة الأدبي في إنهاض الأمة.

لقد عارضت “بنت الشاطيء” النسخة الغربية لتحرير المرأة؛ تلك النسخة التي أجبرت المرأة على الخروج إلى سوق العمل تحت شعارات “الحرية” و”الاستقلالية” و”المدنية” على اعتبار أن وجودها في سوق العمل هو الوجود الحقيقي لها، بينما تم التحقير من دورها الأمومي والتهوين من قيمته، ذلك الفهم الغربي الخاطيء لتحرير المرأة أبرزته “بنت الشاطيء” في كتاباتها ومحاضراتها، محذرةً المرأة المسلمة من السقوط في براثنه، مما يعرضها هي وأسرتها وأمتها للخطر.

لم تعارض “بنت الشاطيء” المنظور الغربي العلماني فقط، كما بينت “ماكليرني” في كتابها، بل عارضت أيضاً سلطة الأعراف والتقاليد الأبوية المجتمعية التي تقيد المرأة المسلمة، وليست تلك الأعراف من الدين في شيء. وقد تجلى ذلك في مقاومتها لقانون “بيت الطاعة” المقدًم من قبل المجلس التشريعي المصري في عام 1959، والذي استدعى نقاشات وسجالات وعراكات مجتمعية لا حصر لها؛ والتي كان من ضمنها دعوة “بنت الشاطيء” المستميتة للتحرر الليبرالي الثوري للأسرة الإسلامية من عبء ذلك القانون الذي يعتدي – من وجهة نظرها – على مبدأي الحرية والتراحمية في العلاقة بين الزوجين. لقد كانت دعوة الأديبة الكاتبة قويةً وصريحةً؛ دعوةً للتحرر الأسري من بطش الاستعمار من جهة ومن والإقطاع والأبوية من جهةٍ أخرى.

لم تقف “بنت الشاطيء” وحدها في ذلك المعترك، بل انضم إليها “محمد عمارة” و”محمد جلال كشك”، حيث ناضل ثلاثيتهم من أجل حفظ وحماية القانون الإسلامي والأسرة الإسلامية من سطو التشريعات والمشاريع الجديدة التي كانت تدفع بها المؤسسات الدولية الغربية دفعاً، تحت رعاية وحماية الدولة المصرية. لقد أكد الثلاثة على الطبيعة الليبرالية الإسلامية للقانون الإسلامي والأسرة الإسلامية؛ طبيعة ليبرالية إسلامية خاصة، مختلفة كل الاختلاف عن الليبرالية العلمانية الغربية.

لقد أسهم الثلاثة – كما يفيد الكتاب – في تحويل مفهوم “تحرير المرأة” من كونه نابعاً من الليبرالية العلمانية والنسوية الاستعمارية إلى جزء رئيسي ومفتاحي في السجال الإسلامي العام وعبر القومي؛ الأمر الذي أفضى إلى ظهور منتجات ثقافية إسلامية كثيرة معبرة عن ذلك التحول….إلا أنه قد تم تقزيمها، بكل أسف، من قبل الدولة الناصرية لتستعيد حيويتها بعد ذلك في الحقبة الساداتية.

كان “قاسم أمين” من أوائل الإصلاحيين النهضويين الذين دعوا، منذ نهايات القرن التاسع عشر، إلى تحرير المرأة من إصر التقاليد والموروثات المحلية التي لا علاقة لها بالدين. وعلى الرغم من توجيه النقد إليه من قبل “عمارة” و”كشك” – لكونه قد تدرج فكرياً من الدفاع المطلق عن الذات الإسلامية إلى تبنٍ مطلق للنموذج الغربي، لدرجة تسميته بـ”أول نسوي” في مصر – أقول أنه على الرغم من ذلك فقد لاقى تأييداً واضحاً في كتابات “عمارة” و”كشك”، كما يوضح الكتاب.

وقد يعود ذلك التأييد إلى اتفاقهما معه على أطروحته القائلة بأن تخلف المرأة مرتبط بهيمنة النظام الاستبدادي، وأن تحررها مرتبط بتحرر الرجل من ذلك النظام، وأن تحررهما سوياً لن يكون إلا بالإسلام المقاوم للاستبداد. ذلك الفهم “التنويري” النهضوي للإسلام وللمرأة المسلمة، الذي قدمه “أمين” في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، لاقى استحسان رواد الصحوة – “عمارة” و”كشك” وغيرهم – في النصف الثاني من القرن العشرين.

كانت “إيمان مصطفى” مثالاً آخر من رواد الصحوة الإسلامية المصرية، في النصف الثاني من القرن العشرين، الذين أعادوا معنى مفهوم “تحرير المرأة” إلى نصابه وميزانه الإسلامي الحقيقي. تحدت “إيمان مصطفى” – الكاتبة الصحفية التي عُرفت بكتابها “إمبراطورية النساء العاملات” الصادر في عام 1991– الأقاويل والادعاءات التنموية الغربية من قبيل “التوسع النيوليبرالي” و”إصلاح السوق” و”التكيف الهيكلي”. وشاءت الأقدار أن يُنشر هذا الكتاب في وقت إبرام الاتفاقية بين الحكومة المصرية و”صندوق النقد الدولي”، ليصير الكتاب دعوةً صريحةً إلى اليقظة لنفض وإزالة أكاذيب “تحرير” المرأة العاملة. إنه كتاب – كما تقول “ماكليرني” – يدعو إلى الإنصات لصوت الفطرة بدلاً من الإنصات لدعاوي “تحرير المرأة” التي تبتعد كل البعد عن الحرية الحقيقية.

إن السياق النيوليبرالي الاقتصادي الذي أحاط، منذ عهد “السادات”، بتلك الدعوات الزائفة لتحرير المرأة كان سياقاً هداماً ومستهدفاً للأسرة المصرية على وجه الخصوص، كما توضح الباحثة الأمريكية “ماكليرني” على لسان الصحفية المصرية “إيمان مصطفى”. ذلك السياق الذي وظف شعار “تحرير المرأة” من أجل تسخير مؤسسة البيت لخدمة الإنتاجية الاقتصادية، ودفع المرأة دفعاً نحو خدمة الاقتصاد الرسمي من ناحية والتهوين من قيمة عملها المنزلي والأمومي من ناحيةٍ أخرى. إنه الاحتلال الجديد في صورة مشاريع تنموية دولية، تفضي في النهاية إلى سلب حقوق المرأة الخاصة وإثقالها بمتطلبات الحرية الزائفة. وسواء ذلك الاحتلال الجديد أو الاحتلال القديم – الذي كان عسكرياً واقتصادياً – فإنه لا جدال بأن المرأة قد تم استغلالها من قبل هذين الاحتلالين.

وكما انتقدت “إيمان مصطفى” اتفاقيات “صندوق النقد الدولي”، ومآلاتها المجتمعية المدمرة للفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، من خلال كتابها “إمبراطورية النساء العاملات”، فقد انتقدت “هبة رؤف عزت” (أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة) الاتفاقيات ذاتها؛ ولكن هذه المرة عبر رسالتها العلمية (الماجستير) والمُسماه بـ”المرأة والعمل السياسي”، حيث ركزت على أهمية دور المرأة في بناء رأس المال الإنساني عبر التربية والتنشئة في داخل الأسرة؛ مؤكدةً أن الأسرة هي المصدر الحقيقي ليس لحقوق المرأة فقط بل لحقوق الإنسان أيضاً. ومن الجدير بالذكر، أن يخرج هذان العملان – كتاب “إيمان مصطفى” ورسالة “هبة رؤف عزت” – إلى النور في وقتٍ حساسٍ للغاية – في بداية التسعينيات – حيث كان الشروع في التطبيق العملي لاتفاقيات “الصندوق”، بعد إبرامها مع الحكومة المصرية في دولة “مبارك”.

أدبيات الصحوة ومحورية الأسرة المسلمة:

محورية دور الأسرة المسلمة عنصر حاضر وواضح في أدبيات الصحوة الإسلامية، كما هو مُستنبَط من الكتاب. فقد اعتبرت “نعمت صدقي” الأسرة المسلمة موقعاً مهماً للتحولات المجتمعية والمعرفة الدينية؛ فقدمت رؤيةً قرآنيةً للأسرة، عمادها من ناحية جهاد المرأة في تربية جيل صالح مقاوم للظلم، وعمادها من ناحية أخرى ولاية الزوج الأب وقوامته.

لقد أسست “نعمت صدقي” نظريتها الرئيسية على مفهوم “جسد المرأة الأم” باعتباره محلاً للجهاد أكثر منه محلاً للعورة، كما أوضحت “ماكليرني”. فالمرأة من خلال ذلك الجسد الأنثوي – بكل خصائصه البيولوجية التي منحها الله إياها – تحمل معجزةً متمثلةً في الجنين الذي يعتبر آيةً مجسدةً من آيات الله. فتجاهد المرأة عبر حملها لهذا الجنين، ثم تجاهد بعد ولادته في رعايته وتنشئته على الإسلام. ومن ثم يصبح جسدها، على حسب اجتهاد “نعمت صدقي”، محلاً لإعادة إنتاج وحفظ النوع البشري، وكذلك محلاً لإعادة إنتاج وحفظ الدين.

اتفقت “بنت الشاطيء” مع “نعمت صدقي” – وهما من أوائل رائدات الصحوة الإسلامية المصرية في القرن العشرين – على جوهرية دور الأسرة المعتمدة أساساً على الأمومة. عاصرت الإثنتان فترةً زمانيةً واحدة؛ حيث تألقتا منذ أربعينيات القرن العشرين في نشر اليقظة الإسلامية في وسط الوعي المصري العام. كانتا من أوائل المفسرات للقرآن الكريم بأسلوبٍ حديث غير تقليدي؛ وهو الأمر الذي استرعى انتباه وضيق عدد غير قليل من مؤسسة العلماء التقليديين.

ومع نهاية الثمانينيات، استلمت “هبة رؤف عزت” الراية منهما لتُكمل طريق الصحوة، ماضيةً على ذات المنهج، متخذةً من دور الأسرة المسلمة – الباعثة للأمة – مشروعها الحقيقي للصحوة الإسلامية، حيث ارتأت في هيكل الأسرة شكلاً جديداً للتعبئة السياسية. بمعنى أدق، انطلقت من الأسرة التي اعتبرتها الوحدة السياسية الرئيسية للأمة؛ الوحدة التي تقاوم وتناطح وتتحدى جميع الهياكل والأشكال الحديثة للحكم العلماني. ملخص القول، انطلقت من فرضيةٍ أساسيةٍ تقول إن “الخاص هو السياسي”، كما أشارت “ماكليرني” في كتابها.

تناولت “هبة رؤف عزت” أهمية “الجهاد المدني” – الجهاد غير العنيف – للمرأة المسلمة. جهادها في فضائها الخاص – بيتها وأسرتها – لتنشيء جيلاً مقاوماً للتسلط العلماني للدولة القومية التي قامت بابتلاع المؤسسات المجتمعية الأصيلة، الأسرة والمسجد والجماعات؛ وهو ما أسمته أستاذة العلوم السياسية بـ”الاحتلال الجديد”.

ركزت “هبة رؤف عزت” على الطبيعة الديمقراطية للعلاقات الأسرية في الإسلام، وكذلك الطبيعة الديمقراطية للحكم الإسلامي؛ جامعةً الطبيعتين مع بعضهما البعض؛ معتبرةً أن الإدارة في كلا الكيانين لابد وأن تكون عادلة وشورية. وبلورت بخصوص هذا الشأن مصطلح “الثنائية التأسيسية الليبرالية”، إذ جمعت بين المساواة النظرية بين المواطنين في المجال العام، وهو ما أسمته “العقد الاجتماعي”، وبين الهرمية على أساس النوع أو الجنس في المجال الخاص المتمثل في بيت الزوجية، وهو ما أسمته “العقد الجنسي”. وتنطلق في ذلك من فرضيةٍ مفادها أن هرمية القوامة للزوج نابعة من طبيعته التي فطره الله عليها؛ طبيعته الأكثر قوة وصلاحاً ومعرفةً بالمصلحة، مما يصب بالتأكيد في مصلحة الأسرة كلها. ومن ثم يصير خضوع المرأة لزوجها، بموجب “العقد الجنسي”، خضوعاً طبيعياً وفطرياً ومنطقياً. فهو ميثاق فطري وغريزي و”غليظ” في ذات الوقت، مما يضفي عليه القداسة، كما تؤكد “ماكليرني” نقلاً عن “هبة رؤف عزت”.

ويمكن إيجاز ما ذهبت إليه “هبة رؤف عزت” بخصوص الإسلام الديمقراطي على النحو التالي: أولاً، أن الإسلام طبيعته ديمقراطية، مما يتيح للمرأة – مثلها مثل الرجل – المجال لمقاومة الحكم المستبد؛ إلا أن المرأة، بحكم طبيعة تكوينها، تكون مؤهلة أكثر للتحرك في المجال الخاص، حيث يصير لها دور متميز في إيجاد المقاومة الناعمة. ثانياً، أنه لا وجود لتعارض بين الفضاء العام وبين المؤسسة الخاصة (الأسرة) التي تمثل البنية التحتية للأخلاقيات الإسلامية وللسياسات الإٍسلامية. ثالثاً، إن إيجاد نموذج مبدع يجمع بين الإسلام والديمقراطية هو نموذج قابل للتحقق، ومن ثم قادر على إفراغ أكاذيب الليبرالية الغربية وادعاءاتها. وكما تشير “ماكليرني”، فإن استخدام “هبة رؤف عزت” لفرضياتها الإسلامية الليبرالية كان مستهدِفاً ومتحدياً للدولة العلمانية القومية بالدرجة الأولى. إن معارضة “هبة رؤف عزت” لفلسفة تلك الدولة يكاد يكون هو الخيط الناظم في جميع أعمالها.

أدبيات الصحوة والتركيز على دور الذات الداخلية:

التركيز على دواخل النفس الإنسانية لإحداث “اليقظة” الإسلامية كان من أهم الركائز التي ارتكزت عليها أدبيات الصحوة الإسلامية المصرية في القرن العشرين. استفاضت الباحثة في حديثها عن “نعمت صدقي” التي كان لها إسهام بارز في تناول دور الحواس، ومدى أثرها في توطيد علاقة الإنسان بالله. لقد دعت “نعمت صدقي” إلى إعمال وضبط “موجات” تلك الحواس على مراد الله؛ دعت إلى ربط العين بالقلب، كما دعت إلى ربط العقل بالجهاد حتى يصل إلى معرفة الله.

ركزت “نعمت صدقي” في أربعينيات القرن العشرين على دور الحواس والوجدان والروح والحداسة والفطرة في فهم القرآن، وليس على العقل والمنطق فقط، كما يقول معظم العلماء. ألقت الضوء على أهمية البصر والتصور في فهم آيات القرآن؛ كانت تبتغي تيسير تفسير كتاب الله على القاريء العادي، بعيداً عن التفاسير المعقدة لكثيرٍ من العلماء.

تمثلت دعوتها في إيجاد نوعٍ خاص من الحواس والمشاعر الإسلامية، حيث تقوم “العين الداخلية” بتوجيه الجسد والروح نحو آيات الله الكونية الخارجية، وآيات الله النفسية الداخلية. فكلما ضبط الإنسان حواسه ومشاعره نحو مراد الله، كلما ازداد صلاحاً وفهماً عن الله وعن آياته الواضحة المُجسمة التي لا تحتاج إلى منطق لاستيعابها. ومن هنا كان تأسيسها لفكرة “الروح المُجسمة” و”الحاسة الداخلية”، وتفسيرها الأنثوي البيولوجي للرؤية الداخلية، حيث يمثل الحمل الفعل الإلهي المجسم في داخل جسد الأم. وقد قادها ذلك الاجتهاد الجديد إلى عقد المقارنة بين معجزة القرآن ومعجزة الجنين.

في كتابها “معجزة القرآن”، استفاضت “نعمت صدقي” في حديثها عن العالم الداخلي في النفس الإنسانية، كما أكدت “ماكليرني”. وقد وقع لب تفسيرها للقرآن في الربط بين عالم الكون الظاهر وبين عالم النفس الباطن. كانت مقارناتها تعقدها دوماً بين الكون والنفس؛ فتقارن مثلاً بين دور الغرائز أو ما أسمته بـ”النبضات الطبيعية” في الإنسان وبين دورها في سائر المخلوقات الأخرى.

وكما تطرقت “نعمت صدقي” إلى الوجدان، تطرقت أيضاً إلى العقل؛ إذ أبرزت دور العقل في وظيفته التأملية والجهادية المستمرة للتعرف على الله من خلال آياته ومعجزاته، رافضةً نموذج التدين التقليدي الموروث القشري الذي لا يُعمِل العقل. ومن ثم، كانت دعوتها دوماً إلى الاستزادة بنور المعرفة القرآنية التي وصفتها بالدواء الشافي في كتابها “التبرج”. ذلك الدواء الناجع الذي شفاها نفسياً وروحياً من المرض البدني الذي كانت قد ابتُليت به في شبابها، والذي كان سبباً للتحول الجذري في حياتها وقناعاتها ومنهجها وملبسها وشكلها. فقد كان هذا المرض – كما قالت “نعمت صدقي” – “رحمةً” من الله لينشلها من حياة الدعة والرفاهية والشكليات إلى حياة المعنى والجهاد والجد.

وكما سلطت “نعمت صدقي” – منذ الأربعينيات – الضوء على النفس من الداخل، وكل ما تحتويه من مشاعر ووجدان وعقل وفطرة وحدس، بهدف إيقاظها وإحيائها إسلامياً، فقد كانت “قصص الحجاب” – التي ظهرت منذ السبعينيات –  فرصةً أخرى ومستمرة لإحياء الذات الداخلية الإسلامية من جديد، في تحدٍ واضح للنموذج الغربي العلماني الذي قام بـ”تعرية مصر” و”اغتصاب الإسلام” على حد قول الناقدة المسرحية “صافيناز كاظم” التي كانت من رواد الصحوة الإسلامية في مصر.

إن “قصص الحجاب” – التي تلتها ممثلات تائبات (مثل “شمس البارودي”) ومذيعات مبادرات بإيجاد إعلام إسلامي (مثل” كاريمان حمزة”) وكاتبات ناقدات انتقلن من المعسكر الاشتراكي إلى الركب الإسلامي (مثل “صافيناز كاظم”) – مثلت فرصةً لإعادة اكتشاف الذات الداخلية الإسلامية، ثم توجيهها نحو الفطرة التي خلقها الله: العفة والأمومة والدعوة.  مثلت فرصةً لعودة المرأة المسلمة إلى بيتها وأسرتها، حيث السكن والمودة والرحمة، وحيث التنعم بالأمان في ممارسة الدين ونهل المعرفة الإسلامية بشكل يومي، كما هو وارد في الكتاب.

تحدثت “قصص الحجاب” – التي نشأت في ظل الحقبة الساداتية الليبرالية – عن النفس التي تحررت، بفضل الحجاب، من الفصام والشيزوفرينيا، كما ورد في كتابات “شمس البارودي” و”صافيناز كاظم”؛ تلك النفس التي كانت واقعةً في فصامٍ ما بين إسلامية القناعة والإيمان وعلمانية المظهر والشكل. فإذا بالحجاب يأتي ليداوي ذلك الفصام، ليصير الباطن متوافقاً مع الظاهر؛ بل ليعلن الظاهر خضوعه الكامل لأوامر الله في وسط مؤسسات علمانيةٍ لدولةٍ قوميةٍ تابعة.

وكانت المذيعة “كاريمان حمزة” رائدةً أخرى في “قصص الحجاب”، حيث تحدت بحجابها وبمنظورها الإسلامي ترسانةً ضخمةً من مؤسسات الدولة العلمانية المصرية؛ منها مؤسسة الإعلام الحكومي؛ وكذلك مؤسستا الأزهر ووزارة الأوقاف. فلم يكن إذاً التحدي قاصراً على الجهاز الإعلامي العلماني، بل امتد أيضاً إلى مؤسستي الأزهر والأوقاف اللتين أظهرتا قدراً كبيراً من التعنت والتشدد إزاء استخدام وسائل حديثة – مثل التلفاز حينذاك – لنشر المعرفة الإسلامية الكلاسيكية. وهو الأمر الذي عارضه جملةً وتفصيلاً شيخ الأزهر الجليل “عبد الحليم محمود” الذي كان له دوراً محورياً في مساندة “كاريمان حمزة” لإكمال رسالتها الإعلامية الإسلامية، بل في مساندة الإعلام الإسلامي بوجهٍ عام.

ويُلاحظ فيما سبق، تمحور “قصص الحجاب” – التي كانت من أهم دعائم الصحوة الإسلامية في مصر منذ السبعينيات – على دور الحجاب في علاج ذلك الفصام النفسي الذي كانت تعايشه وتعاصره المرأة المسلمة دائماً. إنه ذلك الصراع بين الباطن المؤمن بالإسلام وبين الظاهر غير الإسلامي؛ وهو صراع ليس في نفسٍ واحدةٍ، بل في نفوس الكثير من المصريين، بل في المجتمع المصري بأسره، كما أوضحت “صافيناز كاظم”. ويُلاحظ أيضاً أن كلاً من تلك القصص ركز على الرحلة الروحية (الحج) التي قامت بها “التائبة” أو “العائدة” لتغسل نفسها من ذلك “الفصام” أو “الصراع”، لتعود بعدها إلى الحياة ليس فقط في شكلٍ جديد، بل في روحٍ جديدةٍ وبمنهجٍ جديد.

وإذا لم تكن “هبة رؤف عزت”  قد تناولت قصة حجابها على ذات المنهج المُشار إليه تواً، فهي ألمحت أيضاً عن قرب إلى ذلك “الصراع”. فتحدثت عن “التوحيد” المداوي لكل الصراعات والانقسامات التي نقلها إلينا النموذج العلماني الغربي، كما أشارت “ماكليرني” في كتابها. الانقسام بين الدين والدولة، والانقسام بين الخاص والعام، والانقسام بين المرأة والرجل….الخ. لقد رأت “هبة رؤف عزت” في “التوحيد” المخلص والمنقذ الحقيقي لمجتمعاتنا العلمانية التي نزعت الدين من وظيفته المجتمعية.  

أدبيات الصحوة والاجتهادات الليبرالية:

اتسمت أدبيات الصحوة الإسلامية “الناعمة” في مصر – على مدار القرن العشرين ثم القرن الواحد والعشرين – بمفرداتها ومصطلحاتها ورؤاها الليبرالية. فكما تؤكد “ماكليرني” في كتابها، قام كلٌ من “عمارة” و”كشك” بحياكة أو خياطة الإسلام الليبرالي، ليضخاه بعد ذلك في الوعي العام، حيث تمحورت فكرتهما الأساسية حول تحرير الإسلام من العلمانية من ناحية وإيجاد ليبرالية إسلامية ذاتية من ناحيةٍ أخرى. إن إيجاد مفهوم الليبرالية الإسلامية كان خطوةً ضروريةً بالنسبة لرواد الصحوة الإسلامية لكي يقفوا موقف الندية مع رواد الفكر الليبرالي الغربي العلماني.

عبر القراءة في كتاب “القوة الناعمة”، سنجد أن كلاً من هؤلاء الرواد قد استخدم مدخلاً حديثاً، غير تقليدي، للتعبير عن رؤيته “الصحوية” إن جاز التعبير. كانت هذه المداخل بمثابة اللبنة التي بنى عليها هؤلاء الرواد مشاريعهم الإحيائية والنهضوية. فنجد “نعمت صدقي” تستخدم مدخل “جسد المرأة”، مرتكزةً على مفاهيم الحواس والفطرة والعين الداخلية؛ ونجد “بنت الشاطيء” تستخدم المدخل الأدبي الرومانسي، مرتكزةً على مفاهيم الحرية والإنسانية الإسلامية التي تجلت في كتاباتها عن بيت النبي عليه أفضل الصلاة والسلام. ثم نجد “صافيناز كاظم” و”كاريمان حمزة” وهما يستخدمان المدخل القصصي لسرد تجربتهما بعد ارتداء الحجاب، مرتكزَتَين على مفاهيم الفطرة والتحرر من الفصام النفسي. ونجد “هبة رؤف عزت” وهي تستخدم مدخل “الأسرة” كوحدة سياسية رئيسية للأمة، مرتكزةً على مفاهيم الإسلام الديمقراطي والجهاد المدني ضد غطرسة وعلمانية الدولة. وأخيراً نجد “إيمان مصطفى” وهي تستخدم المدخل التنموي المقارن بين تنميتهم “هم” (الغرب) وتنميتنا “نحن” (المسلمون).

وكما أكدت “ماكليرني” مراراً وتكراراً – في ثنايا كتابها – فإن هؤلاء الرواد، على اختلاف تخصصاتهم المهنية ومجالات أعمالهم، قد استخدموا المفردات والمداخل الليبرالية الحديثة دون السقوط في المنطلقات والرؤى والكليات الغربية. فإعلانهم الصريح عن تنصلهم من تلك المنطلقات كان حاضراً على الدوام.

ومما يلفت الانتباه – من خلال القراءة عن هؤلاء الرواد الإسلاميين – هو تناولهم جميعاً لقضية “الفطرة” ودورها الرئيسي والجوهري في إحداث الصحوة على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع. فوصفتها “هبة رؤف عزت” بكونها الحامي للمجتمع السياسي، وبكونها “الطريق الصحيح”. ووصفتها “نعمت صدقي” بكونها الأداة الأساسية المؤدية للمعرفة الحقيقية الأصلية، وهي معرفة الله. ووصفتها “إيمان مصطفى” بكونها الصوت الداخلي الذي تنصت إليه المرأة المسلمة لتتعرف على دورها الحقيقي في الحياة بدلاً من الإنصات إلى صوت الدعاوي التنموية الغربية لتحرير المرأة. ووصفتها “كاريمان حمزة” و”شمس البارودي” و”صافيناز كاظم” بكونها الوجهة الحقيقية التي خلقها الله لتؤوب إليها المرأة في نهاية مطافها وسعيها، فتحقق عفتها وأمومتها ودعوتها في سبيل إيقاظ وتحرير الأمة.

إن إيقاظ الفطرة هو السبيل الأول لإيقاظ الأمة؛ فهي تأتي قبل السياسة؛ بل هي مُقدَمة عليه. فإصلاح السياسة لن يتأتى إلا باستعادة الفطرة. واستعادة الفطرة لن تتأتى إلا بعودة الإنسان إلى أصل العلوم كلها؛ وهو علم التوحيد. فيبدأ الإنسان في رؤية ذاته والكون كله من خلال التوحيد، ساعياً ومتحركاً على هديه. ولن تتأتى معرفة علم التوحيد إلا من خلال القراءة؛ قراءة الكتاب المسطور وهو القرآن، وقراءة الكتاب المنظور وهو الكون.

ويجب أن نعلم أنه هناك الكثير من “الصناعات” و”المنتجات” التي برع المشروع العلماني الغربي في إيجادها بهدف صرف الإنسان عن فطرته التي فُطِر عليها؛ وهي فطرة التوحيد. وهو الأمر الذي استوجب على الإنسان التأمل والتفكر دوماً في كل ما يُصنع حوله من رؤى وسياسات وأدوات وأفكار؛ وعما إذا كانت تُقربه تلك الرؤى والسياسات والأدوات من فطرة التوحيد أم تُصرفه عنها. وإذا كان المشروع العلماني الغربي يدفع برؤى وسياسات وأدوات هدفها التشتيت عن الفطرة، وطمسها ودفنها، فإن المشروع الإسلامي يجب أن يدفع بالرؤى والسياسات والأدوات التي تستعيد تلك الفطرة وتعيدها إلى نصابها. فيستعيد الإنسان إنسانيته، وتستعيد البشرية آدميتها؛ وهو ما حاول رواد الصحوة الإسلامية في إنجازه على مدى قرنٍ من الزمان؛ ونشهد أنهم قد أنجزوا الكثير.

وسيظل التدافع حاضراً بين الفريقين حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وسيظل الفريقان في صراعٍ وجوديٍ أبدي إلى يوم الدين. فريق يحارب بالذات والمال والسلاح من أجل طمس وتشويه الفطرة استجابةً لمصالحه ومطامعه الاستعمارية والاحتلالية؛ وفريق يجاهد بالذات والمال والسلاح من أجل إنقاذ الفطرة استجابةً لإيمانه بخالق تلك الفطرة.

عرض:

د. شيرين حامد فهمي

دكتوراة في العلوم السياسية من جامعة القاهرة.

عن شيرين حامد فهمي

شاهد أيضاً

الأسرة المسلمة بين الاتفاقات الدولية والمقاصد العليا للشريعة

د. رشا عمر الدسوقي

إن المحرك الرئيسى والقوى الدافعة للمؤتمرات النسوية للأمم المتحدة والتي تصيغ وثائقها وتبلور قراراتها الخاصة بالمرأة هي الحركة النسوية "النوعية،" Gender Feminism، الناشط الأساسي في منظمة النساء للبيئة والتنمية.

النسوية: مراجعات ضرورية

أ. مهجة مشهور

 النسوية، ذلك التيار الفكري المعاصر الذي ارتفع صوته منذ عقود طويلة في كافة المحافل الفكرية والإعلامية والمعرفية والاجتماعية، كيف نفهمه كأفراد عاديين؟ وكيف نتعامل معه من أرضيتنا الإيمانية ومرجعيتنا الإسلامية؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.